لا شك أن أخطر ما يواجه ثورة 25 يناير فى مصر التى صارت علامة بارزة فى مسلسل الثورات الشعبية العالمية عبر التاريخ الحديث بما يبعث على الفخر للمصريين جميعا - هى عناصر الثورة المضادة بكل تكتيكاتها ومراحلها ونشاطاتها المشبوهة. والمتابع لفاعليات وتداعيات ثورتنا الشريفة التى فجرها الشباب والتف حولها الشعب بالتأييد والمناصرة واحتضنها وحمتها القوات المسلحة المصرية هى نموذج وطنى متلاحم يلمس بوضوح أن أخطر آليات قوى الثورة المضادة فى مواجهتها هو استخدام سلاح البلطجة بأنواعها من أجل إجهاض الثورة والانقضاض عليها والحيلولة دون تحقيق أهدافها وغاياتها فى إسقاط النظام السابق وإقامة مجتمع تسوده الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية بعد استئصال رؤوس الفساد المختلفة التى استشرت فى المجتمع المصرى. فالبلطجية بأنواعهم سواء المحترفين بحكم النشأة «بالسليقة» أم المأجورين منهم وكذلك الهاربين من مختلف سجون مصر بعمل مدبر ومخطط فى بدايات مشهد الثورة وغيرهم من جميع أنواع مسجلى الخطر والأشقياء معتادى الاعتداء على النفس والعرض والممتلكات ممن امتهنوا المعيشة على حساب الغير سواء بالسرقة أو السلب أو النهب أو باستخدام القوة والترويع فى فرض السيطرة والابتزاز على المواطنين الآمنين استغلوا فترة الفوضى العارمة والاضطراب ما بعد سقوط رأس النظام وغياب أجهزة الأمن والشرطة واحتراق أجهزة المحليات والأحياء وغيرها فى جميع مدن ومحافظات مصر لكى يعيثوا فى أنحاء الوطن فسادا وإجراما بالأسلحة البيضاء المختلفة وتلك المنهوبة من أقسام الشرطة من البنادق والمسدسات. ولا ننسى فى سياق هذا المشهد الانتهازى الإجرامى فئات البلطجية المأجورة التى اعتدنا مشاهدتها فى كل انتخابات عامة سواء لمجلسي الشعب والشورى أو انتخابات المجالس الشعبية المحلية بمختلف محافظات مصر والتى يستعين بجهودها المرشحون الأغنياء ورجال الأعمال عادة لممارسة ترويع المنافسين وارتكاب «رذيلة التزوير المخطط» وأعمال الحراسة وغيرها منذ سنوات طويلة مضت. كما تستعين بعض الأجهزة الحكومية وعلى رأسها وزارة الداخلية خاصة جهاز مباحث أمن الدولة بمختلف فئات البلطجية لإخماد الاحتجاجات والاعتصامات فى مواقع العمل والإنتاج بحكم كونها «ميلشيات مدنية خاصة غير مسئولة» دستورها يقوم على مبدأ اضرب بعنف القيادات واهرب شاهرا سيفك أو سلاحك النارى!! ولقد كشفت أحداث ثورة 25 يناير أن بعض قيادات الحزب الوطنى الحاكم استخدمت أسلوب البلطجة لإجهاض ثورة الشباب واعتصامهم بميدان التحرير فى موقعة الجمل الشهيرة بالاستعانة ببلطجية نزلة السمان من راكبى الجمال والخيول بعد حصول كل بلطجى على ألف جنيه للاعتداء على شباب الثورة وإرهابهم. وفى ظل الانسحاب الأمنى والشرطى المريب بعد تفاقم أحداث ثورة يناير وهو الأمر الذى تحقق فيه حاليا النيابة العامة لكشف مغزاه ومن أصدر هذا الأمر لأجهزة الشرطة تزايد نشاط البلطجية بأنواعهم والهاربين من السجون فى جميع أنحاء أرض الكنانة.. وهو التحدى الأكبر والأولوية الأولى لحكومة د. عصام شرف ووزير الداخلية اللواء منصور العيسوى الأمر الذى يتطلب إعادة الثقة وبثها فى نفوس رجال الشرطة الذين ظهروا فى الشارع المصرى مؤخرا بمعاونة القوات المسلحة لإعادة فضيلة الأمن والأمان ومواجهة مختلف مظاهر البلطجة التى تموج بها جميع مدن ومحافظات مصر بما يشكل خطورة حقيقية يدركها الرأى العام على الثورة التى دفع ثمنها شهداء هذا الوطن من دمائهم وأرواحهم من أجل مستقبل أفضل تسوده الحرية والكرامة والعدالة والمساواة ويخلو من أخطبوط الفساد المنظم الذى عانينا منه طويلا.