عقب انتكاسات التنظيمات القُطرية فى مصر وتونس والمغرب، عقد قادة التنظيم الدولى للإخوان وتحديدًا فى يوم 7 مارس عام 2013، اجتماعًا فى بروكسل حضره أبرز قيادات التنظيم العالمى من المغرب والجزائر وتونس ومصر وماليزيا وغزة وتركيا، ناقشوا فيه مستقبلهم؛ حيث اعتمدوا فيه تطبيق أسلوب الجماعة الجديد القائم على إلغاء النظام الهرمى عبر مَحاور، أهمها: التخلى عن مشروع الجماعة العالمى ظاهريًا، مع الاحتفاظ بعلاقات داخلية سرية مع التنظيم، والتحلل من الخطاب الدينى القديم للجماعة. والاعتماد على جيل جديد من الأبناء. ثقافتهم مختلفة عن الجيل المؤسِّس. واعتماد جناح العلاقات العامة على شخصيات غير معروفة تنظيميًا. وإضافة «كيانات تنظيمية» مُستحدثة، يحمل كلٌ منها مسمى «جهاز»؛ وهى «أجهزة» تتشابه فى مضمونها- إلى حدٍّ بعيد- ومضمون الأقسام الداخلية «المعروفة» بكل قُطر من الأقطار التى يتواجد بها فرعٌ للتنظيم، وإنشاء عدد من الأجهزة التنظيمية، منها: (جهاز الأمانة- جهاز التربية- جهاز الأخوات- الجهاز الطلابى- الجهاز السياسى- الجهاز الإعلامى- الجهاز المالى)، إلى جوار استحداث جهازىّ: «التخطيط»، و«الدعم والإسناد»، و«مراكز للمعلومات»، إلى جانب إنشاء «مراكز للدراسات والبحوث»؛ لتحقيق تلك الخطوة، فضلاً عن استخدام تلك المراكز ك«واجهات بحثية»؛ لإتمام اللقاءات التنظيمية. صدر عقب هذا الاجتماع قرار فى أول مايو 2013، بتوسيع المكتب العالمى، وتفعيل التنسيق مع الجماعات الإسلامية المختلفة. وفى يوليو 2013 بفندق هولِيداى (holiday inn) بالقرب من مطار كمال أتاتورك، تم عقد اجتماع آخر وكان مقرر الجلسة هو التونسى راشِد الغنوشى، نائب الأمين العام للتنظِيم الدولى، وعضو اللجنة الاستشارية الدائمة، ومحمود الإبيارى، وعلى محمد أحمد جاويش، وإبراهيم المصرى، المراقب العام لتنظيم الإخوان اللبنانى (الجماعة الإسلاميّة)، وعلى باشا عمر حاج، المراقب العام لتنظيم الإخوان فى القرن الإفريقى، ومحمد رياض شقفة، المراقِب العام لتنظيم الإخوان السورى، ومحمد فرج أحمد، القيادى فى تَنظيم الإخوان فى كردستان، وزياد شفيق محيسن الراوى، المراقب فى تنظيم الإخوان العراقى، وهو طبيب معروف عاش لسنوات فى لندن، وكان مسئول الاتصال مع الاستخبارات الأمريكية قبل الإطاحة بصدام حسين، وشيخان عبدالرحمن محمد الدبعى، القيادى فى تنظيم الإخوان اليمنى والمكلف السابق بالأفغان العرب من ذوى الأُصول اليمنية، ومحمد الهلالى النائب الثانى لرئيس حركة التوحيد والإصلاح المغربية؛ أقروا فيه استمرار العمل بالسياسة الجديدة وهى تحوُّل الإخوان إلى نظام بلا تنظيم. بَعد ذلك قُسِّم التنظيم العالم وفق الخطة وما ورد فى اجتماع لمجلس الشورى العالمى باستانبول بتاريخ 13 يناير 2015 إلى مناطق 7 بالترتيب، شمال إفريقيا وتضم مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، ثم أوروبا، أمريكا الشمالية والجنوبية وكندا، شرق آسيا والباسفيك، وسط آسيا، اليمن والخليج، وإيران وأفغانستان، الشام، ووضع مشرف خارجى على كل منطقة، مع استحداث وسائل جديدة للتواصل الفعّال بين المناطق. أقر المجتمعون بتطوير التنظيم الدولى، والتوسع لتمثيل المناطق ذات الثقل كالخليج، تنمية الموارد المالية، تطوير جهاز الاتصال والتعريف بالدعوة، تحديد الأوعية والكيانات التى تستوعب جهود الجميع، تبنّى ميثاق عالمى للعمل الإسلامى وتفعيله، تحديد آليات التنسيق مع باقى الجماعات الإسلامية المختلفة، وتطوير دائرة العلاقات العامة وإتاحة الفرصة من أجل لقاءات ذات أجندة يسبق التجهيز لها، والتعرف على أفكار ورؤى الدول والمؤسّسات والشخصيات المهمة، تقديم بعض شخصيات الإخوان كرموز على الساحة العالمية، والعمل على إنشاء جماعات ضغط بالتعاون مع بعض البرلمانيين الإسلاميين، وبعض مؤسّسات الغرب . وبَعد الاجتماعات السابقة بعدة سنوات أعلن خالد مشعل بعد ذلك فى شهر يونيو 2016، رئيس المكتب السياسى لحماس الوثيقة الجديدة لحماس، التى اعترف فيها فى البند العشرين بوجود إسرائيل، والميثاق الجديد للحركة، وساعتها قال: إنها أعدت من طرف أكبر مكتب محاماة فى لندن. ويعمل الإخوان وفق الخطة التى تَحدَّثنا عنها من خلال 5 مَحاور، الأول وهو المدخل الأيديولوجى، والثانى عن طريق المستقلين، والثالث عن طريق الدوائر الاقتصادية، والرابع عن طريق شبكة الجمعيات والمساجد، والأخير عن طريق قطاع متخصص فى التواصل مع التنظيم العالمى، وهذا معناه أننا لن نرى الهيكل الإخوانى بشكله المعتاد، فالإخوان سيعملون لكن ليس تحت لافتات رسمية، أو عناصر منتمية بشكل معروف. بدأت ملامح الخطة بشكل واضح وفق الخطة التى تم طرحها على مجلس شورى التنظيم الدولى، تحت عنوان (الرؤية المستقبلية)، فى الآتى نصًا: 1. طبيعة المرحلة: يظهر فيها جليًا تكالب أعداء الله عز وجل على الأمة لطمس هويتها الإسلامية، وامتلاك كافة مقدراتها. 2. رسالة الإخوان: «أستاذية العالم». 3. النجاح المنشود: تتحقق حالة من النجاح المنشود بنهاية الفترة المعنية (5 دورات- 20 سنة)، وتوصيفها: أن تتجه كافة الجهود إلى تحقيق عوامل العزة والمكانة والتقدم فى الأمة. 4. محاور العمل: أولًا: الصف: وهو قواعد التنظيم. ثانيًا: التنظيم (الهيكلة): يقصد بالتنظيم الجماعة ككل مشتملة على الأجهزة والوحدات والقيادة والموارد البشرية والمالية والعلاقات والمؤسّسات واللوائح. ثالثًا: الأمة: يقصد بها جماهير الشعوب المسلمة ويستهدف شيوع التدين التنظيمى فى كافة قطاعات الأمة المؤثرة وأن يتحقق قبولها لمشروعنا الإسلامى باعتباره محققًا لهوية الأمة، وسبيل نهضتها وقوتها وتميزها ووحدتها، وخطوة على طريق الخلافة الراشدة. رابعًا: غير المسلمين: تعريفهم الذين ليس لهم مواقف عدائية من الإسلام ويمكن للمسلمين التعامل والتواصل معهم بهدف تفهمهم للإسلام واقتناعهم بدعم قضاياه والتعايش مع المسلمين. خامسًا: الأعداء: وهم ذوو المواقف والأفعال العدوانية للمشروع الإسلامى والحقوق الإسلامية. وقام التنظيم الدولى لتطبيق الخطة السابقة بإعادة الهيكلة، وصرَّح «يوسف ندا» قبل وفاته لقناة الجزيرة القطرية عام 2018 مُعلقًا على مشروع قرار طُرح على الكونجرس الأمريكى بحظر الإخوان، قائلاً: «أنا أجلس على طاولة عالمية الجالسون عليها عشرة)!، وهذا معناه تدشين مرحلة التحول من إدارة مركزية فى الشرق إلى عولمة إدارية فى الغرب، بعدما ضمَن تطوُّر حضوره فى الغرب متجاوزًا مرحلة التأسيس والتعريف والانتشار إلى مرحلة التمكين الأوَّلى. وأثبت محضر اجتماع (لجنة الدعوة والجاليات) التابعة للتنظيم فى أوروبا وأمريكا، العمل على خلق تيار بين المسلمين المقيمين للضغط على الحكومات للاعتراف بالإسلام كدين رسمى، عمل إحصائية تفصيلية عن المسلمين، التركيز على اللغة الإنجليزية فى الدعوة بين الجاليات غير العربية. التركيز فى الدعوة على الأبناء أكثر من الآباء. نشر الفقه الإسلامى بين الجاليات. تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها. البدء أولًا بالعمل مع المراكز والجاليات التى للإخوان علاقات معها. إيجاد نوادٍ للشباب، واستحداث أنشطة تواكب تطورات العصر لجذبهم إليها. بناءً عليه أنشأ التنظيم (مركز المعلومات العالمى)؛ ليمثل إشهارًا لأمانة التنظيم الدولى فى العالم ويديره أمين عام التنظيم الدولى نائب المرشد إبراهيم منير من لندن، رافعًا شعار (اسمعوا منّا ولا تسمعوا عنَّا) أملاً فى نقل رسائل التنظيم إلى وسائل الإعلام العالمية، وهو الآن المقر الرسمى العلنى ل«مكتب الإرشاد العالمى»، وكذلك «المعهد العالمى للفكر الإسلامى»، و«المنظمة الإسلامية فى ألمانيا»، منصة الإشراف على تمدد فروع التنظيم فى الغرب، اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا- ومقره بروكسل- والذى يهدف إلى لمِّ الشمل والتنسيق بين أفرع الإخوان، فى أكثر من ثلاثين دولة. و(الرابطة الإسلامية فى بريطانيا). وتطبيقًا للهيكلة الجديدة أصبحت حركة التنظيم العالمى عبر مَحاور، أهمها: 1 - التخلى عن مشروع والاحتفاظ بعلاقات داخلية سرية مع التنظيم، والتحلل من الخطاب الدينى القديم للجماعة. 2 - الاعتماد على جيل جديد من الأبناء، وكلهم أوروبيون، ثقافتهم مختلفة عن الجيل المؤسِّس، والآن يتقدمون فى الانتخابات، وأغلبهم فى أحزاب اليسار الاشتراكى وأحزاب الخضر؛ بل وصلوا لبعض البرلمانات مثل هولنداوالسويد وفرنسا وبريطانيا، وهم يركزون نشاطهم على خلق تحالفات سياسية بأوروبا تساعد فى تنفيذ مشروعهم، سواء فى تنظيم الشبيبة الأوروبية، أو التنظيم النسوى، على سبيل المثال، الشبيبة فى السويد يقودها ابن مصطفى الخراق، ورئيس الكشافة السويدية ابن شكيب بن مخلوف. 3 - تقسيم العمل إلى تنظيم ميدانى (شبكة لا مركزية دعوية واجتماعية)، تنظيم تمويلى اقتصادى، شبكة إعلامية، تنظيم سياسى علنى. 4 - الاستمرار فى التأطير الدينى للأقليات عبر المساجد والمراكز الثقافية.