على الرغم من المشاكل التى تتعاقب مع كل دورة جديدة تنعقد لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى الذى بدأت فعاليات دورته ال(39) مساء الثلاثاء الماضى؛ فإن الأفلام المختارة بعناية كانت دائما حاضرة فى كل عام. وهو الأمر الذى يمنح هذا المهرجان مساحة من الضوء ربما ليس لها بريق كحضور النجوم وسيرهم على السجادة الحمراء أو استعراضات حفل الافتتاح وانطلاق الألعاب النارية فى السماء. لكن تبقى الأفلام على عهدها هى الأكثر إخلاصا لأى مهرجان سينمائى، إذا كانت قادرة على جذب جمهور لديه ذوق رفيع لمشاهدة أفلام جادة شكلا ومضمونا.. وفى خريطة أفلام القاهرة السينمائى هذا العام ومن بين 175 فيلما يعرضها المهرجان، يوجد الكثير منها يستحق المشاهدة.. لكننا اخترنا 12 فيلما ننصح بها ونرشحه لعشاق الفن السابع على مسئوليتنا. فى العدم In The Fade واحد من أهم أفلام 2017 ليس فقط لأنه نافس فى كبرى مهرجانات السينما فى العالم مثل مهرجان «كان» الأخير حيث شارك فى المسابقة الرسمية ونالت بطلة الفيلم «ديان كروجر» جائزة أفضل ممثلة، ولا لأن الفيلم تقدمت به ألمانيا للمنافسة فى سباق الأوسكار أفضل فيلم أجنبى ومتوقع على الأقل صعوده للترشيحات النهائية، ولكن لأن مخرج الفيلم هو واحد من أهم المخرجين الأوروبيين فى العقد الأخير وهو المخرج الألمانى - التركى الأصل «فاتح أكين» الذى نال عن إجمالى أفلامه التسعة حتى الآن، (40 ) جائزة ورشح ل (33) جائزة أخرى، منها جائزة أفضل سيناريو فى مهرجان «كان» عن فيلمه «حافة الجنة» عام 2007 وجائزة الدب الذهبى فى مهرجان برلين عام 2004 عن فيلم «ضد الجدار». كما نافس فيلماه «مطبخ الروح» عام 2004 و«القطع» عام 2014 على الجوائز الكبرى بمهرجان فينسيا. وقد حصل الأول على جائزة الشباب والثانى على تنوية خاص. أما فيلم «فى العدم» فهو يحكى قصة «كاتيا» التى يقتل زوجها وابنها فى عملية إرهابية، وبعد فترة من الحزن والحداد تبدأ فى السعى وراء الانتقام عندما يخذلها القضاء فى تحقيق العدالة على المتهمين بالتورط فى الجريمة. صبا Girlhood فى إطار برنامج عن المخرجات الفرنسيات الجدد، يتم عرض فيلم «صبا» وهو من إنتاج عام 2015 وإخراج «سيلين سيسياما».. الفيلم يحكى عن «مريم» وهى صبية مراهقة تضجر من المشاكل التى تواجهها فى البيت والمدرسة نتيجة التحكم الذكورى. وتقرر أن تنضم لعصابة من الفتيات اللائى يعشن حياتهن بشكل متحرر، فتحترف السرقة إلى أن تقرر أن تعيش فى سلام وهدوء فترتبط برجل عجوز يضمن لها المال والأمان.. الفيلم نال تقديرات نقدية مرتفعة وشارك فى عدة مهرجانات منها مهرجان «كان» عام 2014 كما رشح لعدد كبير من جوائز سيزار الفرنسية منها أفضل ممثلة ومخرجة وموسيقى وصوت. نيوتن Newton بعيدا عن الألوان المبهرجة والاستعراضات الصاخبة يعرض هذا الفيلم الهندى الذى يمتاز بحس انتقادى سياسى. الفيلم من إخراج «اميت ماسوركار». ويعد من أهم إنتاجات السينما الهندية لهذا العام، وقد تقدمت به الهند للمشاركة فى الأوسكار أفضل فيلم أجنبى. كما شارك الفيلم فى مهرجان برلين الأخير وفاز بجائزة أفضل فيلم فى مسابقة الاتحاد الدولى للفنون السينمائية.. الفيلم يدور حول «نيوتن»، وهو موظف صاعد يذهب فى مهمة انتخابية فى ولاية تشاتيسغار الهندية.. التى تعصف بالصراعات، ويبذل قصارى جهده لإجراء تصويت حر ونزيه على الرغم من عدم مبالاة قوات الأمن والخوف الذى يلوح فى الأفق من هجوم المتمردين من منظمة الناسكال ذات الفكر الشيوعى. الدستور The Constitution الاختلافات الدينية والعرقية بل والجنسية أيضا من الممكن أن تفسد الود فى البداية لكنها لا تستمر فى الفساد، بل يصل الأمر أحيانا إلى تطبيق حكمة أن فى الاختلاف رحمة.. هذا ما يحاول أن يطرحه الفيلم الكرواتى «الدستور» وهو من إنتاج عام 2016 وإخراج «راجكو جريليك». الفيلم يدور حول أربعة أشخاص يعيشون فى نفس البناية ولكنهم يتوخون الحذر ويرتابون فى بعضهم البعض نظرا لاختلافات خلفياتهم. وبينما يتعرض أحد السكان والذى يعمل كمدرس للضرب فى الشارع، تقوم على رعايته الطبية جارته الممرضة والتى تطالبه بأن يساعد زوجها ضابط الشرطة كى يتجاوز امتحانا عن الدستور الكرواتى.. وتتصاعد المشاكل والأزمات فى عدم تقبل المدرس الكرواتى الأصل للممرضة الصربية الأصل. ولكن مع الاقتراب تذوب الخلافات ويبقى الود الإنسانى الخالص من أى انتماءات. الفيلم فاز بالجائزة الكبرى فى مهرجان مونتريال. الجايدة فى الوقت الذى تحاول فيه تونس أن ترفع من شأن وتعيد اعتبار المرأة التونسية فى منحها مزيدا من الحقوق، تأتى المخرجة التونسية الكبيرة «سلمى بكار» صاحبة أفلام «فاطمة» و«زهرة الخشخاش» بفيلمها الجديد «الجايدة». وكعادتها تستمر «سلمى» فى إلقاء الضوء على مشاكل وأزمات المرأة التونسية.. هذه المرة تعود «سلمى» إلى تونس قبل الاستقلال وتحديدا فى خمسينيات القرن الماضى حيث قانون الأحوال الشخصية القديم الذى كان يضطهد المرأة، وتأتى أحداث فيلمها حول حكاية أربع نساء من فئات عمرية واجتماعية مختلفة يلتقين داخل «دار جود» وهو سجن كان مخصصا لتأديب النساء الخارجات عن طاعة أزواجهن أو آبائهن.. حيث تعاقب كل منهن بالسجن حتى يتم تأهيلها للسمع والطاعة فى مجتمع كان يحتقر المرأة. خياطة السيدات Dressmaker يعرض هذا الفيلم فى قسم أستراليا ضيف شرف المهرجان. وهو من إنتاج عام 2015 بطولة النجمة العالمية «كيت ونسلت» وإخراج «جوسلين مورهاوس». الفيلم يتناول قصة امرأة تعود إلى مسقط رأسها وهى قرية أسترالية بعد أن قضت سنوات تعمل كخياطة فى بيت أزياء فرنسى. تعود للقرية وقد تسلحت بإحساسها بالموضة وماكينة الخياطة الخاصة بها لتحول القبيحات من نساء القرية إلى جميلات تملؤهن الأنوثة، وفى نفس الوقت تقرر الانتقام من كل من أساء معاملتها من قبل.. أحداث الفيلم تدور فى خمسينيات القرن الماضى. ميدان أمريكا Amerika Square ما الذى يستحقه اللاجئ؟ الحب أم الكراهية؟ المساعدة أم النفور؟ البقاء أم الطرد؟ هذا ما يحاول فيلم «ميدان أمريكا» أن يجيب عنه وإن كان الفيلم انحاز فى النهاية للاجئ ضد تعسف وتعصب وعنصرية المواطنين الأصليين. هذا الفيلم تقدمت به اليونان ليشارك فى مسابقة الأوسكار أفضل فيلم أجنبى. وهو من إخراج «يانيس ساكاريدس». الفيلم يدور حول صديقين يعيشان فى أثينا أحدهما مستاء من تزايد عدد اللاجئين والآخر مستفيد من هذا التزايد بشكل ما. وبينما يحاول «طارق» اللاجئ السورى أن يهرب من اليونان مع حبيبته يحاول أحد الصديقين منعه، ويقوم الآخر بمساعدته. الفيلم شارك فى عدة مهرجانات منها بكين واسطنبول وتسالونيك الذى فاز فيه بجائزة النقاد. العودة إلى مونتوك Return To Montauk أحدث أفلام المخرج الألمانى الكبير «فولكر شلوندورف»، الذى نال فيلمه «الطبلة الصفيح» عام 1979 جائزة الأوسكار أفضل فيلم أجنبى. كما ينافس منذ السبعينيات بأفلامه فى كبرى المهرجات الدولية. هذا الفيلم يدور حول محاولة لإعادة إحياء قصة حب قديمة بين كاتب ألمانى يذهب إلى نيويورك للترويج لكتابه الجديد حيث يلتقى بالمرأة التى وقع فى غرامها قبل 17 عاما. الفيلم شارك فى المسابقة الرسمية لمهرجان برلين الأخير. طريق النحل أحدث أفلام المخرج السورى الكبير، دائم الحضور فى مهرجان القاهرة «عبداللطيف عبدالحميد». هذا الفيلم الذى صنعه مخرجه فى ظل الظروف القاسية التى تعانى منها سوريا منذ عدة سنوات يدور فى إطار رومانسى كعادة أفلام «عبدالحميد» فهو دائما يمزج بين الحس الشاعرى وقسوة العنف الذى يواجهه المواطن العربى. فى «طريق النحل» نتابع قصة فتاة سورية تحاول التغلب على الحرب بالحب. وبعد أن قتل جميع أفراد أسرتها تفقد حبيبها الذى يختفى فجأة، ورغم محاولة تغلبها على هذه الآلام بقصة حب جديدة، تفاجأ بوجود حبيبها الأول فى ألمانيا لتدخل فى صراع جديد بين البقاء والهجرة أو بين الحب القديم والحب الجديد.. لا مكان للحرب هنا إلا فى الخلفية. أنا فقط تشارلى Just Charlie المشاكل الإنسانية واحدة فى كل بلاد العالم، وما يحدث فى مصر يحدث فى أى دولة آسيوية أو أفريقية أو حتى فى بريطانيا العظمى نفسها، فى فيلم «أنا فقط تشارلى» نجد معاناة فتاة فى عمر المراهقة تعانى من تسلط والدها الراغب فى حرمانها من ممارسة هوايتها المفضلة وهى لعب كرة القدم. الأمر لا ينتهى فقط عند ممارسة لعب كرة القدم ولكن أيضا لأن «تشارلى» فتاة فى جسد صبى وهو ما يسبب لها النفور من جميع من حولها. المفاجأة فى الفيلم أن الذى قام بدور الفتاة «تشارلى» هو الممثل الشاب «هارى جيلبى».. يعد هذا الفيلم من أهم إنتاجات السينما المستقلة فى بريطانيا فى عام 2017 ويعرض ضمن قسم أسبوع النقاد. بستان الرمان Pomegranate Orchard الفيلم الذى تقدمت به دولة أذربيجان كى يمثلها فى مسابقة الأوسكار أفضل فيلم أجنبى، وهو من الأفلام التى نالت تقديرا نقديا كبيرا.. تيمة الفيلم تذكرنا برائعة «يوسف شاهين»، «عودة الابن الضال» حيث يتناول قصة «جابيل» الذى يعود إلى وطنه ومزرعته بعد غيابه المفاجئ لمدة 12 عاما. ولكن لم تشف عودته الجراح العاطفية التى تسبب فيها لمن يحبونه طوال هذه الفترة. الفيلم يشارك فى المسابقة الرسمية. تونس الليل المخرج «إلياس بكار» من أكثر المخرجين التونسيين تميزا، فى اختيار شكل ومضمون مختلف لأفلامه.. وقد ظهر ذلك مع أول أفلامه «هى وهو».. فى فيلمه الجديد «تونس الليل» والذى يعرضه مهرجان القاهرة ضمن مسابقته الرسمية. فى الفيلم نعيش أجواء ما قبل اندلاع الثورة التونسية مباشرة، من خلال موقف الإعلام التونسى التابع لنظام «زين العابدين بن على» فى تلك الفترة وتحديدا من خلال بطل الفيلم مذيع الراديو الذى يقدم برنامجا ثقافيا بعنوان «تونس ليلا» ويحاول فى إحدى الحلقات أن يشير إلى حادثة حرق «محمد بن عزيزية» لنفسه. ولكنه يتعرض للاعتقال والاستجواب من قبل السلطات وبعد الإفراج عنه يقرر الهرب من المدينة«تونس»، بينما تغرق أسرته فى هموم لا حصر لها فابنته تحاول الانتحار وابنه ينضم للجماعات المتطرفة.