تحظى المهرجانات الإسبانية بشهرة واسعة، كونها الأغرب والأكثر إثارة على المستوى العالمى، فضلًا على كونها مهرجانات اجتماعية لا تأخذ الطابع الدينى، ولكل مهرجان منها طابعه الخاص النابض بالحياة، وسحره الفريد الذى يستمده من التقاليد والعادات المتوارثة عَبر الأجيال. الأربعاء الأخير من شهر أغسطس من كل عام، تشهد شوارع بلدة بونيول القريبة من فالنسيا واحدًا من أغرب المهرجانات حول العالم؛ حيث تتحول الشوارع إلى أنهار من الطماطم، بعد معركة يشارك فيها الآلاف من الإسبان والسُّياح. خلال La Tomatina أو مهرجان الطماطم، تقليد يتكرر سنويّا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تستمر فعالياته لمدة أسبوع، تتخلله عروض موسيقية ومسرحيات وألعاب نارية، وخلاله تتحول شوارع البلدة الصغيرة إلى أنهار من عصير الطماطم؛ حيث يرمى الناس من جميع أنحاء البلدة الطماطم الناضجة على بعضهم البعض فى معركة شرسة تشارك فيها النساء والرجال معًا، وتقرّها الدولة لمدة ساعة وبعدها تتم تغطية ساحة البلدة بحطام الطماطم، وتقوم سيارات الإطفاء بتنظيف الشوارع بالخرطوم، وغالبًا ما يستخدم المشاركون الخراطيم التى يوفرها السكان المحليون لإزالة الطماطم من أجسامهم. يستعمل المشاركون فى المهرجان نحو 160 طنّا من الطماطم، ويشترط أن يعصر المحتفلون الطماطم قبل قذفها لكى لا تؤذى أو تجرح المحتفلين، ويشترط ارتداء النساء ملابس بيضاء وعدم ارتداء الرجال أى قمصان، بينما يرتدى الكثير من المشاركين نظارات واقية للسباحة أو معدات الغطس لإبعاد الطماطم عن أعينهم، وتقوم المحال باستخدام الأغطية البلاستيكية على الواجهات لكى تحميها من الأذى والضرر. الطماطم التى تُستخدم فى التراشُق من نوعية رديئة غير صالحة للأكل، ويشارك المواطنون والسُّياح فى إزالتها وتنظيف الشوارع منها مع عمال البلدية، بعد نهاية المعركة، ويشتمل المهرجان على مسابقة عالمية فى طهو طبق «Paella» الذى تشتهر به غوطة فالنسيا موطن زراعة الأرز. انطلق المهرجان الأربعاء 28 من أغسطس بفاعلية غريبة؛ حيث توافد المشاركون على ساحة البلدة الرئيسية منذ ساعات الفجر الأولى، قبل أن تقفل الشوارع المؤدية إليها، بعد تجمُّع أكثر من 30 ألف شخص، إضافة إلى سكان البلدة الأصليين. وفى الساعة الحادية عشرة تم إعطاء إشارة الانطلاق، عندما تَسَلّق أحد الرجال عمودًا خشبيّا مدهونًا بالشحم مُعَلقة فى قمته قطعة من لحم الخنزير؛ ليبدأ المشاركون بمراشقة بعضهم بالطماطم التى تكون شاحنات قد نقلتها إلى أماكن معينة. تستمر معركة الطماطم ساعة كاملة تتحوَّل فيها الساحة إلى سجّادة حمراء تسيل عليها الطماطم، وتتقاطر من الوجوه والعيون؛ حيث يُعَد المهرجان فرصة كبيرة تجعل مدينة بونيول الصغيرة واحدة من أكثر الوجهات السياحية شعبية فى المنطقة، فرُغم أن الإقامة نادرة ومكلفة فى المدينة نفسها؛ فإن أيام المهرجان تسجل الفنادق القريبة والمحيطة بالمدينة نسبة إشغالات تصل ل100 %. يستقطب المهرجان أكثر من 100 ألف شخص، ومنذ عام 2013م اقتصرت المشاركة فى الحدث على حاملى التذاكر المدفوعة بعد أن كان مجانيّا وكان عدد المحتفلين وقتها يتراوح بين 40 ل 50 ألفًا، وارتفع العدد بعد ذلك ليصل إلى 90 ألف شخص، وتم تنظيم الاحتفالية من خلال بيع التذاكر الخاصة للاشتراك، وذلك من أجل تحديد أعداد المشاركين لمنع حدوث أى حوادث أو جرائم. المهرجان قدّم هذا العام عدة أنواع من التذاكر بدأت أسعارها من 12 يورو، وطرحتها جمعية تجار بونيول من خلال علامتها التجارية Original Tomatina وشملت جولات رسمية، وتذاكر أخرى تتراوح تكلفتها ما بين 30 و100 يورو تشمل النقل من مدن مختلفة ودخول المهرجان بالإضافة إلى الفاعليات ومعلومات حول الإرشادات الواجب اتباعها للمشاركة فى الحدث وشرحًا موسعًا للمهرجان وخريطة تفصيلية. يعود تاريخ المهرجان إلى الأربعاء الأخير من شهر أغسطس عام 1945م عندما قضى بعض الشباب الوقت فى ساحة البلدة لحضور عرض الشخصيات العملاقة والرؤساء الكبار، وتسببت الطاقة المرحة فى سقوط أحد المشاركين، الأمر الذى جعله يدخل فى نوبة من الغضب وبدأ يضرب كل شىء فى طريقه، وكان هناك كشك سوق للخضروات وقع ضحية غضب الحشد، فبدأ الناس فى قذف بعضهم بعضًا بالطماطم حتى أنهت القوات المحلية معركة الطماطم الشرسة. وفى العام التالى انخرط بعض الشباب فى مشاجرة مخططة مسبقًا وجلبوا الطماطم الخاصة بهم من المنزل، كما يقال أن أصل المهرجان يعود إلى تجمُّع بعض الشباب فى ساحة البلدة حول مطرب يغنى ويعزف على قيثارته ألحانًا تنافس صوته فى النشاز والرداءة، وصادف أن كان بجانبه بائع خضروات من بينها طماطم، فراحوا يرمونه بها إلى أن حمل قيثارته وغادر الساحة والبلدة إلى غير رجعة، وتحوَّل المهرجان بعد ذلك إلى تقليد سنوى. تم حظر La Tomatina فى أوائل الخمسينيات، ولكن الناس احتجوا على الحظر وتم السماح للاحتفال مرّة أخرى بمزيد من المشاركين تم إلغاء الاحتفال مرّة أخرى حتى عام 1957م ولكن احتج الناس وقتها بطريقة غريبة بتنظيم مظاهرة حمل فيها السكان نعشًا بداخله حبة طماطم ضخمة ورافق العرض فرقة موسيقية لعبت مسيرات الجنازة كان الاحتجاج ناجحًا؛ حيث تم السماح بمهرجان La Tomatina وأصبح مهرجانًا رسميّا معترفًا به فى إسبانيا وبدأ الاحتفال به فى باقى أنحاء إسبانيا، ومنذ ذلك الحين زاد عدد المشاركين سنة بعد الأخرى بالإضافة إلى الإثارة حول مهرجان الطماطم فى عام 2002م، تم درج La Tomatina of Buñol كاحتفالية سياحية دولية من قِبَل وزير السياحة فى كل برامج الشركات السياحية. ذاع صيت المهرجان فى العديد من البِلدان الأخرى، ومنها الولاياتالمتحدةالأمريكية مثل مهرجان معركة الطماطم فى كولورادو، الذى بدأ منذ عام 1982م ولاقى رواجًا كبيرًا، ويشترك فيه ما يقرب من 2000 شخص من السكان المحليين ويستهلك فيه نحو 300 ألف رطل من الطماطم المحمصة فى معركة كبيرة تليها موسيقى حية وشرب للخمور، كل ذلك مقابل 40 دولارًا تقريبًا. ويستضيف مخططو المهرجانات معارك الطماطم فى ولايتَى جورجيا وتكساس ومدينة رينو بولاية نيفادا بالولاياتالمتحدة فى معركة طماطم سنوية مدتها ساعة واحدة بدأت فى عام 2009م يوم الأحد الأخير من شهر أغسطس ونظمته جمعية السرطان الأمريكية؛ حيث أطلق المنظمون على المهرجان «لا توماتينا» ومنح الفضل الكامل للفكرة فى المهرجان الإسبانى. ويقام فى مدينة سوتامارشان الكولومبية حدث مماثل فى 15 يونيو مع حصاد فائض من الطماطم؛ خصوصًا أن المنطقة تُعَد صاحبة أكبر كمية من إنتاج الطماطم فى جميع أنحاء أمريكا اللاتينية، وتقيم كوستاريكا فى مدينة سان خوسيه دى تروخاس (كانتون فالفيردى فيجا)، وهو مهرجان سنوى مشابه، وفى مدينة دونج قوان بمقاطعة غوانغدونغ الجنوبية فى الصين تجرى سنويّا معركة طماطم فى 19أكتوبر مستوحاة من مهرجان Tomatina الذى يقام سنويّا فى مدينة بونيول بإسبانيا؛ حيث قام الصينيون بتقليد معركة الطماطم الشهيرة باستخدام 15 طنّا من الطماطم. تحتضن إسبانيا العديد من المهرجانات المثيرة للجدل والغريبة من بينها ما أدانته منظمات حقوق الحيوان ووصفتها بالوحشية والمروعة وطالبت بضرورة إلغائها، وأشهرها مهرجان النمل الذى صُنّف ضمن قائمة أغرب الاحتفالات السنوية، ويحرص المشاركون فيه على استفزاز بعضهم البعض من خلال إلقاء المناشف الملطخة بالوحل إلى جانب الأكياس المليئة بالنمل والحشرات الزاحفة بعد وضع كمية من الخل لإثارة غضبها. أمّا مهرجان الأوز، فيقوم المشاركون فيه بركوب الخيل والجرى بها ومن ثم يقطعون رؤوس الأوز المعلقة فى الحبال، وهو من التقاليد القديمة التى تعود إلى العصور الوسطى، وبدأ كتدريب عسكرى فى الوقت الذى كان يحارب فيه الإسبان المسلمين، وهناك بعض المصادر تشير إلى أن أصل الاحتفال يعود لإحياء ذكرى معركة العقاب التى قطع فيها رؤوس 70 ألف مسلم بعد انتصار الإسبان على دولة الموحدين عام 1212م. أمّا مهرجان سان فيرمن للثيران فيعود أصله إلى رياضة إسبانية قديمة تتم فيها المواجهة بين المُصارع والثور فى حلبة على مرأى ومسمع من الناس الذين يحضرون لمشاهدة تغلب الإنسان على الحيوان، وتبدأ المصارعات باستعراض المصارعين الراكبين والراجلين والمساعدين المترجلين الذين يساعدون المصارع فى حال ظهرت الحاجة لتشتيت انتباه الثور عن المصارع وتنتهى المصارعة بمصرع الثور وتدخل البغال لجَرّ الثور للخارج ويكون الجزارون بانتظاره ليتم تقطيع لحمه وبيعه.