إن المتابع لدور الجامعات الآن يجد أنه لم يعد الهدف هو الحصول على شهادة توضح مرحلة التعليم الذى وصل إليه الطالب، أو مجرد الفراغ من الرسائل العلمية المجردة، ولكنه تعدى ذلك إلى نواحٍ مختلفة من الحياة اليومية، وذلك يظهر من خلال خدمة المجتمع التى تتحدد فى إدارة الموارد البشرية وتشكيل وصياغة وعى الطلاب وتناول مشكلات وقضايا المجتمع والعمل على تنميته وخدمته؛ لتؤدى فى النهاية خطوات نحو سوق العمل والمستقبل. ومن ثم فمنظومة التعليم فى حراك مستمر لتحقيق رغبة الدولة فى الموازنة بين سوق العمل والتخصصات المطلوبة وقدرات الطلاب، وذلك ما حدا بضرورة التخفيف من عبء الثانوية وشبح الامتحانات، هذا الذعر الذى يهدد الاستقرار النفسى للطالب والأسرة على وجه العموم التى تحتضن بداخلها طالب ثانوية عامة أو طالبة. فمنذ ما قبل بدء العام الدراسى والواقع يقول: إن القلق ينتاب الأسرة تجاه المصير المرتقب بعد الثانوية العامة، ونجد حالة من القلق والتوتر تسيطر على الأمهات والآباء، والطالبات والطلاب بسبب الخوف من نتيجة الثانوية العامة والمجموع المرتقب، مع الوضع فى الاعتبار أنه ليس المجموع هو الحكم النهائى أو المصير الأخير لأبنائنا وبناتنا؛ فهناك فروق فردية وصعوبات تعلم، لا بد أن نراعى فيها ما يتوافق مع فرد دون آخر، ومن المكافئ للرؤية المنطقية أن المنظومة الجديدة تعلى من قدر الفهم والعمق على قدر الحفظ والتلقين. ومن ثم فإن متابعة الطالب والتعرف على إمكاناته فى حاجة ماسة للخروج من بوتقة الفكر الضيق فى اختيار الكلية المناسبة والتخصص الملائم إلى مجال أوسع وأرحب، فالطريق نحو الجامعات مفتوح أمام أبنائنا وبناتنا؛ فهناك جامعات حكومية، وهناك جامعات أهلية، وكذلك جامعات خاصة، إضافة إلى الجامعات الدولية. ومن أولويات الأمور أن يحرص أولياء الأمور على عدم نقل الرعب والخوف لأبنائهم، وأن زيادة درجة القلق تعوق المخ عن التفكير والتذكر؛ فرغم أن الثانوية العامة هى حجر الزاوية فى تحديد مسار الطلاب فى الحياة المهنية والعلمية؛ فإن الثانوية العامة ليست نهاية المطاف بل مرحلة لخطوة لاحقة، وأن الامتحانات بداية الطريق للطالب فى مجال أو كلية يرغب فى أن يلتحق بها، ولا بديل أمام الطلاب سوى الابتعاد عن أى توتر عصبى أو نفسى يؤثر عليهم؛ لأن هذه الفترة من أصعب الأوقات على الطالب. وهذا ما يجعلنى أهمس فى أذن كل أم أو أب فى بيته ثانوية عامة بضرورة توفير الراحة الكاملة للطلاب والطالبات بعيدًا عن الجو الذى يملؤه التوتر، الذى يضر ولا ينفع؛ ويشوه الحراك الفكرى لدى الطلاب. ومن خوض التجربة أقدم وصية لأبنائى الطلبة والطالبات بتنظيم وقت لمراجعة المواد الدراسية، وفقًا للنظام الجديد وتطبيق نظام «البابل شيت» والأسئلة المقالية التى صرحت بها الوزارة المسئولة، والحد من الضغط النفسى والتوتر السائد من الامتحانات، إضافة إلى الابتعاد قدر المستطاع عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعى، وتنظيم ساعات النوم، ومع الأخذ فى الاعتبار ضروة النوم مبكرًا ليلة الامتحان. ومع هذا أتأمل فى الأمور التى تصنع الفرق بين المتفوقين والممتازين أو الطالب البطيء ضعيف الهدف، فوجدت أن نوعية اهتمامات الإنسان هى المسئول الأكبر عن الفرق بينه وبين غيره، فإن الله تعالى يحب معالى الأمور وأشرافها، ويكره سفاسفها، فنواجه كل هذا بعزم شديد وثقة فى الله تعالى وقدرات أبنائنا، وإيمانا بالقضاء والقدر مهما كان فى بيتنا ثانوية عامة.