مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    عيار 21 يسجل هذا الرقم.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 26 أبريل بالصاغة بعد آخر انخفاض    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    توقعات برفع سعر الفائدة خلال اجتماع البنك المركزي المقبل    "حزب الله" يعلن ضرب قافلة إسرائيلية في كمين مركب    فلسطين.. المدفعية الإسرائيلية تقصف الشجاعية والزيتون شرقي غزة    الزمالك: هناك مكافآت للاعبين حال الفوز على دريمز.. ومجلس الإدارة يستطيع حل أزمة القيد    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    هاني حتحوت يكشف كواليس أزمة خالد بوطيب وإيقاف قيد الزمالك    إعلامي يفجر مفاجأة بشأن رحيل نجم الزمالك    مصر تسيطر على نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية (PSA 2024) للرجال والسيدات    «عودة قوية للشتاء» .. بيان مهم بشأن الطقس اليوم الجمعة وخريطة سقوط الأمطار    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    فيلم «النداء الأخير- Last C all» يختتم حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية القصير الدورة 10    عاجل - محمد موسى يهاجم "الموسيقيين" بسبب بيكا وشاكوش (فيديو)    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء وتراجع كرتونة البيض (أحمر وأبيض) بالأسواق الجمعة 26 أبريل 2024    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    أحمد أبو مسلم: كولر تفكيره غريب وهذا تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    عبقرينو اتحبس | استولى على 23 حساب فيس بوك.. تفاصيل    حركة "غير ملتزم" تنضم إلى المحتجين على حرب غزة في جامعة ميشيجان    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    مجلس جامعة الوادي الجديد يعتمد تعديل بعض اللوائح ويدرس الاستعداد لامتحانات الكليات    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريطة جديدة للنفوذ فى الشرق الأوسط خلال 2019

شهدت منطقة الشرق الأوسط خلال العام 2018 أشكالا متعددة من الصراع سواء ضد الإرهاب أو الحروب الأهلية والتى أُحيطت بالتنافس الشديد على النفوذ الإقليمى والدولى خاصة فى سوريا واليمن، ورغم التفوق الأمريكى فى القوة الشاملة، استطاعت روسيا أن تفرض نفوذها فى سوريا مستغلة أخطاء الاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة. فقد تغيرت خريطة الأحلاف لصالح روسيا خلال عامى 2017 و2018.
بالنظر إلى خريطة الفاعلين فى الشرق الأوسط سنجد أن خريطة النفوذ يتقاسمها كل من السعودية وإيران وإسرائيل وتركيا وعلى المستوى الدولى الولايات المتحدة وروسيا، وتظهر ملامح دور الصين الاقتصادى القوي، والاقتراب اليابانى الحذر.
تتضح دوائر النفوذ من خلال تتبع أهم الأحداث السياسية والأمنية فى المنطقة خلال عام 2018، ومنها الضربة الأمريكية على سوريا، وإعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى الإيراني، ونقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، علاوة على تزايد حدة التنافس بين القوى الإقليمية الثلاث، إيران والسعودية وإسرائيل، على إيقاع سياسات ترامب، إلى جانب إجراء الانتخابات البرلمانية فى لبنان والعراق وما أسفرت عنه من تفوق شيعى واضح، وقبل نهاية العام جاء اغتيال الصحفى السعودى جمال خشقجي، وانسحاب القوات العسكرية الأمريكية من سوريا.
أهم التوقعات المستقبلية
• تركيا
ستواصل تركيا محاولات احتواء الحركات الكردية فى نطاقها، بمواصلة توجيه ضربات عسكرية ضد مواقع الأكراد شمال العراق، مدعمة نفوذها فى شمال سوريا لتحقيق هدفها الاستراتيجى وهو إنشاء منطقة عازلة بعمق 30 كيلومترا على الحدود التركية السورية.
لمواجهة اقتصادها المتعثر ستعمل تركيا بجهد على دعم الاستثمارات الأجنبية، وإقرار علاقات اقتصادية مستقرة مع أوروبا وروسيا والصين. إلا أن تاريخ تركيا مع الاتحاد الأوروبى سيشكل عائقًا أمام جهودها. فضلًا عن إدارة التضخم، حيث سيتعين على الرئيس التركى مواجهة بعض القوانين الاستثمارية ببلاده، وكذا مواجهة أزمة الانخفاض الشديد فى قيمة الليرة التركية.
على صعيد آخر، سيعمل أردوغان على استعادة شعبيته داخليًا قبل الانتخابات المحلية المنتظرة فى خلال عام 2019، متشبثًا بالأتراك المعنيين ماليًا من جميع الأطياف الانتخابية.
لا شك أن العلاقات التركية/ الأمريكية قد تعرضت لتوتر شديد خلال عام 2018 وبشكل متزايد، نظرًا لدعم الولايات المتحدة للأكراد فى سوريا، والذى أدى بدوره بجانب أسباب أخرى لتحول تركيا تجاه روسيا.
إيران
لم تتوقف إيران عن الإصرار على ممارسة استفزازها وفرض نفوذها فى المنطقة وتحديدًا فى سوريا ولبنان والعراق واليمن، والذى زاد من تعرضها للضغوط والعقوبات، خاصة أن الاتفاقية النووية لم تحظ رضى الولايات المتحدة والخليج وإسرائيل.
فى المقابل، تشهد طهران العديد من الضغوط والتحديات الداخلية والإقليمية والدولية خلال أكثر من عشر سنوات، هذا بالتأكيد يزيد من توتر وعدم استقرارها فى الداخل والذى قد يحرك إيران لاتجاهات غير متوقعة. ورغم شدة حملة العقوبات الأمريكية والتى بالتأكيد ستضر بإيران، فإنها لن تؤدى إلى سقوط الحكومة الإيرانية.
فى أعقاب قرار واشنطن إعادة فرض العقوبات الاقتصادية الأمريكية فى نوفمبر 2018، تراجعت صادرات إيران من النفط إلى حوالى 40 % من صادراتها الأصلية، حيث أصبحت مليون برميل يوميًا بعد أن وصلت إلى مليونين ونصف برميل يوميًا قبل ذلك بحوالى سبعة أشهر فقط. وبناء عليه سيتأثر الاقتصاد الإيراني، حيث يقدر صندوق النقد الدولى الآن أن الاقتصاد الإيرانى المدعوم بالنفط سينكمش بحوالى 3.5 % عام 2019 بعد أن انكمش بنسبة 1.5 % بنهاية عام 2018، فى حين أنه قبل إعلان الولايات المتحدة فرض العقوبات على إيران، كان صندوق النقد الدولى يتوقع نموا بحوالى 4 % عامى 2018 و2019.
من جانب آخر، هناك تزايد فى حالة الإحباط العام لدى الشعب الإيرانى بسبب الفساد المستشرى فى الحكومة، وارتفاع معدلات البطالة (خاصة بين الشباب المتعلمين بالكليات)، كما رصد على نطاق واسع حالات نقص فى المياه، حيث عانت إيران عام 2018 من أسوأ موجة جفاف تعرضت لها منذ نصف قرن. ناهيك عن أن إيران قد شهدت سلسلة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة فى عدة مناطق بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، والذى من المرجح أن يزداد سوءًا عام 2019.
فى المقابل، ومع تراجع الدعم السياسى المحتمل من الاتحاد الأوروبى خلال عام 2019، من المنتظر أن تتخذ إيران إجراءات مضادة قد تتسم بالعنف، حيث ستستجيب السياسة الخارجية الإيرانية لتنفيذ اختبارات الصواريخ الباليستكية الجديدة (كما فعلت فى أوائل ديسمبر 2018) وقد تستمر فى برنامجها النووي، كما ستزيد من نشاط قواتها البحرية فى الخليج العربى التى قد تستهدف سفنًا أمريكية فى محيطها، فضلًا عن اتخاذها إجراءات عدائية أخرى تنفذها بأساليب غير نمطية وأسلحة غير متماثلة، كالهجمات الإلكترونية ضد أهداف البنية التحتية الإسرائيلية والسعودية، إلا أنها لن تلجأ إلى هذه الخطوة إلا فى حال الضرورة القصوى.
طبيعى أن تتجنب إيران الصراع المسلح التقليدى مع الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين يالشرق الأوسط، إلا أن تزايد الضغواط على الحكومة والشعب الإيرانى قد يؤدى لمواجهات عسكرية مباشرة قابلة للتصعيد، وبما يزيد من حالة عدم الاستقرار، الأمر الذى حالة حدوثه، ستستغله روسيا والصين ضد الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية بصورة ضاغطة على أوروبا قد تجبرها على أن تنحاز نسبيًا لرفع الضغوط عن إيران.
ستزيد الدول المستفيدة من الموقف من حدة الضغوط على ترامب لاستمرار، بل وتصعيد، عقوباته ضد إيران. فى المقابل ينتظر أن تتدخل الصين مستخدمة أدواتها الاقتصادية والسياسية بدور داعم لإيران وخاصة خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاقية النووية)، ومحاولة تقليص العقوبات الأمريكية الجديدة عليها، حيث ستواصل الصين، باعتبارها أكبر مستورد للنفط من إيران وأكبر شريك تجارى لها، الحفاظ على علاقات اقتصادية وتجارية مع طهران رغم العقوبات الأمريكية، وبل بما قد يتصدى لها.
يتقاسم خريطة التنافس على النفوذ بالشرق الأوسط مجموعتان، الأولى: وتتضمن روسيا وتركيا وإيران، أما المجموعة الثانية: فتنقسم لقسمين من ذوى الأهداف المشتركة، ويضم القسم الأول الدول الأكثر عداءً لإيران وهي: إسرائيل من جانب والسعودية والإمارات من جانب آخر، وهى من ستعتمد عليهم الولايات المتحدة للمساعدة فى استراتيجيتها لاحتواء إيران. والقسم الثانى ويضم دول الكويت وسلطنة عمان، وهى لديها رغبة أقل فى اتخاذ موقف صارم ضد إيران، كما أنها تدعم أى جهود للمصالحة مع قطر.
تعمل الولايات المتحدة على تحقيق أكبر استفادة ممكنة من المجموعة الثانية وبما يدعم موقفها فى مناطق نفوذ أخرى لها كوسط آسيا والبلقان والقرن الإفريقى وغيرها، ولذا أتوقع تمدد الصراع بين النفوذ الإيرانى الخليجى إلى منطقة البلقان خاصة ألبانيا والبوسنة والهرسك وصربيا.. روسيا وتركيا بلاشك متواجدين أساسًا.
• إسرائيل
لن تخضع إسرائيل لمطالب حل الدولتين والتنازل عن القدس عاصمة لها، كما ستعمل على استكمال التطبيع لعلاقاتها مع العديد من الدول العربية بالمنطقة، وبما يعزز موقفها فى مسار القضية الفلسطينية.
تنظر إسرائيل إلى الدول العربية كأربعة معسكرات رئيسية وهى (إيران الشيعية وحلفاؤها، والإخوان المسلمون، والسلفيون الجهاديون، والعرب السنة) إلا أن التهديد المباشر هو جماعة حزب الله والعدو البعيد هو إيران. وستزيد إسرائيل من ضغوطها على «ترامب» وإدارته من أجل الاستمرار فى تصعيد الموقف ضد إيران، إلا أن الأكثر توقعًا هو قيام إسرائيل بتصعيد الموقف لمواجهة عسكرية ضد حزب الله فى سوريا.
من ناحية أخرى، ورغم صعوبة احتمال تحسن جوهرى فى العلاقات بين إسرائيل وتركيا، ستعمل الولايات المتحدة على استعادة علاقاتها الجيدة مع تركيا، وبما يمهد لعودة علاقات إسرائيلية/ تركية جيدة عام 2019. على أى حال أردوغان مهتم بالحفاظ على العلاقات الاقتصادية والتجارية أكثر من عودة تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.
وستستفيد مصر من هذه الظروف على الصعيد الاقتصادي، حيث ستفضل إسرائيل تصدير غازها لأوروبا عن طريق مصر والتى تمتلك مسيلات الغاز الطبيعي، بدلًا من تركيا.
تبقى إسرائيل على سياساتها المتأرجحة تجاه قطر، حيث إن تل أبيب قلقة من دعم الدوحة لحماس، ولكنها فى الوقت نفسه مهتمة بالحفاظ على جسور مفتوحة من العلاقات مع قطر كفاعل إقليمى مهم، خاصة بعد فشل إمكانية المصالحة القطرية الخليجية.
ستستمر إسرائيل فى تطوير علاقاتها مع دول الخليج ومصر والأردن والمغرب والجزائر من خلال اعتبارات مختلفة، بعضها ارتباطًا بالتهديدات المشتركة باعتبارها أن إيران وبرنامجها النووى تهديد مشترك لإسرائيل والخليج، واعتبارها الإخوان والسلفيين الجهاديين تهديدا مشتركا ضد إسرائيل ومصر والأردن.
• سوريا:
من الواضح انحسار الحرب السورية وأن بشار الأسد هو الرابح الأكبر، وهو بالفعل قد ربح بعضا من الوقت. فقد كان من المحتمل سقوط النظام السورى الحاكم خلال السنوات الماضية لولا دعم روسيا وإيران، إلا أنه فى الحقيقة روسيا هى الرابح الأكبر فيما يحدث من وجهة نظري، حيث مكنت الاستراتيجية الروسية من ثبات القيادة السورية رغم عدم سيطرتها الكاملة على كافة أراضيها. وهناك احتمالان يمكن حدوث أحدهما خلال فترة قريبة وهما: بقاء بشار الأسد فى الحكم أو خروج آمن لبشار الأسد ودعم ترشيح أحد من عائلته، وكلا الاحتمالين مرتبط بوقت لا أظنه طويل، خاصة أن القدرات الروسية قد لا تعين على ذلك لفترات طويلة.
يبقى الموقف المتوتر فى إدلب، التى تعد موطنًا للكثير من المقاتلين الأكثر تطرفًا فى تنظيمى القاعدة وداعش الإرهابيين فى سوريا، والذى ينذر بمخاطر شديدة خلال عام 2019، حيث إنه بدلًا من قيام القيادة السورية بتسوية الأمور فى إدلب وكما استهدف اتفاق سوتشي، من المحتمل أن قيام القوات السورية الحكومية بشن هجوم لاستعادة إدلب خلال الربع الأول من عام 2019، وربما ما قد يعيق تحقيق قيام إسرائيل بشن ضربة عسكرية ضد حزب الله فى سوريا، مع الوضع فى الاعتبار أن إسرائيل قد ضربت أكثر من 200 من المنشآت العسكرية الإيرانية داخل سوريا خلال عامى 2017 و2018. ناهيك عن التوغل التركى فى سوريا.
ورغم أن قرار الانسحاب الأمريكى من سوريا يفترض أنه بتنسيق مسبق مع روسيا وتركيا، فإنه قد يورط البلدين خاصة روسيا بتزايد تكلفة التواجد الروسى فى سوريا لاتساع رقعة مسؤوليتها أمام الفراغ الأمنى الذى ستتركه الولايات المتحدة.
ورغم أنه سيؤثر نسبيًا على النفوذ السعودى بها (الحليف الأمريكى المهم فى المنطقة)، إلا أن قرار ترامب هذا، والذى اتخذه دون الرجوع لمستشاريه ومؤسسات بلده ولا لحلفائه بالعملية العسكرية فى سوريا، قد يمثل ردًا على ضغوط الكونجرس على ترامب بسبب دعمه الدائم للسعودية وإجباره وبن سلمان على تهدئة الوضع فى اليمن.
ورغم أن الانسحاب الأمريكى من سوريا يبدو فى صالح روسيا وتركيا، فإن الولايات المتحدة قد تعتبره توريطًا عسكريًا أكثر اتساعًا لهما خاصة روسيا وبما لا تستوعبه القدرات الروسية، خاصة لو كان لفترة غير محسوبة، ووفقا لمبدأ المخاطر والفرص المتاحة، والتى تعتمدها واشنطن فى بناء إستراتيجيتها. ولذا قد ترى واشنطن فى انسحاب قواتها من سوريا مصدرًا للضغط على موسكو، وليس العكس.
وعلى صعيد آخر، سيتيح هذا الانسحاب الفرصة للآليات السياسية الأمريكية لإعادة تسوية العلاقات الأمريكية/ التركية، بهدف إعادة تركيا للصف الأمريكي/ الغربى كما كان، وبما يقوض جهود توسع النفوذ الروسى فى الشرق الأوسط وشرق المتوسط ومنطقة البلقان.
أما عن موقف قوات سوريا الديمقراطية، والتى تُعد الحليف الأهم للقوات الأمريكية فى سوريا، والمشكل معظمها من الأكراد، فقد أصبح حرجًا، خاصة أن الانسحاب الأمريكى قد يجعل الأكراد فريسة لتركيا، إلا أن روسيا قد تكون جاهزة لخلق مكان ودور لتلك القوات الكردية وبما يؤمن مسار العمل الروسى وبتوافق مع تركيا وإيران وسوريا. وفى كل الأحوال ستستمر قوات سوريا الديمقراطية (الكردية) فى مطاردة داعش فى جيوبها الأخيرة فى دير الزور والقرى المحيطة فى محاولة لاتمام القضاء على عناصرها، والسيطرة على دير الزور.
لا شك أن أردوغان، صاحب المصالح الاستراتيجية المشتركة مع روسيا وإيران، قد يفكر بمعاونة الجيش السورى الحر بالتصدى لبشار الأسد بعد الانتهاء من مهمته أمام الأكراد.
ستعيد الدول العربية السنية علاقاتها مع سوريا ليس اعترافًا بأمر واقع، ولكن استثمار له بمواجهة مباشرة، أخف عنفًا وأكثر تأثيرًا، ضد التوغل الإيرانى وأذرعه المخابراتية والعسكرية فى سوريا. من ثم أتوقع تهديدا، غير مُعلن حاليًا، بواسطة «جماعة حزب الله» يستهدف بعض السفارات العائدة حالة تزايد المواجهات العسكرية ضد حزب الله.
صفقة غير معلومة التفاصيل
رغم أن المسئولين فى إدارة ترامب لم يعطوا توضيحًا مُعلنًا بشأن صفقة القرن، فإن بعض المحللين قد انتبهوا إلى أن إسرائيل قد بدأت بالفعل فى تنفيذها طبقًا لتصورها بترسيخ حكم ما يمكن وصفه ب «الفصل العنصرى على الفلسطينيين»، مستغلة الوقت الذى أمضته إدارة ترامب فى تجميل وتعديل وثيقة صفقة القرن منذ الإعلان عنها، فلقد نجح نتنياهو خلال هذه الفترة فى تعميق قبضته على الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهو على يقين أن إدارة ترامب لن تقف فى طريقه.
سيستمر نتنياهو فيما يقوم به على مدى السنوات العشر الماضية، حيث يوسع المستوطنات ويقمع معارضيه من الإسرائيليين أنفسهم دون أن يعير لتنديد العالم والأمم المتحدة انتباهًا، وسيبقى ترمب داعمًا لنتنياهو إلى أقصى حد.
هناك احتمال لاعتراف إدارة ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، علاوة على قيام نتنياهو فور إعلان صفقة القرن لصالحه (بأى شكل) باقتراح تشريعات لتعريف حدود مدينة القدس وسكانها كأغلبية يهودية لا يمكن تجاوزها وذلك ارتباطًا باعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ومع اعتبار القدس عاصمةً حصرية لإسرائيل، ستبحث إدارة ترامب (حفظًا لماء الوجه) عن مكان بديل ك «عاصمة» فلسطينية مستقبلية خارج حدود القدس، والتى قد تكون بلدة «أبوديس» الواقعة على بعد 4 كم شرقى القدس والتى فصلها عن المدينة الجدار الإسرائيلى منذ أكثر من عشر سنوات.
مع تحذير الأمم المتحدة الآن من أن غزة ستكون قريبًا «غير قابلة للمعيشة» قد تسعى الولايات المتحدة للوصول لاتفاق مع مصر على إعادة غزة لتكون تحت الإدارة المصرية كما كانت عليه سابقًا، مع إعادة تشغيل مطار غزة وتفعيل مطار مناظر برفح المصرية أو مطار العريش وفتح المنافذ بين الدولتين وإقامة مشروعات داعمة بالجانبين والتى قد تتجاوز تكلفتها 1.5 مليار دولار، فى مقابل أن يتم منح مصر الُسلطات الإدارية والقانونية والأمنية الكاملة، ومنحها الدعم المالى والمادى الذى يعينها على ذلك، وقد يحدث نفس الأمر مع الأردن فى الضفة الغربية.. ولكن هل تقبل كل من مصر والأردن هذا الأمر؟
ولو فرضنا قبولهما قد نجد الرفض الفلسطينى.. ورغم احتمال أن يواجه هذا الأمر حالة إقراره رفضًا فلسطينيًا شديدًا، فإن سياسة الأمر الواقع مع الجانب الفلسطينى قد تفلح حاليًا.. وهو ما قد يحفظ ماء وجه القيادتين المصرية والأردنية أمام شعوبهما، ولكن إن وقع قيد التنفيذ هل سيقبله الفلسطنيون؟
مستقبل مجلس التعاون الخليجي
ستبدأ محاولات لإعادة هيكلة مجلس التعاون الخليجى ليكون اتحادا يتضمن البعدين السياسى والعسكري/ الأمنى بجانب البعد الاقتصادي، والتى ستقابل برفض عمانى وكويتى إلى حد كبير.
احتمال بدء قطر إجراءات الخروج من مجلس التعاون الخليجى مما يزيد التوتر مع دول المقاطعة. وستستمر المقاطعة مع قطر رغم محاولات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وبريطانيا واليابان لحل الأزمة، إلا أننى لا أستبعد، وبعد تقدم اليابان بمبادرة للمصالحة لقطر، أن تكون روسيا أو الصين جاهزة بمبادرات أخرى للمصالحة من وجهة نظرها، وبما يقوض المصالح الأمريكية مع دول الخليج.
• اليمن
تعرض البيت الأبيض والسعودية لضغوط شديدة بعد مقتل خاشقجي، حيث سحبت القوى الغربية دعمها من التحالف فى محاولة لإثارة عدم رضاهم. وعلقت كل من ألمانيا والنرويج صادراتهما من الأسلحة إلى الرياض كما قرر مجلس الشيوخ الأمريكى إنهاء دعمه للصراع.
بناءً على قرار مجلس الأمن الدولى رقم 2451 الصادر فى ديسمبر 2018 ودعمًا لاتفاق استوكهولم الذى تمخّض عن حوار الدولة اليمنية مع ميليشيا الحوثى فى السويد، بدأ فريق المراقبين الدوليين التابع للأمم المتحدة ممارسة مهامه فى اليمن، وذلك بعد 3 أيام من نيله ثقة مجلس الأمن الدولى من أجل تنفيذ اتفاق السويد بين الأطراف اليمنية.
ورغم دعم المجتمع الدولى لتنفيذ مخرجات اتفاق استوكهولم إلا أن هناك عدة نقاط قد تحدث خلاف قد يمنع أو على الأقل يعطل من تنفيذ أحكامه كالآتي:
• هناك عدة نقاط فى الاتفاقية مكتوبة بطريقة مفتوحة للتفسيرات من قبل الأطراف المتحاربة. منها: «إعادة الانتشار المتبادل للقوات من مدينة الحديدة وموانئ الحديدة وصليف ورأس عيسى». وقد يتلاعب الحوثيون بتفسير هذا على أنه إزالة التواجد العسكرى فقط وليس الانسحاب الكامل، فى حين يعتقد الطرف الآخر أنه يجب على الحوثيين الانسحاب بالكامل.
• ضيق الجدول الزمنى للتنفيذ بشكل كبير، حيث تم الاتفاق على تسليم الموانئ إلى الشرطة خلال أسبوعين من الاتفاق (أى بنهاية عام 2018)، وإلى السلطات المحلية فى غضون ثلاثة أسابيع وهو ما قد يصعب تنفيذه.
• لم يتم حسم إمكانية إعادة فتح مطار صنعاء الدولي، وكذا إعادة توحيد البنك المركزى اليمنى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.