فى 3 ديسمبر الماضى، وبمناسبة اليوم العالمى للإعاقة والاحتفال بأصحاب ذوى الاحتياجات الخاصة، كان العالم والمنطقة العربية، على موعد مع حدث قلما يتكرر فى المشهد الإعلامى العالمى، حيث أطلت عبر هواء الفضائيات بوجهها البشوش وثغرها المبتسم، واحدة من أصحاب الهمم لتقول للعالم أن ذوى الإعاقة جزء أصيل من المجتمع، تغير المفهوم الخاطئ عنهم، لتؤكد للجميع أنهم أصحاب عزم وحلم، وتحقق مقولة «من رحم الأزمة تولد المعجزات». رحمة خالد الفتاة العشرينية المصابة بمرض متلازمة داون كانت أول مذيعة من ذوى الاحتياجات الخاصة، تكسر النمط الذى كان سائدا طيلة سنوات عديدة حول المواصفات الخاصة للمذيعة، التى طالما تحدث عنها الكثيرون بقوامها وشكلها ولكنتها، دون النظر إلى ثقافتها، فظهور رحمة على شاشة قناة الغد العربى التى تُبث من داخل مدينة الإنتاج الإعلامى فى برنامج صباحى، جاء ليؤكد أن تحقيق الحلم ليس بالمحال، وبعد أول ظهور لها بأسبوع جاء الإعلان من المنتج هشام سليمان، رئيس شبكة قنوات dmc، بالتعاقد لتنضم إلى مقدمى برنامج «8 الصبح». من السباحة للتليفزيون أول مذيعة مصابة بمتلازمة داون، هكذا اشتهرت رحمة خالد فى الوسط الإعلامى، فبين ليلة وضحاها أصبحت من أشهر مذيعات العصر، وسبق لها أن تُوجت بلقب المرأة الأكثر تأثيرًا لعام2015، واعتبرت الفتاة الأصغر سنًا فى قائمة النساء المصريات المميزات، إضافة لمسارها الثرى على المنصات الرياضية؛ إذ حصدت ألقابًا وطنية وأولمبية وعالمية فى رياضتى السباحة والتنس. رحمة تعد أصغر فرد فى أسرتها، استطاعت بفضل إصرارها، فى عمر22 ربيعًا أن تصنع الحدث ويسطع نجمها عاليًا، بدأت رحلتها وحلم التحدى وهى فى عمر 8 أعوام، حيث تجاهلت والدتها إصابتها بمتلازمة داون وأدخلتها عالم الرياضة، بعد عمل شاق واجتهاد فى التدريبات، فازت ببطولة عام 2009 للسباحة وعمرها لم يتجاوز13 عامًا، ثم تأهلت ومثلت مصر فى بطولة الألعاب الإقليمية التاسعة فى سوريا، وحصلت على أربع ميداليات. وعقب ذلك اشتركت رحمة فى بطولة كأس مصر، وتأهلت إلى بطولة العالم التى أُقيمت فى إيطاليا، وحققت المركز الأول فى بطولة السباحة للأولمبياد لسنة 2010 و2011، وتوجت بلقب المرأة الأكثر تأثيرًا لعام 2015، وحازت على 170 ميدالية فى السباحة وتنس الطاولة. طموحها لم يتوقف عند الجانب الرياضى فقط، فبعد تخرجها في معهد الفندقة والسياحة، عملت كمذيعة تليفزيونية ونجحت فى جذب أنظار الجميع من خلال تقديمها فقرة فى برنامج «8 الصبح»، فضلًا عن مشاركتها فى العديد من النشاطات والمساهمات الإيجابية، كالتصوير وتربية الحيوانات، والمشاركة فى تقديم الحفلات والمؤتمرات، وحضورها الدائم فى أنشطة التوعية التى تقام فى المدارس لدمج أصحاب ذوى الإعاقة، كما أن حبها للتمثيل قد يكون وراء خطة رحمة المستقبلية للدخول فى هذا المجال، حتى إن هيئة الأممالمتحدة للمرأة فى مصر، أشادت كثيراً بالإنجازات التى حققتها. «دى إم سى» فى إطار دعمها لذوى الاحتياجات الخاصة لم تتوقف فقط عند تعيين رحمة خالد ضمن فريقها، ولكن أطلقت قناة خاصة على يوتيوب، لعرض برامج ذوى الاحتياجات الخاصة بلغة الإشارة للصم والبكم، ليتمكنوا من مشاهدة وفهم الأفلام والبرامج الترفيهية المعروضة دون أى اختلاف عن أى فرد سوى،وشارك شباب النقابة المستقلة العاملون بترجمة لغة الإشارة بأداء متميز داخل القناة من خلال ترجمة عدد كبير من مقاطع البرامج والأخبار لربط الصم بجميع المستجدات والأحداث بعد عهود من التجهيل واللامبالاة بوجودهم كشريحة كبيرة. المترجمون قدموا اقتراحًا بتدريب وتأهيل الصم وضعاف السمع على العمل الإعلامى، ومن ثم فتح سوق العمل لهم بالقناة مثل مترجمى لغة الإشارة فى خطوة تجمع بين تأهيل تلك الفئة والقضاء على البطالة بينهم، ومن بين المجالات التى يمكن للصم وضعاف السمع التدريب عليها (التصوير، المونتاج، التغطية الميدانية، المراسل التليفزيونى،الإعداد، غرفة الأخبار، التقديم التليفزيونى). أول مراسلة كفيفة تسلل الظلام إلى عالم سلوان نصر شيئًا فشىء، بعد إصابتها بسرطان المخ وهى فى عمر ال4 سنوات، المشهد كله كان يوحى بأن الفتاة ستنتهى حياتها خلال بضعة أيام، لكن الأسرة لم تستلم وواصلت علاجها، فتحولت من طفلة، لمحاربة سرطان حتى أصبحت شابة يافعة، لتثبت للعالم أن الظلام بالعقول الواقفة وليس بنور بصرها المفقود. سلوان صاحبة ال 16 عاما، تقطن بقرية العوامية- الأقصر، ودخلت فى حرب مع المرض اللعين لسنوات كبيرة، خاضت مع والدتها الحرب بعد وفاة والدها عام 2006، فبعد تشخيص حالة سلوان، صُعقت الأم من الأمراض المتلاحقة على فتاتها التى مازالت تخطو خطوتها الأولى بالحياة. ظلت الأم تتنقل بطفلتها بين مستشفيات سرطان الأطفال المختلفة فى مصر، حتى وافق مستشفى سرطان الأطفال 57357 على استقبالها، وبدأت رحلتها مع الكيماوى، تناوبت على ما يقرب من 45 جلسة كيماوى فى الفترة ما بين الصف الثالث والسادس الابتدائى فى محاولة صارمة للسيطرة على الورم الذى انتشر داخل خلايا المخ بصورة كبيرة وتكافحه ليومنا هذا. لم تستسلم سلوان لعالم العلاج والروشتات، وقررت السير بحياتها بشكل طبيعى، فكان التليفزيون شغفها، حيث قررت سير طريقها به، وكأن القدر استجاب لدعوة السنوات، فوجدت فرصة من خلال مبادرة «اصنع فرصة لمراسلة الراديو» وتواصلت مع صاحب المبادرة وأرسلت لهم سؤال «ينفع كفيف يشارك؟» وافق القائمون على الحملة على إجراء الاختبار من خلال فيديو قصير لها يتم تصويره، ونجحت بالفعل وأصبحت مراسلة بالأقصر. تواجدها فى أى مكان يلفت الانتباه لها، لنبوغها وقدرتها الهائلة على التقديم بالإضافة للباقتها وتمكنها من اللغة العربية رغم صغر سنها، ولم تكتفِ سلوان بموهبة التقديم وحسب، بل زاد تفوقها وفنها للرسم بأناملها الصغيرة رسوماتها عن طريق بصمة يدها، وبعد ذلك حققت سلوان حلمها لتصبح مراسلة فى قناة «الحدث اليوم» ببرنامج «التحدى»، الخاص بشئون كرة القدم. الميكرفون يبتسم لرضوى كتبت رضوى حسن الانطلاقة الأولى للمكفوفين فى الإذاعة، حيث تعلقت روحها منذ الطفولة بعالم الإذاعة ومحاكاة الجمهور خلف الميكروفون والهواء، كانت تتابع بشغع برامج الراديو والإذاعات الدولية والمحلية، أصوات مشاهير المذيعات لاسيما «إيناس جوهر» كانت دائما عالقة فى أذنيها، ومحطة الشرق الأوسط أنيسها فى ثنايا الليل، وفى كثير من الأحيان، كانت تجلب شرائط الكاسيت الفارغة وتترك العنان لفصاحتها وخيالها، وتبدأ فى تأليف اسكريبت فى نفس اللحظة وإذاعته عبر شرائطها وتستمع لنفسها على أمل ممزوج باليقين أن الجميع سينصت لصوتها يومًا ما. خطأ طبى قديم، حال بين رضوى وأبسط أحلامها وهى نور البصر لأكثر من 27 عاما، البداية كانت مع ولادتها قبل أوانها، ما دفع الطبيب لوضعها فى إحدى حضانات الأطفال لحين اكتمال النمو بشكل صحيح صحى وسليم، وبسبب التشخيص الخاطئ والعلاج المترتب عليه، فقدت رضوى بصرها للأبد، وسط تقبل كبير ورضا من الأهل. العمل بالإعلام كان الحلم الذى يراودها يومًا بعد يوم، فبدأت بالمشاركة فى الإذاعات المدرسية بالإضافة لدراستها الجادة بمرحلة الثانوية العامة، لتتمكن من حصد مجموع يؤهلها للالتحاق بكلية الإعلام لاسيما قسمها المفضل الإذاعة والتليفزيون، وهو ما حدث وتخرجت فيه عام 2011. بعد التخرج دأبت على حضور دورات تدريبية إذاعية، وخلال المشاركة بإحدى الدورات مع الفنان خالد النبوى فى برنامجه «ابتدى» عام 2014، قالت بشكل عفوى «نفسى أشتغل مذيعة»، أيام قليلة وتواصلت معها إذاعة 9090 لتقديم برنامج بعنوان «يالا بينا» وظلت تداوم على العمل بالإذاعة برفقة زميلتها رضوى الشيمى،حتى رشحتها الإذاعة للعمل ببرنامج «السفيرة عزيزة» على فضائية DMC، لتضع قمها على طريق النجاح الذى طالما حلمت به.