تمضى أيام العزل المنزلى ثقيلة على قلوب البعض.. إذ بات كل شىء روتينيًا.. وأصبحت الأيام نسخة مكررة من بعضها.. بين مشاهدة التلفاز وتناول الطعام وتصفح الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى.. لكن هناك فئة أخرى وجدوا تلك الأيام بمثابة فرصة ذهبية لتطوير مهاراتهم.. وقرروا استثمار الوقت فى تحقيق أهدافهم المؤجلة.. منهم من اتجه إلى الدورات التدريبية المجانية والكورسات الأونلاين لإتقان اللغة الإنجليزية وتعلم لغاتٍ جديدة.. وكان للأمهات نصيب من هذا الحماس حيث قاموا بدور المُعلم فى المنزل وخصصوا أوقاتًا للمذاكرة ومراجعة الدروس.. فتحولت العزلة إلى إنجاز. يوسف: طورت نفسى فى الإنجليزى
اعتاد يوسف محمد سيف (23 عامًا) على تطوير ذاته وتنمية مهاراته، ومع أزمة فيروس كورونا والعزل المنزلى أصبح لديه متسع من الوقت للقيام بالمزيد، يقول: «بعد ما خلصت كل الدورات التدريبية اللى كنت مشارك فيها قبل الحظر لقيت عندى وقت كبير لإنى مش من هواة المسلسلات والأفلام، واتجهت لمنصات التعلم عن بُعد زى إدراك وكورسيرا ويو أكاديمى، اشتركت فى عدد من الدورات بشكل مكثف وتفصيلى بدل المضغوط على المنصات الإلكترونية ولقيت الأمر ممتعًا جدًا وتعاونًا واضحًا منهم زى جامعة لندن فى بريطانيا وجامعة فيرجينا وجvامعة بنسلفنيا فى أمريكا وحتى جامعة توكيواتشو فى اليابان».
تخرج يوسف فى كلية التجارة الإنجليزية، جامعة سوهاج، ويعمل محاسبًا قانونيًا، لكن رحلته للتعلم لم تقتصر على سنوات الجامعة: «خدت دبلومة فى المحاسبة والتحليل المالى من جامعة إييز فى المملكة المتحدة، دورة تطوير الإنجليزى من جامعة بنسلفنيا، دبلومة ريادة الأعمال من جامعة بنسلفنيا، دبلومة إدارة الأعمال والتخطيط الحديث للشركات، ماجستير إدارة الأعمال من جامعة لندن، كورس المحاسبة المالية جامعة فيرجينا، دورة تطوير وإصلاح الذات دورة تحسين مهارات التواصل بالإنجليزية وتدريب خدمة عملاء».
يؤكد «يوسف» أنه يشعر بضغوط كثيرة وسط الأهداف التى يسعى لتحقيقها، حتى إنه كثيرًا ما يتخلى عن راحته ونومه فى سبيل إنجاز ما لديه: «الوقت مضغوط لأني كنت متابع كذا دبلومة وكورس من أكتر من جامعة وفى اللى مواعيدهم كانت بالليل وفى بالنهار فالأمر كان مرهقًا بسبب تعدد الواجبات المكلف بإنجازها وتسليمها فى وقتها واختلاف وكبر المهام أحيانًا وكان لازم تضحية بالراحة عشان أحقق أهدافى».
ندى: أمارس هواياتى فى العزل
اكتشفت ندى محمود (20 عامًا) ذاتها خلال فترة العزل المنزلى، حيث استطاعت أن تتعرف على مهاراتها وتميز نقاط القوة والضعف لديها، تقول: «محدش ياخد الحوار بزعل، ناس كتير مننا اكتشفت إنها شاطرة فى حاجات هى نفسها مكنتش عارفة إنها شاطرة فيها سواء ترجمة أو دوبلاج أو غيره، ناس كتير بقى عندها وقت تهتم بنفسها وتلعب رياضة أكتر وتغير روتين يومها، أنا كنت بنزل الكلية من 8 الصبح وأرجع الساعة 5 وكنت باخد كورسات لحد 9 بليل، بقى عندى وقت أمارس هواياتى واقعد مع أهلى أكتر».
مؤكدة أن هناك كثيرين ممن حولها بدأوا فى دراسة مستويات متقدمة فى لغات جديدة، ودعموا ذلك بمشاهدة الأفلام والمسلسلات: «ناس كتير اتعلمت كذا لغة وحسنوا مهاراتهم فى الكمبيوتر، بقى أخيرًا عندنا وقت نقعد مع نفسنا ونحدد إحنا عاوزين إيه فى حياتنا، وإيه الكارير اللى نفسنا ندخله فى المستقبل، وفيه اللى قدروا يتغلبوا على إدمان السوشيال ميديا لإنهم أدركوا إنهم لو قعدوا شهور ميفتحوش محدش هيحس بغيابهم».
وتشير إلى أنها اتجهت لقراءة الكتب والروايات لقضاء وقت العزل: «باختصار كل حاجة ليها إيجابيات وسلبيات فمحدش يزعل من الفترة دى، لأن بإذن الله هتعدى، بس نحاول نستغلها فى إننا نرجع للعالم أقوى 100 مرة».
محمد: حضرت 5 مؤتمرات وندوات أونلاين فى مصر والخارج
بالتزامن مع فرض الحظر وبدء العزل المنزلى، تحولت كل المهام التى كانت تحتاج إلى الخروج والتنقل إلى مهام منزلية، يتم إنجازها من خلال الإنترنت، الأمر الذى شجع محمد عبدالله (30 عامًا)، على استثمار وقته فى تطوير ذاته ومهاراته، يقول: «حضرت أكتر من 5 مؤتمرات وندوات ومسابقات أونلاين فى مصر وبرا آخرها مؤتمر حاضرت فيها د.هالة السعيد وزيرة التخطيط، وندوة تبع جامعة النيل حاضر فيها د.محمد العريان، واحد من أكبر الخبراء الاقتصاديين فى أمريكا واتكلم عن التأثيرات الاقتصادية للفيروس على الاقتصاد العالمى وحضر معانا فى الندوة د.عمرو موسى، م.طارق نور وناس تانى عمالقة».
حصل «عبدالله» على العديد من الدورات التدريبية فى إدارة الأزمات والتسويق الرقمى، واهتم أيضًا بمجال الصحة النفسية: «خدت كورسات تبع الأكاديمية البحرية، وكورس تبع جوجل وكورسات فى المبيعات وتطوير الأعمال».
ومن جانبه اهتم محمود محمد بتوجيه نصائح من خلال الجروب الخاص به إلى الأعضاء لاستغلال أوقات فراغهم طيلة فترة العزل المنزلى قائلًا: «ركز فى يومك وبطل تفكير فى اللي عدى واللى جاى ركز فى الوقت اللى فى إيدك دلوقتى وركز إزاى تكون مقسم يومك على مهمات حتى لو بسيطة بس تساعدك علشان توصل لأهدافك، والأهم من كل دا مش تنسى الدوافع اللى بتحركك وبتخليك كل يوم بتاخد من وقتك علشان تعلم وتذاكر وتطور من نفسك علشان توصل لهدفك، الاستمرارية هتساعدك توصل بس صدق نفسك واسعى وربنا كريم أوى».
هايدى: اهتميت بالفيتنس فى الحظر
اهتم الدكتور وليد جبر، أستاذ علم النفس الرياضى بكلية التربية الرياضية، جامعة حلوان، بتوجيه نصائح للرياضيين ومساعدتهم على وضع أهدافهم طيلة فترة الحجر الصحى ومواجهة تفشى فيروس كورونا، يقول: «كل واحد لازم يحدد أهدافه ويكتبها، ويربطها بفترة زمنية معينة بإنه يحققها فى شهر أو أسبوع، وبلاش نحط أهداف سهلة عشان ميحصلش ملل أو أهداف صعبة جدًا منقدرش نعملها ونحس بإحباط، قيم أهدافك كل أسبوع خلال فترة الحجر الصحى، وكل رياضى لازم يعتبر إن فترة الحجر كإنها إصابة حصلت ليه، لازم أقف على نواحى القوة والضعف فى المستوى بتاعى وأفكر فى أدائى وأطور نفسى وممكن يكون هدفى أحافظ على وزنى فى الحجر الصحى، أو أطور نفسى ومهاراتى العقلية زى الاسترخاء والثقة بالنفس والتصور العقلى، ممكن يكون هدفى أتعلم هوايات جديدة».
كان هدف هايدى أشرف (21 عامًا)، لاعبة السباحة، هو الحفاظ على لياقتها البدنية طيلة فترة الحظر: «هدفى أفضل مهتمة بالفيتنس بتاعتى عشان لما أرجع مستوايا ميقلش، بنمى مهاراتى وبتعلم لغة جديدة وباخد كورسات أونلاين وبدأت أقرب من أهلى وأصحابى».
أما «نور مدحت»، لاعبة منتخب مصر لسلاح السيف، فتقول: «هدفى مبطلش ألعب رياضة وأنمى مهاراتى وأى حد عنده هدف ويفضل وراه لأنها فترة وهتعدى وهنرجع لحياتنا».. من جانبها تقول «ندى سيف»: «لازم تبحث عن ذاتها وتشوف جوانب القوة اللى فيها وتشتغل على نقط الضعف، الواحد يطلع من الفترة دى وهو بيبص لنفسه على إنه نسخة مستحدثة وشخص جديد، ابحثوا عن نفسكم وطوروها».
مى: ذاكرت لابنى المنهج تانى وبعلمه مهارات جديدة
لم يختلف العزل المنزلى كثيرًا فى حياة الأمهات، حيث باتت جداول أعمالهن ممتلئة أكثر مما سبق، يقضين أوقاتهن بين تنظيف المنزل وإعداد الطعام والاهتمام بالزوج والأطفال، تقول «مى محمد»: «إحنا أكتر حد حس بضغط ومسئوليات من بداية العزل المنزلى، وكل حاجة اتكومت علينا، بعد ما ابنى كان بيروح المدرسة والدروس لقيت نفسى لازم أقوم بالأدوار دى عشان هو داخل أولى ابتدائى وهينسى كل اللى خده، ذاكرت ليه منهج كى جى 2 تانى وبعلمه مهارات جديدة، وبحاول أكتشف هو بيحب إيه وإيه هواياته».
أما «إيمان حسن»، تقول: «بذاكر لأولادى الاتنين كل يوم المناهج بتاعة السنة الجديدة لأن الكتب معانا، وبحاول أخليهم يتجهوا لوسائل ترفيه بديلة وبعيدة عن النت والألعاب عشان مستوى ذكائهم يبقى أعلى، طبعًا معنديش وقت من بداية كورونا بس بحاول أعمل كل حاجة عشان محسش إن الوضع مأثر علينا وبحاول أستفيد من التجربة وأتأقلم على الحياة لحد ما كل حاجة ترجع».