فى مشهدٍ إنسانى يحمل أبعادًا تتجاوز البيروقراطية التقليدية، تواصل الإدارة العامة للتجنيد والتعبئة بالقوات المسلحة توجيه قوافلها إلى المحافظات لتسليم شهادات الإعفاء من أداء الخدمة العسكرية لفئات خاصة من المواطنين، كذوى الهمم الذين تجاوزهم الدور. وشهدت جامعة الزقازيق احتفالية كبرى لتسليم شهادات تسوية الموقف التجنيدى لهؤلاء المواطنين، فى أجواء اتسمت بالاحترام والتكريم، عكست حرص القوات المسلحة على التيسير ورفع العبء عن كاهل الأسَر المصرية، وتقديم نموذج فِعلى للإدارة ذات البعد الإنسانى. أكد اللواء أحمد مصطفى صادق، مدير إدارة التجنيد والتعبئة بالقوات المسلحة، أنّ رعاية أبناء مصر من ذوى الهمم ليست مجرد خدمة تُؤدّى، ولا تقليدًا إداريًّا روتينيًّا؛ بل مهمة وطنية كُلِّفت بها الإدارة من قِبَل القيادة العامة للقوات المسلحة. وأوضح أن الإدارة تجوب المحافظات كافة لتقديم خدمات التجنيد والإعفاء، وتخفيف الأعباء عن هذه الفئة وأسَرهم؛ انطلاقًا من قناعة راسخة بأن كرامة المواطن تبدأ من احترام ظروفه ورفع المشقة عنه. وأضاف: إن القوات المسلحة دشّنت منصة إلكترونية لاستقبال شكاوَى وطلبات ذوى الهمم من الأفراد أو المؤسّسات، وتتم دراسة هذه الطلبات بعناية، وتوجيه لجان طبية متخصصة إلى الجامعات ودُور الرعاية والمؤسّسات المختلفة؛ لإنهاء الإجراءات دون حاجة المواطنين إلى التنقّل أو التحمُّل. وأشار اللواء «صادق» إلى أن بعض الحالات الإنسانية الحرجة تتطلب إرسال لجان ميدانية إلى منازل المواطنين؛ حيث يتم إجراء الكشف الطبى واستكمال الإجراءات داخل منزل الحالة، دون تحميل الأسرة أى أعباء مالية. وأكد أن القوات المسلحة لا تكتفى بإنهاء الإجراءات؛ بل تقدم أيضًا هدايا رمزية لذوى الهمم، فى رسالة معنوية تقول: «نحن معك»، تأكيدًا على أن التكريم لا يقتصر على اللفظ؛ بل يمتد إلى الفعل. وفى رسالة مؤثرة، توجّه مدير إدارة التجنيد بتحية خاصة إلى أسَر ذوى الهمم، قائلًا: «أنتم الأبطال الحقيقيون»، فإصراركم على تعليم أبنائكم وتحملكم مشقة تربيتهم هو عمل عظيم يستحق الاحترام والتقدير. كما وجّه رسالة إلى الذين تجاوزهم دور التجنيد، ونبّه إلى أن حصولهم على الإعفاء وإنهاء الإجراءات حق لهم، وأن القوات المسلحة تلتزم بإنهائها فى أى مكان يوجدون فيه، قائلًا: «لو احتجتم حاجة منّا، كتفنا فى كتفكم»، مخاطبًا الشباب المقبلين على التجنيد، مشددًا على أن الخدمة العسكرية شرف ومسئولية، وأن من يدخل القوات المسلحة سيجد فيها إخوة وآباء يساندونه، قائلًا: «جهّز نفسك، فى الجيش هتكون بطل من أبطال مصر». الحضور الميدانى لمسئولى التجنيد فى قلب المجتمعات المحلية يؤكد أن العلاقة بين الدولة وأبنائها لا تُختصر فى النماذج والطوابير؛ بل تقوم على الحضور والتواصل والتكريم، كون تسليم شهادة الإعفاء لذوى الهمم تعبيرًا راقيًا عن التقدير لكرامتهم وظروفهم، ورسالة مفادها أن الدولة لا تنسى أحدًا؛ بل تراعى أحوال مواطنيها وتقدّم الخدمة بكرامة واحترام. هذه الخطوة تُشكّل امتدادًا لجهود الدولة المصرية فى بناء منظومة إدارية ذات بُعد إنسانى، تعى قيمة الوقت وظروف الأشخاص، وتدمج ذوى الاحتياجات الخاصة فى نسيج المجتمع، دون إثقالهم بإجراءات مرهقة أو رحلات عناء إلى مكاتب التجنيد، مما يعكس صورة حقيقية للإصلاح الإدارى حين يُوظّف لخدمة البشر لا لتعقيد حياتهم، ويحوّل الخدمة العامة إلى فعل من أفعال العطاء والرعاية. تحمل هذه المبادرة دلالات رمزية واضحة؛ فهى تزرع فى وعى المجتمع أن الخدمة العسكرية شرف ومسئولية، ولكن الإعفاء منها (عند استحقاقه) لا يقلّ احترامًا؛ بل يُقدَّم بطريقة تليق بالمواطن وظروفه. هى خطوة نحو ترسيخ مفهوم أن الجيش المصرى ليس فقط قوة تحمى الوطن؛ بل أيضًا مؤسّسة تحتضن الشعب، وتضع الإنسانية فى صميم تعاملاتها، على حد وصف مسئولى المحافظة. من جانبه، أكد المهندس حازم الأشمونى، محافظ الشرقية، أن المحافظة تولى اهتمامًا بالغًا بأبنائها من «ذوى الهمم»، وتعمل على توفير كل سُبُل الدعم والتيسير لهم فى مختلف المجالات، مشيرًا إلى أن إقامة هذه الاحتفالية «للعام الثانى على التوالى» تحمل رسالة واضحة مفادها: «نحن مع ذوى الهمم وفى خدمتهم». وأضاف: إن المحافظة لا تكتفى بالاحتفاء؛ بل تعمل فعليًا على «توفير فرص عمل داخل القطاع الخاص» برواتب ثابتة تضمن لهم حياة كريمة. مؤكدًا: «نلتقى بهم بشكل دورى، ونحرص على الاستماع لاحتياجاتهم، وسنواصل دعمهم بكل ما نملك».