تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة قرارًا يطالب محكمة العدل الدولية إبداء «رأى استشارى» فى مسألة الاحتلال الإسرائيلى لأراض فلسطينية، غداة تولى بنيامين نتنياهو رئاسة حكومة هى الأكثر يمينية بتاريخ إسرائيل. ويطلب القرار رأى محكمة العدل بشأن اعتماد إسرائيل تشريعات وتدابير تمييزية ضد الفلسطينيين، كما يطلب رأى محكمة العدل بشأن التدابير الإسرائيلية الرامية إلى إحداث تغيير ديمغرافى فى القدسالشرقية، كما يطلب رأيها فى تأثير سياسات إسرائيل وممارساتها على الوضع القانونى.
حاز القرار تأييد 87 صوتًا واعتراض 26 وامتناع 53 عن التصويت، وسط انقسام الدول الغربية حول القضية، فى حين صوتت الدول العربية لصالحه بالإجماع بما فيها تلك التى طبّعت علاقاتها مع إسرائيل. وعارضت الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا القرار بينما امتنعت فرنسا عن التصويت. وقال الدبلوماسى البريطانى توماس فيبس: «لا نعتقد أن الإحالة إلى محكمة العدل الدولية ستساعد فى دفع الأطراف المعنيين نحو الحوار». ويدعو النص المحكمة الدولية، التى تتخذ لاهاى مقرًّا لها، إلى تحديد «العواقب القانونية لانتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطينى فى تقرير المصير»،بالإضافة إلى إجراءاتها «لتغيير التركيبة الديموغرافية لمدينة القدس وطابعها ووضعها»، واعتماد إسرائيل تشريعات وإجراءات تمييزية لتكريس هذه السياسة. ترحيب فلسطينى وقال المندوب الفلسطينى لدى الأممالمتحدة رياض منصور إن التصويت بعث رسالة إلى حكومة نتنياهو الجديدة فى شأن نيتها تعزيز السياسات «الاستيطانية والعنصرية»، مشيدًا بالدول التى لم تخضع «للتهديدات والضغوط». وقال منصور أمام الجمعية العامة: «إننا على ثقة بأنكم ستؤيدون فتوى المحكمة عند إصدارها إن كنتم تؤمنون بالشرعية الدولية والقانون الدولى». وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطينى محمود عباس «آن الأوان لتكون إسرائيل دولة تحت القانون، وأن تحاسب على جرائمها المستمرة بحق شعبنا، وعلى العالم تحمل مسئولياته وتطبيق قرارات الشرعية الدولية وعلى الجميع التوقف عن الكيل بمكيالين». وكتب المسئول الفلسطينى الكبير حسين الشيخ على تويتر أن التصويت الذى أجرى «يعكس انتصار الدبلوماسية الفلسطينية». رفض إسرائيلى من جهته وصف السفير الإسرائيلى جلعاد اردان القرار بأنه «وصمة عار أخلاقية للأمم المتحدة»، مضيفًا «لا يمكن لأى منظمة دولية أن تقرر ما إذا كان الشعب اليهودى مُحتلًّا فى أرضه»، وقال: «أى قرار تتخذه هيئة قضائية تتلقى تفويضها من الأممالمتحدة المسيسة والمفلسة أخلاقيًا غير شرعى تمامًا». وحث رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق يائير لبيد، الذى حل محله بنيامين نتنياهو، زعماء العالم الشهر الماضى على معارضة الخطوة، قائلًا إن إحالة القضية إلى المحكمة «لن يخدم إلا المتطرفين». تحدى «نتنياهو» ومع ذلك، فإن التصويت يمثل تحديًا لرئيس الوزراء الإسرائيلى الجديد بنيامين نتنياهو، الذى تولى منصبه على رأس حكومة يمينية متشددة تضم أحزابًا تدعو إلى ضم أراضى الضفة الغربية. وعلق رئيس الحكومة الإسرائيلية على قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة، طلب فتوى قانونية من المحكمة الدولية، حول «ماهية الاحتلال والاستيطان والضم». وقال نتنياهو فى بيان إن «القرار الحقير الذى اتُخذ، لن يكون مُلزما للحكومة الإسرائيلية. الشعب اليهودى ليس محتلًا لأرضه، وعاصمته الأبدية القدس. فى الأيام الأخيرة، أجريت محادثات مع زعماء العالم، الذين غيّروا تصويتهم». وتابع: «فى القرار الأخير، كانت الدول التى صوتت ضد المقترح الفلسطينى، أقلية داخل الأممالمتحدة. أما اليوم، ونتيجة لجهودنا، فقد أصبحت الدول الداعمة والمؤيدة لهم، هى الأقلية». ويتعين على إسرائيل فى الواقع، أن تقرر ما إذا كانت ستتعاون مع محكمة لاهاى أم لا. إلا أن نتنياهو ألمح إلى أن هذا لن يحدث. وإسرائيل ليست عضوًا فى المحكمة. ضم الضفة وفى الوقت الذى تسلم فيه وزراء حكومة بنيامين نتنياهو مهامهم من الوزراء السابقين، إيذانًا ببدء عمل الحكومة الجديدة، توجّه عدد من النواب والوزراء إليه مطالبين بضم الضفة الغربية إلى إسرائيل؛ «ردًا على قرار» الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال عضو الكنيست تسفى فوغل إن الاحتلال الإسرائيلى للضفة الغربية «دائم» وأن لإسرائيل «حقًا» بضم مناطق فى الضفة. وأضاف: «آملُ جدًا أن تتمكن إسرائيل من الدفاع عن حقوقها فى الأماكن التى يُسمح لنا فيها بالضم والاستيطان، وآملُ أن يجرى التعبير عن ذلك فى المستقبل». وكشفت مصادر سياسية فى تل أبيب أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة تنوى الشروع فى خطوات أولية نحو الضم وتوسيع الاستيطان، وذلك عبر مناقشة رزمة من القوانين التى تتعلق بقانون فك الارتباط عن قطاع غزة وشمال الضفة الغربية، وإلغاء القسم المتعلق فيه بالضفة الغربية وإعادة إقامة 4 مستوطنات جرى إخلاؤها فى حينه (عام 2005)، وتبييض عشرات البؤر الاستيطانية وتحويلها إلى مستوطنات دائمة. ووفقًا لتلك المصادر، فإن وزير الأمن القومى ايتمار بن غفير يعتزم طرح مشروع قانون تشديد عقوبات السجن على الفلسطينيين الذين ينفذون اعتداءات على المستوطنين. وعلى سبيل المثال يقترح فرض عقوبة السجن حتى 3 سنوات على من يشعل النيران المتعمد والهجمات على المزارع الاستيطانية اليهودية، وجرى الاتفاق بين بن غفير ونتنياهو على منح ميزانية بملايين الدولارات لهذه الغاية. ومع ذلك فإن نتنياهو اتفق مع وزير الدفاع يوآف غالانت ومع بن غفير على تأجيل نقل الصلاحيات الأمنية لبلدات غلاف القدس من الجيش للشرطة لمدة 30 يومًا؛ وذلك لدراسة استعدادات الشرطة لهذه الغاية. من جهة ثانية كشف مصدر قريب من نتنياهو أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن محكمة لاهاى تسبب فى مشكلة بين إسرائيل وأوكرانيا، وقال إن نتنياهو أجرى، فى الأيام الأخيرة، محادثات مع قادة دول من العالم، لكى يُجروا تعديلًا فى موقفهم، وأنه عمل إلى جانب رئيس الدولة يتسحاك هرتسوغ، والسفير الإسرائيلى فى الأممالمتحدة غلعاد إردان، ومسئولين فى وزارة الخارجية الإسرائيلية على تحقيق «إنجاز مهم»، بعدما جرى إقناع 11 دولة على تغيير مواقفها من التصويت فى الجلسة، ولا سيما بعدما كانت هناك غالبية مطلقة للفلسطينيين فى قرار الأممالمتحدة فى شهر نوفمبر الماضى، لكن المحادثة مع الرئيس الأوكرانى فلوديمير زيلينسكى، الأسبوع الماضى، كانت متوترة، فقد طلب نتنياهو منه أن تعارض بلاده القرار، لكن زيلينسكى طلب بالمقابل من نتنياهو تزويد بلاده بأسلحة دفاعية، مقابل هذا التغيير. إلا أن نتنياهو رفض الالتزام، وحتى الرد على طلب زيلينسكى باعتبار أن جلسة التصويت اقتربت، فيما أبدى استعداده للحديث حول هذا الجانب فى المستقبل. من جانبه رأى وزير الخارجية الإسرائيلى إيلى كوهين، أن «القرار يصب فى مصلحة المنظمات الإرهابية، وحركة المقاطعة المعادية للسامية، ويعمل ضد المبادئ التى اتفقت عليها الأممالمتحدة نفسها». وأضاف: «هذه المبادرة، هى خطأ آخر من قبل القيادة الفلسطينية، التى تدعم الإرهاب وتحرّض عليه منذ سنوات، وتقود شعبها بشكل يضر به، ويضر بإمكانية حل النزاع». 1 2