«لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع»، قول مأثور له جانب آخر أهم، يقول إنه لولا اختلاف العقول، لغاب عن الحياة سرها الأكبر الذى أودعه فيها خالق الكون. هذا الجانب غائب عنا، ولا بُد من أن نظل نردده لنعرف سر الحياة وعقيدة الاختلاف حسب تقدير ويكيبيديا وتقديرنا. الجانبان من الأقوال المأثورة يلخصان فلسفة الحياة، وإذا طبقناهما على الاستفتاء الذى أعده مهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط بمناسبة انعقاد الدورة ال38 فى الفترة من 5 إلى 10أكتوبر المقبل برئاسة الكاتب الأمير أباظة، والتى تحتفى هذا العام ضمن فعالياتها بالكوميديا المصرية التى ليست ككل الكوميديانات سوف نستكشف نوعًا آخر من الكوميديا ليس من بين الأصناف الكوميديا التى يطرحها الاستفتاء، وهى الكوميديا العبثية وخرجت فى قالب هجومى وساخط بعد الإعلان عن قائمة أفضل 100 فيلم كوميدى فى تاريخ السينما المصرية من خلال لجنة ال32 ناقدًا واعتلاء 100 فيلم منها قمة الاستفتاء وتجاهل القول المأثور بجانبيه وجودة الاستفتاء وثوابته. أقول قولى هذا رغم عدم تشرفى ضمن قائمة النقاد المشاركين رغم أحقيتى «أفقيًا ورأسيًا» من واقع دراستى المتخصصة للنقد من بين القلة القليلة التى تحمل شهادة الدبلومة العليا فى النقد الفنى والأدبى من أكاديمية الفنون وخبراتى المهنية الطويلة وبوصفى عضوًا فى جمعية كتَّاب ونقاد السينما المسئولة عن الاستفتاء، وكان من دواعى المنطق البراجماتى النفعية أن أكون فى طليعة نجوم الكوميديا العبثية المنتقدين للاستفتاء للانتقام من مصمميه وتضخيم أخطائه وبالتالى من فئة من تجاهلوا قيمة القول المأثور. فى استفتاء أفضل 100 فيلم كوميدى تحت إشراف الكاتب والناقد أحمد شوقى رغم تجاوز أهمية أفلام مهمة وأسماء مبدعة ومشاركة أسماء فى الاستفتاء لها أفلام فى القائمة مما ينسف الاختيار ويشكك فى موضوعيته، فضلا عن إقحام أفلام لا تصنف فى الأساس بأنها كوميدية ترفيهية لأنها تتبنى قضايا مهمة، فإن نسبة جودته لا تتجاوز ال70 ٪ ولهذا ستشهد ندوة الكتاب بعد طرحه فى المهرجان فاصلًا آخر من الجدل والانتقادات التى لا تفسد للاستفتاء قضية. الكاتب الكبير عاطف بشاى أنصف فى مقالته بالمصرى اليوم الاستفتاء ومنحه طوق نجاة وخفف من آثار الهجوم عليه بموضوعية وتمكن لاختيار الفيلم الشهير «فوزية البرجوازية» الذى كتب له السيناريو والحوار ضمن قائمة ال(100) فيلم.. وأخرجه الراحل «إبراهيم الشقنقيري» عن قصة قصيرة للساخر الكبير «أحمد رجب» وكتب «بشاي» أن «الفيلم تقوم فكرته على تشاحن أصحاب الاتجاهات السياسية واستخدامهم جميع أنواع التراشق اللفظى فى مصطلحات سياسية مثل (برجوازى متعفن – يمينى رجعى – رأس مالى راديكالى – يسارى ديماجوجي.. ) وقد أثار الفيلم جدلًا كبيرًا عند أنصار المعسكرين وقتها ويعكس واقعًا يعيشه الشارع المصرى المتصل بالانقسامات المذهبية بين الناس بعد ثورتى (25) يناير (30) يونيو. وما كتبه بشاى يعكس الجدل الدائر حول الاستفتاء ويلخص فضيلة الاختلاف . المفارقة أن استفتاء أفضل 100فيلم الذى طرحه مهرجان القاهرة السينمائى فى منتصف التسعينيات نال نفس الضجة وتعرض لنفس الظلم رغم مشاركة عمالقة النقد السينمائى فى هذا التوقيت لكن مرور الأيام والسنوات أثبتت أنه من أفضل الاستفتاءات فى تاريخ السينما وصار مرجعية مهمة لدى الإعلاميين والباحثين فى شئون السينما . أما المفارقة الأكبر أن الانتقادات نفسها طالت البوستر الرسمى الرائع للمهرجان الذى تضمن أبرز نجوم الكوميديا فى تاريخ السينما، بحجة أنه تجاهل نجومًا لهم تاريخ فى الكوميديا. رغم أنه ليس فقط من أروع بوسترات مهرجان الإسكندرية السينمائى بل أهم بوسترات المهرجانات السينمائية فى مصروأبدعه الفنان «عمرو فهمى»، ويحتاج كتابًا متخصصًا لعرض جمالياته ليس على مستوى التشكيل والتلوين بل على مستوى وضعية النجوم وحجمهم ومكانهم فى البوستر وهو لا يقل أهمية عن الاستفتاء.