ارتفاع حصيلة قتلى الاشتباكات بين الدروز والبدو في السويداء السورية إلى 37    95 شهيدا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة خلال 24 ساعة    جارسيا يتوّج هدافًا لمونديال الأندية ويتفوق على دي ماريا وليوناردو وجيراسي    ملف يلا كورة.. مستقبل وسام مع الأهلي.. مفاوضات الزمالك.. وتتويج تشيلسي    مصرع وإصابة 13 شخصاً في حادث تصادم سيارتين بدمياط    "أنا شهاب من الجمعية" و"أحمد بخيت كوكب".. قصتان متناقضتان لسائقي توك توك في مصر    عراقجي عن تصريحات إسرائيل بالقضاء على النووي الإيراني: ما الذي يدخنه نتنياهو؟    السيسي في قمة الاتحاد الإفريقي: تعزيز التكامل القاري ودعم السلم والأمن أولويات مصر في إفريقيا    استشهاد صحفيين يرفع حصيلة شهداء الصحافة في قطاع غزة إلى أكثر من 230 منذ بدء العدوان    إعلام إيراني: لا صحة لإغلاق المجال الجوي الإيراني مجددا    الكهرباء: عودة 5 وحدات غازية للعمل بمحطة الشباب المركبة بالإسماعيلية    ضبط مستأجرين تعتدوا على مالكة شقة وابنتها بالدقهلية (صور)    ترامب يسلم جوائز نهائي كأس العالم للأندية    فقد أعصابه.. إنريكي يعتدي على جواو بيدرو بعد خسارة نهائي كأس العالم للأندية    ريال مدريد يهنىء تشيلسي بعد الحصول على كأس العالم للأندية    فؤاد أباظة: القائمة الوطنية داعمة لجهود الدولة المصرية    حزب المؤتمر: وضعنا خطط عمل مشتركة للوصول إلى أكبر شريحة من الناخبين    الداخلية تصدر بيانا بشأن ملابسات وفاة برلماني سابق في المنوفية    العظمى في القاهرة 35 مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الاثنين 14 يوليو 2025    سر موتهم لا يزال مجهولًا.. دفن الجثة الرابعة للأشقاء المتوفين بالمنيا    مع السقا وفهمي.. لاعب الأهلي يشاهد فيلم "أحمد وأحمد" (صورة)    حدث بالفن | عزاء المخرج سامح عبدالعزيز ونقل لطفي لبيب إلى المستشفى    "ليه ميدخلش بالجلابية؟".. رسالة غاضبة من وائل شيتوس إلى مسؤولي الأندية    ثروت عكاشة رئيسا لنادي أدب أسيوط    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    ماريسكا المدرب رقم 15 والإيطالي الثاني في قائمة أبطال كأس العالم للأندية عبر التاريخ    مساعد وزير الداخلية الأسبق: ترخيص «التوك توك» ضرورة أمنية (فيديو)    عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الإثنين 14 يوليو بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    زاخاروفا: القضية الأوكرانية أولوية في الاجتماع بين لافروف وروبيو    الإكوادور تعرض مكافأة 100 ألف دولار للقبض على نائب متهم باغتصاب قاصر    الفنادق: تدريب 80 ألف عامل بفئتي 3 و4 نجوم خلال 3 سنوات    مواعيد وشروط التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي 2025–2026    لا يحتاج لإنترنت ويعمل بال«بلوتوث».. مؤسس «تويتر» ينافس «واتساب» بتطبيق جديد    80 رحلة يوميا.. مواعيد قيام القطارات من محطة بنها إلى مختلف المحافظات الإثنين 14 يوليو    رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. شروط القبول والالتحاق بالكليات والمعاهد الحكومية    وزير الزراعة: أضفنا 3.5 مليون فدان خلال 3 سنوات.. والدورة الزراعية لا تصلح لكل المناطق    سعر البصل والطماطم والخضار في الأسواق اليوم الاثنين 14 يوليو 2025    نائب محافظ الجيزة يتفقد الوحدة المحلية بقرية القبابات والقرى التابعة لها بمركز أطفيح    نقيب الصحفيين: التدريب على القضايا الدينية مسئولية وطنية لمواجهة التشويه والتطرف    محمد على رزق يتحدث عن أول لقاء مع الراحل محمود عبدالعزيز.. ماذا قال؟    صداع قد يتطلب منك الراحة.. توقعات برج الحمل اليوم 14 يوليو    4 أبراج «عندهم بُعد نظر».. حكماء يفكرون خارج الصندوق وبارعون في فهم الناس    تشيلسي يتوّج بطلًا لكأس العالم للأندية 2025 بعد ثلاثية تاريخية في شباك باريس سان جيرمان    نتيجة وملخص أهداف مباراة تشيلسي ضد باريس سان جيرمان في كأس العالم للأندية    طبيب مصري: أجريت 375 عملية في غزة.. وأدركت هناك قيمة جراحة الشبكية    قد تحميك من أمراض القلب والسرطان.. خبراء يستعرضون فوائد تناول الشمام في الصيف    ساعد في علاج حالة نادرة عانى منها الزوج.. الذكاء الاصطناعي يحقق حلم الأمومة لسيدة بعد انتظار 18 عاما    تعظيم سلام لوزارة الداخلية    عادات صحية واظبي عليها يوميا للحصول على جسم رشيق    "ستوديو إكسترا" يعرض استغاثة محمد شوقى.. ووزارة الصحة تستجيب بسرعة    رئيس جامعة جنوب الوادى يناقش الحوكمة الإلكترونية لنظم الصيانة بالجامعة    ما حكم الصلاة ب«الهارد جل»؟.. أمينة الفتوى توضح    هل يجوز المسح على الطاقية أو العمامة عند الوضوء؟.. عالم أزهري يوضح    تنسيق الجامعات الأهلية 2025.. تفاصيل الدراسة في برنامج طب وجراحة حلوان    ذكري رحيل السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق.. تعرف على أهم الكتب التي تناولت سيرتها    وزير الأوقاف: شراكة الإعلام والمؤسسات الدينية خطوة تاريخية لمواجهة تحديات العصر الرقمي    لماذا زار وزير التربية والتعليم رئيس مجلس الدولة؟ (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التأثير السلبي للإعلام


كتب المستشار : أيمن محمد عبد الحكم
أصبح للإعلام الآن سلطته وآلياته الذاتية في تناول سائر القضايا عموما والأطروحات المجتمعية علي وجه الخصوص، التي من بينها أخبار وتغطيات التحقيقات والقضايا والمحاكمات.. فأصبحنا نقرأ في الصحف تغطية خبرية إعلامية لقضايا منظورة أمام المحاكم تدخل فيها عناصر الإثارة الإعلامية المطلوبة لتحويلها لمادة مستهلكة إعلاميا، وتتلو التغطية الإعلامية كتابات وتعليقات في الصحف وبرامج الفضائيات، بل المنتديات والشبكات الاجتماعية بما يجعل الحكم القضائي محل تعليقات جريئة - ولن أقول متجاوزة - ولم نعهد هذا الأمر من قبل، إنه أمر جديد وخطير علي طرق تدبيرنا للحقيقة.
إن من القضاة من يطالب الآن وبحق بتغليظ عقوبة نشر أمور من شأنها التأثير الإعلامي علي القضاء المنوط بهم الفصل في أنزعة مطروحة أمامهم وتوسيع النص بشموله أي وسيلة نشر أخري ليس الصحف والمجلات فحسب، بل بأي وسيلة أخري يتم خلالها تناول القضايا المنظورة أمام القضاء بما يؤثر بالقطع علي حيادية القاضي، لكونها جريمة مؤثمة قانونا «بموجب المادة 187 من قانون العقوبات».
ورغم أنه مثلما يحرص القضاة علي استقلالية القضاء، فهم بوصفهم ضمير الأمة يحرصون علي عدم الافتئات علي حرية واستقلالية الإعلام بجميع صوره، فما الذي يضير القضاء في أن يغطي الإعلام القضايا المنظورة - بحيادية وتجرد ومهنية - ودون استباق الأحكام وعقد المحاكمات الموازية كما نجدها الآن بما يسمي برامج «التوك شو» من استضافة بعض القانونيين أو أصحاب الفكر واستدراجهم للتعليق والتوقيع لما يجب أن تكون عليه إجراءات المحاكمة، بل توقع العقوبة المفترضة علي المتهمين قبل إدانتهم بحكم نهائي من قاضيهم، فأي عبث هذا، وأي إكراه معنوي يمارس علي القاضي، وأي تشهير وتنكيل بحق المقدمين للمحاكمة، والتي تكفل لهم جميع الدساتير والقوانين محاكمة عادلة منصفة.
انظروا يا أولي الألباب في الأنظمة القضائية الأخري التي يعتمد حكم الإدانة في القضاء الجنائي فيها علي هيئة المحلفين وليس علي القاضي - كالنظام الأمريكي - ففيه تلجأ السلطات القضائية إلي عزل المحلفين بشكل كامل عن الإعلام طيلة أمد نظر القضية المعروضة إن كانت تلك القضية متناولة من قبل الإعلام، والعزل هنا يعني حجب كل وسيلة إعلامية عن المحلفين من صحف ومجلات وراديو وتلفاز، فلما تلجأ السلطات لتلك الطرق القاسية علي المحلفين الجواب: لأنها الأصوب، من الناحية الحقوقية القانونية، لضمان عدم تأثرهم في تكوين قناعاتهم بأي مؤثر خارجي خلافا للمعروض عليهم من معطيات القضية المنظورة، هذا عن المحلفين من سائر الناس فما بالكم بالقاضي!
القاضي لا يقضي بعلمه الشخصي
ففي الوقت الذي يلتزم القضاء بحياديته واستقلاله، فإنه يسعي إلي تحقيق العدالة، دون تغليب أي طرف من هذه الأطراف علي الآخر، معتمدا في ذلك علي ما يتوافر أمامه من أدلة وأسانيد في القضية، ولا يمكن للقاضي بأي حال أن يعتمد أو يستند لما تعرضه وسائل الإعلام من طرح بشأن قضية ما أو حتي يعتقدها صحيحة، كما لا يمكن أيضا اعتماد وجهات النظر والآراء التي يقوم الإعلام بالتركيز عليها لأنها تعتبر خارج إطار الدعوي المنظورة، إذ إنه من القواعد القانونية المستقرة وتأكيدا لمظاهر الحيدة، يجب أن يقتصر القاضي في استدلاله - فقط - علي الأدلة المطروحة أمامه والمقدمة من الخصوم، وفقا للطريق الذي رسمه القانون لتقدمها، ومن ثم فلا يستطيع القاضي الاستناد لعلمه الشخصي بواقعة معينة متعلقة بموضوع النزاع، ولا يستطيع أيضا أن يبني حكمه علي دليل تحراه بنفسه خارج منصة القضاء وجلسة المحاكمة، ومن ثم فلا مجال للإعلام في تبرير أو خلق صورة متناقضة أو متعارضة مع النص العقابي.
والدفع باتجاه تشكيل رأي أو حشد باتجاه معين مخالف لهذه المصادر، وبالتالي الإساءة إلي القضاء، كما أنه يؤثر بالسلب نفسيا وعمليا علي حسن أداء القضاء لمهمته النبيلة، وبالتالي يساهم الإعلام وفقا لهذا عن قصد أو حتي دون قصد في الإضرار بقضية العدالة ككل.
ومن ثم فقد نص قانون العقوبات في مادته رقم 187 علي جزاء الجهة التي تنشر أمورا من شأنها التأثير في القضاة التي أنيط بهم الفصل في دعوي مطروحة أمام جهة من جهات القضاء، كما نص أيضا علي جزاء كل من نشر بإحدي طرق العلانية أخبارا بشأن محاكمة قرر القانون سريتها أو منعت المحكمة نشرها أو تحقيقاً قائماً في جناية أو جنحة أو وثيقة من وثائق التحقيق أو أخبارا بشأن التحقيقات، وما يجري في الجلسات العلنية للمحاكم بسوء قصد ونية وبغير أمانة مهنية بمخالفة قرار المحكمة بسرية ما يجري من تحقيقات في القضية المنظورة أمامها، فبات من الضروري معرفة الإعلام بواجبه في هذا الشأن وتجنب الخوض في تفاصيل القضايا المطروحة أمام القضاء، ويقع علي عاتق الإعلام الالتزام بالمهنية تجنبا للتأثير علي ضمانات وإجراءات المحاكمة العادلة، ومن هنا يتعين حجب المعلومات عن الإعلام تجنبا لتلك النتائج التي تؤثر ليس علي مسار القضية المطروحة فحسب، وإنما علي القاضي بشكل غير مباشر وتمثل نوعا من الإكراه المعنوي عليه، بل علي العدالة بشكل مباشر.
ووفق ذلك ينبغي أن تكون المعلومات المتوافرة أمام القضاء بعيدة - مؤقتا - عن الإعلام، وهذا الحجب من واقع الاستقلالية التي يتمتع بها القضاء، وهو أمر واجب التقدير والاحترام والالتزام به من الكافة، لأن التحليلات والاستنتاجات التي تنشرها وسائل الإعلام في تناول قضية معينة لم تزل معروضة ومنظورة أمام القضاء ستؤثر سلبا في تكوين قناعة ووجدان القاضي.. وتتعارض أيضا مع الاعتبارات والضمانات التي وفرها القانون للمتهم في ضمانات المحكمة المنصفة العادلة ويسبقها سرية التحقيق، وهذه السرية توفر الحماية للمتهم من كل تشهير يقع عليه.
فالمتهم بريء حتي تثبت إدانته وأن نشر أي معلومات متعلقة بتحقيقات النيابة العامة قد تضر بمصلحة طرف من الأطراف، ولهذا جعل القانون جلسات التحقيق سرية، بينما جعل جلسات المحاكمة علنية، بعد أن توافرت الأدلة، وقد تعقد المحكمة جلساتها بشكل سري خلافا لمبدأ العلنية في بعض الأحوال المنصوص عليها قانونا، ومن مقاصد العلنية هنا أن يثق الجمهور بحسن سير وأداء القضاء في تحقيق العدالة والتطبيق السليم للقانون بما يحقق الردع العام.
وعليه فالقضاء ملزم بالتمسك بالاستقلالية والحياد كمبدأ ثابت من الثوابت القضائية، يمارس مهامه بتجرد وحياد، ملزم بحسم القضية المعروضة أمامه - فقط - بأدلتها، دون أن يرزح تحت نير قيود وضغوط الإعلام.
وأخيرا فإن ترسيخ هيبة السلطة القضائية واحترام استقلاليتها لا يكون بانغلاق القضاء كليا علي الإعلام، إذا ما نظرنا إلي الجانب الإيجابي لدور الإعلام المتوازن الذي لا ينتهك المحظورات، فقد بات من الضروري وجود تنسيق إعلامي بين عمل السلطة القضائية والمؤسسة الإعلامية، مثلما نجد أن رقابة الإعلام تعزز قوة ومنعة القضاء، باعتبار أن الإعلام بوابة المعرفة في نشر الثقافة الإنسانية.
القاضى بمحكمة جنايات شبرا الخيمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.