إذا علمنا أن الغرق يعد ثاني أعلى سبب للوفاة بين الأطفال الذين هم بعمر من 1 إلى 14 سنة، فإن ذلك يدعونا بجدية لتعليم أطفالنا السباحة في سن صغيرة، وإذا أدركنا أن صناعة بطل أوليمبي في مجال السباحة تبدأ من سن الرضاعة، فإن اكتشاف تفاصيل تلك الرحلة التي تبدأ من سن شهرين داخل حمام السباحة جديرة بالفهم والمتابعة، لعلك تبني بين جدران بيتك مستقبلاً يماثل سباح القرن العشرين المصرى عبداللطيف أبوهيف. فى الأساس لا يملك الإنسان المهارات الغريزية للسباحة، لكن الأطفال الرُّضع لديهم انجذاب طبيعى نحو ممارسة السباحة وهو ما يسميه العلماء ب«ردة فعل الغطس». حيث يعطى ذلك الانجذاب الفطرى الطفل القدرة على أن يطفو على الماء من جهة، ومن جهة أخرى يمكنه أن يحبس نفسه فى حال تواجد للحظات تحت الماء، كما تسمح ردة فعل الغطس للطفل أن يقوم بركل الماء، الأمر الذى يجعله يتحرك للأمام فى الماء، وتستمر هذه القدرة لدى الطفل إلى حين بلوغه سنة ونصف السنة، ولهذا فإنه يفضل أن يستغل الأهل تلك الفترة بإعطائه دروسًا فى السباحة. تكنيك التدريب واستمرار التمرين بانتظام ينشط الدورة الدموية فى الجسم ويزيد حجم الرئة، والنتيجة النهائية أن يكون لدينا طفل سباح ماهر فى سن عام وشهرين، مع مراعاة نفسية الطفل والتطورات الفسيولوجية، خاصة عند 6 و7 أشهر، حيث مرحلة التسنين وما يصاحبها من أعراض مرضية طارئة. بدأت ظاهرة «السباحين الرُّضع» تظهر بقوة فى مصر من خلال دورات تدريبية تستمر لمدة سنة وشهرين، وبعد هذه الفترة يكون الطفل قد تعلم السباحة بالفعل وأصبح جسمه جاهزًا إما ليكمل طريقه فى رياضة السباحة أو تعلم أى رياضة أخرى. تحدثنا مع الكابتن عمرو إبراهيم وهو مدرب سباحة بإحدى أكاديميات سباحة الرضع، حيث أكد أن أطراف الرضيع مؤهلة للتحرك فى الماء بسهولة، وأضاف: قررت أن أبدأ فى التدريب داخل حمام السباحة على دمية وأطفال (الاثنان معًا)، وفوجئت أن عضلات الطفل تستجيب للتدريب بالفعل. وأوضح أنه من سن 3 أشهر حتى 9 أشهر يحتاج الطفل إلى كورسات تدريبية تختلف من بداية 9 أشهر وحتى سنة و3 أشهر وهكذا، الشهور الأولى يتم التدريب على تقوية عضلاته والقدرة على النوم على ظهره، أى كيفية التقلب على الظهر فى المياه، ويحصل على قوة إدراك بدنى وذهنى، مضيفًا أن التمرين يستغرق نصف ساعة لمدة يومين فى الأسبوع فى حوض مياه مجهز يناسب طبيعة جسد الطفل بالنسبة لدرجة الحرارة المياه الدفيئة ونسبة الكلور فيها والجو فى المكان نفسه. وأشار الكابتن عمرو إلى أن مجال تعليم الرُضع السباحة منتشر فى روسيا، لأنهم يعرفون أن الطفل يحتاج المساج من أجل ضبط نومه وتليين عضلاته، خاصة أنه قبل سن عام لا يمشى، موضحًا أن الطفل بعد الشهر الرابع تقريبًا يدخل برنامجًا للتأقلم مع الماء والتحرك بداخله، ومن ثم يتحرك فى الماء بنفسه، وفى سن سنة نعلمه كيف ينقذ نفسه لو وقع فى الماء وحين يصل إلى سن سنتين يكون الطفل ملمًا بكل شيء يتعلق بالسباحة ويمكنه أن يكون تحت الماء 30 ثانية وحده. يشير كابتن إبراهيم إلى أن تعليم الطفل السباحة فى سن مبكرة له فوائد صحية كالظهر المفرود وقوة الأعصاب وسرعة الإدراك، وانتظام مواعيد النوم والنظام الغذائى، فضلًا عن تحسين لياقة الجسم بشكل عام، لهذا السبب أشار إلى وجود طفل عمره عام وشهران حاصل على عملية قلب مفتوح يستطيع العوم تحت المياه والتنفس جيدًا ولا يواجه أى عواقب، كما أن بعض الأطفال يولدون بنقص نسبة الأوكسجين فى المخ وبإمكان السباحة تحسين هذه الحالة. وعن المركز، أكد أنه يوجد به كثير من دكاترة الأطفال للمتابعة الجيدة ويتم الاشتراك بنظام المجموعات أو البريفت، المجموعة عبارة عن جروب مكون من 5 أفراد بالمدرب ويكون الآباء فى الحوض مع أطفالهم، أما البريفت فيكون الطفل والمدرب فقط، لافتًا إلى أن جميع الأهالى يحضرون ويشاهدون تدريب الرضيع. كابتن عمرو، أكد أنه بدأ الأمر والتعليم مع ابنته التى لاحت مع مرور الوقت قدرتها على النمو أسرع وتحسين عضلاتها أكثر حتى من أقاربها من نفس العمر، فضلًا عن متعتها والسعادة التى تحصل عليها. التدريب يضم أطفالًا من الجنسين ويتراوح سعره ما بين 1500 و2000 جنيه، وعن بعض المواقف الصعبة التى تواجهه هى أن ينام الطفل فى المياه أثناء التدريب ويكون على المدرب أن يوقف التدريب فورًا. مؤكدًا أن الطفل الذى يمكنه النوم على ظهره يكون حاصلًا على ما يقرب من 16 جلسة خاصة به يتدرب فيها على هذا الأمر، غير ذلك لا يمكن أن يجرب المدرب الأمر مع الطفل، قبل التهيئة له بالتدريج من خلال التدريبات، وبسؤاله عن عدم شرب الطفل المياه أكد أن الطفل يتنفس ويكون تحت المياه ليس أمامه غير إخراج الهواء وليس شرب المياه وهذا تدريب يحصل عليه أيضًا فلا داعٍ للقلق. الطفل من عمر 9 أشهر يبدأ فى إدراك قوة يده ويستخدمها فى السباحة لأن تكوين الظهر يكون اكتمل أيضًا واستطاع الجلوس، فنساعده على محاولة أن يجلب شيئًا من الأرض فى حوض السباحة، مشيرًا إلى أنه كل ثلاثة أشهر يحصل الطفل على اختبار لمعرفة مدى استجابته ويحصل على شهادة أيضًا. فى النهاية فعند عام وشهرين تمامًا يبدأ كل طفل تعلُّم رياضة ويبرع فيها بفعل التدريب الأوليّ الذى أهله لهذا الأمر، ليصبح فى سن 18 و19 سنة قادرًا بمنتهى الثقة على خوض البطولة والمنافسة عالميًا.
