فى صفحات مجلة «روزاليوسف»، حيث تجتمع الكلمة مع الصورة لتروى قصصًا تعكس واقعنا وتُبرز التحديات، يبرز اسم الفنان سامى أمين كأحد أبرز رسامى الكاريكاتير الذين أضافوا بصمتهم الخاصة على هذا الفن بأسلوبه المميز وقدرته على تحويل الأفكار إلى رسومات نابضة بالمعنى والعمق، نجح سامى أمين فى أن يصبح صوتًا بصريًا يعبر عن قضايا المجتمع ويلامس همومه بروح إبداعية فريدة. تميزت رسومات الفنان سامى أمين بالتركيز على الملامح البارزة للشخصيات، مع استخدام المبالغة لتأكيد هذه الملامح، مع الحفاظ على التناسق والجمال فى التكوين. تأثر فى بداياته بفنانين مثل شريف عليش وجورج البهجورى ورجائى ونيس، لكنه طور أسلوبه الخاص الذى يجمع بين التعبيرية واستخدام الألوان الزاهية. فى هذا الحوار، نقترب أكثر من عالمه الفنى، لنكشف عن أسرار الريشة التى صنعت هذا الإبداع، وعن رؤيته لدور الكاريكاتير فى معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية، وكيف استلهم طريقه فى هذا الفن الراقى.
يقول الفنان سامى أمين رسام الكاريكاتير والبورتريه بمجلة روزاليوسف: التحقت فى أواخر سنة 1986 بمجلة صباح الخير؛ حيث كنت أقوم برسم رسوم توضيحية illustrations وبعد فترة من العمل بها بدأت رسم البورتريه مع بداية وجود الأستاذ الراحل الكبير مفيد فوزى رئيس تحرير مجلة صباح الخير وحينها كنت أرسم «بورتريه» ولكن بحجم صغير وأعجب الأستاذ مفيد برسوماتى عندما رأى الأصل منها ودعمنى بشدة. وتابع أمين: الأستاذ مفيد فوزى كان له باب مع الفنان شريف عليش اسمه شاشة صباح الخير وهو يعتبر من أهم الأبواب فى الصحافة العربية وكان فيه شخصية مميزة فى الأسبوع نلقى الضوء عليها بالرسم وكان يكتب الأستاذ مفيد سطرين عليها وبالطبع كان هذا نوعًا من التوجه الجديد فى عالم الكاريكاتير لأن فى فن الكاريكاتير تعودنا على السخرية من الناس لكن هذا الباب كان يعتبر تكريما للشخصيات وعندما غادر أستاذ شريف، كلفنى الأستاذ مفيد فوزى برسم الباب، ومن هنا كانت بداية أن أشتهر كرسام بورتريه، كاريكاتير. ويقول الفنان سامى أمين إنه تأثر بفن الرسام الأجنبى لورى وهو رسام مشهور فى التايمز وتأثر أيضًا بفن الفنان الكبير جورج البهجورى والفنان رجائى ونيس، وذلك على الرغم من اختلاف الأسلوب والحقيقة الشيء الذى يلهمنى هو الشخصية نفسها وكيف يرى الفنان روحها لأن رسم الكاريكاتير يحتاج أن تفهم روح الشخصية لأننا نحن لسنا «مصورين فوتوجرافية» ولكن نحن نعمل رؤية للشخصية بالرسم ولدينا وجهة نظر فى الشخصية من خلال الرسوم وهذا ما يتميز به هؤلاء الفنانون. وتابع أمين: كنت أعجب بالفنان رجائى ونيس لأنه يصنع شفرة خاصة حيث كان يرسم خطوطا بسيطة جدا ولكن تلخص الشخصية وكان يعمل مبالغات شديدة جدا بجرأة ولكن فى محلها، لأن أحيانًا عندما تبالغ تهرب منك الشخصية، لأن فى الصحافة مطلوب من رسام الكاريكاتير أن يكون واضحا أى من النظرة الأولى الشخص الذى قمت برسمه يكون معروفا من هو وواضح من الذى أقصده، فكل شخصية لها لزمة معينة عليك أن تلاحظها كرسام وهناك أيضًا تركيبة معينة لجسم الشخصية وعلاقتها برأسه مع تعبيرات معينة وشخصيات لها طريقة معينة فى الضحك وهكذا.
ويقول الفنان سامى أمين، كان يوجد باب اسمه المحطة، كان يقوم به الأستاذ رشاد كامل رئيس تحرير صباح الخير حينها وكان يكتبه الأستاذ مفيد فوزى وبدأ يكون فيه رسومات صغيرة فى صفحة مثل معلومات طريفة وشىء خفيف وكان يختار شخصية، وفى وقت لم أكن أرسم البورتريه من الأساس قال لى نحتاج أن ترسم شخصية هل توافق وترسمها؟ وأنا فى ذلك الوقت كنت أرسم خمس أو ست رسومات فى تلك الصفحة وطالما أرسم الباب، سأستطيع القيام برسم الشخصية وبالفعل رسمتها وكانت الشخصية هى أستاذ أحمد بهاء الدين وهو أول رئيس تحرير لصباح الخير. وتابع: أقرب رسمة لقلبى كانت غلافًا لجورج بوش الأب فى مجلة صباح الخير وكانت وقتها فى حرب العراق وأفغانستان وحققت نجاحا كبيرا مع الناس وأيضًا رسمت بورتريه شارون فى صباح الخير أيضًا وحصلت على جائزة الصحافة من النقابة بعد رسمه. يقول الفنان سامى أمين: انضممت لمجلة روزاليوسف العريقة سنة 1990 وأعتز جدا بكل أعمالى فيها من البداية وحتى الآن وتميزت بنوع كاريكاتير وهو أننى أرسم بدون كتابة تعليق. البداية كنت أعمل مع الفنان عمرو سليم والفنان جمعة فرحات وعبد الحليم وكانت فترة جميلة جدا وبها ذكريات رائعة. وأصبح لى باب ثابت فى قسم الفن أرسم فيه شخصية الأسبوع وكانت ترسم على نصف صفحة وأحيانا صفحة وكان رئيس القسم حينها هو محمد عتمان وكان يعمل معه الأساتذة محمد هانى وعصام زكريا وأيمن فهمى. وفى تلك الفترة رسمت رسامين وشعراء وفنانين مثل الفنان فؤاد المهندس ونيللى وإلهام شاهين ومحمد صبحى ويوسف السباعى وغيرهم الكثير. أنا لا أعتمد فى طريقة الرسم على موضوعات معينة، فمثلا إذا كلفنى شخص بموضوع معين كتبه، أنا أضيف أبعادا جديدة للموضوع وأضيف شيئا برسوماتى. وفى نفس الفترة وهى التسعينيات رسمت لمقالات للأساتذة أسامة سلامة وإبراهيم عيسى وكرم جبر. يقول الفنان سامى أمين: روزاليوسف العمود الأساسى فيها هو الرسم الصحفى وهو شىء مهم فى روزاليوسف طوال الوقت، فهى مدرسة كبيرة فى الكاريكاتير والمدرسة الرائدة والأولى فى العالم العربى كله فى الكاريكاتير وبالتأكيد الاحتفاء ب100 عام روزاليوسف، شىء رائع، فنحن نستطيع أن نشاهد تاريخ مصر كله من خلال الرسوم التى قدمها رسامو الكاريكاتير، فإذا نظرت إلى الرسوم بدون كلام أو عنوان وقمت بترتيبها تاريخيًا بالتأكيد سترى تاريخ مصر والروح الشعبية والنقد والموضوعات ليست سياسية فقط بل هناك الاجتماعية والفنية والاقتصادية والأدبية والرياضية وكل شىء، حياة كاملة بالفعل، يجب الاحتفاء بقرن من تاريخ هذا الوطن من الممكن أن تخرجه من الكاريكاتير وهو شىء لا يوجد فى أى مطبوعة أخرى فى تاريخ مصر. وتابع أمين: فكرة انتمائى لمجموعة من الرسامين مبدعين تحدثوا عن تاريخ مصر هو شىء يدعو للفخر لأنهم رواد الكاريكاتير، وأعتز وأفخر بانتمائى لروزاليوسف فهو شرف كبير، روزاليوسف هى البيت الأساسى للكاريكاتير وأى رسام كان يريد أن يعمل فى الكاريكاتير كان يحلم أن ينضم إلى مؤسسة روزاليوسف وحتى الرسامين الذين نجحوا فى أماكن أخرى هم بالأصل أبناء روزاليوسف وتعلموا بها الفن وأصوله مثل صلاح جاهين وشريف عليش وجمعة فرحات وناجى كامل، روزاليوسف تكبر الموهبة وتتبنى الموهوبين، وأصبحت مؤسسة روزاليوسف ليست مجرد مكان نعمل به بل هى مدرسة نتعلم منها وفيها. يقول الفنان سامى أمين: إن فنانى روزاليوسف لهم طريقة وأسلوب ومبادئ فى العمل، ولديهم فكر مختلف ودائمًا أفكارهم مهمة جدا، الميزة التى لدينا ولا توجد فى أى مؤسسة صحفية أخرى هى أن رسام الكاريكاتير له رأى ووجهة نظر وهى صاحب الفكرة ورسوماته بمثابة مقالة لذلك من الممكن أن يوجه الرأى العام ويؤثر فيه وهى مسئولية بالطبع. كما أن لدينا رسامين بارعين فى الفن وغيرهم فى السياسة والرياضة ومختلف المجالات. الكاريكاتير كان يعمل به أجانب فقط ولكن روزاليوسف استطاعت أن تجعله مصريا واستوحت من تراثنا الفنى والروح الشعبية المصرية وهو أمر صعب على الأجنبى لأن المصرى يعرف كيف يضحك الناس ومشهور بال«إفيه». تابع الفنان سامى أمين رسام الكاريكاتير بمجلة روزاليوسف: إن الدخول لروزاليوسف لم يكن سهلا فى البداية وكان تحديا لأنك ستكون وسط عمالقة ولكن عندما تبذل مجهودا ويثقون بك الكل يدعمك ومن سمات روزاليوسف إنه لا يوجد لديهم حساسية و« الصغير بيكبروه» ومن أول عدد. أنا لا أنسى إيهاب شاكر وهو بالطبع من كبار رسامى الكاريكاتير فى المؤسسة فهو دعمنى وشجعنى بشكل كبير وقال للناس «ده بتاع شغل». لذلك أؤكد أننا فى روزاليوسف عائلة ومدرسة نتعلم بها من بعضنا البعض وتُخرِّج أجيالا وأجيالا. ويقول الفنان سامى أمين بخصوص باب التنكيت والتبكيت الذى قام برسمه وكان يكتبه الراحل الأستاذ الكبير عاصم حنفى: كان الأستاذ عاصم كاتبا ساخرا من نفس مدرسة الأستاذ محمود السعدنى وأحمد رجب وكان يكتب نقدا عن الأوضاع الموجودة حينها وقام بعمل هذا الباب على شكل فقرات ورشحنى للعمل فى هذا الباب الأستاذ الكبير الراحل عبد الله كمال رحمه الله، وهو كان رئيس تحرير روزاليوسف حينها، واستمر هذا الباب إلى عام 2011 تقريبا وكان أغلب الأعمال سياسية وأحيانا كان يوجد أيضا جرعة فن ورياضة ومن الرسومات المميزة حينها كانت لوزير المالية يوسف بطرس غالى ورغم أنه كان هناك انتقاد إلا أنه كان سعيدًا بالرسمة وبعث لى جواب شكر. رسمت أيضًا فى الرياضة مثلا كابتن حسن شحاتة وكابتن حسام حسن وفى السياسة أيضا رسمت صفوت الشريف وفتحى سرور وفى الفن رسمت هند عاكف على سبيل المثال. ويقول أمين: بالنسبة لباب حديث المدينة، الباب الأول كان اسمه خواطر فنية وكان أستاذ هانى عبد الله رئيس التحرير وقتها يقوم به مع الأستاذ الكبير مفيد فوزى وكان عمودا فى نصف صفحة وبعدها الأستاذ مفيد طلب أن يكون صفحة كاملة وطلب أن أرسم هذا الباب، وبعدها قمت باتفاق مع أستاذ مفيد أن نجعله صفحتين ونفتح فيه باب الفن، وتكون هناك شخصية نرسمها كل أسبوع. وعندما تولى الأستاذ أحمد الطاهرى رئيس التحرير منصبه اقترح على أستاذ مفيد فوزى أن يكون الباب فى أول المجلة وذلك لأن الفن فى آخر المجلة، ومن هنا تحول الباب إلى حديث المدينة وغلب عليه الطابع السياسى أكثر، واستمررنا به إلى أن توفى الأستاذ مفيد فوزى رحمه الله. الحقيقة أن أستاذ مفيد فوزى كانت لديه طاقة تساوى ألف شاب وهو أول من قام بتقديمى فى مجلة صباح الخير وكانت فرصة سعيدة لنا أن نلتقى بعد سنوات طويلة فى مؤسسة روزاليوسف العريقة. وكان قد كتب عنى أستاذ مفيد وقال «الرسام الفنان الذى يشاركنى الخواطر الفنية ويرسم بمهارة وذكاء الشخصية التى اختارها كل أسبوع هو ( سامى أمين) وهو هادئ الطباع متفاهم، وله اقتراحات فى الشخصية التى نعمل عليها، وكان سامى أمين يرسم الشخصيات التى كنت أختارها فى الباب السياسى ( شاشة صباح الخير) عندما كنت رئيسًا لتحرير صباح الخير على مدى 8 سنوات ثم قدمت (حديث المدينة) سنوات وسنوات، كان (سامى أمين) رفيق الطريق ونعم الرفيق». والحقيقة أن أستاذ مفيد له موقف جميل لن أنساه وهو أنه فى أواخر شاشة صباح الخير أستاذ مفيد كان لا يقوم بالإمضاء باسمه بل كان يكتب «مشاهد» وفوق اسمى عند الرسمة وهو بالطبع تواضع كبير منه، حيث من الممكن أن يظن القارئ أن الصفحة كاملة لى وأننى من قمت بالكتابة أيضًا. ومن أشهر الشخصيات التى قمت برسمها بورتريه تذكارى على رأسهم السيدة انتصار السيسى قرينة رئيس الجمهورية وكانت ردود الأفعال عظيمة عليه ورسمت أيضًا هالة سرحان، والفنان محمد صبحى والفنان عادل إمام وغيرهم الكثير. وآخر بورتريه كان للدكتور مجدى يعقوب ابن مصر وحصل على إعجاب الكل الحمد لله. يقول أمين: أنصح الشباب الراغبين فى الدخول لعالم الكاريكاتير أن يدرسوا التكنولوجيا، ويعرفوا كل المستجدات ويجب أن يكون رسام الكاريكاتير قارئا جيدا ومثقفا ولديه معرفة فى السياسة وكل نواحي الحياة، وأن يكون لديه الوعى ويهتم بالناس وقضاياهم. 2294 2299