لا يضيع حلم وراءه حالم، يضيع الحلم فقط عندما تلين الإرادة وتفتر العزيمة ويذوب الإصرار بين جنبات اليأس. منذ ما يقرب من 20 عاما كانت تلك النماذج المضيئة فى وسائل الإعلام المختلفة حاليا فى مرحلة الطفولة، وكانت أحلامهم وأحلام أسرهم بسبب إعاقتهم بسيطة، وأقصى أمانيهم التعليم أو الحصول على أى وظيفة، ومرت السنوات وكبر الأطفال، وكبرت معهم الأحلام، وتحققت.. وهنا نلقى الضوء على أشهر النماذج الإعلامية الذين انتزعوا لقب «مذيع» أو «مقدم برامج» من بين وجع الإعاقة. تقول رحمة خالد ( 22 عاما) مذيعة برنامج 8 الصبح بقناة «دى إم سى» إصابتى بمتلازمة داون جعلت لدى إصرارا وعزيمة لفعل أشياء كثيرة فى حياتى، ومنها تفوقى فى رياضة السباحة التى حصلت فيها على عدة جوائز فى بطولات مختلفة، ولكن حلمى الأكبر الذى تحقق أخيرا هو أن أصبح مذيعة ومقدمة برامج، ويرجع الفضل لتحقيق هذا الحلم إلى هشام سليمان رئيس قنوات «دى إم سى» الذى اكتشف مقدرتى على تقديم البرامج او المشاركة فى تقديمها، وبذل مجهودا فى تدريبى وإعدادى على مدى عام كامل. وأضافت: حلم حياتى من زمان أن يكون لى برنامج يحمل اسم (لقاء مع رحمة) لمناقشة كل قضايا الأشخاص ذوى الإعاقة، واستضافة الشخصيات العامة والفنانين. رضوى حسن - شيرين ماجد رضوى والسفيرة عزيزة فى شهر فبراير الماضى كانت رضوى حسن «كفيفة» على موعد مع تحقيق حلمها عندما انضمت رسميا إلى أسرة برنامج «السفيرة عزيزة» على قناة «دى إم سى» لتشارك مذيعات البرنامج تقديم فقراته يوم الأحد من كل أسبوع، ولم يكن انضمام رضوى إلى شاشة التليفزيون للعمل كمذيعة وليد المصادفة، بل كان بعد مجهود أعوام سابقة من عملها مقدمة برامج فى راديو «9090» ومنها برنامجها الشهير «يلا بينا» كل يوم أحد من كل أسبوع.
وليد فى طريق الأمل يقول وليد فرغلى 29 سنة : فقدت حاسة البصر فى الخامسة من عمرى وواجهت صعوبات كثيرة أثناء رحلة التعليم، وحصلت على الثانوية العامة وكنت من أوائل الجمهورية، ثم بكالوريوس الإعلام قسم الإذاعة والتليفزيون بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف من كلية الإعلام جامعة القاهرة ثم ماجستير الإعلام. وأضاف: تخرجت فى الجامعة عام2011، وكنت من أوائل الدفعة وقد صدر قرار بتعيين أوائل الجامعات فى الأجهزة الحكومية بالدولة، ولكن لأنى كفيف تم تعيينى مدرسا بالتربية والتعليم، ولذلك طالبت المسئولين بحقى فى التعيين مذيعا، وبعد عامين تحقق الحلم وصدر قرار بتعيينى «مذيع»، وفى عام 2013 فى أثناء تسلمى العمل قابلت عصام الأمير رئيس قطاع التليفزيون فى تلك الفترة واقترح أن أقدم برنامجا لذوى الإعاقة، فى البداية كنت رافضا فكرة تقديم برنامج خاص بذوى الإعاقة فقط، ولكن قررت أن أخوض التجربة وتدربت لمدة 6 أشهر ثم خرجت الحلقة الأولى والثانية واستمرت الحلقات حتى الآن من برنامج «طريق الأمل» الذى يذاع أسبوعيا على شاشة القناة الثانية بالتليفزيون المصرى و الذى يتناول قصة نجاح لأى شخص سواء كان من ذوى الاعاقة أم لا، كما أقوم بتقديم تقارير صوتية لبرامج خاصة بالسياحة ورغم ذلك لا يزال المسمى الوظيفى الخاص بى معد برامج وليس مذيعا وذلك نظرا للروتين الذى يعتبرالمذيع فقط هو من ينظر إلى الكاميرا والمخرج!
كفيف خلف الميكروفون ناجى غريب، فقد بصره فى عامه الثانى بعد إصابته بالحمى، لكنه واصل مشوار حياته، فحصل على ليسانس الآداب قسم الإعلام من جامعة حلوان، وتم اعتماده مقدم برامج بالإذاعة المصرية، قال لنا: ولدت طفلا طبيعياً، لكن بعد سنتين من مولدى فقدت بصرى بسبب اصابتى بالحمى الشديدة، ونتيجة قلة الوعى، وتخطيت فترة الدراسة وحصلت على الثانوية العامة بمجموع 80%، ومنذ أول يوم التحقت فيه بالجامعة كان حلم حياتى أن أصبح مذيعاً، وبدأت التدريب فى الصحف المختلفة، حتى حصلت على ليسانس الآداب بتقدير جيد، وتقدمت لاختبارات الإذاعة عام 2006، لكن رئيسة الإذاعة وقتها رفضت انضمامى وقالت لى «مش هخدك لأنك كفيف» وقررت أن ادخل فى تحد مع نفسى وان أحقق حلمى، وبالفعل عرضت مشكلتى على وزير الإعلام وقتها أنس الفقى ووافق على دخولى الإذاعة فى وظيفة اخصائى متابعة برامج فى شبكة الإذاعات الموجهة، وهذه الوظيفة لم تحقق طموحى، لكن اعتبرتها بداية، وفى عام 2012 دخلت اختبارات المذيعين وأشادوا بى وبقدراتى، وبعد اعتمادى مذيعا فى الإذاعة قدمت أكثر من برنامج مثل ارض الفيروز والسياحة فى مصر وقدمت هذه البرامج على شبكة الإذاعات الموجهة، وفى عام 2013 انتقلت إلى إذاعة «صوت العرب» وقدمت عددا من البرامج المتنوعة، كما قدمت برنامج «العزيمة» لذوى الإعاقة، وبرنامج «أسرتى» بالتعاون مع الزميلين منال ماجد وسامح نجم الدين.
مقدمة برامج أطفال أما شيرين ماجد فقالت لنا: بعد ولادتى ب 6 أشهر أصبت بضعف فى العصب البصرى ، وكنت الابنة الكبرى، واستكملت تعليمى فى المراحل المختلفة فى مدارس للمكفوفين، وكنت متفوقة فى مراحل تعليمى، فكنت الأولى فى الثانوية العامة آدبى، ثم التحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة وتخرجت فيها عام 2003 وكنت التاسعة على الدفعة. وعن عملها مذيعة قالت: أنا أحب الإذاعة منذ الصغر، وكنت مسئولة النشاط الاذاعى فى المدرسة وعندما تخرجت فى الجامعة عملت بالصحافة، ولم يعجبنى أن أتعامل مع المصدر بشكل مباشر، لذلك تقدمت فى امتحان الإذاعة، ولكنى لم أوفق ثلاث مرات، ثم استضافنى محمود سعد فى برنامج البيت بيتك وشاهدنى الوزير وقتها وطلب أن أذهب للوزارة وتم تعيينى بعد ذلك فى الإذاعة كمقدمه برامج أطفال. د. ابراهيم سالم قدرات صوتية وملكة لغوية يقول الدكتور إبراهيم سالم: على الرغم من إعاقتى البصرية فقد حصلت على مجموع كبير في الثانوية العامة وكانت دراستى أدبية مما أهلنى للالتحاق بكلية الآداب جامعة طنطا. فقد تخصصت في اللغة العربية بأحد أقسام الكلية وتفوقت لأنى أحفظ القرآن الكريم وأحب اللغة العربية، وحينما أعلنت الإذاعة المصرية عام 1995 عن شغل وظائف للمذيعين ومقدمى البرامج تقدمت فى المسابقة، وفى أثناء حضورى أمام لجنة الاختبار الأولى تعجب أعضاؤها حينما علموا بإعاقتى وقالوا لى كيف تستطيع تقديم برامج على الهواء وتذيع الأخبار، فقلت لهم لقد منحنى الله عز وجل ملكة وقدرة على الحفظ السريع ومواجهة الأحداث بالتصرف المناسب، وأشرت عليهم أن يختبرونى في أي عمل إذاعي أقوم به أمامهم، وكانت النتيجة انبهارهم بقدراتي الصوتية وملكتي اللغوية. وعلمت بعد ذلك بأنني مرشح للمقابلة الثانية مع لجنة اختبار أخرى. ومع اللجنة الثانية اظهر أعضاؤها نفس الدهشة واجتزت المقابلة الشخصية أيضا وتم تعييني بوزارة الإعلام مقدم برامج بالإذاعة المصرية وبالتحديد في إذاعة وسط الدلتا، ولم احصل على هذه الفرصة بموجب قانون 5% الذي يتيح للمعاقين شغل بعض الوظائف بدون مقابلات، ولكنى حصلت على هذه الوظيفة التي احبها من خلال كفاءتي وقدراتي الشخصية.