يرى البعضُ أن تعاليم الإسلام تنظر للأنثى نظرة دونية مقارنة بالذكر، وهى رؤية تأسَّست على فهم غير صحيح لآيات قرآنية، مثل قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) الزخرف 19، (أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) الطور 39، (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى) النجم 21. تصريحات مسيئة للنبى محمد عليه الصلاة والسلام، أطلقها سياسيان فى الحزب الحاكم فى الهند، من خلال تغريدة نشرها المتحدث باسم الحزب «نافين چيندال»، على حسابه الرسمى على تويتر. تساءل فيها عن سبب زواج النبى من السيدة عائشة وهى لم تبلغ وقتها عشر سنوات، وتصريحات مماثلة مسيئة للنبى وزوجاته صدرت عن المتحدثة باسم الحزب «نوبور شارما»، خلال مناظرة تليفزيونية. السيدة عائشة: وعن زواج النبى عليه الصلاة والسلام من السيدة عائشة، نجد فى بعض الروايات أن أمَّ المؤمنين السيدة عائشة كانت مخطوبة لمطعم بن عدى، قبل أن يخطبها النبى عليه الصلاة والسلام، وأنها وُلدت قبل بدء الرسالة فى مكة بعام واحد، وتزوجت بعد عامين من الهجرة، أى كان عمرها 16 سنة حين تزوجها النبى عليه الصلاة والسلام. وفى روايات أخرى نجد أن أخت السيدة عائشة وهى السيدة أسماء كان عمرها عند الهجرة 27 عامًا؛ حيث توفيت السيدة أسماء فى عام 73 هجريًا عن عمر يقارب 100 عام، وكانت السيدة عائشة أصغر منها ب10 سنوات، أى أن عمر السيدة عائشة عند الهجرة كان 17 عامًا، وتزوجها النبى عليه الصلاة والسلام وعمرها 19 عامًا. زوجات النبى: هن أمهات المؤمنين، ومع ذلك أمَرَ تعالى بوجود الحجاب ساترًا بينهن وبين المؤمنين عند المخاطبة، مع أنه لا وجود لحجاب أو ساتر فى مخاطبة الابن لأمّه، لكن البعض من أصحاب النوايا السيئة كانوا يدخلون بيوت النبى ويتحدثون مع نسائه وجهًا لوجه، فنزلت الآية بتشريع خاص حماية لهن، وبما أنهن أصبحن أمهات المؤمنين فإنه لا يجوز أن يتزوجهن أحد بعد النبى محمد عليه الصلاة والسلام. تشريع خاص: جاءت تشريعات خاصة بالنبى وأزوجه وتعاملهن مع الناس، مثل أن النبى أحق بالمؤمنين، وزوجاته أمهاتهم: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)، الأحزاب 6.. وتحريم الزواج من إحدى زوجات النبى بعد أن يفارقها: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا)، الأحزاب 53. وفى حالة وقوع أى منهن فى الزنى فعقوبتها ضعف العقوبة العادية: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)، الأحزاب 30، ولهن ضعف الثواب إذا كن صالحات: (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا)، الأحزاب 31. والأمْرُ لهن بالقول بالمعروف: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا)، الأحزاب 32، وعدم الخروج من بيوتهن: (وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ)، وعدم المبالغة فى الزينة: (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى)، الأحزاب 33. ونزل تشريعٌ خاصٌ للنبى أن يتزوج بلا مَهر: (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ)، الأحزاب 50، وبعده نزل على النبى منعه من الزواج أو أن يبدّل زوجة مكان أخرى: (لاَّ يَحِلُّ لَكَ النِّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ)، الأحزاب 52. وجاء النهى عن دخول بيوت النبى بلا استئذان: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ مِنْ الْحَقِّ)، الأحزاب 53. وعدم مخاطبة زوجات النبى مباشرة: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)، الأحزاب 53، جاء بعدها استثناء لمن يدخل على زوجات النبى: (لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ)، الأحزاب 55. والنهى عن رفع الصوت فوق صوت النبى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)، الحجرات 2. وفى قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ)، أن النبى كانت بيوته مفتوحة للناس ليأكلون، عكس ما جاء فى الروايات أنه عليه الصلاة والسلام عاش فقيرًا وقد توفى ودرعه مرهونة. أهل البيت: فى القرآن الكريم، أهل بيت الرجل هم أسرته، مثل قول امرأة العزيز لزوجها: (مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا)، يوسف 25، وقول الملائكة لزوجة النبى إبراهيم عليه السلام: (قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ)، هود 73. والنبى لوط عليه السلام قالت له الملائكة: (قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنْ اللَّيْلِ)، هود 81، وكان يعيش معه فى البيت بناته وزوجته وهن أهل بيته. وفى خطاب الله لنساء النبى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ)، الأحزاب 32، يصفهن تعالى بأنهن أهل البيت: (وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ 0لْجَهِلِيَّةِ 0لْأُولَى وَأَقِمْنَ 0لصَّلَوةَ وَءَاتِينَ 0لزَّكَوةَ وَأَطِعْنَ 0للَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)، الأحزاب 33. إيذاء النبى: فى آيات القرآن توضيح لأفعال بعض الناس التى تؤذى النبى: (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِيَّ)، وبعض التشريعات الخاصة بالنبى ونسائه وبيوته، جاءت مقارنة بين الصلاة على النبى وإيذائه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلّمُوا تَسْلِيمًا. إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا)، الأحزاب 56-57. وإيذاء النبى عكس الصلاة على النبى، وضد الصلة بالنبى، والمنافقون المعاصرون للنبى كانوا يقتحمون بيوته وخصوصيته، وبعد وفاة النبى وزوال بيوته المادية، تم اقتحام بيوت النبى المعنوية بالكلام عن خصوصيات النبى وزوجاته. الصلاة على النبى: كلمة «الصلاة» من الصلة، والله تعالى يصلى وملائكته على المؤمنين، فالله يرحمهم، والملائكة تدعو لهم بالرحمة: (هُوَ الَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)، الأحزاب 43، والله تعالى يصلى على الصابرين بأن يرحمهم: (أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ)، البقرة 157. والنبى يصلى على المؤمنين بأن يدعو لهم بالرحمة: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، التوبة 103، كما أن صلاته هى صلة معهم: (وَمِنْ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ اللَّهُ فِى رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، التوبة 99. بالنسبة للنبى، الله يصلى عليه ويرحمه، والملائكة تدعو له بالرحمة، ويدعو المؤمنون له بالرحمة: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، الأحزاب 56. وفى قوله تعالى: (وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، يعنى التسليم والإيمان، وليس بالسلام عليه تحية، فالصلة بالنبى بعد وفاته صلة إيمانية تبقى حية باتباع ما كان النبى يتبعه فى حياته من القرآن. أخلاق النبى: من أخلاق النبى أنه كان يستحى من إحراج الذين لم يكونوا يراعون حرمة بيته، إلى أن نزل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ)، الأحزاب 53. وآخرون كانوا يؤذون النبى وكان يصبر عليهم، إلى أن ينزل القرآن يدافع عنه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا)، الأحزاب 69، واستمر هذا الإيذاء: (وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، التوبة 61. ومن لا يطيع هذه الأوامر والنواهى يكون ممن يؤذون رسول الله بروايات تتكلم فى خصوصياته مع زوجاته ليطعنوا فى شخصه عليه الصلاة والسلام: (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ)، الأحزاب 53، ومن لا يطيع الأوامر والنواهى فعقابه: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا)، الأحزاب 57. لم يذكر تعالى عددَ زوجات النبى، ولا اسمَ واحدة منهن، ولا عمرَها، ولو كانت هذه التفاصيل مهمة لذكرها الله لنا، ولذلك لا يؤثر فى الدين إن كان للنبى زوجة واحدة أو أكثر، أو كان اسم زوجته خديجة أو مارية، أو تزوجهن أبكارًا أو صغارًا أو غير ذلك، وبعد وفاتهن تبقى أهمية حفظ مقامهن بوصفهن أمهات المؤمنين. لقد حرص القرآن الكريم على حماية سمعة بيت النبى، وبعد وفاة النبى عليه الصلاة والسلام وزوجاته، زال البيت النبوى ماديًا، ولكن لا يزال التشريع قائمًا فى حرمة البيت النبوى معنويًا. 2