على مدار ثلاث دورات تولى الكاتب والمنتج «محمد حفظى» رئاسة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى. ورغم أنه أصغر رئيس تولى إدارة المهرجان الأقدم على مستوى مصر والوطن العربى؛ فإنه استطاع أن يمر لبر الأمان بدورتين كان بهما الكثير من العقبات. والآن، ينتظر انطلاق الدورة الثالثة والتى تُعد الأصعب بين الدورات الثلاث.. عن أهم ملامح النسخة ال42 للمهرجان القاهرة السينمائى، وكيفية تعامله مع أزماتها كان هذا الحوار.. ما أبرز التحديات التى تواجهك فى هذه الدورة؟ - بالطبع جائحة كورونا، فنحن حتى شهر سبتمبر الماضى كنا نعمل على تحضير المهرجان؛ دون أن نعلم إذا كانت ستعقد الدورة هذا العام أم لا، ولم نتأكد حتى وقت قريب من إمكانية حضور الضيوف وتوفير الرعاة الرسميين وغيرهما من عوامل إقامة الدورة، وإن لم يكن لدينا شك فى إيجاد أفلام جيدة، لأن أغلب المهرجانات الدولية تم إلغاؤها، وهناك عدد كبير من الأفلام التى تنتظر المشاركة بمهرجان دولى، ورغم تقليل عدد الأفلام المشاركة بالدورة فإننا كنا أمام اختيارات كثيرة جيدة، ولكن على خلاف الدورة الماضية، التى كانت كبيرة وبها الكثير من الأنشطة والفعاليات ومشاريع الدعم وحضور470 ضيفًا من خارج مصر، فنحن فى هذ العام نحاول الارتقاء بالمهرجان من خلال أسماء أعضاء لجان التحكيم ومستوى الأفلام. ولكن المشكلة أن كل شيء تم تقليصه بسبب الجائحة، وهناك برامج تم حذفها ومنها برنامج عروض الأفلام المصرية وأفلام الدولة «ضيفة شرف» المهرجان، وحتى عروض البانوراما الدولية تم تقليصها من 42 فيلمًا عُرضت فى العام الماضى إلى 12 فيلمًا فقط؛ وتقلصت الميزانية وعدد الرعاة. هل حاولتم التواصل مع أسماء كبيرة من الضيوف الأجانب مثلما يحدث كل عام؟ - بالفعل حاولنا ولا نزال نحاول حتى اللحظة، ورغم قلة عدد الضيوف الأجانب هذا العام إلا فإننا نحاول بشكل مستمر. فنحن أعلنا عن حضور الممثل البريطانى «روفوس سيويل» ورئيس لجنة التحكيم «ألكساندر سوكوروف» والكاتب البريطانى «كريستوفر هامبتون» المكرم بجائزة الهرم الذهبى التقديرية وغيرهم من أعضاء لجان التحكيم من العرب والأجانب، وحتى الآن تم تأكيد حضورهم. هل من الممكن أن يتم التفاعل معهم عبر الإنترنت إذا لم يتمكنوا من الحضور؟ - هذا الأمر وارد، وإن كنت لا أحبذ عمل لجنة التحكيم عن بعد؛ أو بمشاركة افتراضية، ولكن بالنسبة لبعض الفعاليات الأخرى مثل أيام القاهرة لصناعة السينما، فهناك مشاركة افتراضية عبر الإنترنت، ومنها المحاضرة التى سيقدمها المخرجان، الفلسطينى «هانى أبو أسعد» والروسى «أندريه كونشالوفسكى».. ومن الممكن أن نتواصل مع باقى صنّاع الأفلام عن طريق إقامة ندوة ما بعد الفيلم عبر الإنترنت أيضًا. مهرجان «الجونة» كان ملتزمًا بجميع الإجراءات الاحترازية، ومع ذلك وقع عدد من الإصابات بفيروس كورونا.. ما الإجراءات الإضافية التى سيتخذها القاهرة السينمائى؟ - الضيوف الأجانب سيخضعون لاختبارات وتحاليل داخل المطارات، وسيتم إخضاع الصحفيين والإعلاميين الذين يرغبون فى تغطية المهرجان لإجراء تحاليل إجبارية قبل تغطية الفعاليات. بينما تم الإعلان عن تحاليل مجانية لضيوف المهرجان من الفنانين المصريين، ولكنى لا أستطيع إجبارهم عليها. ولا يمكننى إجبار جمهور المهرجان من طلبة ونقاد وسينمائيين وجمهور عادى على هذه التحاليل، ولكن سيتم فرض إجراءات إجبارية مثل التباعد الاجتماعى وارتداء الكمامات وقياس درجات الحرارة وقت الدخول، وأيضًا تطهير القاعات بعد كل عرض وغيرها من الإجراءات التى قد تقلل من فرص انتشار المرض، وبالمناسبة أعتقد أن أغلب حالات الإصابة التى تم تسجيلها بعد مهرجان الجونة جاءت بسبب الحفلات التى أقيمت على هامش المهرجان وليس من فعاليات المهرجان نفسه.. ولذلك ناشدت الرعاة الرسميين لمهرجان القاهرة بعدم إقامة حفلات كبرى على هامش المهرجان، وإذا قام أحدهم بالتطوع بإقامة حفلة شخصية لن تتم تحت اسم المهرجان ولن ندعو ضيوفنا لها حتى لا تتكرر نفس المشكلة.. وهذا ليس انتقادًا منى لمهرجان الجونة؛ ولكن تلك الحفلات تمت إقامتها من الرعاة هناك للتسويق لمنتاجاتهم، أو للترحيب بضيوف المهرجان وغيرهما من العوامل التى أدت لإقامتها، لكن الظروف الصحية التى تمر بها البلاد لا تسمح بذلك فى الوقت الحالى. هل كنت مع الأصوات المنادية بتأجيل الفعاليات الفنية هذا العام؟. - أنا لم أتضرر من تأجيل المهرجان، ولكن هناك من سيتضررون لوقف تلك الفعاليات ومنهم صنّاع الأفلام التى لا تجد منصة لعرضها، وهناك سينمائيون يحتاجون لفرص تمويل مشروعاتهم، وهناك جمهور محروم من مشاهدة السينما العالمية وخاصة أن الأفلام الأمريكية والمصرية قلت بشكل كبير خلال هذا العام.. فهناك مسئولية تقع على وزارة الثقافة ومن ثم على إدارات المهرجانات والسينمائيين المصريين بمساعدة عجلة السينما كى تستمر.. ولو حسبناها مثل الآخرين سوف يتم إغلاق المطاعم والمدارس وغيرها من أماكن التجمعات لعدم انتشار العدوى، ولكن اقتصاديًا واجتماعيًا وعلى كل المستويات سنتضرر، فلأى مدى يمكننا التضحية من أجل الخوف من انتشار المرض.. يجب أن يوجد توازن. هل توقف المهرجانات الدولية الأخرى كان سببًا فى زيادة المشاركات المصرية بالمهرجان؟ - بالفعل فإن توقف أغلب المهرجانات العالمية دفع السينمائيين المصريين إلى التقدم بأعمالهم المميزة لمهرجان القاهرة. فهناك مشاركات مصرية عديدة فى المسابقة الرسمية وآفاق السينما العربية وحتى العروض القصيرة بها أفلام متميزة جدًا. قيل أن هناك فيلمًا مصريًا بالمسابقة الدولية للمهرجان، قد تم رفضه من قبل لجنة المشاهدة، وأنت أيضًا غير راضٍ عن مشاركته، ومع ذلك تم إدراجه بقائمة الأفلام المنافسة.. فما تعليقك؟ - لا أدرى من أين تأتى تلك الشائعات، فهذا الفيلم؛ الذى أرفض ذكر اسمه احترامًا لصناعه على جودة عالية، ولكن كان اللغط بين أعضاء لجنة المشاهدة بسبب تصنيفه للمشاركة بالمسابقة الدولية .. أم مسابقة آفاق السينما العربية، وأعادوا لى القرار، وأيضًا احترت فيه وقمنا برفعه للجنة الاستشارية العليا للمهرجان والتى تبت فى مثل هذه الأمور وتم إدراجه للمنافسة فى المسابقة الدولية، ولكن الفيلم مستواه ممتاز وإذا كان هناك عمل دون المستوى للمشاركة سوف يتم رفضه. بعد استقالة المدير الفنى للمهرجان قمت باستبداله بمكتب فنى، فلماذا لم يتم اختيار مدير فنى جديد؟ - لقد قمت باستبدال عمل المدير الفنى بتقنية جديدة وهى مكتب فنى به عمل جماعى، وأنا كنت أشرف عليه بعد تقسيم الأفلام فيما بيننا طبقًا للنطاق الجغرافى والتبعية لأى مسابقة. معنى ذلك أنه سيتم حذف منصب المدير الفنى فى الدورات المقبلة؟ - بالطبع لا، ولكن هذه الدورة استثنائية، وتمت استقالة «أحمد شوقى» المدير الفنى السابق فى منتصفها تقريبًا، فبدلا من الإعلان عن اسم يتولى الدورة فى منتصفها قررنا أن تتم بعمل جماعى على أن يتم الإعلان عن مدير المهرجان الجديد بدءًا من الدورة المقبلة. هل تأثرت الميزانية المخصصة للمهرجان بسبب الأحداث؟ - بالطبع تأثرت ولكن ليس بنسبة كبيرة، فقد كنت أتصور أن الميزانية ستنخفض للنصف مثلا، ولكن دعم وزارة الثقافة لم ينخفض كثيرا عن العام الماضى، وقد ساعد تقليص الفعاليات وعدد الأفلام والضيوف على أن تتم الدورة بتلك الميزانية. ما هو تقييمك للأداء خلال قيادتك للدورات الثلاث الماضية؟ وهل حققت كل ما كنت تتمناه؟ - منذ توليت رئاسة المهرجان، قلت إننى بحاجة إلى ثلاث سنوات حتى أتمكن من إظهار التطور والتغيير الحقيقى بالمهرجان، ولكن للأسف الدورة الحالية لا يمكن حسابها بسبب الظروف التى مر بها العالم، ولكننا كفريق بذلنا قصارى جهدنا، وبشكل عام أنا سعيد بما قدمته وحققت نسبة كبيرة مما كنت أخطط له، والأهم أن الجمهور يلتمس تلك التغيرات وليس أنا. هل ستقبل رئاسة المهرجان فى الدورة المقبلة؟ - لا أعلم حتى الآن إذا كنت ضمن الأسماء المقترحة لرئاسة المهرجان للفترة المقبلة أم لا، ولكن إذا عُرض علىَّ الأمر سأفكر بجدية. هل أثر المهرجان على عملك كمنتج وسيناريست؟ - بالطبع أثر علىَّ كثيرًا، ولكى أصنع التوازن بين عملى كرئيس للمهرجان وكمنتج كنت أحاول التركيز وتقسيم الوقت. فمثلا قمت فى العام الماضى بتأجيل العمل لثلاثة أشهر فى إنتاج مسلسل (ما وراء الطبيعة) بسبب المهرجان، حتى أستطيع التركيز وإتمام الدورة وبعدها أعود لحياتى العملية.