وزير التعليم العالي يلتقي وفد «الروس آتوم» الرائدة في التكنولوجيا النووية    المجمعات الاستهلاكية تعمل في ثاني أيام عيد الأضحى حتى التاسعة مساءً    أسعار الذهب في بداية تعاملات ثاني أيام عيد الأضحى    هيئة البث الإسرائيلية: نتنياهو أبلغ أعضاء حكومته حل مجلس الحرب    روسيا: لن نسمح بإعادة آلية فرض قيود على كوريا الشمالية في مجلس الأمن    إعلام عبري: نتنياهو سيقيم مجلسًا مصغرًا كبديل لحكومة الحرب    يورو 2024| بث مباشر مباراة بلجيكا وسلوفاكيا    وكيله: كفاراتسخيليا يريد الرحيل.. ورد ناري من نابولي    درجات الحرارة في منى ومكة المكرمة اليوم.. الأعلى حتى الآن    الغردقة تتألق صيفًا بنسب إشغال قياسية وإجراءات سلامة مشددة على الشواطئ    مخرج مسرحية النقطة العميا: نسعى لتقديم أكثر من 200 ليلة عرض    وزير المالية: إعادة هندسة الشرائح الضريبية للمرتبات لتحقيق العدالة الاجتماعية    محافظ المنوفية: إطلاق مبادرة "الأب القدوة" ترسيخا لدور الأب    توافد آلاف الزوار على حدائق كفر الشيخ ومصيف بلطيم خلال ثاني أيام عيد الأضحى    وزير الإسكان: جهاز تعمير وسط وشمال الصعيد يتولى تنفيذ 1384 مشروعا    طهران تدين بيان الترويكا الأوروبية بشأن البرنامج النووي الإيراني    «النقل»: محطة تحيا مصر بميناء الإسكندرية تتعاقد مع 6 خطوط عالمية خلال عام    الإسكان: جهاز تعمير وسط وشمال الصعيد يتولى تنفيذ 1384 مشروعا ضمن حياة كريمة في 11 مركزا ب3 محافظات    7 معلومات عن الطيار حسن عدس المتوفى بعد الهبوط في جدة.. «مكملش 40 سنة وغير متزوج»    تشكيل الزمالك المتوقع أمام المصري فى الدوري    مع بداية موسم عيد الأضحى.. سحب 3 أفلام من دور العرض السينمائي    إيرادات قياسية لفيلم Inside Out 2.. اقترب من 300 مليون دولار    وفاة خامس حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    دعاء طواف الوداع: «اللهم إن كنت رضيت عنِّي فازدد عنِّي رضا»    بدء دراسة كبيرة حول التغذية النباتية في البلدان الناطقة بالألمانية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    انتقاما منه.. تفاصيل إضرام سيدة النيران في شقة زوجها لزواجه في الوراق    إصابة عامل بحروق أثناء تنظيف المنزل بمادة بترولية بجرجا فى سوهاج    محافظ أسوان يتفقد المطعم السياحي متعدد الأغراض بعد التطوير    حسم موقف سيرجو روبيرتو من الرحيل عن برشلونة    بعد قرار كولر.. الأهلي يفتح باب الرحيل أمام أليو ديانج للدوري السعودي    اليوم.. قصور الثقافة تستعيد ذكريات الثمانينيات والتسعينيات في حفلات مجانية بالسامر والقناطر    إعلام فلسطينى: قصف إسرائيلى يستهدف المناطق الجنوبية لمدينة غزة    جندي إسرائيلي يتخلص من حياته بعد عودته من الحرب في غزة    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارة عنيفة على وسط غزة    ما حكم ذبح الأضحية ليلًا في أيام التشريق؟    «المحلاوي» عن يوم «القر».. من أعظم أيام الله ويستجاب فيه الدعاء (تفاصيل)    أسعار البيض اليوم 17 يونية    جامعة القاهرة تستقبل 3079 حالة طوارئ وتُجري 371 عملية خلال عطلة العيد    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    مواعيد مباريات اليوم الاثنين 17 - 6 - 2024 والقنوات الناقلة    مصادر فلسطينية: القوات الإسرائيلية تقتحم مخيم عقبة جبر في أريحا ومدينة قلقيلية    الدولار يسجل 47.75.. أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه اليوم    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    المنيا تسجل حالة وفاه جديدة لحجاج بيت الله الحرام    لماذا خالفت هذه الدول توقيت احتفال أول أيام عيد الأضحى 2024؟    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    بعد إثارته للجدل بسبب مشاركته في مسلسل إسرائيلي.. من هو الممثل المصري مايكل إسكندر؟    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    «زي النهارده».. وفاة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوى 17 يونيو 1998    مدرج اليورو.. إطلالة قوية لجماهير الدنمارك.. حضور هولندي كبير.. ومساندة إنجليزية غير مسبوقة    "تهنئة صلاح وظهور لاعبي بيراميدز".. كيف احتفل نجوم الكرة بعيد الأضحى؟    عيد الأضحى: لماذا يُضحى بالحيوانات في الدين؟    أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم الجديدة.. ماذا نعرف عنها؟    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    «أتوبيس الفرحة».. أمانة شبرا بمستقبل وطن توزع 3000 هدية بمناسبة عيد الأضحى| صور    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغضب الذى أكل جون شتاينبك


كتب: مارتن كيلتون
ترجمة: رولا عادل رشوان
حلّت فى العشرين من ديسمبر الماضى الذكرى السنوية الخمسين لوفاة الكاتب الأمريكى جون شتاينبك، والذى سيكون موضوعًا لسيرة ذاتية جديدة تصدر قريبًا هذا العام. تكشف السيرة عن كون مؤلف كتاب «عناقيد الغضب» والحائز على جائزة نوبل، رجلًا معقدًا ومثيرًا للجدل.
فى إجلال ذاتى لموهبته، يقول جون شتاينبك، عملاق الأدب فى القرن العشرين، الذى توفى فى 20 ديسمبر 1968 عن عمر يناهز 66 عامًا: «أرسيت بصمات فارقة فى تاريخ الأدب».
بينما منحته روايات مثل «عن الفئران والرجال»، «عناقيد الغضب» و«شرق عدن» شهرة عالمية، ظلّت بعض الحقائق عن حياته الخاصة مجهولة واستغرقت ما يقارب نصف قرن لتظهر للضوء. كان شتاينبك رجلًا معقدًا ومتناقضًا - أغرب حتى مما كنا نعتقد.
«غاضب من العالم» هو عنوان السيرة الذاتية الجديدة التى ستصدر فى عام 2019، والتى تفسر بمبدأ الشك حقيقة أن شتاينبك كان رجلًَا غاضبًا. كان غاضبًا من الظلم والفقر والتحيز، كما أخبر عنه مضمون رواياته. كما أن غضبه امتد حد توجيه عدائه الشخصى وتفريغ شحنات استيائه تجاه أدولف هتلر، زوجته الثانية أو حتى نقاد الأدب.. «يا لهم من كائنات طفيلية».
لاحت إمارات غرابة شخصيته فى سن مبكرة؛ كان حلم شتاينبك بأن يصبح كاتبًا محترفًا يراوده بالفعل إبان التحاقه بجامعة ستانفورد فى عمر السابعة عشرة لدراسة الأدب الإنجليزى، وقد حاول ذات مرة التسجيل للحصول على دورة عملية فى كيفية تشريح الجثث. «أريد أن أتعلم أكثر عن حقيقة تكوين البشر»، هكذا فسّر رغبته الغريبة لعميد الطب بكل وضوح، غير أن طلبه قوبل بالرفض. خسره عالم الطب وفازت به دنيا الأدب التى استمر فى تزكيتها بإبداعه حتى فاز بجائزة بوليتزر فى فئة الرواية (1940)، وجائزة نوبل فى الآداب (1962) ووسام الحرية الأمريكى (1964).
ساعده عمه فى الحصول على وظيفة كمراسل لصحيفة نيويورك الأمريكية، لكنه سرعان ما فقد شغفه بالصحافة وعاد إلى كاليفورنيا. بدأ بعدها فى العمل كمرشد سياحى، وهناك التقى بزوجته الأولى كارول هيننج، وأقيم عرسه إليها بعد وقت قصير من نشر روايته الأولى، الكأس الذهبى. كان ذلك بداية احترافه لمهنة الكتابة التى أنتج عنها 16 رواية ونوفيلا، ومجموعتين من القصص القصيرة، و11 كتابا غير روائى، ومسرحيتين، و2 سيناريو سينمائى، وكمية كبيرة من الخطابات.
يتصور معظم الناس أن شتاينبك جاء من خلفية فقيرة وأن حياته تشابهت وأى من هؤلاء العمال الذين حكى عنهم فى «عناقيد الغضب»، لكن منزل عائلته فى ساليناس «كان منزلاً فيكتوريًا جميلاً، يقوم على خدمة الأسرة فيه خادمين وخادمات» وذلك بحسب تصريح كاتب سيرته الذاتية جاى بارينى فى عام 1994.
بعد سلسلة من الروايات التى نالت استحسان الجماهير والنقاد، بما فى ذلك «تورتيلا فلات» فى عام 1935، حصل شتاينبك على إشادة من النقاد فى عام 1937 عن روايته «عن الفئران والرجال»؛ الصورة المصغرة المؤثرة لكاليفورنيا فى الثلاثينيات من القرن الماضى التى استطاع القراء معايشة ظروفها بالتفصيل من خلال صداقة العمال الزراعيين الغريبين جورج ولينى. بعد ذلك بعامين جاءت «عناقيد الغضب»، إحدى أكثر الروايات تميزًا فى القرن العشرين، وهو عمل ذو قدرة وصفية غنية، أظهر فيها شتاينبك قدرته على تصوير واستخلاص الشعر من بين ثنايا الفقر فى حياة عائلة جود المهاجرين من أوكلاهوما.
هذه القصة البديعة المؤثرة التى حكت عن اضطهاد العمال المهاجرين، الذين كانوا يفرون من الولايات القفرة إلى كاليفورنيا، مست وترًا حساسًا لدى أمريكا التى كانت تترنح آنذاك فى إثر الكساد الكبير. بحلول فبراير 1940، باعت الرواية ما يقرب من نصف مليون نسخة وكانت طبعتها الحادية عشرة قد صدرت بالفعل. بيعت أكثر من 15 مليون نسخة فى العقود الثمانية التالية ولا يزال يُباع منها نحو 50.000 نسخة فى أمريكا كل عام.
نادرًا ما أجرى شتاينبيك مقابلات للصحف أو الراديو، ولكنه تحدث إلى شبكة إذاعة صوت أمريكا فى عام 1952 حول كيف كان «ممتلئا بالغضب» بسبب سوء معاملة العمال المهاجرين. قال شتاينبك: «كان الناس يتضورون جوعًا وبردًا، ونزحوا مهاجرين بالآلاف إلى كاليفورنيا».
بينما كانت «عناقيد الغضب» تقوم بدورها المنوط فى إكساب مؤلفها شهرة عالمية، كان «شتاينبك» البالغ من العمر 41 عامًا واقعا فى حب مغنية بأحد الملاهى الليلية تبلغ من العمر 22 عامًا وتدعى جوين كونجر، والذى كلل قصة حبه لها بالزواج عام 1943. بعد مرور ثلاثين عامًا، وبينما كانت كونجر سيدة مطلقة فى الخمسينيات من عمرها، تحدثت من خلال سلسلة من المقابلات فى بالم سبرينجز إلى كاتب أعمال يدعى دوجلاس براون عن زواجها بشتاينبك. ظلت هذه المقابلات مجهولة لأكثر من أربعة عقود، حتى تم اكتشافها فى سقيفة إحدى البنايات فى ويلز فى عام 2017.
جُمعت نصوص المقابلات فى كتاب حرّره بروس لاوسون ونُشر فى سبتمبر 2018. رسمت كونجر صورة مزعجة لزواجها من كاتب وصفته بكونه «رجل معقد بشكل فظيع». كان شتاينبك قاسى الطباع تجاه زوجته، وخاصة خلال السنوات التى عانت فيها من صعوبات الحمل، يصور الكتاب شتاينبك باعتباره رجلا فظّا وذا عادات غريبة. قالت كونجر: إن المرّة الوحيدة التى رأته يبكى فيها كانت عندما ماتت فأرته التى سماها «بورجيس». «كان جون رجلا سادىا، تتنازعه مشاعر متناقضة مختلفة».
بعد أن أنجبت له طفلين - توماس 1944، وجون شتاينبك الرابع 1946 - لم تعد تتحمل مرارة العيش إلى جواره فحصلت على الطلاق عام 1948. حصل شتاينبك على ثأره منها بعد بضع سنوات عندما قام برسم شخصية كاثى، الشخصية الشريرة المدمنة للكحوليات فى رواية شرق عدن، والتى كانت إسقاطًا مباشرًا على كونجر. ظل شتاينبك يحارب طليقته فى المحكمة طوال عشر سنوات تالية للتهرب من دفع مبلغ إعالة أطفاله.
عانى شتاينبك من نوبات اكتئاب فى أربعينيات القرن العشرين، وحتى بعد زواجه من زوجته الثالثة إيلين سكوت، كان دائما ما تعاوده نوبات حزنه. قال شتاينبك إنه «انحدر نحو النهاية» فى أكتوبر 1953، بعد عام من نشر شرق عدن، عندما كان يعالج فى مستشفى لينوكس هيل من قبل الطبيب النفسى جيرتروديس برينر. «الروح الحزينة يمكنها أن تفتك بالإنسان أسرع مما تفعل الجرثومة».
فى ذات الفترة التى عانى «شتاينبك» فيها من الاضطرابات النفسية، أنتج بعضا من أغرب أعماله الأدبية. فى عام 1955، نشر قصة قصيرة بعنوان «معضلة 7 شارع م» وهى قصة شبيهة بأدب الرعب عن طفل غير قادر على التخلص من قطعة من العلكة. أينما يضعها، تستمر قطعة اللبان فى العودة إلى فم الصبى. يأسًا من التخلص منها، يقوم الأب بتثبيت العلكة على طاولة الطعام باستخدام الأسمنت، ويستغرق الأمر أسبوعًا حتى تموت قطعة العلكة. أحرق شتاينبك عشرات القصص التى أنتجها فى تلك الفترة.
فى عام 1938، صُدم من التقارير التى نُشرت عن أعمال النهب النازية وحرق المنازل والمعابد اليهودية فى ألمانيا، وكان من بين مجموعة صغيرة من الكتّاب أرسلت برقية إلى الرئيس فرانكلين د.روزفلت لحثه على قطع جميع العلاقات مع هتلر. أصبح شتاينبك بعدها مراسلًا حربيًا من إنجلترا وشمال أفريقيا وإيطاليا لصالح صحيفة نيويورك هيرالد.
كان شتاينبك يحمل فكرًا إيجابيًا متطورًا فى الحقبة التى عانت فيها الولايات المتحدة من العنصرية العرقية، وكان من ذلك أن طالب بحذف اسمه من سيناريو فيلم ألفريد هيتشكوك الذى حمل عنوان «قارب النجاة»، لأنه كان غاضبًا من أن الشخصية ذات البشرة السوداء «الكريمة والهادفة» التى خلقها ظهرت بصورة «مشوّهة».
كان كتاب السيرة الذاتية جاكسون بينسون (1984) وجاى بارينى (1995) قد حاولوا سابقاً تطويع شخصية شتاينبك العسيرة والمتناقضة، وقد خَلَفهم فى ذلك التحدى المهيب ويليام سيدر، الذى سيصدر كتابه «غاضب من العالم: جون شتاينبك» و«القرن الأمريكى» فى وقت قريب من هذا العام.
يقول سيدر: إنه متحمس للتحدى المتمثل فى الكتابة عن هذا الرجل الغارق فى تناقضاته. «أحد الأشياء التى جذبتنى إلى شتاينبك هو أنه كان أبعد ما يكون عن الكمال - كرجل، زوج، كاتب، كان يعانى من عقد غامضة». « بعض أعماله رائعة وبعضها فظيع. هذا ما يتمناه أى مؤلف - بطل ذو عيوب. كان شتاينبك عملاق أدبى لم يستطع التعامل مع حقيقة أنه كان مهماً. أحببت ذلك فيه. لقد كان يحمل غضبًا نحو العالم لأن العالم بدا غاضباً منه».
لم يكن شتاينبك غاضبا دائما من العالم. قبل عشر سنوات من وفاته، كتب هذا العبقرى المتناقض رسالة لا تنسى إلى توماس شتاينبك، بعد أن كشف له ابنه البالغ من العمر 14 عاما أنه وقع فى حب فتاة تدعى سوزان.
«هناك عدة أنواع من الحب» كتب شتاينبك فى بداية الخطاب الذى ذيله بإمضاء «بابا». «الأول هو النوع الأنانى، اللئيم، المستحوذ، والمغرور. هذا هو النوع القبيح والمقيّد للمشاعر. بينما النوع الآخر هو الذى يصب فى أعماقك كل شعور جيّد من اللطف والاهتمام والاحترام. النوع الأول يمكن أن يجعلك مريضًا وصغيرًا وضعيفًا ولكن الثانى يمكنه أن يمنحك القوة والشجاعة ويلهمك الخير وحتى الحكمة التى لم تكن تعرف حتى إنك تملكها... لا تقلق بشأن الخسارة. إن كان شعورا طيبا فسيبقى ويتحقق - الشىء المهم الآن فى الأمر هو أن تتأنى، الأشياء الطيبة تنتظر ولا تتفلت من بين يديك». 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.