كشفت وثائق سِرية تخصُّ الحكومة الكتالونية عن خطة لتحويل وكالة الأمن التى أنشأتها حكومة «كارلس بوتشدمون» الرئيس السابق للإقليم إلى جهاز استخباراتى على غرار جهاز الاستخبارات الإسبانية CNI أو وكالة الأمن القومى الأمريكية NSA . وكان البرلمان قد وافق على مشروع قانون يهدف إلى تحويل مركز أمن المعلومات CESICAT التابع لحكومة كتالونيا إلى ما يسمى ب«وكالة الأمن السيبرانى الكتالونية»، لكن المحكمة الدستورية هناك رفضت نَصَّ القانون معتبرةً أنه يتجاوز سلطات واختصاصات الحكومة الإقليمية، وقد أصيب أعضاء حكومة «بوتشدمون» بالإحباط، حيث كانوا يعتبرون هذا القانون من أولويات «هياكل الدولة» اللازمة لإطلاق جمهورية كتالونيا. وتضمنت الوثائق تقارير مقدمَة من الحرس المدنى إلى «خوان أنطونيو راميرايز» قاضى التحقيق. التقارير السِّرية المسربة أكدت أن حكومة «بوتشدمون» كانت تعتزم بالفعل استخدام كل من «مركز أمن المعلومات» CESICAT و«مركز الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات» CTTI كنواة للنسخة الكتالونية من جهاز الاستخبارات الإسبانى CNI. وتشير الوثائق إلى خطة الحكومة الكتالونية لإنشاء جهاز جديد يحمل اسم «وكالة الأمن القومى» ويتولى مكافحة الجريمة السيبرانية. ومع ذلك، فإن هذا الملف يحتوى على عدة أقسام من بينها جزء يقارن التكلفة التقديرية المقترحة ل«وكالة الأمن القومى»، التى بلغت 11.3 مليون يورو سنويّا ، بميزانية جهاز الاستخبارات الإسبانى CNI، و«وكالة الأمن القومى» الأمريكية NSA. كما يتضمن الملف الداخلى للحكومة الكتالونية جزءًا آخر جاء بعنوان «الخطوات القادمة»، الذى يحتوى على توصية بضرورة التواصل مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلى «الموساد». وكانت «بيلار راولا»- الصحفية والمتحدثة غير الرسمية لعملية استقلال كتالونيا عن إسبانيا- تتباهى دائمًا بالعلاقات الجيدة التى تربط «الحزب الديمقراطى الأوروبى الكتالونى»PDeCAT مع حكومة إسرائيل على أمل أن تكون إسرائيل هى أول دولة تعترف باستقلال كتالونيا. ولكن آمال راولا وغيرها من الطامعين فى الدعم الإسرائيلى داخل كتالونيا تراجعت كثيرًا بعد إعلان الرئيس الإسرائيلى «روفين ريفيلين» عن دعمه لوحدة إسبانيا «ككيان دولة ذات سيادة». ومن ناحية أخرى، أكدت مصادر إسبانية أن حكومة «كارليس» تستعد لشراء أجهزة تجسس بقيمة 27مليون يورو، وهو ما دفع السُّلطة التنفيذية الكتالونية إلى الاتصال بحكومة إسرائيل وأجهزة استخباراتها طلبًا للمساعدة دون جدوى، وخلال المحاولات المستمرة للتواصل مع الحكومة الإسرائيلية، التقى أعضاء حكومة كتالونيا بشخص فى منصب رفيع ب «حزب التقارب الديمقراطى» CDC فى كتالونيا ليكون وسيطًا بينهم و بين الجانب الإسرائيلى فى محاولة ترتيب لقاء بين الطرفين. ويبدو أن خطة إنشاء جهاز استخبارات فى كتالونيا قديمة، حيث زار وفد كتالونى تل أبيب عام 2016 لحضور معرض دولى للأمن السيبرانى. وكان على رأس الوفد كل من «جوردى بويجيرو» وزير الاتصالات والأمن السيبرانى والمجتمع الرقمى الحالى فى إقليم كتالونيا و«شابير جاتيوس» مدير «مركز أمن المعلومات» آنذاك. وقبل أسابيع من هذه الزيارة، اجتمع «بويجيرو» مع «آريز كى» الخبير الأمنى الإسرائيلى والمدير السابق لهيئة الأمن القومى الإلكترونى فى إسرائيل الذى عمل فى وقت سابق لدى جهاز الاستخبارات الإسرائيلى «شاباك». وخلال الاجتماع، قدَّم «آريز» عرضًا بخدمات الأمن السيبرانى التى يمكن أن توفرها الشركات الإسرائيلية للجانب الكتالونى. كما اجتمع الوفد الكتالونى مع «ليو جليزر» رئيس شركة الأمن الدولية وأنظمة الدفاع (ISDS Ltd) بحجة حاجتهم إلى معدات تدخُّل واعتراض للاتصالات على جميع المستويات بما فى ذلك للواتساب وغيره من التطبيقات. يُذكر أن «جليزر» ليس مجرد رئيس شركة، فهو ضابط سابق بالجيش الإسرائيلى وتجمعه علاقات وثيقة مع الموساد الحكومة الإسرائيلية. ولكن بعد أسابيع من اللقاء السرى، اتصل ممثلو الحكومة الكتالونية بمجموعة «ليو جليزر» وطلبوا خفض الأموال التى تم تخصيصها لشراء معدات التجسس من نحو 27 مليون يورو إلى 23.5 مليون يورو فقط. وتضمن الاتفاق بين الجانبين الإسرائيلى والكتالونى تجميع شحنات الأجهزة فى باريس وتحديدًا داخل المقرات التى كانت تعد لتصبح «سفارات» للإقليم بعد الانفصال عن إسبانيا، لتنتقل بعدها الأجهزة فى شاحنات حتى تصل إلى كتالونيا بعيدًاعن أعين الرقابة الجمركية الإسبانية. الغريب أن الصفقة فى النهاية لم يتم تنفيذ لأن الحكومة الكتالونية لم تحدد المعدات التى يريدها.