ماذا تعني كلمة «ثورة»؟ وما الذي يجعل كلمة «ثورة» مثارا للفخر، والشرف، والاعتزاز.. والتمجيد؟ الذي يميز «الثورة»، لكي تتجاوز محليتها، لتلهم «ثورات» أخري، من بيئات متباينة؟ ما تلك الطبيعة الساحرة، في «الثورة»، التي تجعل الشعب الثائر، يؤرخ مراحل التاريخ بمقولتي.. «ما قبل الثورة».. و«ما بعد الثورة»؟ ماذا يوجد في «الثورة» لتصبح مرادفة، لأجمل، وأنبل، وأرقي المعاني الإنسانية.. وعندما نريد أن نمدح شخصا، نقول أنه رجل ثائر أو امرأة ثائرة؟! وعندما نريد أن نزهو بشعب نقول شعب ثائر؟ أعتقد أن هناك أربع سمات جوهرية تنفرد بها «الثورة» عن أي حركة شعبية أخري.. وهي «الشمولية».. الاستئصال الجذري والوعي الكامل لأنصار الثورة المضادة.. والمتابعة اليومية للمطالب الثورية. «الشمولية» تعني أن الشعب كله «متورط». الشمولية بمعني آخر، هي أن يتكلم الجميع، - رغم الاختلافات والخصوصيات - لغة واحدة ظلت خرساء، لمدة طويلة، وآن أوان أن تتحرر أبجديتها، وتنطلق علي لسان الجميع. «الاستئصال الجذري».. هو قلب الثورة النابض.. وهو الخريطة الجديدة، التي تريد الثورة، أن ترسمها لشكل الوطن. أجمل، وأنبل، وأهم، ما في طبيعة الثورة، أنها ترفض الترقيع.. والتعديل.. والإصلاح، والتقسيط في الحلول، والمطالب.. والتحديث الانتهازي.. وإلقاء بعض مبيدات التطهير. «الثورة» تستأصل الأشياء من جذورها العفنة.. الملوثة.. الذابلة.. لتزرع تربة جديدة، خالية من الطفيليات.. والحشرات.. وكائنات أخري، لا تعرف كيف تعيش، وتزدهر، وتتضخم، إلا في الطين. «الثورة» ليست محاولات لترميم، وتحسين، وتجديد.. وتجميل.. وزخرفة البيت القديم.. لكنها حركة لهدم البيت القديم نفسه، وبناء بيت، لا ينهار، عند أبسط زلزال. مع «الثورة»، لا ينفع أن تقول مثلا: «هذه المادة من الدستور لا يجب أن تمس».. أو «هذه المطالب سوف تصنع فتنة في الوقت الحالي».. أو «التغيير بشرط الحفاظ علي الموروثات».. وغيرها من المقولات التي تمثل أنصار مذهب الترقيع، والعقلية التي تعتقد، أن الطيران ممكن، بالأجنحة القديمة، مع بعض التغييرات الهامشية، في لون الأجنحة، أو طولها، أو وزنها. «الثورة» هي الفعل الثائر.. قدر ما هي، الهتاف الثائر. «الثورة»، هي سلوكيات ثائرة، يومية، في كل موقع.. في كل شبر من أرض الوطن، وليس فقط، أيام الجمعة، في ميادين التحرير. أن نكون ثائرات، وثائرين، معناه أن نقوم بتثوير العادات والتقاليد، والموروثات، التي حبست دمنا، وفكرنا، وإبداعنا، وعدالتنا، وحريتنا، ونزاهتنا، علي مر الأزمنة، والعصور. علينا جميعا، الاستحمام جيدا بماء نقي.. وصابون غير مسرطن، قبل أن نرتدي ثوب الثورة. ما يحدث الآن، في مصر، بعد الثورة، أن هناك البعض، الذي سرق ثوب الثورة النقي، ولبسه دون أن يستحم. السمة الثالثة، للثورة، هي أن نبقي واعين، لكل التيارات التي تفسد الثورة، مصالحها، وتوقف طموحها للحكم السياسي، وتبطل مفعول دعايتها الكاذبة، تحت اسم الثورة، وهي تيارات في الداخل، تأخذ الدين ستارا، متعاونة مع بعض وجوه البيت القديم، ومتحالفة مع قوي خارجية، والثورة، خطر علي استعمارها الجديد في نهب الثروات.. وتبعية الشعوب. أما السمة الرابعة للثورة، فهي أن تكون في حركة مستمرة.. يومية.. لتتابع مصير مطالبها.. ولماذا تؤجل، أو تتأخر، أو تتعطل، حركة ديناميكية، لا تتوقف، للتأكد من عدم وجود انتهازية.. أو خيانات مستترة.. أو مستندات تخفي جرائم ارتكبت في حجرات البيت القديم، وهربت دون محاكمة.. ودون عقاب، يعادل جرائمها. إن العدالة البطيئة، أبشع من الظلم والجريمة. إن الثورات، تنتكس، وتتراجع، وتُسرق.. وتشوه، بسبب غياب المتابعة الثورية، التي تضمن، ألا تتحول «الثورة إلي صنم ساكن يعبد، بينما يخطط اللصوص، ومحترفو الإجرام الوطني، لمسح قيامة مجيدة، للشعب، وإعادة إنتاج البيت القديم. من بستان قصائدي الثورة هي تشكيل جديد للجغرافيا واللغة والتقاليد والتاريخ الثورة هي مسح الخطوط الحمراء والقفز فوق القمر أو علي المريخ.