بعض الاتهامات شرف لمن توجه إليه.. وما قاله على فتح الباب القيادى الإخوانى ووكيل مجلس الشورى فى حديثه لأخبار اليوم السبت الماضى عن انحياز «روزاليوسف» ضد الإخوان يصب فى هذا الاتجاه.. وإن كان فتح الباب وجماعته يرونها تهمة.. فنحن لا ننكرها بالتأكيد! «فتح الباب» قال هذا الكلام بمناسبة حديثه عن معايير اختيار رؤساء التحرير.. ولم يسأل نفسه لماذا «روزاليوسف» ضد الإخوان؟ ولو تأمل قليلًا لاكتشف الإجابة، إلا إذا كان لا يرى إلا من اتجاه واحد وزاوية واحدة. بصورة عامة. لسنا ضد أى فصيل سياسى يحترم مدنية الدولة.. ويسعى لتدشين موقفه وفقًا لهذا السياق.. بل نقف على مسافة واحدة من كل من يعلن هذا الأمر دون مواربة.. نرفع له القبعة بمزيد من الترحيب.. نتقبله بالترغيب لا الترهيب. لكن واقع الأمر أن كثيرًا من أفكار وتصرفات الإخوان المعلنة تتقاطع مع الدولة المدنية وترفضها! فى معركة انتخابات الرئاسة لم ننحز إلى مرشح على حساب الآخر، وأعطينا الجميع مساحات متساوية، سواء من عرض الأفكار والآراء أو المعارضة لبعض المواقف أو كشف الحقائق.. فى انتخابات الإعادة نال الفريق شفيق نفسه مساحة النقد التى نالها الدكتور مرسي دون انحياز لطرف على حساب الآخر. أما مواجهتنا ومعاركنا فهى ضد الأفكار المتطرفة. لقد حملت هذه المجلة منذ نشأتها على عاتقها عبء الدفاع عن الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة.. وهى حقوق لن تتوافر إلا فى ظل دولة حديثة مدنية. كل المواطنين فيها سواء.. دولة ترفض الظلم والظلام.. لو تدبر فتح الباب قليلًا لاكتشف كم الأخطاء التى وقعت فيها الجماعة على مدار تاريخها.. ولو قرأ مذكرات د. محمد حبيب وثروت الخرباوى وعبدالمنعم أبوالفتوح لعرف كيف تدار الجماعة، ولو قرأ فتاوى الشيخ عبدالله الخطيب بتحريم بناء الكنائس لاكتشف أن جماعته تقسم مصر وشعبها وتمزق النسيج الواحد الذى ظل طوال تاريخ بلدنا الحامى لها وحصن أمانها.. لم نكن نحن الذين أهنا نصف المجتمع المصرى وقلنا لا يتزوج الإخوانى إلا من إخوانية لأنها الأعلى والأفضل، ثم يتزوج الابن من فتاة غير محجبة ولا يجد القيادى بالجماعة ردًا سوى أن الابن كافر. لم يكن أعضاؤنا من أفتوا بعدم جواز تولى المسيحى والمرأة رئاسة الجمهورية ولم نقل يومًا أن المسلم الماليزى يمكنه حكم مصر. لم نكن نحن الذين وعدنا وأخلفنا عندما تمكنا وأصبحت لنا الأغلبية فى البرلمان ونسينا الحديث النبوى الشريف الذى يحدد فيه آية من آيات النفاق «إذا وعد أخلف» قال الإخوان إنهم لن يترشحوا إلا على ثلث مقاعد البرلمان، ثم حصلوا على 47 % من المقاعد فى مجلس الشعب 59 % فى الشورى، قال الإخوان لن نرشح رئيسًا ثم رشحوا الشاطر وبعد خروجه قدموا مرسي. قال الإخوان إنهم سيدعمون حكومة الجنزورى ثم حاولوا سحب الثقة منها دون جدوى.. قال الإخوان إنهم لن يسيطروا على الجمعية التأسيسية للدستور، ثم استحوذوا عليها مرتين، الأولى ألغاها القضاء، والثانية ما زالت المعركة مشتعلة حولها، وفى طريقها إلى الإلغاء بعد حكم المحكمة الدستورية. لقد حاول الإخوان الاستئثار بكل مؤسسات الدولة والهيمنة عليها من الأزهر إلى المحكمة الدستورية مرورًا بالجهاز المركزى للمحاسبات من خلال سن قوانين على مقاس الجماعة.. وآخر هذه المؤسسات التى يحاولون اختراقها الصحافة القومية. نحن لسنا ضد تغيير رؤساء تحرير الصحف وأزعم أن معظمهم غير متمسكين بمناصبهم، وكلهم جاءوا فى ظروف صعبة واستطاعوا تهدئة الأجواء داخل مؤسساتهم ونجحوا فى العودة بالصحف إلى الشعب بعد أن كانت معبرة عن نظام مبارك، لكن الاعتراض الحقيقى على بعض معايير الاختيار التى تشعل الحرائق فى المؤسسات الصحفية وتهين الصحفى وتريق ماء وجهه. بعض المعايير جيدة، لكن التعامل مع الصحفيين باعتبارهم طالبى وظيفة لا يجوز، وأن تضم لجنة الاختيار والتقييم شخصيات غير صحفية أمر غير مقبول، والأخطر ما يتم التفكير فيه بإلزام المؤسسات الصحفية بتعيين نائب رئيس مجلس إدارة يختاره مجلس الشورى ليكون رقيبًا على التصرفات المالية وهو وضع ينذر بالخطر، فهذا الشخص - أيًا كان - سيصبح له اليد العليا والآمر الناهي، والخطر الأكبر أن يتحول إلى رقيب على المطبوعات فى المؤسسة بدعوى أن هذه التحقيقات والمقالات مردودها غير جيد على التوزيع أو إجبار رؤساء التحرير على نشر مواد بعينها من أجل زيادة الإعلانات أو غيرها من الموارد.. وهكذا ستعود الصحافة إلى فترة الخمسينيات والستينيات عندما كان الرقيب يحدد ما ينشر ويحذف ما يشاء.. وعندها تتحول الصحف القومية مرة أخرى إلى جريدة واحدة بأسماء متعددة، وبدلًا من أن تكون معبرة عن الشعب تصبح مدافعة عن النظام. لقد قال فتح الباب إنه يتمنى أن يرى مقالًا يدافع عن الإخوان المسلمين فى «روزاليوسف».. ونحن نقول له: لو أعلنت جماعة الإخوان وحزبها أنها مع الدولة المدنية الحقيقية ولو تصرفت بما يؤكد ذلك وأنها تعمل لصالح مصر لا لصالح الجماعة، ومن أجل الإسلام الحقيقى لا من أجل الإخوان عندها ستكون صفحات «روزاليوسف» مخصصة للدفاع عنهم ولصالحهم.