طالب عدد من أساتذة القانون الحكومة بالالتزام بمنطوق حكم المحكمة الدستورية، وزيادة القيمة الإيجارية للوحدات السكنية المؤجرة وفقًا لقانون الإيجارات القديمة، على أن يتم حل هذه القضية التى يزيد عمرها على 50 عاما على عدة مراحل بما يحقق مصالح المستأجر والمالك، مؤكدين أهمية إيجار العقار بهدف السكن حق من حقوق الإنسان. واقترح أساتذة القانون تحديد حد أدنى لمدة الإيجار يحقق معنى السكن الملائم لاستقرار الأمر، وجعل الزيادة فى قيمة الإيجار دورية (كل ثلاث سنوات) وليست سنوية، ومنح المستأجر الحق فى اللجوء للقضاء لتخفيض القيمة الإيجارية. أكدت الدكتورة سهير عبدالمنعم أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، ضرورة بحث الأثر القانونى والاجتماعى والاقتصادى والسياسى لمشروع قانون تعديل الإيجارات القديم المقدم حاليًا لمجلس النواب قبل إصداره، لمناقشة الآثار المحتملة إذا ما خرج التشريع بالشكل المقدم من الحكومة لمجلس النواب. وأوضحت «سهير» أن الإيجار بهدف السكن، له خصوصية فى ضوء المعايير الدولية، لأنه حق من حقوق الإنسان «كالحق فى المأوى» استنادًا إلى المادة (15) من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وقد وقعت مصر عام 1967م على العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذى كفل بالمادة (11) الحق فى المسكن، وألزم الدستور المصرى بالمادة (187) أن تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم فى إطار خطة للإسكان تقوم على العدالة الاجتماعية، لذلك السياسات المتعلقة بتوفير السكن يجب أن تعتبره حقًا وليس سلعة، وحتى فى نظم الاقتصاد الحر وإن تم اعتبار الإيجار بهدف السكنى سلعة فهو سلعة من نوع خاص لا تترك لاعتبارات السوق على إطلاقه ارتباطًا بالعدالة الاجتماعية والحق فى المسكن الملائم. وأشارت أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، إلى أن التشريعات المنظمة لإيجار الأماكن السكنية أدت لتفاقم مشكلة الإيجار القديم، ومرت هذه التشريعات بأربع مراحل، المرحلة الأولى: وتبدأ بصدور أول قانون متكامل لإيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر رقم 121 لسنة 1947م الذى التزم بضوابط الجيل الأول للإيجارات بتقييد أسباب الإخلاء والأجرة، وأعطى للمؤجر الحق فى استرداد المسكن المؤجر بغرض السكنى بضوابط يقدرها القضاء لشغله بنفسه أو أحد أولاده، وكان ذلك التنظيم هو الأكثر توازنًا بين طرفى العلاقة الإيجارية بشأن الإيجار بهدف السكنى، والمرحلة الثانية وتبدأ بصدور القانون رقم 52 لسنة 1969م الذى أخل بالتوازن السابق، حيث ألغى القوانين السابقة عليه مكتفيًا باستمرار العمل ببعض أحكامها فى نطاق سريانها خاصة بشأن تحديد الأجرة أو تخفيضها أو تقرير بعض الإعفاءات بشأنها، وأوغل فى عدم التوازن بين طرفى العلاقة بالنص على امتداد عقد الإيجار ليس فقط حال وفاة المستأجر بل وحال تركه للعين، وليس فقط إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو والداه بل والأقارب حتى الدرجة الثالثة بضوابط محددة وهو ما يعد تراجعًا حتى عن ضوابط الجيل الأول للإيجارات، حيث اقتصر تطبيقها لصالح المستأجر فقط، وحتى فى الإيجار بهدف تجارى. وتابعت: «والمرحلة الثالثة: التشريعات المعمول بها حاليا وتبدأ بصدور القانون رقم 49 لسنة 1977م بشأن تأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر الذى ألغى العمل بالقانون السابق عليه، وإن اصطحب معه استمرار العمل ببعض أحكام القوانين السابقة عليه وامتداد عقد الإيجار، كما صدر القانون رقم 126 لسنة 1981م بتعديل بعض أحكامه، واهتم بتحقيق التوازن فى العلاقات الإيجارية من خلال تعدد أسباب الإخلاء، ولكنه خلط بين الحق فى الإيجار بهدف السكنى وأحكام الإيجار بهدف تجاري، والمرحلة الرابعة بصدور القانون رقم 4 لسنة 1996م بشأن تطبيق أحكام القانون المدنى على إيجار الأماكن التى لم يسبق تأجيرها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها، ليترك العلاقة الإيجارية وأيا كان الغرض منها للعرض والطلب، والذى بصدوره أضحى ينظم ذات العلاقة بشأن الإيجار بغرض السكنى قانونان مختلفان أحدهما يحقق صالح المستاجر إلى أقصى حد والآخر لصالح المالك إلى أقصى حد، دون اعتبار لخصوصية الحق فى الإيجار بغرض السكني، وهو ما زاد الأمور تعقيدًا. وأشارت سهير إلى أن المحكمة الدستورية أصدرت حكمها بزيادة الإيجارات القديمة، ولم تتطرق إلى إصدار قانون جديد للإيجارات أو إلغاء قانون الإيجارات القديم، ولم تتطرق إلى تحديد مدة لإخلاء المستأجر من مسكنه، لأن المحكمة الدستورية لها حكم سابق بامتداد عقد الإيجار إلى جيل واحد فقط وبعدها تنتهى العلاقة الإيجارية ويتم تسليم الشقة للمؤجر. ورفضت أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ما أثير فى البرلمان أثناء مشروع قانون تعديل قانون الإيجارات القديم، موضحة أنه لا توجد دولة فى العالم لديها مشكلة الإيجارات القديمة، خاصة أن معظم دول العالم لديها سيطرة وحذرت «سهير» من عواقب إصدار قانون الإيجارات القديم بالشكل المقدم من الحكومة لما سيسببه من حرج للحكومة، لأن البديل هو القانون رقم (4) لسنة 1996م، والذى ينص على ترك العلاقة الإيجارية للعرض والطلب، وذلك يترك للمالك مطلق الحرية فى تحديد شكل العلاقة الايجارية بما يحقق مصلحته فقط. واقترحت أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، تحديد حد أدنى لمدة الإيجار يحقق معنى السكن الملائم لاستقرار الأمر، وجعل الزيادة فى قيمة الإيجار دورية (كل ثلاث سنوات) وليست سنوية، ومنح المستأجر الحق فى اللجوء للقضاء لتخفيض القيمة الإيجارية، وكذلك للمؤجر المطالبة برفعها حال إدخال تعديلات تزيد قيمة المبنى، وأن يمتد عقد الإيجار للزوج والأبناء والوالدين، وكذلك المطلقة الحاضنة للأبناء على غرار التشريع المقارن، ويمكن منح قروض ميسرة للمستأجر لشراء الوحدة السكنية حال موافقة المالك، وكذلك للمالك لتمكينه من استرداد وحدته السكنية، والتأكيد على عدم ترك العلاقة الايجارية بهدف السكنى لآليات السوق. من جانبه، قال الدكتور حسين عيسى، رئيس المجلس التخصصى للتنمية الاقتصادية التابع لرئاسة الجمهورية ورئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب السابق ل«روزاليوسف»، إن قانون الإيجار القديم مشكلة عمرها 50 عاما تبحث عن حل، متسائلا: كيف تسعى الحكومة حاليًا لإنجازها فى شهرين فقط على مرحلة واحدة؟ وطالب «عيسى» الحكومة الالتزام بحكم المحكمة الدستورية، والسعى لإصدار قانون متوازن، وزيادة الإيجار بنسب معقولة فى إطار الظروف الاجتماعية والاقتصادية بما يتحمله الساكن ويحقق مصالح المالك، محذرًا من تمرير مشروع القانون الذى تقدمت به الحكومة لمجلس النواب، لما يحويه من آثار سلبية على المستأجرين لأنهم سيصد مون بقيمة الإيجارات المتروكة للعرض والطلب والتى قد تكون مبالغ فيها وغير متناسبة مع معدلات الدخل الخاص بهم. واقترح رئيس المجلس التخصصى للتنمية الاقتصادية التابع لرئاسة الجمهورية ورئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، حل قضية الإيجارات القديمة على مراحل تكون المرحلة الأولى هى تعديل نص القانون المقترح من الحكومة والاكتفاء بزيادة الإيجار بنسب معقولة وبذلك تكون الحكومة قد التزمت بحكم المحكمة الدستورية، وإصدار القانون قبل نهاية دور الانعقاد التشريعى الحالى. 1 2