توافد الناخبين للتصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب بالإسكندرية| صور    الشئون النيابية تحيي اليوم العالمي للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة    الإدارية العليا تواصل تلقى طعون نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «ميدوزا»: كفاءة عالية رغم سوء الأحوال الجوية    رعاية شاملة    سعر الدولار اليوم الأربعاء 3 ديسمبر 2025    تعرف على سعر الدولار أمام الجنيه ببداية تعاملات اليوم الأربعاء 3-12-2025    الاستثمار: تمكين القطاع الخاص يعد ركيزة أساسية في استراتيجية الدولة المصرية    وزير الخارجية يلتقي مجموعة الصداقة البرلمانية المصرية الألمانية في البوندستاج    وزيرة التخطيط تُشارك في احتفال سفارة الإمارات بمناسبة عيد الاتحاد الرابع والخمسين    أطباء بلا حدود: عشرات الآلاف من سكان غزة يحتاجون إلى الإجلاء الطبي    نتنياهو يستنجد ب ترامب لإنقاذه من مقصلة قضايا الفساد    هل يحرق الإخوان العالم؟    رسائل ردع من «إيديكس 2025».. مصر تثبت ريادتها وتعزز قدراتها الدفاعية    واجب إنسانى وأخلاقى    ليفربول في مواجهة صعبة أمام سندرلاند "الحصان الأسود" بالبريميرليج    تشكيل آرسنال المتوقع أمام برينتفورد في البريميرليج    إجراء تحليل مخدرات لسائقين تسببا في إصابة 5 أشخاص بمصر الجديدة    مركز المناخ يحذر من نوة قاسم: تقلبات جوية عنيفة وأمطار من الخميس حتى الاثنين    إصابة 7 أشخاص إثر حادث انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر    ألحان السماء    من «وطن الكتاب»    وزير الصحة: الدولة توفر بيئة استثمارية محفزة لزيادة الإنتاج وتوافر الدواء الآمن    القلاوي حكما للقاء الجونة وبترول أسيوط في دور 32 لكأس مصر    أسعار الفراخ والبيض اليوم الاربعاء 3-12-2025 في الأقصر    الأمم المتحدة تعتمد قرارا يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان وسط اعتراض أمريكي-إسرائيلي    جولة مفاجئة.. محافظة الغربية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات فجرًا    «الشؤون النيابية» تحيي اليوم العالمي لذوي الإعاقة: قيمة مضافة للعمل الوطني    مواعيد مباريات اليوم.. مهمة محلية لصلاح ومجموعة مصر في كأس العرب    بعد لقائهما المسلماني.. نقيبا السينمائيين والممثلين يؤكدان تعزيز التعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 3-12-2025 في محافظة الأقصر    جوارديولا: أهداف فولهام من أخطاء دفاعية.. ولا أملك إجابة لما حدث في المباراة    هيجسيث يتوعد بتصعيد الضربات ضد قوارب المخدرات ويهاجم تقارير الإعلام الأمريكي    متحدث الصحة: تحذير للمسافرين من أدوية ومستلزمات خاضعة للرقابة الدولية    تجديد حبس المتهمين باستدراج موظف وسرقته    قوات الاحتلال تعزز انتشارها وسط مدينة طولكرم    توقيع مذكرة تفاهم بين "الاتصالات" و"الاعتماد والرقابة "بشأن التعاون فى تنفيذ التطوير المؤسسي الرقمى    زكريا أبوحرام يكتب: تنفيذ القانون هو الحل    إصابة 9 أشخاص بينهم أطفال وسيدات في حادث تصادم بالفيوم    فيدرا تعيش وسط 40 قطة و6 كلاب.. ما القصة ؟    اجتماعات سرّية في باكستان وتركيا بعد تحركات ترامب لتصنيف الإخوان إرهابيين    دعاء صلاة الفجر اليوم.. فضائل عظيمة ونفحات ربانية تفتح أبواب الرزق والطمأنينة    «الصحة» تعلن انطلاق استراتيجية توطين صناعة اللقاحات وتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل 2030    زينة عن شخصيتها في "ورد وشوكولاتة": حبيتها لأنها غلبانة وهشة    «بإيدينا ننقذ حياة» مبادرة شبابية رياضية لحماية الرياضيين طبيًا    مانشستر سيتي يهزم فولهام في مباراة مثيرة بتسعة أهداف بالدوري الإنجليزي    هل سرعة 40 كم/ساعة مميتة؟ تحليل علمى فى ضوء حادثة الطفلة جنى    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    مراوغات بصرية لمروان حامد.. حيلة ذكية أم مغامرة محفوفة بالمخاطر (الست)؟    «السيدة العجوز» تبلغ دور ال8 في كأس إيطاليا    بالأسماء، مصرع شخصين وإصابة 9 في حريق مخزن ملابس سوق الخواجات بالمنصورة (صور)    نقيب الإعلاميين يستعرض رؤية تحليلية ونقدية لرواية "السرشجي" بنقابة الصحفيين    تراث وسط البلد رؤية جديدة.. ندوة في صالون برسباي الثقافي 7 ديسمبر الجاري    1247 مستفيدًا من قوافل صحة دمياط بكفر المرابعين رغم سوء الطقس    وكيل الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم حدث فريد يجمع الروحانية والتميز العلمي    ما حكم المراهنات الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يجيب    يلا شوووت.. هنا القنوات الناقلة المفتوحة تشكيل المغرب المتوقع أمام جزر القمر في كأس العرب 2025.. هجوم ناري يقوده حمد الله    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيد قطب كبيرهم الذى علمهم الخيانة
مقال لماذا صرت ماسونيا.. وثيقة تكشف رؤية المنظر الأكبر للجماعة:

أهمية مقال سيد قطب «لماذا صرتُ ماسونياً؟» لا تكمن فى غرابة العنوان فحسب، بل فى أنّه وثيقة مبكرة تكشف عن لحظة سيولة فكرية عاشها صاحب «معالم فى الطريق» قبل انتقاله إلى أطروحته القطعية عن «الجاهلية» و«العزلة الشعورية».

جاء المقال فى مجلة «التاج المصري»، وهى مطبوعة ماسونية كانت تصدر فى القاهرة منتصف الأربعينيات؛ وقد أشار الكاتب حلمى النمنم إلى ذلك فى مقالات وسيرة وثّق فيها علاقة قطب المبكرة بالماسونية، بينما تعرف وثيقة صادرة عن محفل ماسونى مغارب؛ «التاج المصري» بأنها مجلة ماسونية تصدر فى القاهرة منذ 1945.
هذه الإشارات تمنحنا سببا وجيها لقراءة النص فى ضوء سياقه التاريخى وسياق كاتبه الفكرى وانضمامه للإخوان بعد ذلك بسنوات قليلة.
الماسونية فى «مصر الأربعينيات»
ظلت المحافل الماسونية ناشطةً فى مصر منذ القرن التاسع عشر، وقدّمت نفسها بواجهةٍ خَيرية أممية ترفع شعارات «الأُخوّة والمساواة». هذا الحضور استمرّ حتى إغلاق المحافل نهائياً فى عهد جمال عبد الناصر عام 1964، وهو تاريخ تُثبته دراسات وسيَر ماسونية وغير ماسونية على السواء. فى هذا المناخ كتب قطب نصّه مادحاً «الرجولة والإنسانية» و«العمل الصامت» بوصفها جوهر الماسونية وهى مفردات تتسق تماما مع الخطاب العام للمحافل فى تلك الفترة.
لكن تلك الصورة «الإنسانية» لم تكن بلا حمولة سياسية. فالمصادر توثق بيانا صادرا عن محفلٍ ماسونى بمصر سنة 1922 بعنوان «نداء إلى أهل فلسطين»، يتبنّى فيه حقَّ «اليهود بفلسطين» ويربطه ب«التحضر»، ما يعنى أن الماسونية المحلية كانت، فى لحظة مبكرة، أقربَ إلى خطابٍ متعاطف مع الصهيونية السياسية. بهذا المعنى، فإنّ دفاع قطب الشاب عن الماسونية عام 1945 جاء متقاطعا مع منظومةٍ كانت تميل إلى رواية مؤيدة للمشروع الصهيونى.
لماذا يجب أن نقرأ مقال قطب؟
يفترض النص أن الماسونية «بلسم لجراح الإنسانية» و«الفضيلة التى تنطوى على أسمى المعاني». هذا التوصيف يتجاهل حقيقة أن الماسونية الحديثة كانت، فى نسختها المصرية، مؤسسة شبكية بصلاتٍ سياسية وثقافية متشابكة؛ وأنّ خطابها «الأممي» لم يمنع إجراءاتِ حظرها بوصفها بنية مغلقة تتعارض مع تنظيم المجتمع المدنى.
كما يتجاهل ارتباط بعض خطابات المحافل الماسونية فى مصر وخارجها بأطروحاتٍ متعاطفة مع الصهيونية فى العشرينيات.
تحولات قطب.. من «الإنسانية» إلى «الجاهلية»
بعد سنواتٍ قليلة تبدّل مسار قطب جذرياً. رحلته إلى الولايات المتحدة (1948–1950) ثم عودته وانخراطه مع الإخوان غيّرا رؤيته للعالم. المراجع المعتمدة تؤكد أن تلك التجربة مثّلت مفصلاً فى تشكّل رؤيته الصراعية للمجتمع الحديث، وصولاً إلى انضمامه إلى جماعة الإخوان وتحوّله إلى أهم منظّريها.
فى «معالم فى الطريق» سيبنى قطب رؤيته على ثنائيةٍ قاطعة: «الإسلام الحاكم» فى مواجهة «الجاهلية» المعاصرة، ودعوة «طليعة مؤمنة» تعيش «عزلةً شعورية» عن المجتمع حتى تتسلم «الحاكمية».
هذا الإطار الفكرى يناقض ظاهريا خطابَه الماسونى المبكّر الذى مجّد «الإنسانية الجامعة» و«الأخوّة العابرة للأديان»، بل وربما يرى البعض أن مقال «لماذا صرتُ ماسونياً؟» وثيقة تُدين أطروحته اللاحقة من داخلها. لكن الحقيقة فى رأيى أن تنظير «قطب» لمشروع الإخوان إنما هو بناء منطقى وطبيعى جدا على أفكاره الداعمة للماسونية.
التقاطعات بين رؤية وأهداف الإخوان وأهداف الصهيونية، تؤكد أن «قطب» اختار خدمة «نفس الهدف» ولكن بخطاب مختلف، بالتالى فإن ما يراه البعض تناقضا هو مجرد تناقض فى شكل الخطاب، رغم أن الهدف واحد.
يعنى ببساطة؛ الخطاب الماسونى والإخوانى وإن بدا بينهما اختلاف، فإنهما يحققان ويخدمان نفس الأهداف.
قطب والعقاد
بعد سنوات من مقال قطب، وتحديدا فى 1949 نشر عباس محمود العقاد مقالته المنشورة ضمن الملف بعنوان «فتنة إسرائيلية» قرأ فيها الخطر الصاعد للصهيونية على المجتمعات الشرقية، وأثر «الفتنة» فى تفكيك البنى الوطنية والدينية. والنبرة التحذيرية المبكرة تعطى خلفية مهمة لفهم نقده لجماعات وتنظيمات سرّية تقوّض المجال العام باسم الفضائل المجردة.
وهذه الخلفية تضيء مفارقة لافتة؛ ففى الوقت الذى كان فيه العقاد يحذر من الفتنة الصهيونية التى يبشر بها الإخوان، كان قطب يكتب دفاعا عن «الماسونية» المتعاطفة مع المشروع الصهيونى.
كيف تقاطعت ممارسات الإخوان مع المصالح الإسرائيلية؟
ما يؤكد طرحنا عن أن تنظير قطب للخطاب الإخوانى قد اتفق مع الرؤية الصهيونية هو الواقع، فالتجربة السياسية القصيرة للجماعة فى الحكم (2012–2013) قدّمت مثالاً عملياً على براجماتية تخدم أهداف الاحتلال.
حين وصلت الجماعة إلى الحكم تصرفت ب«أخلاقيات الماسونية» التى امتدحها قطب
منها على سبيل المثال أن الجماعة التى ملأت الشوارع بهتاف «على القدس رايحين شهداء بالملايين» كان خطاب رئيسها الموجه لشيمون بيريز بصيغة «صديقى العزيز». وبعيدا عن هذا الجدل.
فإننا نشاهد اليوم بأعيننا، خدمة (كل أجنحة الإخوان باختلافاتها) لأهداف الاحتلال فى القضية الفلسطينية، بل وعملهم ضد الدور والرؤية المصرية، فبدلا من توجيه ضغطهم على نتنياهو المسئول الأول عن الإبادة الجماعية الأكبر، كانوا يشاركون فى «قتل سكان غزة» برؤية صهيونية تعلموها من «قطبهم»
ما قدمه قطب الشاب عن الماسونية بوصفها «فضيلة خالصة» يتهاوى أمام تاريخ طويل من الخيانة؛ بذلك يكون المقال وثيقة تؤكد هوى الإخوان وهويتها، على لسان أحد أقطاب الجماعة الكبار.
بهذا المعنى، فإن رؤيتنا اليوم لمقال «لماذا صرت ماسونيا؟» ليست مجرد استعادة لعنوان صادم، بل دليلا يؤكد فرضيتنا فى هذا الملف: أنّ الجماعة -فكراً وتنظيما- كانت، عبر قرنٍ كامل، أقرب إلى منظوماتٍ وشبكاتٍ عابرة للمعنى الوطنى، وأنّ محصّلة ممارستها السياسية فى لحظتها المفصلية (2012–2013) لم تحمل مشروع تحرر، بل منحت الاحتلال هدوءًا وانقساما وتمديدا للوضع القائم.
هذا ما تنطق به الوثائق والسياقات مجتمعة، وأن تحركات الإخوان الآن الداعمة لأهداف الاحتلال والمتفقة مع أجندته ضد الرؤية المصرية ليست وليدة لحظة أو موقف عابر، بل إيمان ورؤية «صاحبت تأسيس الجماعة نفسها»، ورواية صاغتها الجماعة عبر قرن من الخيانة لهذا البلد، وللقضية العربية كلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.