يحتفل جهاز الاستخبارات الإسبانية أو كما يطلق عليه «البيت» هذا العام بمرور 41 عامًا على تأسيسه خلفًَا لمركز المعلومات العليا السابق للدفاع «CESID» الذى تم إنشاؤه فى 14 يوليو عام 1977. وقد تم حل «CESID» عام 2002 ليأخذ مكانه فى 6 مايو من العام نفسه جهاز الاستخبارات الإسبانية الحالى CNI. يقدر عدد العاملين بجهاز الاستخبارات الإسبانية ب 3500 موظف وفقًا لآخر إحصاء تم نشره عام 2016 بينما بلغت ميزانية الجهاز لعام 2017 260.96 مليون يورو. الجهاز لم يأخذ شكله الحالى إلا عام 2002. ففى البداية الجهاز مجرد إدارة عامة ضمن الهيكل العام لوزارة الدفاع. وفى عام 2011، وبعد الإصلاح الوزارى الذى قام به رئيس الحكومة «ماريانو راخوى»، أصبح CNI يتبع وزارة الرئاسة والإدارات الإقليمية ويديرها اللواء «فيليز سان رولدان» منذ عام 2009 حتى الآن وذلك بعد أن شغل منصب رئيس أركان القوات المسلحة الملكية الإسبانية (JEMAD) لمدة 4 سنوات حتى عام 2008. ويعمل CNI، وفقًا للقانون الإسباني، على تقديم المعلومات والدراسات والتحليلات الاستخباراتية بعد تفسيرها وشرحها للحكومة ورئيسها اللذين من شأنهما العمل على منع وتجنب المخاطر والتهديدات أو الاعتداءات التى تهدد استقرار إسبانيا وسلامتها فضلاً عن تقديم المعلومات اللازمة لحماية وتعزيز المصالح السياسية والاقتصادية والصناعية والاستراتيجية داخل إسبانيا وخارجها. كما يعمل الجهاز الاستخباراتى على هذا بالإضافة إلى تعزيز العلاقات والتعاون مع أجهزة الاستخبارات التابعة للدول الأخرى أو المنظمات الدولية من أجل تحقيق أهدافها بشكل أفضل إلى جانب جمع وتقييم وتفسير المعلومات ذات الطبيعة الاستراتيجية لتحقيق أهداف الجهاز. ويتم توزيع التقارير التى تعدها الاستخبارات الإسبانية CNI على السلطات المختصة فى مختلف الوزارات. ومن حين لآخر، يقدم الجهاز تقارير، ونشرات وإخطارات إلى البرلمان ومجلس الشيوخ والسلطات الإقليمية والأحزاب السياسية. رؤساء الجهاز وعلى مدار 41 عامًا، تعاقب على منصب الرئيس 6 شخصيات ينتمى معظمهم إلى الجيش بدءًا من اللواء «خوسيه ماريا لوبيز» الذى يعتبر أول من تولى هذا المنصب لمدة عامين 1977–1979،ثم خلفه اللواء «جيراردو روميرو» 1979–1980، مرورًَا بالعقيد «ناريسكو كارريراس» 1980 -1981،و العقيد «إميليو الونسو مانجلانو» (1981–1995)،والعقيد فيليز ميرنادا (1995–1996)، والعقيد خافيير كالدرون فيرنانديز 1996–2001. بينما كان الدبلوماسى « خورخيه ديزكياير» (2001–2004) والسياسى الاشتراكى «البرتو كورتيز» 2004–2009 هما الشخصيتان الوحيدتان من خارج مؤسسة الجيش. وقد طالت بعض الفضائح عددًا من رؤساء الجهاز. فنجد أن العقيد «إميليو الونسو مانجلانو» الذى قاد المخابرات الإسبانية لمدة استمرت 14 عامًا بعد أحداث انقلاب 23 فبراير 1981 فى إسبانيا، قد تقدم باستقالته فى عام 1985 بعد ما كشفت صحيفة «الموندو» فى عام 1995 عن فضيحة قيام موظفى الاستخبارات الإسبانية CESID بالتجسس على جميع المكالمات بما فى ذلك المحادثات الشخصية للسياسيين والدبلوماسيين ورجال الأعمال والصحفيين. الفضيحة اتسعت لتشمل التجسس على الملك وأصدقائه. والغريب أن عمليات التجسس التى قام بها الجهاز على مدار 11 عامًا فى عهد العقيد «مانجلانو» تمت بموافقة الحكومة الإسبانية. أطاحت هذه الفضيحة بنائب رئيس الحكومة آنذاك «نارسيز سيرا» ووزير الدفاع «جويلان جارسيا فارجاس» اللذين تقدما باستقالتيهما. أما «البرتو كورتيز» السياسى الإسبانى الاشتراكى والرئيس السابق للمخابرات الإسبانية الذى تولى هذا المنصب خلال الفترة ما بين عامى 2004 - 2009، فقد تقدم باستقالته عام 2009 على إثر الهجوم والانتقادات التى وجهت إليه بعدما نشرت صحيفة «الموندو» أيضًا معلومات تؤكد أن رئيس الجهاز الاستخباراتى الإسبانى استخدم موارد وأموال المخابرات العامة لأغراض خاصة ومواقف عديدة من بينها التمتع بها أثناء رحلات عمل للخارج ونسبت الصحيفة اتهاماتها لمصادر داخل جهاز CNI. لم تكن هذ الفضيحة هى الأولى ولكنها بالتأكيد ساهمت فى خسارة «كورتيز» لمنصبه. ورغم أن «البرتو» حصل على أعلى درجات الثقة من وزير الدفاع «خوسيه بونو» آنذاك فإن تعيينه فى هذا المنصب ظل مثارًا للانتقادات من الحزب الشعبى الإسبانى وفى لحظة توتر فى يونيو من عام 2005 أكد الحزب أنه كان يمكن تفادى هجمات «11 سبتمبر» و11 مارس إذا ما تعاملت السلطات السياسية مع المعلومات المتاحة لهم بشكل صحيح، وطالب العديد من أعضاء الحزب تقديم «البرتو» استقالته. أبرز العمليات السرية مراقبة الرئيس الكتالونى السابق قام جهاز الاستخبارات الإسبانية بالعديد من العمليات، إلا أن أحدثها كان مراقبة ومتابعة تحركات رئيس إقليم كتالونيا السابق «كارليس بتشدمون» حيث قام عملاء CNI بتعقب تحركات الرئيس الكتالونى السابق مستخدمين خدمة تحديد الموقع الجغرافى على الهاتف المحمول الخاص بصديقه قبل اعتقاله فى ألمانيا، حيث صرحت مصادر فى CNI لوسائل الإعلام الإسبانية بأن فريق المراقبة قد استخدم هذه الخدمة على الأقل لمراقبة تحركات «كارليس» بالإضافة إلى تركيب جهاز تتبع للسيارة التى كانت تستقلها المجموعة المصاحبة ل«كارليس» فى السفر وقد شارك 12 من عملاء المخابرات الإسبانية فى هذه العملية. ورغم أن الاستخبارات الإسبانية ترى أنها بذلك تمنع الأخطار والتهديدات أو الاعتداءات التى تهدد استقرار إسبانيا وفقًا للدستور فإن البرلمان الاتحادى الألمانى Bundestag قد حذر من أنه إذا قامت CNI بالتجسس على رئيس إقليم كتالونيا السابق فى ألمانيا سيكون ذلك مخالفة قانونية، حيث تحظر المادة 99 من الدستور الألمانى قيام أجهزة المخابرات الأجنبية بأنشطة ضد جمهورية ألمانيا، وقد يشكل جمع المعلومات والبيانات غير المصرح بها جريمة جنائية. شراء برامج التجسس والاختراق وكشف اختراق شركة «هاكينيج تيم» الإيطالية لتقنية المعلومات المتخصصة فى بيع أدوات وأجهزة التجسس والمراقبة والاختراق للحكومات والشركات منذ عام 2015، إدراج المخابرات الإسبانية ضمن قائمة عملاء الشركة. الوثائق التى تم الكشف عنها بعد الاختراق أكدت أن الاستخبارات الإسبانية تعاملت مع الشركة الإيطالية 4 مرات على الأقل منذ عام 2010 وقامت بإنفاق 290 ألف يورو فى مقابل الحصول على برامج «سوفت وير» المستخدمة فى اختراق أجهزة الهواتف المحمولة و أجهزة الكمبيوتر. ومن جهة أخرى صرح المتحدث باسم CNI حينها بأنهم لن يقدموا أى تفسير أو تفاصيل عن استخدام البرامج التى تم شراؤها من الشركة الإيطالية ما لم تطلبها هيئة متخصصة إذ تصنف اللوائح التى تنظم خدمات الاستخبارات الإسبانية هذه المعلومات على أنها سرية. الكشف عن صفقة سرية لشراء طائرات من إسرائيل وبيعها لإيران بينما نشر موقع ويكيلكس برقيتين سريتين لوزارة الخارجية الأمريكية، انكشف قيام الاستخبارات الإسبانية CNI ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA بالتحفظ لمدة عامين على 2 من رجال أعمال الإسبان الذين تم اعتقالهما لتورطهما فى بيع مروحيات مقاتلة لإيران بالمخالفة للحظر الذى يفرضه المجتمع الدولى على طهران. أما رجلا الأعمال فهما «خايمى جارسيا» و«بيدرو توريس» وقد اعتقلا فى مايو 2011 مع 4 إيرانيين فى مستودع صناعى فى مدريد حيث كانوا يحتفظون ب 3 طائرات هليكوبتر، وفى نفس اليوم قامت الشرطة فى برشلونة باعتقال اثنين آخرين من الصناعيين الإسبان الذين يحتفظون ب6 طائرات من نفس النوع.ووفقا لوزارة الداخلية قد سافر الإيرانيون إلى إسبانيا لإضفاء صفة رسمية على الصفقة. ويعود تاريخ هذه العملية إلى عام 2005 عندما أرادت وزارة الدفاع الإسرائيلية التخلص من الكثير من الطائرات الهيلكوبتر القديمة عن طريق بيعها فى مزاد علنى وفازت شركة « European Petrol Station»الألمانية بفرصة شراء 16 طائرة وفى وقت لاحق وقعت الشركة الألمانية ووزارة الدفاع الإسرائيلية وشركة « Club de Inversiones «Guadaira الخاصة ب«توريس» و«جارسيا» عقدا الذى بموجبه حصلت شركة «Guadaira» على 3 طائرات فقط. وأمام التشريعات المشددة فى إسبانيا التى تمنع الحصول على شهادة ملاحة جوية لطائرات Bell 212 اضطر «توريس» و«جارسيا» إلى جلب تلك الطائرات إلى السويد من خلال شركة «European Helicopter Service»فى العاصمة السويديةستوكهولم وطلبوا إذنا من وزارة الخارجية الأمريكية لنقل هذه الطائرات إلى السويد لأنها طائرات أمريكية الصنع.وفى تلك اللحظة ظهر رجل الأعمال الإيرانى «على رضا فالادكهانى» صاحب العديد من الشركات فى إيران ودبى الذى وقعت إحدى شركاته «Exim Corner International General Trading» مع «توريس» و «جارسيا» اتفاقًا فى 5 نوفمبر 2005 من أجل حق الاستغلال المشترك للطائرات الهيلوكوبتر فى مقابل أن يضع أمواله لدفع ثمن الطائرات للإسرائيليين. وفى عام 2006 انتقلت الطائرات إلى السويد بعد أن حصلت على تصاريح أمريكية وإسرائيلية.لكن عندما وصلت الطائرات إلى السويد لم تجر الأحداث كما هو مخطط لها، حيث كان هناك تشديد من قبل التشريعات من أجل الحصول على شهادات الملاحة بالإضافة إلى أن حالة المروحيات كانت أسوأ مما تخيل رجال الأعمال وبذلك لم يتمكنوا من بيعها لنقل البضائع أو لمكافحة الحريق. وأظهرت البرقيات السرية لوزارة الخارجية أن الولاياتالمتحدة كانت فى ذلك الوقت تخشى من تنفيذ عملية غير قانونية مع إيران، واحتوت إحدى الوثائق، التى تتضمن توقيع «هيلارى كلينتون» فى 22 أكتوبر 2009، على طلب من سفارة مدريد بالتحقق من وصول تلك المروحيات وأنها قد «تستخدم لغرض محدد» هذا كما أشارت تلك البرقيات إلى أن هذه التحذيرات هى الأحدث ضمن سلسلة من الجهود التى تبذلها وزارة الخارجية الأمريكية للتحقق من إمكانية قيام الشركة السويدية بنقل الطائرات الهيلوكبتر إلى إيران من خلال إسبانيا. وحينما ذهب المسئولون الأمريكيون لزيارة المستودع الصناعى فى مدريد، حيث كانت المروحيات موجودة، التقوا برجلى الأعمال الإسبانيين الذين أوضحا أنهما فقط يريدان إنقاذ هذه التجارة السيئة ملقين الضوء على المشاكل التى قابلتهما منذ البداية.وخلال ذلك اللقاء أكد رجال الأعمال الإسبان أن عملاء المخابرات الإسبانية قد زاروا المستودع لرؤية 212 Bell ويعتقد رجال الأعمال أن شائعات إمكانية بيع الطائرات إلى إيران تعود إلى موظف فى السويد يخشى أن يترك بدون عمل بسبب نقل الطائرات إلى إسبانيا. ورغم أن «توريس» و«جارسيا» قدرا ثمن كل طائرة بقيمة 500 ألف دولار فإنهم أخبروا العملاء الأمريكيين أنهم على استعداد لتخفيض السعر أو بيعها على أقساط واتفقا مع المسئولين على إرسال تقرير للسفارة الأمريكية فى مدريد يحتوى على القطع لمعرفة أى القطع التى يمكن بيعها وكيف يتم ذلك. التعاون مع وكالة الأمن القومى الأمريكية NSA ولم تنته عمليات المخابرات الإسبانية عند التعاون مع CIA، بل كشفت إحدى الوثائق السرية الخاصة بوكالة الأمن القومى الأمريكية NSA التى سربها «إدوراد سنودن» تحت عنوان «مشاركة شبكة الحواسيب لعمليات تشفير المعلومات مع الشركاء الأجانب» تصنيف الدول التى تتعاون معها فى 4 مستويات. بينما كشفت وثيقة أخرى تخص وكالة الأمن القومى NSA سربها أيضًا عميل الاستخبارات الأمريكية السابق «إدوارد سنودن» أن الاستخبارات الإسبانية CNI كانت مسئولة عن السماح للولايات المتحدة ومساعدتها على اختراق أجهزة المحمول الخاصة بمواطنى إسبانيا والتنصت على 60 مليون مكالمة هاتفية خلال شهرى يناير وديسمبر من عام 2012، منتهكةً بتلك حق الخصوصية لمواطنيها. •التعاون مع الاستخبارات البريطانية أما التعاون بين الاستخبارات الإسبانية ونظيرتها البريطانية فقد فضحته وثيقة أخرى. وأكدت تلك الوثيقة تطور التعاون الوثيق مع شركة اعتراض بيانات بريطانية فيما يسمى العمليات السرية للإنترنت، حيث قامت المخابرات الإسبانية والاستخبارات البريطانية من خلال شركة اتصالات فى بريطانيا، لم يكشف عن اسمها، بأعمال مراقبة واسعة النطاق على الإنترنت. • كشف التجسس الروسى كشفت وثائق خاصة بالاستخبارات الإسبانية النقاب عن هوية «بيتر ميلنيكوف» الدبلوماسى الروسى الذى تجسس على إسبانيا، وحصل على الكثير من المعلومات السرية التى باعها عميل الاستخبارات الإسبانية السابق «روبرتو فلوريز جارسيا» ما بين عامى 2001 و2004 مقابل مبالغ مالية ضخمة. إلا أنه تم اعتقال «روبرتو» فى يوليو عام 2007. يذكر أن الدبلوماسى الروسى كان خلال تلك الفترة المسئول الثالث فى السفارة الروسية بمدريد بالإضافة إلى عمله كمستشار للشئون السياسية بالسفارة. وقد توصلت المخابرات الإسبانية CNI أثناء التحقيقات أن «روبرتو» سرب العشرات من المعلومات التى تحتوى على هويات وأسماء العملاء والجواسيس ووجهاتهم ومواقعهم بالإضافة إلى معلومات أخرى عن الإجراءات والهياكل الداخلية والأنشطة المتعلقة بمجال المراقبة المضادة بينما فى المقابل. لم يربط مدير المخابرات السابق «البرتو كورتيز» هذه الأحداث بمقتل العديد من العملاء الإسبان فى العراق رغم اعترافه بأن بعض هذه الهويات التى سربها «روبرتو» إلى موسكو تتطابق مع 6 عملاء تم قتلهم فى بلد عربى.