خطوات جادة اتخذها الإعلام المصري مؤخرا تجاه ذوي القدرات الخاصة, حيث كانت تمنعهم الإعاقة عن حلمهم بالوقوف أمام الكاميرا, ليتحولوا من مجرد نماذج يعرضها الإعلام المصري علي الشاشة إلي أصحاب رأي وفكر يقودون المجتمع, رافضين أن تكون إعاقتهم سببا في قتل حلمهم.. رحمة ورضوي نموذجان من ذوي الاحتياجات الخاصة قدمهما الإعلام المصري إلي الجمهور ليعلن للعالم مساندته لقضايا أصحاب الاحتياجات الخاصة والوقوف بجوارهم في سبيل تحقيق الحلم.. الأهرام المسائي تتناول في هذه السطور دمج هذه النماذج المميزة في الإعلام ومدي قابلية نجاح التجربة واستمرارها بل والتوسع فيها, كما تتحدث مع أبطال القصص الذين نجحوا في الوصول إلي حلمهم الكبير لينتصروا علي الإعاقة: تقول رحمة خالد بطلة السباحة, التي قامت بتقديم برنامج8 الصبح, إنها سعيدة بهذه الخطوة التي كانت تتمناها, قبل أن يفسدها البعض بسبب ما تعرضت له من تنمر علي مواقع التواصل الاجتماعي وهجوم بمجرد الإعلان عن تقديمها لبرنامج8 الصبح, مشيرة إلي أن من هاجموها لم ينتظروا حتي يروها علي الشاشة ليقيموا أداءها ولتتعلم من هذه الآراء لا أن يسخروا منها, كما أنه لا يجوز الحكم من الحلقة الأولي لها علي الشاشة, ورغم ذلك تري رحمة أنها نجحت في أن تتخطي عقبة الحلقة الأولي لبرنامج يقدم علي الهواء مباشرة رغم كل هذا الهجوم. وأوضحت رحمة في حديثها لالأهرام المسائي أنها ستكمل مشوارها وستسمر, حتي تثبت لهم أنها ناجحة ومتميزة وتستطيع تقديم أعمال تساعد بها المجتمع. وأضافت أن التدريب علي البرنامج لم يستغرق وقتا طويلا, لأنها كانت تركز في كل التفاصيل خلال فترة التدريبات التي تلقتها, وكيفية الوقوف أمام الكاميرا والنظر لها, وكذلك طريقة الإلقاء, بثبات انفعالي دون اهتزاز لأنها تقدر جيدا أهمية منحها فرصة بتقديم برنامج مباشر, وهو ليس بالأمر السهل, وبالتالي حرصت علي تلقي كل معلومة بتركيز شديد وحفظها والسير بها في كل خطوة. وأشارت إلي أنها سجلت عددا من اللقاءات حيث كانت أول حلقة مع الفنانة يسرا, والتي كانت متعاونة للغاية, وتدعمها وتشجعها طوال مدة اللقاء, أما بالنسبة للإعلاميين الذين يساندونها فكان في مقدمتهم المذيع رامي رضوان, وآية جمال الدين, موضحة أن هناك أشخاصا كثيرين من عدة مجالات يدعمونها مثل الرياضة وأفراد عائلتها وأصدقائها الحريصين دائما علي تشجيعها ودعمها.. تصمت رحمة قليلا ثم تقول إحنا أبطال. وأضافت أنها تتمني تقديم تجربة برنامج بمفردها إذا وفقت في هذا البرنامج والذي ستتعلم منه أكثر وأكثر, رافضة فكرة التخصص في نوع محدد من البرامج, بل ترغب في خوض جميع مجالات الحياة من خلال الشاشة. علي الجانب الآخر, قدم الإعلام المصري نموذجا آخر لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال الدفع بالإعلامية رضوي حسن التي لم يمنعها غياب بصرها من المثابرة والإصرار علي هذا الحلم لتشارك في تقديم برنامج السفيرة عزيزة علي قناةDmc, ومن قبلها عملت كمذيعة في برنامج يلا بينا المذاع علي راديو0909, ليكرمها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الحفل الختامي لمنتدي شباب العالم الذي عقد بمدينة شرم الشيخ, حيث أدارت إحدي جلساته, لتحقق حلمها الذي كانت تبحث عنه منذ الصغر. وقالت رضوي لالأهرام المسائي إن دخولها المجال الإعلامي فرصة جيدة, ولكن ينبغي ألا تكون السعادة نابعة من كوني من ذوي الاحتياجات وحصلت علي فرصة في الإعلام فيجب أن يكون ذلك هو السائد والطبيعي وأن يكون شرط الالتحاق بأي مجال هو الموهبة فقط, خاصة أن هناك العديد من خريجي الإعلام لم يحققوا حلمهم حتي الآن ويتمنوا فرصة مثل هذه, مشيرة إلي أنها ظلت مثابرة سنوات طويلة للوصول لهدفها, كما وجدت الثقة والدعم من كل من حولها وهو ما شجعها أكثر. وأضافت أنها لم تواجه صعوبات بخلاف عدم تقبل بعض الناس للفكرة لكونها كيف ستصبح مذيعة وهي كفيفة, ولكن لا يوجد أي شيء آخر أغضبها, موضحة أن تجربة رحمة خالد أيضا تعتبر تجربة فريدة من نوعها فهي أول فتاة في العالم مريضة بمتلازمة داون وتعمل كمذيعة في الإعلام, وهو ما سيفتح الباب لعدد كبير متشابه من هذه الحالات في مجال الإعلام ومجالات أخري بشكل عام, بل ويجعل المشاهد يتقبل ذلك فهي رغم أنها شيء عادي وطبيعي ولكن الناس تراها شيئا لم يعتادوا عليه من قبل, متمنية أن يتقبل الجمهور فكرة أن تواجدنا في الإعلام ليس غريبا. وأشارت إلي أن أنها تقدم برنامجها الإذاعي يلا بينا المذاع علي راديو9090 منذ أربعة أعوام ونصف, بينما تظهر علي الشاشة من خلال برنامج السفيرة عزيزة علي قناةDmc منذ شهر فبراير الماضي, وتعلمت من خبرات المذيعين معها ومن الإدارة, حيث كانت قلقة في البداية لأن الظهور علي الشاشة مختلف عن الإذاعة, ومع الوقت تعلمت ممن حولها وفريق العمل كله بجانبها. وأضافت أنها لا تستطيع المقارنة بين وقوفها علي الشاشة وبين إدارتها إحدي جلسات منتدي شباب العالم الذي عقد بمدينة شرم الشيخ, مؤكدة أن الحالتين مرت فيهما بإحساس صعب, فالجلسة مسئولية وصعبة لضمها عدد كبير من الضيوف وضغط من فكرة تحمل المسئولية, وهو ما جعلنا نحضر لها منذ فترة, وأسعدتنا ردود الأفعال. وناشدت رضوي القائمين علي العمل الصحفي بالالتفات إلي اسمها الإعلامي حيث إن اسمها رضوي حسن بينما تري أن البعض استسهل الأمر وكتب اسمها المدون علي صفحتها بموقع الفيس بوك. وتعليقا علي هذه الخطوة المهمة التي اتخذها الإعلام المصري مؤخرا واندماج هذه الفئات في الإعلام المصري, يري الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز أن أي منظومة إعلامية رشيدة تحترم حقوق الإنسان يجب أن تفسح مجالا لقدر معين من ذوي الاحتياجات الخاصة, وهي إحدي قواعد التوظيف المعيارية, لأن هذا الأمر يساعد علي دمجهم في المجتمع وإعطائهم حقوقهم المشروعة والعادلة فيما يتعلق بالحصول علي فرص العمل اللائقة في كل المجالات بما يتناسب مع أوضاعهم الخاصة, وبالتالي فإن ما حدث في الإعلام المصري أخيرا خطوة إيجابية محمودة مطلوبة وضرورية علي أن يتم ذلك في حدود نسبة معينة مع مراعاة اختيار ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يمتلكون قدرات ومهارات تساعدهم علي العمل في المجال الإعلامي. وأضاف أن العيوب في هذه الخطوة ستظهر عند انحياز العدالة, فمن العدل أن نسبة من أصحاب الاحتياجات الخاصة يتم استيعابهم في المجال الإعلامي ولكن أحيانا يتم الانحياز في المجال المضاد فيزيد هذا العدد عن النسبة المحددة وهو ما يسمي هنا بانحياز العدالة, والإفراط في النزاهة يتسبب في أسلوب غير نزيه وفقا للقدرات الخاصة التي يتحلون بها فليس معني ذلك أن صاحب أي احتياجات خاصة هو إعلامي, ولكن عدد منهم ممكن أن يعملوا في الإعلام, مشيرا إلي أن هناك نسبة إذا قلت يكون هذا خطأ وإذا زادت يكون أيضا خطأ. فيما شدد الدكتور صفوت العالم بإعلام القاهرة علي ضرورة وأهمية تشجيع ذوي القدرات الخاصة في ممارسة خبراتهم المهنية وقدراتهم المعرفية بما يسهم في تفاعلهم ومشاركتهم في المجتمع, وبما يسهم أيضا في تنامي قدراتهم علي الاستقلال الاقتصادي, بعيدا عن عائلتهم ليصبحوا أفرادا صالحين يمارسون مهن معينة في المجتمع, ويجب ألا نبالغ في قدراتهم وألا نوجه أي انتقاد لهم ليضبط همتهم وعزيمتهم, كي لا يترك ذلك أثرا سيئا في نفوسهم, وبالتالي يكفي أن نتقبلهم كمواطنين صالحين يؤدون ويعملون وفقا لهذه الخبرات التي تتوافر لهم. وتابع قائلا: إنه علي الإعلام تشجيعهم ومساعدتهم علي اكتساب خبرات دون مبالغة, وأيضا علي المواطنين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ألا يسخروا منهم أو ينتقدوهم لأنهم في النهاية من الجيد أنهم استطاعوا التغلب علي ما أصابهم من بعض الإعاقات التي تواجههم, وعلينا ألا نثير مخاوفهم ببعض الانتقادات التي قد توجه لهم, وعلي الإعلام أيضا توفير الجهات المهنية وتدريب هؤلاء الأشخاص علي الأسلوب المهني الإبداعي الذي يمكن أن يرتقي بأدائهم الإبداعي في كل مجالات الحياة.