منذ سنوات أطلق على «سميرة سعيد» وعن جدارة واستحقاق لقب «الديفا»، أى إلهة الغناء، ومَن غيرها من الممكن أن تصل لهذه المكانة وهى التى وهبت عمرها كله– تقريبًا– للفن فلم تنشغل بغيره ولم تشغل الناس عن سواه، فهى البعيدة كل البعد عن استدراج جمهورها– كحال معظم الفنانين– لحكاياتها الشخصية أو نمائم القصص التى يعيشونها.. منذ عام 1969. حين بدأت «سميرة» مشوارها الفنى، حتى الآن، أى ما يقرب من نصف قرن وهى لا تتوانى أو تتكاسل عن إعطاء جرعات مستمرة من الإمتاع الفنى سواء فى أغانيها ذات الرتم السريع أو حتى الأغانى الهادئة الرومانسية، مشاغبة لا تتردد فى إشعال حماس النساء عن الابتعاد عن الانكسار والإحباط والحزن..ولأن جرعتها الأخيرة فى أغنية «سوبرمان» كانت فى غاية القوة والجرأة.. تحدثنا إلى (الديفا) لمعرفة سر الأغنية الجديدة وسرها هى شخصيّا. منذ فترة وألبوماتك تتميز بوجود نوعية غريبة وغير مألوفة من الكلمات والألحان لماذا تسعين إلى ذلك.وهل تعتبرين هذا مغامرة أم عادة؟ - كل مرحلة ولها صياغة وأسلوب مختلف..هذا هو التطور الطبيعى للأشياء.. ربما ستجدين أننى فى الفترة الماضية فى معظم الأغانى أقدم كلمات تتغنى لأول مرّة.. فقد آن الأوان لأن نغير صياغة أغانينا ونغير الموضوعات التى نتناولها.. وقد سبقتنا الأغانى الغربية فى هذا منذ 50 سنة.. فبخلاف قصص الغيرة والشك والهجر.. ونعم كلها أحاسيس موجودة، لكن هناك جوانب أخرى من العلاقات العاطفية لا بُدّ أن نبدأ فى وضعها فى اعتبارنا..لأنها واقعية وبتحصل.. البعض تفاجأ من الكلمات.. وأنا كنت قاصدة أعمل ده.. لأن الموضوع نفسه متطلب أن يكون واقعيّا جدّا.. ولو السؤال مغامرة أو عادة.. فأنا بقول أنها ليست مغامرة.. إنما تطور طبيعى. هل الاختلاف الذى دائمًا تسعين إليه هو سبب نجاحك وتواجدك على الساحة الغنائية بقوة منذ بداياتك حتى الآن أم أن هناك أسبابًا أخرى؟ - طبيعى لا بُدّ أن يغير الفنان من نفسه وأن يكون مختلفًا عن المتاح فى الساحة الغنائية.. حتى يستمر ويحافظ على تميزه، فالجمهور منتظر منه الجديد..وأنا مع الاختلاف ومع تطور الغناء.. وطالما احنا عايشين لازم نتقبل التطور.. هناك الكثير من الناس متمسكة بالماضى وهذا ليس عيبًا ولا غلط.. وفي ناس تتطلع للجديد وأنا منهم. فى أغلب أغانيك تسعين إلى ظهور المرأة بشكل قوى، هل هذا التوجه مقصود منك؟ وما رأيك فيما ينشر من موضوعات بعنوان (دليل سميرة سعيد لنسيان الحبيب) أو (نصائح سميرة للمرأة القوية)؟ - فى أغلب الأغانى لا.. لكن الروح التى تجمع كل الأغانى، نعم، هى روح المرأة غير المنهزمة وغير المستسلمة.. وأنا لست مع المرأة المتجبرة التى تأخذ حقها بالعنف والصوت العالى.. أنا بحب المرأة القوية المعروفة بعاطفتها وأحاسيسها..صحيح أن مجتمعاتنا تربت على أن الرجل هو الذى يقود السفينة وحده.. لكن أنا بشوف إن المرأة لازم تقود السفينة مع زوجها، حتى تكون هناك أجيال سوية.. لما يبقى في رجل قوى ومتجبر وست مستسلمة وبتعيط طول الوقت وبتغنى «ظلموه» على رأى عبدالحليم حافظ.. دى حتربى أجيال ضعيفة.. لازم تدافع عن كينونتها وحياتها ونفسها وهذا ما يجعل أى علاقة سوية بدون أخذ الحق لا بالقوة ولا بالعنف. ولماذا اخترتِ فى أغنية «سوبر مان» أن يكون الحديث عمن يعيشون معًا وبينهم عِشرة سنين وليس فقط العاشقين؟ - أفتكر أن هذا الموضوع له علاقة بالزواج أكثر.. لأن العاشقين لا يرون بعضهم كثيرًا.. الحياة اليومية ممكن تسرب الملل والروتين للعلاقة إذا لم يكن لدى الطرفين الوعى بأن تكون تلك العلاقة متوهجة.. أفتكر إن الموضوع ممكن يتخلله مَلل وفتور حينها ستكون العلاقة مجرد تواجد فى البيت وخلاص. إنما العاشقون كل واحد فى بيته، فالحياة اليومية غير موجودة.. نعم تحدث بينهما مشاكل وممكن ينفصلوا، لكن لا توجد تفاصيل يومية من الممكن أن توصل العلاقة لما ذكرته من قبل. أغنية «سوبر مان» جريئة وغير مألوفة وبها كلمات غريبة مثل (كرش وجبان ودمه تقيل) وغيرها، ألم تخشى من رد فعل الجمهور؟ - الأغنية أنا استوحيتها من أغنية فرنسية ل«شارل ازنفور» اسمها، (سبتى نفسك) وفيها يصف حالة امرأة ازداد وزنها بعد الزواج وأهملت نفسها وكلام كتير.. ونحن لم نكن لنستطيع أن نتناول موضوع إهمال الرجل بعد الزواج فى إطار درامى.. كان حيبقى الموضوع صعب.. خصوصًا مع الريتم الشرقى وفى الوقت نفسه الأغنية بها كلمات ممكن تكون صادمة بالنسبة لكثير من الناس، خصوصًا (لما تيجى مِنّى أنا).. لأنهم غير معتادين أن أقول مثل هذا الكلام فكان لازم يكون حقيقى حتى يصيب الهدف.. ولو كنا (زوّقناه شوية) لم يكن ليؤدى للغرض المطلوب. المؤلف «مدحت العدل» انتقد الأغنية وكتب على «تويتر» أنها مونولوج سخيف ما ردك على ذلك؟ - الدكتور «مدحت العدل» قبل ما يكون شاعر هو صديق قديم لي.. وأنا أعتز بصداقته وأعتز به كسيناريست وشاعر.. هو لم يعجبه صياغة الكلام إنما الفكرة كانت عجباه، فكرة ما قبل وبعد الزواج.. وكما قلت فالصياغة كانت صادمة لناس كثير وهو كان اعتراضه على ذلك.. وأنا تواصلت معه وأفهمته الموضوع بشكل أتمنى أن يكون اقتنع به.. عمومًا هذه وجهات نظر.. بعض الناس تحب الصياغات التقليدية أو العادية.. أنا حبيت أروح لل«إكستريم»..وقد قدمت من قبل الكثير من الصياغات الشعرية فى حياتى الفنية.. إنما فى موضوع مثل هذا لم يكن يصلح لأن يقدم غير ذلك. منذ بدايتك وأنتِ غير تقليدية فى اختيار كلمات الأغانى بالتحديد.. هل تعتقدين أن الكلمة هى الأهم فى الأغنية؟ - صحيح، وأنا من بداياتى ما بحبش أكون زى حد.. عملت حاجات ممكن تكون صياغتها كلاسيكية، خصوصًا فى بداياتى.. لكن من حين لآخر كنت أقحم أشياء جديدة.. حتى فى بداياتى عندما قدمت «علمناه الحب».. قدمت أيضًا «قال جانى بعد يومين».. و«حلو حبك» و«واحشنى بصحيح».. قدمت الكثير من الأغانى الكلاسيكية وكنت أحاول دائمًا تقديم الجديد سواء فى الكلمة أو شكل التوزيع أو طريقة الأداء..فكل عنصر وله أهميته فى الأغنية، ليس فقط الكلمات.. حتى أداء الفنان.. شكل التوزيع... القالب الغنائى كله على بعضه.. فى النهاية، يهمنى أن تكون الأغنية من وجهة نظرى جديدة وحلوة.. وأدائى هو «الفاترينة» التى يصل من خلالها كل شىء، فالغنوة عبارة عن Package. الوقت الحاضر يفرض علينا سماع الأغنيات الخفيفة ذات الرتم السريع مثل النوعية التى تقدمينها فى ألبوماتك، ألا تشتاقين للأغانى القديمة الكلاسيكية الطويلة وألا تشعرين أن الجمهور يفتقدها؟ - مؤكد أشتاق للأغانى الكلاسيكية، فهى جزء من مخزونى الفنى.. وقد تعلمت على أيدي هؤلاء الفنانين.. سواء كانت السيدة «أم كلثوم» والأستاذ «عبدالوهاب» و«العندليب».. أنا وغيرى تعلمنا منهم.. لكن الدنيا تتحرك وتتطور ولا يمكن أن نستمر فى تقديم القوالب القديمة.. لكن أهم شىء أن روحنا وعُروبتنا موجودة، ولو حتى بصياغة جديدة تلائم العصر.. وعندما نغنى مقسوم فهو شرقى بشكلنا وعُروبتنا حتى الغنوة الدرامية والرومانسية أيضًا بعربنا وشكلنا إنما أغانى المطولات والمقامات الشرقية، نعم أصبحت قليلة.. لكن موجودة. استغرب البعض (اللوك) الجديد، هل تقصدين هذا أمْ تراهنين على أن جمهورك دائمًا ما يتوقع منك الجديد؟ - الفن إذا لم يكن به تغيير، يسقط فى المَلل والروتين والتكرار.. وطبيعى أن المرأة العادية وليس فقط الفنانة تغير من نفسها، مرّة ترفع شعرها، مرّة تغير مكياجها.. هذه طبيعة المرأة فى كل العالم، لديها الإمكانية لتغيير شكلها.. وأنا كفنانة فهذا مطلوب منّى، أن أغير من مظهرى.. وأنا فى حياتى الطبيعية لا أفضل الاستمرار فى نفس الشكل.. نفس لون الشعر.. فأنا بحب أجرب وبحب المغامرة فى شكلى وفى فنّى.. حتى إن كانت نتيجة المغامرة، أن تندهش الناس فى بعض الأحيان، لكن هذا جزء من مهنتنا وشخصيتى.. لازم يكون هناك شكل تانى وتطور.. الروتين والمَلل والتكرار ضد الابتكار.. فكما أحاول تقديم أشياء مختلفة فى أعمالى، أحاول تجريب أشياء جديدة فى شكلى..الفنانون الرجال الآن يغيّرون فى مظهرهم فما بالك بالنساء. رُغْمَ تواجد المغرب فى كل كلامك واهتماماتك الفنية فإنك دائمًا ما تُغنين باللهجة المصرية.. لماذا لا نجد لكِ أغانى باللهجة المغربية؟ - لقد غنيت مغربى كثيرا فى بداياتى الفنية، وقدمت أغنية «مازال» عام 2014 ولدىّ أغنية مغربية جديدة ستصدر فى الفترة المقبلة.. وبحُكم التزاماتى هنا مع شركة إنتاج، يريدون منّى شغل باللهجة المصرية.. وصحيح لم أغنِّ مغربى فى الفترة الماضية لكنى سأعوض ذلك فى الفترة المقبلة إن شاء الله أكثر. قلتِ من قبل إنكِ لن تتجهى إلى تجربة التمثيل أبدًا.. ما سبب اتخاذ هذا القرار رُغْمَ أنك تتمتعين بمحبة كبيرة من جمهورك فى مصر والوطن العربى؟ - موضوع التمثيل الآن، هو المغامرة الحقيقية.. وكى أفكر فى أن أغامر أو أخاطر.. لازم أفكر ألف مرّة.. طبعًا هناك الكثير من الناس نفسهم يشوفونى بأمَثّل.. وكنت طول الوقت أقول لا.. ولا أدرى إن كنت الآن قادرة على هذه الخطوة أمْ لا.. لكن أنا كمطربة مالكة أدواتى.. فلماذا أغامر بالتمثيل الذى لا أملك أدواته..غالبًا مش حعمل الخطوة دى خالص. هل لا تزالين تأخذين رأى ابنك شادى فى ألبوماتك؟ - شادى بدأ يهتم أكثر.. بدون تدخل منّى.. لكنى بدأت أشعر أنه مهتم ويريد إبداء رأيه.. الموضوع بالنسبة له أصبح مهم جدّا غير الأول.. عشان يمكن كان سِنه صغير.. الآن أصبح أكبر وبدأ يفهم أهمية عملى.. وطوال الوقت يحاول أن يسمعنى أشياء جديدة.. ويقول رأيه.. وطبعًا أستمع إليه وأرى ما من الممكن أن أفعله ويكون مناسب لى. فى النهاية.. ما هو سر (الديفا)سميرة سعيد؟ - هو ما فيش سر.. سر بقائى لغاية دلوقتى هو حبى للاختلاف.. حبى للمغامرة.. حبى للفن بشكل عام، يمكن هذا هو السر اللى جعلنى أتواجد مع أجيال مختلفة.. وإلى حد كبير أنتبه لحياتى.. وفى حالى وفى بيتى وما عنديش استهلاكات كتيرة.. غير إن حياتى هى بيتى وفنّى.. هذا هو السر.. لكن فى النهاية كل فنان شايف نفسه ممكن يكون فين، يقدر يكمل فين، وما هى نقاط قوته.. وأنا أكيد عارفة نقاط قوتى.. وعارفة كيف أدوس عليها وأكمل بيها.