حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضانك مصرى.. حكايات أغانى الأعياد.. عنوان بهجة المصريين بعد وداع شهر الصيام "4"

لم تكن تعرف وقتها السّت كوكب الشرق أم كلثوم أنها ستحصل بسببها على لقب صاحبة العصمة الخاص بأميرات الأسرة المالكة؛ بل ونَيْل نيشان الكمال أهم وسام البلاد وقتها من الملك فاروق مع وسام الفرحة التى عاشت فى قلوب المصريين وامتدت عبر مختلف الأجيال رغم مرور أكثر من 85 سنة عليها..
«يا ليلة العيد آنستينا وجدّدتى الأمل فينا، هلالك هلّ لعينينا فرحنا له وغنّينا، وقلنا السعد حيجينا على قدومك يا ليلة العيد، جمعت الأنس ع الخلان ودار الكاس على الندمان، وغ نى الطير على الأغصان يحيى الفجر، يا ليلة العيد آنستينا وجدّدتى الأمل فينا»... كلمات تعلن عن قدوم فرحة العيد ولمّة الأسر المصرية لإعداد صوانى الكعك أيام زمان مع فرحة الأطفال بالعيدية والملابس الجديدة.
«ياليلة العيد» وش السعد على أم كلثوم
كل ليلة عيد نسمعها وهى تشدو بكلماتها كأن العيد لم يكتمل إلا بصوتها الشجى الرخيم فتطل سيدة الغناء العربى وكوكب الشرق أم كلثوم معلنة ومبشرة ببهجة انطلاق قطار العيد ليزف نسمات السعادة والفرح والسرور إلى قلوب المصريين صغارًا وكبارًا على حد سواء.
وعلى الرغم من مرور أكثر من 85 عامًا على أغنية «ياليلة العيد»؛ فإنها تظل حتى يومنا هذا ونحن فى عام 2024 هى الأشهَر على الإطلاق فى إحياء أجواء العيد المبهجة... والطريف وكما هو مذكور فى التصريحات والقصص الصحفية أن السبب وراء هذه الأغنية التى تعد كما يقال (وش السعد) على السّت أم كلثوم هو رجُل بائع بسيط سَمعته أم كلثوم وهى ذاهبة إلى مبنى الإذاعة القديم، فى شارع الشريفين وسط البلد، لتسجل إحدى أغانيها، وكان الرجُل ينادى على بضاعته ويقول «يا ليلة العيد أنستينا»، لتتعلق بالكلمات بشكل غريب فتخرج الأغنية للنور وتكتب شهادة نجاحها التى استمرت على مدى الحياة.
وعلى الفور وعقب دخولها إلى الاستديو طلبت أم كلثوم من الشاعر بيرم التونسى أن يكتب لها أغنية للاحتفال بالعيد، وأن يكون مطلعها هذا المقطع الذى سمعته من البائع، وبالفعل شرع «التونسى» فى كتابة الأغنية ولكنه لم يكملها وقتها لمرضه المفاجئ، فطلبت السّت أم كلثوم من أحمد رامى أن يكمل الأغنية، التى بدأها «بيرم» ولحنها زكريا أحمد، وغنتها أم كلثوم لأول مرّة على الهواء مباشرة مساء ليلة عيد الأضحى المبارك عام 1937.
ويقال إنه عقب صدور الأغنية بعامين، تم إعادة التلحين على يد الموسيقار رياض السنباطى، يوم وقفة عيد الفطر المبارك عام 1939 لتصبح بصورتها النهائية التى عرفناها حتى الآن.
ما لا يعرفه الكثير أيضًا أن هذه الأغنية قدمتها أم كلثوم فى فيلم (دنانير)، الذى لعبت بطولته أمام سليمان نجيب وعباس فارس وفؤاد شفيق ومن إخراج أحمد بدرخان، وصادف أيضًا أن عرض الفيلم فى صالات السينما، أول مرّة، كان خلال شهر رمضان المبارك؛ حيث يترقب الناس، بعد انتهائه، مجىء عيد الفطر السعيد، فتكوّن انطباع لدى الناس أن الأغنية كُتبت ولحنت وغنيت خصوصًا للعيد القادم.
واللافت أن أم كلثوم أصرت على حذفها لاحقًا من أحداث الفيلم، لترتبط أكثر بليلة العيد، ولتغنيها فى حفلات خاصة، ويزول ارتباطها بمَشاهد الفيلم.
المفاجأة أن قصة تلك الأغنية المحظوظة لم تنتهِ بعد، حتى جاءت الحفلة الأشهَر التى غنت فيها أم كلثوم هذه الأغنية فى حضور ملك مصر، الملك فاروق، فى عيد جلوسه، الذى أقيم بملعب مختار التتش، أو النادى الأهلى حاليًا؛ حيث كانت أم كلثوم تقدم حفلات كثيرة فى النادى «الأهلى» خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات.
كما ذكر أيضًا وتحديدًا فى يوم وقفة عيد الفطر عام 1944، بدأت أم كلثوم وصلتها الأولى فعزفت الفرقة «ذكرياتى» لمحمد القصبجى، وغنت سيدة الغناء العربى، بَعدها «رق الحبيب» وكانت «ليلة العيد» هى أغنية الوصلة الثانية، وما إن غنت أم كلثوم المَذهب الأول، وبعد أقل من دقائق من بداية الوصلة، بدأت حركة غريبة تدب فى المكان، وإذ بمحمد حسين حلمى بك يهمس فى أذن رئيس النادى الأهلى أحمد حسنين باشا، فينهض من مكانه مسرعًا نحو البوابة، ثم لحظات وتتوقف أم كلثوم وفرقتها عن الغناء.
بدأت تعلو أصوات الهتاف من الحاضرين «يعيش جلالة الملك.. يعيش فاروق ملك مصر والسودان»، والكل يصفق، فقد حضر الملك فاروق بسيارته الشخصية ودون سابق إخطار.
دخل الملك فاروق الحفل وجلس على طاولة أحمد حسنين باشا، وكان حينها رئيسًا للنادى وللديوان الملكى، مع توقف الحفلة، وما كان يدور فى فكر أم كلثوم وقتها هو كيف يمكنها الاستفادة من هذه المفاجأة لصالحها، حتى ولو كان خارج تخطيطها، فكانت الفكرة الأهم ليست أن تغنى بشكل جيد وتبدع، فهذا أمر مفروغ منه، ولكن بدأت تفكر أنها يجب أن تضيف شيئًا يكون به خصوصية أكثر للملك.
فكان المقطع الأخير من الأغنية، والذى كتبه رامى لأحداث الفيلم يقول: «يا دجلة مَيّتك عنبر.. وزرعك فى الغيطان نور.. يعيش هارون يعيش جعفر ونحيى لهم ليالى العيد»، وبعد حذف الأغنية من الفيلم، غيَّر «رامى» الكلمات فمن «يا دجلة» إلى يا «نيلنا ميتك سكر»، ومن «يعيش هارون وجعفر» إلى «تعيش يا نيل وتتهنى».
التقطت أم كلثوم الخيط من هنا، وفكّرت فى الرجوع إلى الأصل وتبديل كلمة «نيل» ب «فاروق»، أيضًا تورية الكلام فى الغناء وكأنه للملك، فغنت وبالطبع وهى تنظر للملك «هلالَك هل علينا.. فرحنا له وغنينا وبكرة السعد حيجينا على قدومَك فى ليلة العيد»، كان الهتاف يعلو من الحاضرين للملك.
وكان الارتجال الأكثر ذكاءً وسرعة بديهة، فقررت أن تختار مقطعًا يناسب الموقف وهو ليلة العيد؛ حيث يمكن أن يكون الكلام وكأنه موجَّه للملك، ليصبح المقطع الذى غيرت فيه «ثومة» بذكائها الشديد بعض كلماته كالآتى «يا نيلنا ميتك سكر.. وزرعك فى الغيطان نور.. يعيش فاروق ويتهنى ونحيى له ليالى العيد.. حبيبى زى القمر قبل ظهوره يحسبوا المواعيد.. حبيبى زى القمر يبعث نوره من بعيد لبعيد.. والليلة عيد ع الدنيا سعيد عز وتمجيد لك يا مليكى...».
الموقف أثار غبطة الملك ورضاه، فأنعم عليها ب «نيشان الكمال»، الذى يقال إنه يمنح للسيدات فقط؛ حيث استدعاها بعد الحفل وصافحها، وأعلن مذيع الحفل أن «الملك فاروق أنعم على الآنسة أم كلثوم بنيشان الكمال».. وأصبح لقبها بَعدها «صاحبة العصمة»، وهو اللقب الذى لا يمنح سوى لأميرات الأسرة المالكة.
وتمر السنوات ونسعد بالأعياد جيلًا وراء جيل، ويظلّ الناس يرددون مع أم كلثوم، كلمات هذه الأغنية المميزة حتى يومنا هذا، ليس فى مصر فقط بل على مستوى الوطن العربى بأكمله مما جعلها واحدة من روائع الأغنيات التى عبّرت عن العيد وقدومه، بل أروعهم على الإطلاق.
منافسة «أهلاً بالعيد» لصفاء أبو السعود
النجاح الكبير الذى حققته «يا ليلة العيد» لكوكب الشرق ورغم مرور سنوات عدة كان سببًا رئيسيًا فى تردد الفنانة الكبيرة صفاء أبو السعود فى الموافقة على غناء أغنيتها الشهيرة «أهلا بالعيد» خوفًا من المقارنة مع سيدة الغناء العربى.. إلا أن الموسيقار الكبير الراحل د.جمال سلامة استطاع أن يقنعها بلحن الأغنية والكلمات للشاعر الكبير الراحل عبدالوهاب محمد، وتم تصويرها بالقرب من جامعة القاهرة وداخل حديقة الحيوان بالجيزة، ولم تتكلف الكثير ماديًا؛ حيث قام المخرج شكرى أبو عميرة بإخراجها، وأنتجها التليفزيون، وتم طرح الأغنية للعرض، وحققت نجاحًا كبيرًا فاق توقعات الجميع وقتها... حتى احتلت قلوب المصريين وأصبحت أشهَر أغانى الأعياد بلا منازع بل وشريكا رئيسًا فى ذكريات كل بيت مصرى مرددًا كل عيد «أهلًا أهلًا بالعيد.. مرحب مرحب بالعيد.. العيد فرحة وأجمل تجمع شمل قريب وبعيد.. سعدنا بيها بيخليها ذكرى جميلة لبَعد العيد.. غنوا معايا غنوا.. قولوا ورايا قولوا.. كتر يا رب فى أفراحنا وإطرح فيها البركة وزيد.. جانا العيد أهو جانا العيد..».
«الليلة عيد»
واستطاعت الفنانة الجميلة ياسمين الخيام رسم البهجة والفرحة بأجواء العيد من خلال أغنيتها ذات الطابع الخاص «الليلة عيد» رغم كلماتها الرومانسية التى تتعلق بالعاطفة والحب حين تغنى «شوفوا الزهور شوفوا الطيور كانت زمان حلوين كده.. شوفوا السما شوفوا النجوم كانت زمان بالشكل ده»، ثم تكمل «عيدنا صباحه ابتسم للحب والأفراح والسعد وعد يا قلبى وانت مسانا صباح».
كلمات الشاعر الكبير الراحل عبدالسلام أمين وألحان الموسيقار العظيم الراحل أحمد صدقى زادت من جمال الأغنية التى أصبحت تنافس أشهَر أغانى الأعياد فى فترة الثمانينيات وحتى يومنا هذا بصوت الخيام العذب المميز فلاقت نجاحًا كبيرًا وقتها وتربعت على عرش قلوب المصريين.
«ياكحك العيد»
فيما تعتبر أغنية «يا كحك العيد» من أبرز الأغانى المعبرة عن التراث الشعبى المصرى التى تناقلها الفلاحون فى الدلتا وشمال الصعيد، وتغنى بها العديد من المطربين بين حين وآخر، ولكن من أشهَر مَن أدى تلك الأغنية هى الفنانة الكبيرة فاطمة عيد، والتى تقول: «يا كحك العيد يا احنا.. يا بسكويت يا احنا.. يا شرباتات يا احنا.. فالكوبايات يا احنا.. يا فناجين يا احنا.. يا مرصوصين يا احنا.. يا مهلبة يا احنا.. عند البياع يا احنا.. يا عود ملوخية يا احنا.. على العربية يا احنا.. يابلح بريمو يا احنا.. يتباع بالكيلو يا احنا.. ياشرباتات يا احنا..فى الكوبيات يا احنا».
كلمات وحدها كافية لتجعلك تعيد شريط ذكرياتك فى ليلة العيد أو الوقفة كما نطلق عليها مع لمة وتجمعات الأسر والأقارب والأصدقاء والجيران أثناء إعداد صوانى الكعك المصنوع فى البيت بمذاقه الخاص المميز وتوصيلها لأفران المخابز قديما... مشهد جميل لم تجده إلا فى مصر وأحيائها الشعبية العريقة، فلم يمل أبدًا مخرجو السينما المصرية والدراما التليفزيونية من تكراره فى العديد من الأفلام لوصف مشاعر المصريين وفرحتهم بقدوم عيد الفطر المبارك بعد الفوز بصيام شهر رمضان الكريم.
الميزة الحقيقية فى صناعة الكحك تلك العادة القديمة التى اكتسبتها الأسر المصرية من زمن الأجداد والتى لم نتداركها وقتها إلا مع مرور الوقت، ليس فقط فى إعداده يدويًا أوالتوفير فى الإمكانيات المادية حسب الميزانية؛ بل الأجمل هو الاستمتاع بأجواء العيد المبهجة التى قد نفتقد جزءًا كبيرًا من تفاصيلها حاليًا؛ خصوصًا مع التطور التكنولوجى وظهور العديد من الأجهزة المنزلية التى نستخدمها فى إعداد الكحك مع اعتياد الكثير من الناس مؤخرًا على شرائه جاهزًا توفيرًا للوقت والمجهود.
فكانت الأسر تستعد لعيد الكحك أو عيد الفطر المبارك من النصف الثانى من شهر رمضان فتبدأ فى إعداد مكوناته وخاماته؛ بل تتجمع فى منزل العائلة لصناعته وتظل لمدة ثلاثة أيام متتالية تتفنن فى صنع الكحك وتشكيل العجين وعمل البسكوت بأشكاله المختلفة لتهدى به الأحباب من الأقارب والجيران.
ومن المعروف أن كعك العيد.. عادة فرعونية، ارتبطت باحتفالات وأفراح الفراعنة، وقد امتدت هذه الصناعة من عهد الأسر الفرعونية إلى عصور الدولة الإسلامية وصولًا إلى القرن ال21.
وكان القدماء المصريون يطلقون عليه «القرص»؛ حيث كانوا يشكلون الكعك على شكل تميمة الإله «ست» كما وردت فى أسطورة إيزيس وأوزوريس، وهى من التمائم السحرية التى تفتح للميت أبواب الجنة، وكانوا يتقنون تشكيله بمختلف الأشكال الهندسية والزخرفية، كما كان البعض يصنعه على شكل حيوانات أو أوراق الشجر والزهور، ووفقًا لما جاء بكتاب «لغز الحضارة المصرية» للدكتور سيد كريم؛ فإن من أبرز الشواهد على أن هذه الصناعة «فرعونية» النشأة أنه كانت هناك صورًا مفصلة لصناعة كعك العيد فى مقابر طيبة ومنف، من بينها صور على جدران مقبرة «رع» من الأسرة الثامنة عشرة.
وأحيانًا كان القدماء المصريون يقومون بحشو الكعك بالتمر المجفف أو (العجوة)، أو التين ويزخرفونه بالفواكه المجففة كالنبق والزبيب، ووجدت أقراص الكعك محتفظة بهيئتها ومعها قطع من الجبن الأبيض وزجاجة عسل النحل.
أمّا التاريخ الإسلامى فيُرجع صناعة الكعك إلى عهد الدولة الطولونية؛ حيث كان يصنع فى قوالب خاصة مكتوب عليها «كل واشكر»، وقد احتل مكانة هامة فى عصرهم، وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر.
أمّا فى عهد الدولة الإخشيدية فقد كان الوزير «أبو بكر الماذرائى» مُهتمًا بصناعة الكعك فى العيد، فكان يحشوه بالدنانير الذهبية، وأطلقوا عليه وقتئذ اسم «أفطن إليه» أى انتبه للمفاجأة التى فيه، ولكن تم تحريف الاسم إلى «انطونله»، وتعتبر كعكة «أنطونله» أشهر كعكة ظهرت فى هذا الوقت وكانت تقدم فى دار الفقراء على مائدة طولها 200 متر وعرضها 7 أمتار.
وفى عهد الدولة الفاطمية كان الخليفة الفاطمى يخصص مبلغ 20 ألف دينار لعمل كعك عيد الفطر، فكانت المصانع تتفرغ لصنعه بداية من منتصف شهر رجب، وخصصوا من أجل صناعته إدارة حكومية تسمى «دار الفطرة»؛ حيث كانت تقوم بتجهيزه وتوزيعه، وكان الخليفة يتولى توزيعه بنفسه.
كما اهتم المماليك أيضًا بصناعة كعك العيد وتقديمه إلى الفقراء بل أعتبروه من الصدقات، فيما استمرت المحافظة على صناعة الكعك فى العصر العثمانى؛ حيث اهتم سلاطين بنى عثمان بتوزيع الكعك فى العيد على المتصوفين ورجال الدين.
أمّا العيدية والتى يعود أصلها للعصر الفاطمى فكانت تسمى بالرسوم أو التوسعة وكانت توزع على الأطفال فى شكل دنانير ذهبية وثياب جديدة بمناسبة قدوم العيد.
وفى العصر المملوكى، كانت تعرف العيدية باسم «الجامكية»، أى المال المخصص لشراء الملابس على حسب ما ذكرته بعض الروايات والقصص التاريخية وكانت توزع حسب المكانة الاجتماعية للشخص، لذلك كان أصحاب المقامات العليا مثل الأمراء توزع عليهم دنانير ذهبية، وطعامًا فاخرًا وقطع حلوى، وكانت تعطى على سبيل هدية من الحاكم.
وفى وقتنا الحالى، تعد العيدية مظهرًا أساسيًا من مظاهر العيد لدى المصريين صغارًا وكبارًا، فتحرص العديد من الأسر على إهداء أطفال العائلة بالعيدية لتبادل المحبة وإدخال السرور عليهم بقدوم أيام عيد الفطر المبارك، حتى إنها أصبحت أيضًا عادة اجتماعية جميلة يحرص عليها الخطيب عند زيارة خطيبته كل عيد وكذلك الزوج مع زوجته تعبيرًا عن مشاعر الحب والفرح.
أهلًا.. أهلًا بالعيد..
كل سنة وحضراتكم طيبين.
1
2
4
5


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.