تتمتع العلاقات المصرية الأردنية فى مجال الغاز الطبيعى بعمق تاريخى وتعاون استراتيجى، حيث يمثل قطاع الطاقة أحد أبرز مجالات الشراكة بين البلدين. وتلعب مصر دورًا رئيسيًا كمزود للغاز الطبيعى للأردن، وذلك من خلال خط الغاز العربى، وهو مشروع إقليمى يربط بين الدول العربية وتصدير الشحنات، وتقوم مصر بتصدير حوالى 100 مليون قدم مكعب يوميًا من الغاز الطبيعى إلى الأردن لدعم تشغيل محطات الكهرباء. الأسبوع الماضى، قام المهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية، بزيارة للأردن لمتابعة تشغيل سفينة التخزين وإعادة تغييز العائمة «إنيرجوس فورس» (Energos Force) التى وصلت إلى ميناء الشيخ صباح للغاز الطبيعى المسال، والمستأجرة من قبل الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية- إيجاس. تهدف الزيارة إلى الاطلاع على آخر المستجدات المتعلقة بتشغيل السفينة، والتأكد من سير الإجراءات وفق الجدول الزمنى المقرر، تمهيدًا لربطها بشبكة الغاز العربى، وبدء تشغيلها خلال الأيام القليلة المقبلة. وتبلغ القدرة التخزينية للسفينة حوالى 3600 مليون قدم مكعب، مع قدرة ضخ يومية تصل إلى حوالى 750 مليون قدم مكعب، وتوجد اتفاقية موقعة بين شركة الكهرباء الوطنية وشركة إيجاس تتيح للأخيرة استئجار باخرة واصطفافها فى ميناء الغاز المسال بالعقبة، والذى تعود ملكيته لشركة تطوير العقبة، ومستأجر من قبل شركة الكهرباء الوطنية. وتأتى الخطوة فى إطار التعاون المشترك بين الحكومة الأردنية ومصر، لتغطية احتياجات البلدين من الغاز فى حالات الطوارئ. ويعد وصول سفينة التغويز «إنيرجوس فورس» ترجمة عملية لاتفاق التعاون الثنائى الموقع بين الأردن ومصر فى نوفمبر 2024، والذى نص على الاستفادة من البنى التحتية للغاز الطبيعى المسال فى مصر، أعقبه اتفاق آخر بين شركة الكهرباء الوطنية والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس» لاستخدام رصيف ميناء الشيخ صباح فى العقبة لرسو وحدة التغييز العائمة، وتزويد البلدين بالغاز الطبيعى خلال فترة التعاقد، وذلك وفق شروط فنية وتجارية مرنة تتيح الاستخدام عند الحاجة فقط، دون تحميل تكلفة فى فترات التوقف، مما يعزز الكفاءة التشغيلية ويخفض التكاليف. خط الغاز العربى يعد خط الغاز العربى الشريان الرئيسى للعلاقات الثنائية فى مجال الغاز، ويمتد الخط من العريش فى مصر إلى العقبة، ثم إلى مدن أردنية أخرى مثل معان والزرقاء، وصولًا إلى الحدود السورية. وتم تنفيذ المشروع على عدة مراحل، حيث بدأت المرحلة الأولى بضخ الغاز المصرى إلى العقبة فى عام 2003. وكان الغاز المصرى يغطى نسبة كبيرة من احتياجات الأردن، خاصة لقطاع الكهرباء، مما ساهم فى تخفيض فاتورة الطاقة الأردنية. ومع ذلك، تأثر تدفق الغاز بعد عام 2011 بسبب عوامل داخلية فى مصر، مما دفع الأردن للبحث عن مصادر بديلة. ومنذ شهرين وبعد اندلاع الحرب الإيرانية الإسرائيلية، أعلن الأردن لأول مرة، المصادر التى يتلقى منها احتياجاته المحلية من الغاز الطبيعى. ولا تزال اتفاقية تصدير الغاز المصرى إلى الأردن سارية بموجب عقد طويل الأجل، وفى نهاية العام الماضى قالت وزارة الطاقة الأردنية فى بيان رسمى بأن «الاتفاقيات الموقعة مع الجانب المصرى بهدف استيراد الغاز سارية المفعول لمدة 30 عامًا، ابتداءً من عام 2004». أهم مصادر الإمدادات • الغاز الطبيعى المصرى المورد عبر الأنابيب • الغاز الطبيعى المورد من البحر الأبيض المتوسط عبر الأنابيب (الغاز المستورد من إسرائيل). • الغاز الطبيعى المسال من خلال باخرة الغاز العائمة فى مدينة العقبة. • الغاز الطبيعى المنتج محليًا من حقل الريشة الغازى. مذكرات التفاهم والخبرات الفنية إلى جانب اتفاقيات التوريد تتضمن الشراكة بين مصر والأردن تبادل الخبرات الفنية والتدريب فى قطاع الغاز. وقد وقعت الدولتان مذكرات تفاهم للتعاون فى مجالات متعددة، منها: • تشكيل شركات مشتركة لتشغيل وصيانة خطوط وشبكات الغاز. • إعداد دراسات جدوى لمشاريع توصيل الغاز الطبيعى للاستخدامات المنزلية والتجارية والصناعية. • تبادل الخبرات فى تطوير الحقول الغازية غير التقليدية. • تدريب الكوادر الأردنية فى مراكز التدريب التابعة لشركات البترول المصرية. شراكات استراتيجية من جانبها قالت د.وفاء على، خبيرة البترول والطاقة، إن العلاقات المصرية الأردنية يسودها الزخم الإيجابى، ومرت بمحطات كان العنوان الأبرز فيها الشراكة الاستراتيجية ذات الأبعاد المتوافقة فى الرؤى السياسية الاقتصادية، وعلى كل الأصعدة. وأضافت أن آليات التلاحم بين مصر والأردن اعتمدت على حالة التفاهمات بين الرئيس السيسى والملك عبدالله، خاصة فى الملفات التى تتعلق بالأمن القومى للبلدين، خصوصًا أن مصر ببعدها الجيوسياسى كقوة وازنة فى المنطقة وتعد حائط الصد الأول للمخططات الإسرائيلية. وأشارت إلى أنه على الأفق الزمنى الواسع باتت آليات التلاحم والترابط الوثيق واضحة، خصوصًا فى ملف الطاقة، وقدمت مصر الأردن نموذجًا اقتصاديًا تشاركيًا يحتذى به. قياس0 على ماسبق، غادر وزير البترول والثروة المعدنية المهندس كريم بدوى، إلى مدينة العقبة لتفقد سفينة التغويز التى أبحرت من مصر باتجاه الأردن لمتابعة الأعمال المرتبطة بملف الطاقة. وخلال الزيارة تم تفقد الباخرة انيرجوس فورس فى ميناء الشيخ صباح، وهدفت الزيارة إلى متابعة آخر المستجدات التى تقدمها مصر فى إطار التعاون الطاقى، ووفق الجدول الزمنى تمهيدًا لربط السفينة بخط الغاز العربى وبدء التشغيل الفعلى. تأتى تلك الجهود ضمن تعزيز أمن الطاقة وضمان الاستدامة والاستعداد لحالات الطوارئ، وتمثل حالة التعاون الطاقى نموذجًا اقتصاديًا يتميز بنوع من التكامل اعتمادًا على قوة البنية التحتية والجاهزية، والتى تصب فى النهاية لصالح البلدين الشقيقين فى مختلف المجالات الاقتصادية، خصوصًا قطاع الصناعة والكهرباء، وعلى مختلف الأصعدة. من جانبه أكد المهندس محمد عطية، الباحث المتخصص فى شئون الطاقة، أن العلاقات المصرية الأردنية فى قطاع الغاز الطبيعى شهدت نموًا متسارعا يعكس توجها استراتيجيًا نحو التكامل الإقليمى، خاصة فى مجال استغلال البنية التحتية المشتركة، لافتًا إلى أن التعاون بدأ عام 2003 مع تشغيل المرحلة الأولى من خط الغاز العربى، والذى ينقل الغاز المصرى من العريش إلى العقبة بطول نحو 250 كم، بطاقة تصميمية بلغت مليار قدم مكعب يوميًا، ما مثّل خطوة مفصلية فى دعم قطاع الطاقة الأردنى، رغم الانقطاعات والتحديات السياسية، واستمر التعاون وتطوّر ليشمل تبادل الغاز فى الاتجاهين وتوسيع القدرات التشغيلية. وأضاف أن استخدام وحدات التغييز يعد حلًا مرنًا وسريع النشر لتأمين إمدادات الغاز، حيث تسمح باستيراد الغاز المسال دون الحاجة إلى بناء بنى تحتية دائمة مكلفة، ويشرف على تشغيلها وإدارة تدفق الإمدادات فريق مشترك من شركتى ايجاس المصرية و«فجر» الأردنية المصرية، بالتعاون مع شركة الكهرباء الوطنية بالأردن، مما يضمن كفاءة تشغيلية عالية واستجابة فورية للطلب المتغيّر. 1 2