الحدود الشرقية هى حقل ألغام ينفجر منه لغم كل يوم فيكون الانفجار هناك والتبعات هنا.. 75 عامًا ونحن نكتوى بنار تلك الحرب المستمرة... قادت مصر حرب 1948 واشتبكت مع إسرائيل سياسيًا وعسكريًا من وقتها، ومرورًا بالعدوان الثلاثى فى 1956 حتى حرب 1967 والتى فقدنا فيها جزءًا غاليًا وعزيزًا وخضنا حرب 1973 بعد سنوات من معارك الاستنزاف وفقدنا آلافًا من أرواح شهدائنا حتى حررنا سيناء الغالية. دخلنا مفاوضات وتعرضنا لضغوط وحصار عربى اقتصادى رغم أن اتفاقية السلام كانت فرصة فريدة لحل الصراع «العربى - الإسرائيلى» لو اصطف الفلسطينيون والسوريون والعرب خلف الرئيس السادات وقتها. حاربت مصر لوقف عمليات التطهير العرقية ضد إخوتنا فى فلسطين وجنوب لبنان واستقبلت آلاف الجرحى للعلاج فى مصر فى كل مرة كانت تتجدد فيها المعارك والمجازر ضدهم دعمنا فصائل المقاومة وحق الفلسطينيين فيها وأعدنا فتح ملف التفاوض واستطعنا مساعدتهم فى اقتناص قطاع غزة ولا ينسى أحد المشهد التاريخى لدخول الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات لقطاع غزة بصحبة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وتسليم القطاع للفلسطينيين. حتى عندما اجتاح الإخوة الفلسطينيون الحدود عقب انقلاب منظمة حماس على السلطة الشرعية فى القطاع وتعرض القطاع للحصار تحملنا تبعات ذلك وسمحت لهم القيادة السياسية بالبقاء لأسبوع لم يتعرض فيه لهم أحد، رغم استشهاد رائد من قوات حرس الحدود برصاص حمساوى وإصابة عدد من الجنود. هى حدود من نار مشتعلة منذ 75 عامًا لم تعرف الهدوء يومًا بذلنا ونبذل وسنبذل من أجلها المال والدماء وكل نفيس وغالٍ، ولكن تبعات ما يحدث خلف هذه الحدود يؤثر على مصر اقتصاديًا وسياسيًا ونفسيًا ويربك خطط الدولة للتنمية وسياستها الخارجية ودبلوماسيتها وموازنتها العامة. لم تتأثر علاقة وارتباط مصر بالقضية الفلسطينية باختلاف القيادة السياسية؛ بل كلما تأزمت الأوضاع ازدادت قوة الترابط، فقد أعلن الملك فاروق عن مشاركة الجيش المصرى فى حرب 1948 للإسهام فى إنقاذ فلسطين. بينما كان الرئيس جمال عبدالناصر يعتبر القضية الفلسطينية جزءًا من الأمن القومى المصرى، واختلف الأمر قليلًا فى ظل قيادة الرئيس السادات بعد توقيع معاهدة «كامب ديفيد» بعد تحقيق نصر أكتوبر العظيم، فكان اهتمام مصر منصبًا نحو تحقيق السلام مع المطالبة بحصول الشعب الفلسطينى على كامل حقوقه. وعلى النهج نفسه، كان الرئيس الأسبق مبارك والذى شهدت فترة حكمه تطورات عديدة وحادة، وقفت فيها مصر لتحقيق الاستقرار فى هذه المنطقة الملتهبة من حدود مصر الشرقية. واستمرت القضية على رأس أچندة الأولويات المصرية خلال سنوات الفوضى التى أعقبت «الربيع العربى»، فمع تعدد تهديدات الأمن القومى المصرى، كانت تهدئة الجانب الشرقى لمصر أحد المحاور الأساسية لاستعادة الأمن الحدودى المصرى. ومنذ عام 2011، عكفت الدولة المصرية على إتمام المصالحة «الفلسطينية - الفلسطينية»، بين حركتى حماس وفتح، وتم فتح معبر رفح وفقًا لترتيبات أمنية جديدة بالتنسيق مع الحركتين تجنُّبًا لاتهام مصر بتعزيز الانقسام وجاء الإعلان عن هذه الترتيبات الجديدة لإدارة معبر رفح عقب توقيع اتفاق المصالحة فى نهاية أبريل عام 2014. ومع تولى الرئيس السيسى للحكم فى يونيو 2014، ظلت القضية الفلسطينية قضية محورية ومركزية لمصر، فبذلت مصر العديد من الجهود لوقف إطلاق النار لتجنُّب المزيد من العنف وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطينى، فضلا عن الجهود الإنسانية التى قدمتها مصر من خلال فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين والمساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطينى. جذور القضية الفلسطينية فى الثانى من نوفمبر عام 1917 صدر «وعد بلفور» الذى منحت بموجبه بريطانيا حقًا لليهود فى تأسيس وطن قومى لهم فى فلسطين، بناء على المقولة المزيفة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض». بهذا الوعد تحققت العبارة الشهيرة «لقد أعطى من لا يملك وعدًا لمن لا يستحق» وكان هذا الوعد بمثابة الخطوة الفعلية الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين استجابة لرغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب وفى أرض متجذر فيها منذ آلاف السنين. وتمكَّن اليهود من استغلال هذا الوعد المشئوم ومن ثم صك الانتداب، وقرار الجمعية العامة الصادر عام 1947 القاضى بتقسيم فلسطين إلى دولتين منفصلتين، إحداهما يهودية والثانية عربية على أن تصبح القدس مدينة دولية، ليحققوا حلمهم بإقامة دولة إسرائيل. وفى عام 1948 غادر البريطانيون الذين كانوا يحكمون المنطقة فأعلن الزعماء اليهود تأسيس دولة إسرائيل فى الخامس عشر من مايو عام 1948. على إثر ذلك اندلعت حرب فلسطين بمشاركة قوات من الدول العربية وبعد انتهاء القتال بهدنة فى العام التالى، كانت إسرائيل قد سيطرت على معظم المنطقة ونزح مئات الآلاف من الفلسطينيين أو أجبروا على ترك منازلهم فيما عُرِف ب«النكبة». وبعد نكسة يونيو عام 1967 احتلت إسرائيل القدسالشرقية والضفة الغربية فضلا عن معظم مرتفعات الجولان السورية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء. ارتباط شامل على مدار عقود ومنذ عام 1948 ظلت القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى، احتلت مساحة كبيرة من الاهتمام المصرى، تغيرت الأزمنة والظروف الداخلية والخارجية والنظم والسياسات ولكن ظل ارتباط مصر بالقضية الفلسطينية ثابتًا وكبيرًا. ارتباط دائم تمليه اعتبارات الأمن القومى المصرى وروابط الجغرافيا والتاريخ والدم، لذلك لم يكن الموقف المصرى من القضية الفلسطينية فى أى مرحلة يخضع لحسابات المصالح أو ورقة لمساومات إقليمية أو دولية. وعلى مدى عقود سعت مصر لدفع عملية السلام وحل القضية القضية الفلسطينية، واتخذت السلام طريقًا استراتيچيًا للحفاظ على مقدرات وحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة، فى إطار مبدأ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، ووفقًا للمبادرة العربية للسلام لعام 2002، ومقررات الشرعية الدولية بهذا الشأن. وظل الموقف المصرى بمواصلة المساعى الدءوبة لدعم حل الدولتين، وإقامة دولة الفلسطينية والتوصل لتسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية ثوابت لا تتغير ولا تتأثر. الموقف المصرى الاهتمام المصرى الدائم بالملف الفلسطينى على جميع المستويات تم التأكيد عليه بشكل مستمر طوال مراحل الصراع «الفلسطينى - الإسرائيلى». وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مناسبات عدة استمرار مصر فى جهودها الدءوبة تجاه القضية الفلسطينية لكونها من ثوابت السياسة المصرية، ومواصلة بذل الجهود لاستعادة الشعب الفلسطينى لحقوقه المشروعة. وقد تضمن التأكيد المصرى المستمر على أهمية إبراز المسارين الأساسيين اللذين يلخصان الموقف المصرى من القضية الفلسطينية، الأول أهمية توحيد الجهود العربية والدولية لإعادة تنشيط مسار السلام فى فلسطين على أساس حل الدولتين، والمسار الثانى يتضمن التحرك بشكل أكبر لإنهاء حالة الانقسام التى يعانى منها الكيان الفلسطينى، وتحريك مسار المصالحة الوطنية وبناء قواعد الثقة بين الأطراف الفلسطينية. وفيما يتعلق بمسار السلام وإيجاد حلول سلمية للقضية الفلسطينية، دعمت مصر جميع المؤتمرات والمبادرات السلمية فى هذا الصدد، ولا تزال تتحرك فى هذا الصدد على قاعدة إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية، ضمن مسار «حل الدولتين». لذا كانت مواقفها المعلنة تؤكد دعمها الثابت والكامل للقضية الفلسطينية العادلة وللقيادة الفلسطينية الشرعية، وإصرارها على إحلال السلام والتوصل إلى تسوية تعيد للشعب الفلسطينى كامل حقوقه المشروعة من خلال إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدسالشرقية. وتتحرك مصر دائمًا وهى تواجه بشكل شبه دورى تداعيات جولات التصعيد المتكررة من جانب الاحتلال الإسرائيلى ضد قطاع غزة، والتى تطورت خلال الأشهر الأخيرة لتشمل عدة مناطق فى الضفة الغربية. لكن كانت جولات التصعيد ضد قطاع غزة دومًا هى الأكبر والأكثر صعوبة وهنا يتجلى بشكل واضح حجم وأهمية الدور المصرى فى مثل هذه المناسبات، ومن أقرب الأمثلة على ذلك، جولة التصعيد الحالية التى يشهدها قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضى وهى الأعنف منذ أعوام. المسار المصرى فى مثل هذه المناسبات يتضمن السير فى عدة مستويات مختلفة أبرزها وأهمها وقف العمليات العسكرية وفرض هدنة لدواعٍ إنسانية، ثم الانتقال بعد ذلك إلى وقف طويل الأمد لإطلاق النار سيرتبط بطبيعة الحال بشروط ومطالب متعددة من كلا الطرفين، وهو ما يحتاج إلى وسيط نزيه يتمتع بثقة الجانب الفلسطينى، ويرتبط فى الوقت نفسه بعلاقات مع الجانب الإسرائيلى تسمح له بممارسة مهام الوساطة. ولا تكتفى مصر فقط بالعمل على إيقاف التصعيد والقتال فمهام الإغاثة وإعادة الأعمار تظل جزءًا أصيلًا من هذا الجهد، وبجانب القوافل المتعددة من المساعدات المصرية التى تمر بشكل دورى عبر معبر رفح. قبل ثورة يوليو 1952 قبل ثورة 23 يوليو عام 1952 كان ما يجرى فى فلسطين موضع اهتمام الحركة الوطنية المصرية، وكانت مصر طرفًا أساسيًا فى الأحداث التى سبقت حرب عام 1948، ثم فى الحرب ذاتها كان الجيش المصرى فى مقدمة الجيوش العربية التى شاركت فيها ثم كانت الهزيمة فى فلسطين أحد أسباب تفجر ثورة 23 يوليو 1952 بقيادة الضباط الأحرار. وفى 28 مايو 1946 اجتمع ملوك ورؤساء وممثلو 7 دول عربية فى «أنشاص» للتباحث فى قضية فلسطين ومواجهة هجرة اليهود للأراضى الفلسطينية وفقًا لميثاق جامعة الدول العربية والذى ينص على وجوب الدفاع عن الدول العربية فى حال وقوع اعتداء. وقررت قمة «أنشاص» الدعوة إلى وقف الهجرة اليهودية وقفًا تامًا، ومنع تسرب الأراضى العربية إلى أيدى الصهاينة، والعمل على تحقيق استقلال فلسطين، واعتبار أى سياسة عدوانية موجهة ضد فلسطين، تأخذ بها حكومتا أمريكاوبريطانيا، هى سياسة عدوانية تجاه كل دول الجامعة العربية، بالإضافة إلى الدفاع عن كيان فلسطين فى حالة الاعتداء عليه ومساعدة عرب فلسطين بالمال وبكل الوسائل الممكنة. وفى ليلة 15 مايو عام 1948 بعد انتهاء الانتداب البريطانى على فلسطين، قامت القوات الإسرائيلية بقتل الفلسطينيين وتشريدهم وارتكاب الكثير من المذابح بحق الشعب الفلسطينى، فكان لا بد من أن يكون لمصر موقف إزاء ما يجرى على أرض فلسطين وبحق شعبها، فقررت القيادة المصرية دخول الحرب ضد القوات الإسرائيلية لنصرة الشعب الفلسطينى. وبهذا بدأت الحرب العربية - الإسرائيلية الأولى وفى بداية المعارك حقق الجيش المصرى انتصارات كثيرة، واسترد بعض المناطق التى كانت تحتلها القوات الإسرائيلية، ولكن مع استمرار القتال تدخل مجلس الأمن ودعا لهدنة بين الأطراف المتحاربة ولم تلتزم إسرائيل بالهدنة لأنها تريد الاحتفاظ بالأرض. وبعد انتهاء القتال بالهدنة كانت إسرائيل قد سيطرت على معظم المنطقة وبدأت بفرض سياسة الأمر الواقع عن طريق رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين. عبدالناصر و«اللاءات الثلاث» فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أيضًا كانت القضية الفلسطينية فى مقدمة الاهتمامات المصرية وظلت قضية فلسطين الهم الأكبر لجمال عبدالناصر.
وعُرِف عن عبدالناصر وقوفه بثبات وصلابة إلى جانب الثورة الفلسطينية المسلحة وتصديه بعزم وإصرار لخصومها الداخليين وأعدائها الخارجيين فدعم المقاومة الفلسطينية. وكانت الدعوة لعقد مؤتمر الخرطوم الذى رفع فيه شعار «لا اعتراف.. لا صلح.. لا تفاوض» مع إسرائيل والذى سمى بمؤتمر «اللاءات الثلاث»، كما كان لمصر بقيادة عبدالناصر دور كبير فى توحيد الصف الفلسطينى من خلال اقتراح إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية كهيئة تعبر عن إرادة الشعب الفلسطينى وتتولى أمر السعى لاسترداد جميع حقوقه. كما ساندت مصر فى القمة العربية الثانية التى عقدت فى الإسكندرية يوم الخامس من سبتمبر 1964 قرار المنظمة بإنشاء جيش للتحرير الفلسطينى، وفى عام 1969 أشرف عبدالناصر على توقيع اتفاقية «القاهرة» تدعيما للثورة الفلسطينية، واستمر دفاعه عن القضية إلى أن توفى عام 1970. السادات وإرساء جذور السلام فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات خاضت مصر حرب أكتوبر عام 1973 والتى تُوجِّت بالنصر فرفع شعار النصر والسلام وكان «بطل الحرب والسلام». وكانت حرب 1973 هى الخطوة الأولى لاستعادة الحق وإرساء السلام؛ إذ هيأت هذه الحرب الأساس لصالح إبرام سلام شامل وعادل للمنطقة، وخلال القمة العربية السادسة التى عُقِدت فى نوفمبر 1973 بالجزائر، تم إقرار شرط للسلام مع إسرائيل، وهو انسحاب إسرائيل من جميع الأراضى العربية المحتلة عام 1967، وفى مقدمتها القدس وساعدت مصر بقوة جهود منظمة التحرير الفلسطينية، حتى تمكنت من الحصول على اعتراف كامل من الدول العربية بوصفها الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى. وخلال القمة العربية التى عُقِدت فى أكتوبر 1974 فى الرباط، اتفقت مصر وجميع الدول العربية على تأكيد حق الشعب الفلسطينى فى إقامة السلطة الوطنية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، مع تأكيد الالتزام باستعادة كامل الأراضى العربية المحتلة فى عدوان يونيو 1967، وعدم القبول بأى وضع من شأنه المساس بالسيادة العربية على مدينة القدس. وفى نوفمبر نتيجة للجهود المصرية أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى القرار رقم 3236 على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى بما فى ذلك حق تقرير المصير وحق الاستقلال وحق العودة.
وبناء على طلب تقدمت به مصر عام 1975، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى أكتوبر عام 1975 قرارها رقم 3375 بدعوة منظمة التحرير الفلسطينية للاشتراك فى جميع المؤتمرات المتعلقة بالشرق الأوسط. وفى سبتمبر 1976 تمت الموافقة بإجماع الأصوات على اقتراح تقدمت به مصر بمنح منظمة التحرير الفلسطينية العضوية الكاملة فى جامعة الدول العربية، وبذلك أصبح للمنظمة الحق فى المشاركة فى المناقشات وفى صياغة واتخاذ القرارات المتعلقة بالأمة العربية، بعد أن كان دورها يقتصر على الاشتراك فى المناقشات حول القضية الفلسطينية فقط. ثم جاء خطاب الرئيس الراحل أنور السادات الشهير فى الكنيست الإسرائيلى فى نوفمبر عام 1977 كخطوة استراتيچية نابعة من مسار استراتيچى يدل على سعى مصر إلى إرساء السلام القائم على العدالة وليس احتلال أرض الغير، وأن مصر لن تتراجع فى الدفاع عن الحقوق العربية المشروعة، فقد أكد «السادات» أمام الكنيست الإسرائيلى مصداقية التوجه المصرى نحو السلام الشامل ووقف نزيف الدم، وتحقيق الآمال المشروعة للشعب المصرى والشعب الفلسطينى والشعب الإسرائيلى والأمة العربية وتحدث بقوة عن الحقوق العربية والفلسطينية العادلة والمشروعة، وطرح خطة مفصلة لتسوية النزاع فى المنطقة شكلت مرتكزًا ثابتًا لتحرك الدبلوماسية المصرية خلال المباحثات اللاحقة وضرورة الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى بما فى ذلك حقه فى تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، بالإضافة إلى العودة إلى حدود ما قبل عام 1967. وكانت مباحثات كامب ديفيد ورقة عمل كأساس للوصول بأزمة الشرق الأوسط إلى اتفاق يضمن الحل الشامل العادل ويشمل جميع أطراف النزاع العربى - الإسرائيلى. وفى فبراير 1981، دعا الرئيس «السادات» الفلسطينيين والإسرائيليين إلى الاعتراف المتبادل وهو أول من نادى بهذه الفكرة خلال جولته فى الدول الأوروبية التى أقرتها بالدعوة إلى إقامة حكومة فلسطينية مؤقتة لتبادل الاعتراف مع إسرائيل. مبارك والأرض مقابل السلام خلال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك التى امتدت نحو 30 عامًا شهدت القضية الفلسطينية تطورات كثيرة وحادة ونتيجة ذلك تطورت مواقف وأدوار مصر لتحقيق الاستقرار فى هذه المنطقة الملتهبة من حدود مصر الشرقية. وكانت البداية مع سحب السفير المصرى من إسرائيل بعد وقوع مجزرة صبرا وشاتيلا 1982. وفى ديسمبر عام 1988، نتيجة لجهود مكثفة شاركت مصر فيها صدر أول قرار أمريكى بفتح الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية ليفتح الباب بذلك أمام مرحلة جديدة من جهود السلام. وتزامنًا مع خوض مصر لمعركتها الأخيرة لاسترداد طابا آخر قطعة أرض فى سيناء عام 1989، بدأت التمهيد لاستعادة الحق الفلسطينى، حيث طرح الرئيس مبارك فى يونيو عام 1989 خطته للسلام، طبقًا لقرارى مجلس الأمن رقم « 242»، ورقم «338» ومبدأ الأرض مقابل السلام، مع وقف جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية. وكانت هذه الخطة بداية الطريق لاتفاقيات أوسلو وفى 25 أكتوبر من العام نفسه أبدت مصر ترحيبها بمبادرة وزير الخارجية الأمريكى جيمس بيكر، ذات النقاط الخمس والتى أكدت ضرورة إجراء حوار فلسطينى- إسرائيلى كخطوة أولى باتجاه السلام فى المنطقة. ثورة 30 يونيو والقضية الفلسطينية بعد تولى الرئيس عبدالفتاح السيسىظلت القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة لمصر ومنذ عام 2014 وضعت القيادة السياسية القضية الفلسطينية على رأس أولويات السياسة الخارجية المصرية، بوصفها أول دائرة من دوائر سياستها الخارجية وأحد محددات الأمن القومى المباشر. وتعددت الزيارات واللقاءات بين الرئيس السيسى والرئيس الفلسطينى محمود عباس لدعم السلطة الفلسطينية وترتيب البيت الفلسطينى من الداخل من خلال مسار الانتخابات العامة والرئاسية الفلسطينية. وفى عام 2017.. وقعت حركتا فتح وحماس على اتفاق إنهاء الانقسام برعاية مصرية. واستضافت مصر اجتماعات عديدة للفصائل الفلسطينية مثَّلت نقاط تنشيط لمفاوضات السلام بين الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى ونجحت مصر فى جميع الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة فى احتواء الوضع وتحقيق الهدنة بين الطرفين، ووقف إطلاق النار وإعادة الهدوء الأمنى لقطاع غزة. وبذلت مصر العديد من الجهود لوقف إطلاق النار لتجنب المزيد من العنف وحقن دماء المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطينى الذين يدفعون ثمن مواجهات عسكرية لا ذنب لهم فيها. وبجانب إرسال المساعدات والقوافل الطبية ومحاولة إعادة إعمار غزة بعد كل حرب، وأبرزها تدشين مصر للمبادرة الرئاسية فى مايو عام 2021، بمنح 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة. وفى يوليو عام 2021، أسست مصر لجنة وطنية عليا للإشراف على إعادة إعمار غزة، هذا إلى جانب المساهمة فى الحد من أزمة الطاقة فى قطاع غزة، فضلا عن توجيه المجتمع المدنى المصرى لعلاج الجرحى والمصابين. ليس هذا فحسب، بل جرى العمل على زيادة وقت فتح معبر رفح لاستقبال المرضى والمصابين وعلاجهم فى المستشفيات المصرية هذا إلى جانب تسهيل عبورهم للدراسة أو السفر لأداء مناسك الحج والعمرة فى محاولة مصرية لرفع المعاناة عن كاهل المواطن الفلسطينى. وفى 21 أكتوبر الماضى نظمت مصر «قمة القاهرة للسلام» فى ضوء تدهور الأوضاع فى قطاع غزة وجهود القاهرة لاحتواء التطورات الخطيرة التى تهدد المنطقة بأكملها، وأكد الرئيس السيسى فى كلمته رفض مصر حل القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، وضرورة قيام المجتمع الدولى بمسؤولياته تجاه إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل مستدام، وضرورة حل القضية وفق حل الدولتين، ونجحت القمة فى إعادة طرح القضية الفلسطينية على مائدة المجتمع الدولى والاهتمام بها فى ضوء احتلال التطورات الجارية هناك واهتمام الرأى العام العالمى بها. 2 3