لمكانة أزواج رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد حدد لهم الله جل وعلا الإطار الذي من المفروض أن يكن في نطاقه والتعامل مع النبي صلي الله عليه وسلم ومع أهاليهن وصحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم ونسائهن ومحارمهن كما قننها الله تعالي لهن. يقول تعالي:( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا(28) وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما(29) الأحزاب( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك علي الله يسيرا(30) ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما(31) الأحزاب( يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا(32) وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولي وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا(33) واذكرن ما يتلي في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا(34) الأحزاب كانت نساء النبي صلي الله عليه وسلم قد تظاهرن عليه لزيادة النفقة ولكنه لم يحرك ساكنا واعتزلهن شهرا, ثم نزلت آية التخيير بين متاع الدنيا وطلاقه لهن, وبين العيش معه علي الزهد كما أراد الله ورسوله لهن, فلما خيرهن بدءا بعائشة رضي الله عنها وباقي النساء فأخترن جميعا الله ورسوله وحياة الزهد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم. وقد أراد كل من أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما معاقبة ابنتهما إلا أن رسول الله رفض ذلك وخيرهن فاخترن الله ورسوله ثم قنن الله تعالي لهن أسلوب حياتهن فجعل الثواب لهن ضعفين, والعقاب ضعفين وألا يخضعن بالقول وترخيم الصوت, بل يقلن قولا واضحا معروفا حتي لا يطمع فيهن من لا خلق له وأنهن مختارات كزوجات لرسول الله صلي الله عليه وسلم ولذا فهن لسن كأحد من النساء ثم أمرهن بالبقاء في بيوتهن ولا يخرجن إلا لحاجة وأن وألا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولي وأن يحرصن علي إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله وقراءة ودراسة القرآن الكريم وسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم ليذهب عن أهل بيت رسول الله الرجس ويطهرهن ويكن في أعلي منازل الجنة ويقول تعالي لرسول الله صلي الله عليه وسلم:( يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما(50) الأحزاب وقد عدد الله تعالي النساء اللاتي يحل لرسول الله صلي الله عليه وسلم أن يتزوج بهن ومنهن من هاجرن معه, والمرأة المؤمنة التي وهبت نفسها للنبي ولكنه زوجها لأخر( ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدني أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما(51) وترك لرسول الله صلي الله عليه وسلم أن يعتزل منهن ما يشاء ويقرب منهن ما يريد كيفما شاء. ثم حينما خير أزواجه واخترن الله ورسوله كافأهن علي ذلك ثم قال تعالي:( لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله علي كل شيء رقيبا(52) فلا يحل له النساء بعد أزواجه, إلا أن الله تعالي سمح له أن يتزوج بما شاء ولكنه امتنع عن الزواج عليهن ثم قال تعالي لصحابته صلي الله عليه وسلم:( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلي طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستئنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما(53) الأحزاب( لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان علي كل شيء شهيدا(55) الأحزاب. ثم أمر الله تعالي صحابته صلي الله عليه وسلم أن يتعاملوا مع أزواج النبي صلي الله عليه وسلم بما يليق بالنبي وبأزواجه من آداب الدعوة ودخول بيوت رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعاملتهم مع أزواجه من وراء حجاب وألا يفكروا في الزواج من إحدي أزواجه لأن ذلك عند الله شيء عظيم إلا أن الله تعالي أباح لهن معاملة الآباء والأبناء والإخوة وأبنائهم من المحارم وغيرهم من النساء اللاتي يملكهن معاملتهم والدخول عليهن دون حرج, لذا يقول تعالي محرما الزواج بأمهات المؤمنين بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم:( النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) الأحزاب/6.