سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في بداية الأسبوع السبت 11 مايو 2024    انخفاض أسعار الدواجن لأقل من 75 جنيها في هذا الموعد.. الشعبة تكشف التفاصيل (فيديو)    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    مندوب مصر لدى الأمم المتحدة: ما ارتكبته إسرائيل من جرائم في غزة سيؤدي لخلق جيل عربي غاضب    الطيران المروحي الإسرائيلي يطلق النار بكثافة على المناطق الجنوبية الشرقية لغزة    الإمارات تستنكر تصريحات نتنياهو حول دعوتها للمشاركة في إدارة مدنية بغزة    مأ أبرز مكاسب فلسطين حال الحصول على عضوية الأمم المتحدة الكاملة؟    على طريقة القذافي.. مندوب إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة (فيديو)    حكومة لم تشكل وبرلمان لم ينعقد.. القصة الكاملة لحل البرلمان الكويتي    الخارجية الفرنسية: ندعو إسرائيل إلى الوقف الفوري للعملية العسكرية في رفح    البحرين تدين اعتداء متطرفين إسرائيليين على مقر وكالة الأونروا بالقدس    هانيا الحمامى تعود.. تعرف على نتائج منافسات سيدات بطولة العالم للإسكواش 2024    أوباما: ثأر بركان؟ يحق لهم تحفيز أنفسهم بأي طريقة    تفاصيل جلسة كولر والشناوي الساخنة ورفض حارس الأهلي طلب السويسري    «كاف» يخطر الأهلي بقرار عاجل قبل مباراته مع الترجي التونسي (تفاصيل)    جاياردو بعد الخماسية: اللاعبون المتاحون أقل من المصابين في اتحاد جدة    مران الزمالك - تقسيمة بمشاركة جوميز ومساعده استعدادا لنهضة بركان    نيس يفوز على لوهافر في الدوري الفرنسي    ضبط المتهم بقتل صديقه وإلقائه وسط الزراعات بطنطا    أنهى حياته بسكين.. تحقيقات موسعة في العثور على جثة شخص داخل شقته بالطالبية    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    حار نهاراً.. ننشر درجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت فى مصر    مصرع شخص واصابة 5 آخرين في حادث تصادم ب المنيا    غرق شاب في بحيرة وادي الريان ب الفيوم    «آية» تتلقى 3 طعنات من طليقها في الشارع ب العمرانية (تفاصيل)    «عشان ألفين جنيه في السنة نهد بلد بحالها».. عمرو أديب: «الموظفون لعنة مصر» (فيديو)    عمرو أديب عن مواعيد قطع الكهرباء: «أنا آسف.. أنا بقولكم الحقيقة» (فيديو)    حج 2024.. "السياحة" تُحذر من الكيانات الوهمية والتأشيرات المخالفة - تفاصيل    تراجع أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 11 مايو 2024    سيارة صدمته وهربت.. مصرع شخص على طريق "المشروع" بالمنوفية    طولان: محمد عبدالمنعم أفضل من وائل جمعة (فيديو)    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    حظك اليوم برج الجوزاء السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    تراجع أسعار النفط.. وبرنت يسجل 82.79 دولار للبرميل    محمد التاجى: اعانى من فتق وهعمل عملية جراحية غداً    الإبداع فى جامعة الأقصر.. الطلبة ينفذون تصميمات معبرة عن هوية مدينة إسنا.. وإنهاء تمثالى "الشيخ رفاعة الطهطاوى" و"الشيخ محمد عياد الطهطاوى" بكلية الألسن.. ومعرض عن تقاليد الإسلام فى روسيا.. صور    وظائف جامعة أسوان 2024.. تعرف على آخر موعد للتقديم    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    إدراج 4 مستشفيات بالقليوبية ضمن القائمة النموذجية على مستوى الجمهورية    أخبار كفر الشيخ اليوم.. تقلبات جوية بطقس المحافظة    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    لتعزيز صحة القلب.. تعرف على فوائد تناول شاي الشعير    مادلين طبر تكشف تطورات حالتها الصحية    شهادة من البنك الأهلي المصري تمنحك 5000 جنيه شهريا    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    نقاد: «السرب» يوثق ملحمة وطنية مهمة بأعلى التقنيات الفنية.. وأكد قدرة مصر على الثأر لأبنائها    "سويلم": الترتيب لإنشاء متحف ل "الري" بمبنى الوزارة في العاصمة الإدارية    آداب حلوان توجه تعليمات مهمة لطلاب الفرقة الثالثة قبل بدء الامتحانات    حسام موافي يكشف أخطر أنواع ثقب القلب    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكمة الوعى فى مسرح إحسان!
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 19 - 01 - 2019

«ولدت فى المسرح، من أب وأم من أهل المسرح، وتركت نشأتى فى نفسى نوعًا من الرهبة من الإقدام على أى عمل مسرحى رغم كثرة ما خطر على بالى من صور مسرحية». هكذا يصف «إحسان عبدالقدوس» نفسه ليجيب عن السؤال المتكرر: لماذا لم يكتب للمسرح؟
والحقيقة أنه كتب، وحاول بتردد المبدعين الكبار أن ينسب ما كتب إلى القصة، فقد وصف عمله فى مقدمة نصه: (لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص)، بأن هذه هى أول قصة فى قالب مسرحى يجرؤ على نشرها، بل يسأل فى نهاية المقدمة... لا أدرى هل هذه مسرحية؟!
إنه يستخدم شخصية الراوى مازجًا بين فن الحكى كجزء من فنون السرد، ولكن فى صيغته الشفاهية التى تحمل طابع العرض الحى، حيث الحكى فعل طرفه الثانى جمهور يحكى له الراوى، ويبين الفعل المسرحى الذى يحدث أمام الجمهور.
حيث تعتمد مسرحية (لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص) على شخصية مقدم البرنامج فى كباريه «الفردوس الأخضر» الذى يحدثنا عن الراقصة الجميلة دون أن يذكر الزمن، فهو يخبرنا بأنه يقدم البرنامج لمدة قرن من الزمان لم ينعم فيها بلحظة نوم، أما الراقصة السمراء الساحرة فهى نجمة عام 2000 قبل الميلاد، ومن الممكن أن تكون نجمة عام 1815، أو نجمة هذا العام، إنه يضع التاريخ المفتوح موضعًا لفهم الصراع على الفاتنة، الصورة المسرحية صارخة حادة صادمة يرسمها صاحبها بلا خوف، إذ إنه ربما بتعدد الرقصات من العهد القديم، حيث الرقص المصرى القديم وحضور آلة الهارب المصرية القديمة فى الأوركسترا متعدد الآلات من كل العصور حتى الرقص الحديث يجعلنا نراها السمراء الجميلة التى تنازعها عبر التاريخ الهكسوس والرومان والأتراك والإنجليز، هكذا تتحدث عن مأساتها، وهى تبحث عن استقلالها وعمن يخاطب عقلها، إنها الجميلة التى سعى لامتصاصها الكثيرون.
وهى فى بحثها عن الحرية تهرب من نماذج يرصدها «إحسان» ليصبح المكان ملهى التاريخ، وهو ملهى التاريخ المصرى من وجهة نظره، ليظهر أصحاب الوجوه البيضاء التى تتحول سريعًا إلى سوداء ثم تعود إلى اللون الأبيض، إنهم أصحاب المصالح، وجوههم لونها فى كل العصور، ثم رجلان يرتدى كل منهما عباءة عربية وعقالاً، كلها فى لون الذهب ومطرزة بالكنوز الذهبية، ثم رجلان كل منهما ضخم الجثة جدًا وليس له رأس يبدأ جسم كل منهما بالكتفين، وكل منهما بارز العضلات كأنهما من نوع إنسان العصر الحجرى، ثم مجموعة أخرى هم ثلاثة رجال تعدوا السبعين طرازهم قديم ومعهم نعش به ميت، إنهم الماضى الحى الذى يريدها أيضًا.
ثم تهرب إلى الصحراء حيث يعيش «الأستاذ مجاهد» وسط كتبه القديمة والجديدة، وحيث تدخل إليهم الكتب الجديدة محمولة على جمل محمول على آلة حديدية تحمل كل النظريات المعاصرة ثم تأتى الكتب القديمة والتراث محمولاً على جمل حقيقى، وبينما هى و«مجاهد» بين الأصالة والمعاصرة، بين اليمين واليسار، يطلق الرصاص الذى يصيبها وينزف دمها ويضيع ذراعها وتبكى، وقد أدركت أن الحل هو بناء البيت الجديد فى الصحراء الشاسعة.
تنتهى المسرحية بوعد من مقدم البرنامج بالوصول الثانى الذى سيجيب عن سؤال يطرحه على الجمهور: ما الحل فى مشكلة الجميلة السمراء وهى ستبنى بيتها الجديد المستقل الذى تطل منه على كل الدنيا بمحبة وسعادة وكرامة؟
لكن المسرحية تنتهى ليتركنا «إحسان عبدالقدوس» نبنى الحل فى عقولنا، ثم يرحل بنا إلى مسرحية ثانية هى (الدراجة الحمراء) التى لا علاقة لأحداثها بالمسرحية الأولى وإن كنت أراها ذات علاقة عضوية درامية وثيقة بها، فالمكان فى مشهد المحاكمة وهو المشهد الأساسى وهو محاكمة خيالية تبدو من كل العصور وكأنها تستكمل محاكمة الاعتداء على الفاتنة السمراء فى المسرحية الأولى.
أما القضاة فهم صبية فى مقدمة الشباب، حيث يحاكم المستقبل الحاضر والماضى، و«إحسان» يضع الحاكم ورجاله فى قفص الاتهام. وفى تقديرى أن مسرحية (الدراجة الحمراء) هى الجزء الثانى لمسرحية (لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص)، لأنهما ذات صلة مباشرة حيث المكان والزمان غير محددين وإذا كانت الأولى تدور فى ملهى التاريخ، ف(الدراجة الحمراء) تدور أحداثها فى محكمة التاريخ وهى محكمة خيالية تتحدث عن الحرية وصراعها مع نظام الحكم وأدواته وتسأل عن التوازن المستحيل بين السلطة الحاكمة والحرية المطلقة، والعدالة المنشودة مطلب الإنسان منذ فجر التاريخ ومنذ أن عرف مفهوم المجتمع والدولة.
وهى أيضًا تواصل الروى، وراوى (الدراجة الحمراء) هذه المرة هو التاريخ كشخصية رمزية يتابع الحكى ويطرح الأسئلة على الجمهور ويناقش مشكلة الوطن ممثلا فى قرية أسماها «التل الأخضر»، وهى لذلك ذات صلة بالمسرحية الأولى التى تحدث فى ملهى «الفردوس الأخضر» وبعد جدل كبير يمكننا فهم الأمر بأنها جدلية التاريخ التى تقوم على الصراع، إنه صراع ممتد منذ قابيل وهابيل، وفى مسرحية (الدراجة الحمراء) يتصارع المستقبل على امتلاكها إنهم شباب حديث السن يريدون هذه الدراجة الحديثة الحمراء وهى تشبه تفاحة آدم الحمراء، إذ إن صراعهم من أجلها ومخالفة القواعد ودستور الحياة يدفع بهم لقتال ينتهى بأن يذهب المستقبل للعلاج مريضًا بمستشفى التل الأخضر.
إن «إحسان عبدالقدوس» يترك المحاكمة بلا حكم لتصبح نهاية مسرحية (الدراجة الحمراء) نهاية مفتوحة، تسأل مثلها مثل مسرحية (لا أستطيع أن أفكر وأنا أرقص) سؤال المستقبل وكيفية بناء المسئولية التى يجتمع فيها أصحاب العقول لصناعة المستقبل والذى هو بحسب (الدراجة الحمراء) يتم علاجه فى مستشفى التل الأخضر ليخرج لنا قويًا وهو وفقًا لرؤية «إحسان» التى تبدو وكأنها تتحدث عن مصر الآن، التى تحاول استعادة مصر الزراعية ثم الصناعية ثم المستقلة المتمتعة بحرية تفردها المتفاعلة مع العالم كله بمحبة واحترام إنه كنز مسرحى ينتظر إبداعًا متوهجاً يقدمه للمسرح المصرى ليرى الجمهور إبداع «إحسان عبدالقدوس» المسرحى الذى لم يقدم من قبل، وربما يكون هدية العام الجديد للمسرح المصرى، أما الإجابة عن سؤال «إحسان عبدالقدوس» المتصف بتواضع الكبار: هل هذه مسرحية؟!
إنها قطعًا مسرحية فريدة وذات طابع أصيل بالتأكيد. 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.