بحثًا عن الثراء السريع الذى لا يتطلب أى جهد، لجأ العديد من الأهالى إلى استعراض حياة أطفالهم أمام الكاميرا وعلى السوشيال ميديا لجمع أكبر عدد من المتابعين من الرواد. هؤلاء الأهالى سمحت لهم أنفسهم بقتل براءة أطفالهم أمام الكاميرات لجمع «اللايكات والشير» والمتاجرة بمواهب أبنائهم للوصول إلى ما يسمى «التريند» لكسب المال. فقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعى مؤخرًا سعى العديد من الآباء والأمهات الذين تجردوا من مشاعر الأبوة والأمومة واستغلوا أطفالهم فى عمل فيديوهات عن حياتهم اليومية، وفى مواقف بعضها مثير للضحك وأخرى تسعى لاستعطاف المشاهدين. وهم بذلك جعلوا من الطفل «سبوبة» لتحقيق الربح السريع بنشر مشاهد ومقاطع تنتهك حياته وتستغل براءته ووقته وهو فى أجمل مراحل حياته. كان آخر هذه الفيديوهات التى نشرها والد أحد الأطفال يبلغ من العمر 6 سنوات يروى فيها ما وصف ب «قصة الحب» التى يعيشها مع زميلته والخلافات التى وقعت بينه وبين زميل له الذى يحاول خطف حبيبته منه! نشرت هذه الفيديوهات تحت عناوين تجذب المشاهدين مثل «خناقة رومانسية بين تلميذين»، و«ياسين يخطب بسنت»، و«بسنت خانت محمد»، وللأسف فهى تحمل تعليقات للأب على كلام ابنه مثل: يا رومانسى ويا حبيب، وانتشرت هذه الفيديوهات على «تويتر» و«يوتيوب»، بسرعة رهيبة بمجرد نشرها وتفاعل معها الرواد وسخر بعضهم منها بأنها أفضل قصة حب فى 2020، واستنكر عدد آخر تلك المقاطع متهمين والد الطفل باستغلاله. وهذه هى الحقيقة، فإنه واضح جدا أن ما يقوله الطفل فى هذه المقاطع يملى عليه من أسرته خاصة أن أمور الحب والزواج والخيانة لا تتناسب مع سنه التى لم تتجاوز الست سنوات، ولا يجوز له الحديث عن تلك الأمور بهذا الشكل. ورغم أن برامج «التوك شو» من المفروض أن تهتم بأهم القضايا التى تشغل بال المواطنين والرأى العام محليا ودوليًا، فإنها كانت تتسابق لاستضافة الطفل ووالده وأصبحت مادة للفكاهة وصلت إلى حد قيام إحدى المذيعات بعرض الزواج من ابنتها وترك بسنت، وهو ما يعتبر مشاركة فى انتهاك براءة الطفل الذى استضافه الإعلام للحديث عن أمور أكبر من سنه! فمن غير المقبول قيام أى أب بجعل ابنه الطفل يتحدث عن البنت التى يحبها، ومن غير المقبول أيضا أن تنتشر هذه القصة فى مجتمعنا عن طريق برامج «التوك شو» لأنها تعتبر واقعة استغلال طفل من قبل والده حتى يجنى أرباحًا. وعلى الإعلام أن ينتقى الشخصيات فى برامجه ويصدر نماذج إيجابية للمجتمع، فالسوشيال ميديا هى المحرك الأساسى لحياتنا الآن، وهى سلاح ذو حدين..