مع تزايد الخروقات الصهيونية..هل تعود الحرب مجددا فى قطاع غزة ؟    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    المشدد 6 سنوات والغرامة 200 ألف لفكهاني لحيازته المخدرات بالمنيا    تشكيل المنتخب الوطني للكرة النسائية تحت 20 عاما أمام نظيره التونسي في بطولة شمال أفريقيا    مصر تستضيف المؤتمر السنوي لمنظم الرحلات الألماني Anex Tour    وزارة «الاستثمار» تناقش موازنة برنامج رد أعباء الصادرات بقيمة 45 مليار جنيه    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات اليوم    بدء تلقي الطعون على نتائج 73 دائرة بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب    جامعة قناة السويس تقدّم حملة توعوية بمدرسة القصاصين التجريبية    بعد وصول عدد متابعيها ل 5 ملايين، حقيقة حذف إيلون ماسك العلامة الزرقاء لنادي الزمالك    جوارديولا يوضح سبب البدء ب مرموش أمام ليفركوزن وإبقاء هالاند على مقاعد البدلاء    "المجتمعات العمرانية" تعقد اجتماعا لمناقشة آليات تطوير العمل    الحصر العددى لقائمة دائرة أول الزقازيق بمجلس النواب 2025    ضبط طالب بالمنوفية لتعديه على سيدة بالضرب بسبب خلافات الجيرة    إلهام شاهين: عشت أجمل لحظات حياتي في عرض كاليجولا مع نور الشريف    رمضان 2026.. نيللي كريم وشريف سلامة ينهيان تحضيرات مسلسل أنا    الوزير الأول بالجزائر: شراكتنا مع مصر إطار واعد لتحقيق التكامل والنفع المتبادل    إثيوبيا تعلن وفاة 6 أشخاص بسبب فيروس ماربورج الخطير    الناقد الذي كان يشبه الكلمة... وداعًا محمد عبد المطلب    أرسنال يواجه بايرن ميونخ في قمة أوروبية نارية على ملعب الإمارات    الاتحاد الأوروبي يستعد لتقديم نص قانوني لإصدار قرض لأوكرانيا ب140 مليار يورو    وعي المصريين يكسر حملات التشكيك.. الانتخابات تمضي بثقة والجماعة الإرهابية تُعيد رواياتها البالية    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    عاجل| رئيس الوزراء ونظيره الجزائري يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    نائب وزير الصحة: إنشاء 54 مركزا لعلاج الحروق فى مصر    تحذير من بركان روسي.. والرماد يهدد الطيران    انهيار جزئي لعقار من 4 طوابق في الإسكندرية والحماية المدنية تنقذ السكان    نصائح هامة لوقاية طلاب المدارس من عدوى أمراض الجهاز التنفسي    قرارات عاجلة من النيابة فى واقعة ضبط طن حشيش فى الرمل بالإسكندرية    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة والعظمى 23 درجة مئوية    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا -14".. شاهد    حزب النور في المقدمة.. نتائج الحصر العددي الأولي عن الدائرة الأولى فردي بكفر الشيخ    دوري أبطال إفريقيا.. قائمة بيراميدز في رحلة زامبيا لمواجهة باور ديناموز    رضا البحراوي يكشف حقيقة وفاة والدته    انطلاق أعمال اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب بالجامعة العربية    البرهان: السلام في السودان مرهون بتفكيك الدعم السريع    «خطوات التعامل مع العنف الأسري».. جهات رسمية تستقبل البلاغات على مدار الساعة    تعليم أسيوط يطلق مبادرة "منتج وأفتخر" لعرض أعمال طلاب المدارس (صور)    وكيل صحة قنا يتفقد وحدة الترامسة ويحيل طبيبا للتحقيق    رئيس الرعاية الصحية: تطوير 300 منشأة بمنظومة التأمين الشامل    موعد امتحان نصف العام لصفوف النقل وضوابط وضع الأسئلة    حماية الثروة الحيوانية    .. اديهم فرصة واصبر    السيسى يحقق حلم عبدالناصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    اتحاد السلة يعتمد فوز الأهلي بدوري المرتبط بعد انسحاب الاتحاد ويعاقب الناديين    الأقصر: انقطاع المياه عن عدد من مناطق نجع علوان بالطود صباح اليوم    إسرائيل تتسلم رفاتًا بشرية وتجري اختبارات لتحديد صلتها بأسرى غزة    دار الإفتاء تؤكد حرمة ضرب الزوجة وتحث على الرحمة والمودة    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    إلهام شاهين: تكريمي في مهرجان شرم الشيخ تتويج لمشواري الفني    مادورو: سندافع عن فنزويلا ضد أي تهديد والنصر سيكون حليفنا    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    الأمن يفحص منشور بتحرش سائق بطفلة بمدرسة خاصة في التجمع    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    بوروسيا دورتموند يفترس فياريال برباعية في دوري أبطال أوروبا    محمد صبحي عن مرضه: التشخيص كشف عن وجود فيروس في المخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر أولا .. لماذا وقّع الأزهر وثيقة الأخُوَّة الإنسانية مع الفاتيكان لا الكنيسة المصرية؟
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 08 - 08 - 2021

«.. فتجاوز البابا البروتوكولات الفاتيكانية الموغلة فى الحَزم، وتجاوز الإمام رسوم المشيخة، وما تفرضه من قيود، وهذا يدل على أن العلاقة بين الإمام والبابا تجاوزت مرحلة الشكليات والمجاملات لتصبح صداقة حقيقية تجسّد السلام والتعايش بين الأديان».

أمّا الإمامُ فهو أحمد الطيب «شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين»، والبابا هو فرنسيس «بابا الكنيسة الكاثوليكية».
الكلمات السابقة تأتى ضمن سياق كتاب «الإمام والبابا والطريق الصعب.. شهادة على ميلاد وثيقة الأخُوَّة الإنسانية» للقاضى محمد عبد السلام «الأمين العام للجنة الأخُوَّة الإنسانية»، وهو الكتاب الذى يرصد الخطوات التى تم اتخاذها فى سبيل تحقيق فكرة إصدار الوثيقة، والتحديات والصعوبات التى تمَّت مواجهتها لتحقيق هذا الهدف، وحتى توقيعها فى 4 فبراير 2019. وهو الأمر الذى جعل بابا الفاتيكان يمنح محمد عبدالسلام وسام «قائد مع نجمة»، كأول مسلم عربى يحصل عليه.
يحتوى الكتاب على العديد من المعلومات والأفكار والشخصيات، وهو الأمر الذى جعل أهم سمة له، ليس فقط كونه مرجعًا موثقًا من صاحب فكرة إصدار وثيقة الأخُوَّة الإنسانية، حسبما اقترحها على الإمام والبابا، ثم مراحل صياغتها، وأبرز المحطات التى مرّت بها، والاتفاق الكامل عليها، ثم مراسم الاحتفال بتوقيعها، وترويجها عالميًا، ولكن أيضًا أنه استطاع المَزج بين سرد السيرة الذاتية للقاضى محمد عبدالسلام عائليًا وعلميًا كما ربطها بمنابع فكر الأزهر ودوره ورسالته، وكذلك أنه استطاع رسم ملامح سمات شخصية الإمام والبابا عن قرب، من خلال استدعاء ملاحظاته الشخصية عن فكرهما الذى سمعه منهما، ورؤيتهما فيما تناقشا فيه، وكلماتهما المُعبرة والمُدققة فى الرّد على الأسئلة والقضايا محل الجدل، وتعليقاتهما على مستقبل العلاقات بين الأديان، وتجاربهما باعتبارهما من المَراجع الدينية العُليا على مستوى العالم، وإنسانياتهما فى تذليل العَقبات للوصول لحالة من التوافق الدينى الإنسانى التى تُعبر عن قناعاتهما الحقيقية. فضلاً عن تمسكهما بالوصول إلى حالة من التوافق الذى يعكس قيمهما الدينية والإنسانية. رُغْمَ كل التحديات التى يمكن أن تواجههما داخل مؤسّساتهما قبل خارجها من ملايين الأتباع والمريدين الذين يميل غالبيتهم للتحفظ والتشدُّد أكثر من الانفتاح والمرونة.
أسعدنى جدًا، ما ذكره الكتاب عن كل من: د.محمود حمدى زقزوق، ود. محمود عزب، والأب چورچ قنواتى، والأب كريستيان فان نسبن؛ خصوصًا لمعرفتى بهم بشكل شخصى، ولمتابعتى للإسهامات الفكرية والبحثية لهم، وهى تستحق كل التقدير والثناء فى مسيرة التقارب والتفاهم والحوار بين أصحاب الأديان والتأكيد على المساحات الإنسانية المشتركة التى يمكن أن ننطلق منها لعلاقات منضبطة دون أى تمييز أو إقصاء أو استبعاد أو تهميش بين المواطنين أيًا كان دينهم أو عقيدتهم سواء فى مصر أو العالم.
وهو ما يعنى أن الكتاب لم يهمل الجهود السابقة للتقارب؛ بل سجّلها وأشار إليها، منتهيًا بالجهود التى شارك فيها؛ لترتيب أول لقاء لزيارة الإمام أحمد الطيب إلى البابا فرنسيس فى الفاتيكان، ثم اللقاءات المتتالية، وصولاً إلى اقتراحه لهما بإصدار «وثيقة الأخُوَّة الإنسانية»، والتى اجتهد فى سرد ملابسات إصدارها، وما وجده من مساندة غير محدودة من الإمام والبابا لإصدارها، وما وجدته الوثيقة بعد ذلك من انتشار عالمى وتوافق من العديد من المؤسّسات والمفكرين والمثقفين والسياسيين. كما أكد على دور الدبلوماسية المصرية فى نجاح الاتصالات بين الأزهر والفاتيكان بدعم من الرئاسة المصرية التى حرصت على نجاح تلك اللقاءات التى أثمرت بعد ذلك عن زيارة بابا الفاتيكان إلى مصر والاحتفاء به بشكل ملحوظ.
لا شك أن صدور «وثيقة الأخُوَّة الإنسانية» هو بمثابة طفرة فى تحقيق التقارب ليس فقط بين الأزهر الشريف والفاتيكان، ولكنها ترجمة عملية للتقارب بين أصحاب الأديان على مستوى العالم. كما أن الوثيقة فى اعتقادى هى امتداد غير مباشر لوثائق أصدرها الأزهر قبل ذلك، وهى: «وثيقة دعم وإرادة الشعوب»، و«وثيقة مستقبل مصر»، و«وثيقة الأزهر للحريات»، و«وثيقة الأزهر لنبذ العنف»، وأخيرًا «وثيقة التجديد فى الفكر والعلوم الإسلامية»، وهو ما جعل إصدار «وثيقة الأخُوَّة الإنسانية» هى نتاج خبرات وحوارات ولقاءات لفترات طويلة بين الأزهر والفاتيكان، وتم من خلالها التوصل إلى قيم ومبادئ مشتركة بين الأزهر والكنيسة الكاثوليكية.
أكدت «وثيقة الأخُوَّة الإنسانية» على كثير من الأفكار المهمة التى يجب التركيز عليها على غرار: التمسك بقيم السلام والتعارف المتبادل والأخُوَّة الإنسانية والعيش المشترك، وأن الحرية حق لكل إنسان والعدل قائم على الرحمة، وأن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح والتعايش بين الناس يساعد على احتواء الكثير من المشاكل الاجتماعية والسياسية، وأن الحوار بين المؤمنين يعنى التلاقى فى المساحات المشتركة للقيم الروحية والإنسانية، ووقف دعم الحركات الإرهابية بالمال والسلاح والتخطيط، وأن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة فى الواجبات والحقوق، والاعتراف بحق المرأة فى التعليم والعمل وممارسة حقوقها السياسية، وحقوق الأطفال أساسية فى التنشئة الأسرية وحماية حقوق المسنين.
وأشارت الوثيقة إلى أن الكنيسة الكاثوليكية والأزهر تعهَّدا فى النهاية على العمل لتوصيل الوثيقة لجميع صانعى القرار ورجال الدين والمنظمات الدولية، وأكدا على أن الوثيقة دعوة للمصالحة والتآخى بين جميع المؤمنين بالأديان ونداء لكل ضمير حى ينبذ العنف البغيض والتطرف الأعمَى. الوثيقة ترسّخ أفكارًا صالحة لكل إنسان ولكل نظام سياسى بغض النظر عن الانتماء أو الدين أو الجنس، واعتمدت على قيمة الإنسان فخاطبت المؤمنين بالله جميعًا.
قطعًا، هناك سؤال منطقى يطرح نفسه، وهو لماذا وقّع الأزهر الوثيقة مع الفاتيكان ولم يوقّعها مع مصر؟ وهو سؤال يُفهم بطريقتين يحملان قدرًا كبيرًا من سوء النية، الأولى توحى بعدم اهتمام الأزهر الشريف بالكنيسة المصرية والحوار معها، والثانية توحى بكونها مجرد وثيقة لا تأثير لها ولا لزوم على غرار تجاربنا السيئة السابقة فى توقيع الوثائق والمعاهدات ومواثيق الشرف وغيرها.. التى نتعامل معها باعتبارها بروتوكولية شرفية أكثر ما تكون مُلزمة.
من الطبيعى أن يتجه الأزهر الشريف باعتباره المرجعية السُّنية العُليا على مستوى العالم إلى الفاتيكان باعتباره رئاسة الكنيسة الكاثوليكية على مستوى العالم أيضًا لفتح قنوات الحوار بعد تجميدها بسبب تصريحات البابا السابق بندتكتوس، ولمعالجة الفجوة بيننا وبين الغرب. أما فى مصر بعد ثورة 30 يونيو العظيمة؛ فالجميع يعيشون تحت مظلة وطنية واحدة هى الدولة المصرية.
«وثيقة الأخُوَّة الإنسانية» حسبما قال الإمام الأكبر أحمد الطيب خلال لقائه بأعضاء لجنة تحكيم الدورة الثانية من جائزة زايد للأخوَّة الإنسانية فى 1 أبريل 2021 هى «مشروع إنسانى متكامل ومَظلة جامعة لكل البشر، وُلدت من رحم الواقع المأساوى الذى يعيشه العالم، ويجب أن يكون استمرار هذا الواقع دافعًا لمواصلة العمل من أجل تطبيقها، وهو ما يحتاج إلى أشخاص صادقين ومحبين للسلام ولديهم خبرات متنوعة فى مختلف المجالات السياسية والدينية والثقافية والحضارية».
وكما أكد البابا فرنسيس فى مقدمته لكتاب «الإمام والبابا والطريق الصعب» للمستشار محمد عبدالسلام: «المؤمنون الحقيقيون هم أولئك الذين يحمون حقوق الآخرين بنفس القوة التى يدافعون بها عن حقوقهم؛ لأن التطرف الوحيد الذى يمكن للمؤمن أن يسلكه هو تطرف الحُب، لذلك يجب ألا نخاف أن نحب الجميع، حتى الأعداء؛ لأن فى حب الله وحب الآخرين يكمن الكنز الحقيقى للمؤمن». نقطة ومن أول السطر
أتمنى أن تهتم لجنة الأخُوَّة الإنسانية بتفعيل «مدونة العشرين» للعمل الإعلامى من أجل الأخُوَّة الإنسانية، ومنها ما يجب التركيز عليه بشكل مكثف، مثل قبول الاختلاف وتعزيز المواطنة والاندماج والعيش المشترك، ونبذ الخطابات التى تهدد مبدأ حرية الاعتقاد واحترام التعدد والتنوع الفكرى، وعدم نشر أو ترويج أى خطاب للكراهية، وتجنب أى محتوى إعلامى محوره المقارنات بين الأديان والعقائد والمذاهب أو الطعن فيها وازدراؤها، والابتعاد عن استخدام المصطلحات التى يرى أصحاب الديانات والأعراق والأجناس المقصودون بها أنها تمثل إساءة لهم وحَطًًا من شأنهم، وكذلك تأكيد حرمة الدم بغض النظر عن الدين أو الجنس أو العرق أو اللون، وعدم ترويج الخطابات التى تبرر القتل، ومواجهة الصور النمطية المسيئة التى يحاول البعض ترويجها وترسيخها عن فئات من البشر بسبب معتقداتهم أو أنواعهم أو أشكالهم أو أعراقهم، وتشجيع المحتوى الإعلامى الإنسانى لإبراز التجارب الإيجابية المتعلقة بقيم الحوار والتسامح والمساواة ونشر الأخُوَّة الإنسانية.
8


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.