دعوة الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى إلى المساواة بين الرجل والمرأة فى جميع المجالات بما فى ذلك الميراث، كانت الحديث الأبرز خلال الأيام الماضية، حيث تبارت جيوش «السوشيال ميديا» فى توجيه انتقادات لاذعة إلى المميزات والحقوق التى استطاعت المرأة التونسية الحصول عليها. الأمر لم يتوقف فقط على مواقع التواصل الاجتماعى، حيث دخل على خط الهجوم بعض رجال الأزهر مثل، وكيله الدكتور عباس شومان الذى وصف القرارات التى اتخدتها تونس بأنها تتصادم مع أحكام الشريعة الإسلامية، مؤكدا أن المواريث مقسمة بآيات قطعية الدلالة، لا تحتمل الاجتهاد ولا تتغير بتغير الأحوال والزمان والمكان. هدى بدران: الضرورات تبيح تغيير النصوص د.هدى بدران، رئيس الاتحاد العام لنساء مصر، علقت على الدعاوى الصريحة لمساواة المرأة التونسية بالرجل وما يعول إطلاق مثل هذه الدعاوى فى مصر قائلة: «الاحصائيات المصرية تؤكد أن ثلث الأسر المصرية تعولها نساء وبالتالى هناك ضرورة لمساواتها مع الرجل فى الميراث، واللجوء إلى حجة أننا دولة إسلامية تحتكم للشريعة فتونس والمغرب أيضًا دول إسلامية لكن الفرق أننا نعانى من تمييز ضد المرأة». الأزهر وضع نفسه- بحسب هدي- فى موقف محرج عندما علق على مطالب الرئيس التونسى، بجانب أن رجوع بيان الأزهر إلى الشريعة فى النصوص الثابتة التى لا يجب المساس بها، هو كلام يحمل تناقضًا شديدًا هناك حد «الحرابة» تم وقف العمل به أيام «عمر بن الخطاب» مع اشتداد الفقر، وبالتالى هناك ضرورات تبيح التغير فى النصوص الثابتة التى يلجأ لها الأزهر دائمًا كشماعة، القرآن حَرَّم الربا ومع ذلك البنوك جميعها تحصل على فوائد القروض، القرآن اعترف بالرق وتم تحريمه وغيرها من النصوص والأحكام فلماذا تقف الدنيا على قلب رجل واحد عندما يتعلق الأمر بحقوق المرأة؟ لم يفاجئني- تواصل هدي- تعليق عدد من السيدات على السوشيال ميديا برفض ما وصلت له تونس الآن، فعندما خرج قرار بتحرير العبيد حينها اتخذ بعضهم الرفض موقفًا، لافتة إلى أن المجلس القومى للمرأة لم يعلق على ما يحدث وهذا يفسر جيدًا أنه ليس لدينا حركة نسائية قوية مثل تونس والتى كانت سببًا رئيسيًا فى نجاحها أو إرادة سياسية حازمة فقط نتفرغ لمحاربة بعضنا البعض. فرخندة حسن: الزواج المدنى تقليعة تونسية فرخندة حسن، الأمين العام السابق للمجلس القومى للمرأة ترى أنه لا يجب تغيير ما أتت به الشريعة الإسلامية خاصة فيما يتعلق بالإرث ولا يجوز اللعب فى الشريعة فى مصر لأنه يخالف للدستور، مشيرة إلى أنه فى أغلب الأحيان الشريعة تقف بجانب المرأة ضد الرجل فى ثلاثين حالة مختلفة يوضحها أساتذة الشريعة. فرخندة أوضحت أنه بالشريعة الإسلامية فقط يمكن أن تأخذ المرأة حقها، ولا يوجد عوائق فى ذلك ولابد من وضع الأيدى على أساس المشكلة وهو أن الدستور والقوانين تعطى الحقوق للمرأة كاملة، فى المقابل تنفى الأعراف والتقاليد هذه الحقوق فيكون الأب شيخًا يصلى بالآخرين وفى توزيع الإرث يعطى الابن نصيب الابنة بعد أن يحتكم للأعراف وليس الشريعة. وأشارت إلى أن الجواز المدنى تقليعة تطل تونس بها علينا، خاصة أن وثيقة الجواز الآن تستطيع المرأة اشتراط ما ترغب فيه، حتى إن العصمة يمكن أن تنتقل لها إذا اشترطت ذلك.. لكن الخطوة التى اتخذتها تونس ونأمل أن تحقق فى مصر هى قانون منع تعدد الزوجات. مارجريت عازر: العادات والتقاليد ضيعت حقوقنا وتؤكد النائبة مارجريت عازر، أن الشعب يحكمه دستور ينص على أن الشريعة مصدر التشريع وبالتالى بعض القرارات أو الدعوات التى صدرت فى تونس لا يمكن تنفيذها فى مصر لأنها تتعارض مع عدد من نصوص الشريعة، خاصة ما ورد بنص صريح لكن ما لم يرد فيه نص صريح يمكن الاجتهاد فيه بالطبع. ونفت عازر ما يترد عن ضعف الحركة النسوية فى مصر، قائلة: «نملك حركات ومجالس قوية تدافع عن حقوق المرأة وتحاول أن تنهض بثقافة المجتمع، كما أن هناك فى البرلمان ما يقرب من 90 نائبة تواجه التحديات التى تمارس ضد النساء مثل الختان وزواج القاصرات، ويعملن بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة»، موضحة أن المرأة فى البرلمان استطاعت أن تغلظ عقوبة التحرش وجرمت الختان وأصبح هناك انخفاض واضح فى نسب التحرش بعد تغليظ القانون، ونسعى جاهدين فى تغيير قانون الأحوال الشخصية. النائبة مارجريت عازر أشارت إلى أنه يمكن إرجاع التأخر فى اكتساب النساء المصريات حقوقهن إلى العادات والتقاليد الخاطئة والأمر لا يتعلق بالدين على الإطلاق، فالفتاوى المغلوطة والمفاهيم الخاطئة باسم الدين، وبالتالى ما لا يأتى به نص صريح فى القرآن يمكن أن يحسن من أوضاع المرأة المصرية تسانده بقوة ونحارب من أجل الحصول عليها. أمل حمدى: رجال الشريعة سبب الأزمة أمل محمود مدير مشروع التحرش الجنسى فى مؤسسة المرأة الجديدة، تقول: «لابد من الاعتراف بأن أحكام الشريعة فى مصر تطبق على الأمور المرتبطة فقط بالمصالح العامة فى المجتمع خاصة أن بلدانًا مثل تونس والمغرب بلاد مسلمة تلجأ إلى الشريعة الإسلامية لكن عندما تطرح قضية فى المجتمع التونسى يكون هناك رغبة جامحة فى تحقيق المساواة بين الجنسين». وأرجعت الصلاحيات والقدرات التى انتزعتها المرأة التونسية فى الفترة الأخيرة إلى قوة الحركة النسوية فيها مع إعطائها الحريات بجميع أشكالها فهناك دعم ومناقشات بوجه عام من غير ضغط مجتمعى. وتشير إلى أن العادات والتقاليد الحاكمة لثقافة المجتمع المصرى التى تكرس دائمًا لرفض المساواة بين الرجل والمرأة، برغم توقيع مصر على اتفاقية القضاء على أشكال التميز ضد المرأة جميعًا إلا أننا غير قادرين على تطبيقها، حيث لدينا ثقافة سائدة ويحاول رجال الدين دائمًا إرجاعها إلى الشريعة حتى لا يستطع أحد أن يتحدث فى مثل هذه القضايا، ونجحوا فى تكريس الثقافة الذكورية. الحل لإزالة حوائط السد- بحسب أمل- تعديل بعض مواد قانون الأحوال الشخصية، وقانون العقوبات والتى لا تحصل المرأة فيها على مساواة وهى قضايا عادية لا ترتبط بالشرع، قانون العمل والذى يميز بين الرجل والمرأة.. وقبل كل ذلك البحث عن دور المجلس القومى للمرأة ونائبات البرلمان اللاتى لم يستطعن تقديم مقترح قانون واحد يحمى المرأة. سهام على: المؤسسة الدينية لا تتفاعل مع مطالب النساء. سهام على المدير التنفيذى لبرنامج المرأة بمركز قضايا المرأة طالبت بحجة قوية للرفض من قبل الأزهر قائلة: «إذا رغب الأزهر اعتلاء المنبر ورفض ما يحدث فى تونس استنادًا للحجة فلابد أن يوضح بالحجة ما يخالف الشريعة.. فالجميع تساءل بعد ما حدث فى تونس عن ما إذا كانت أحكام الشريعة فى تونس مختلفة عن مصر أو باقى الدول الإسلامية والعربية، وهل هناك نصوص ظنية الدولة تستند إليها، والدعوى إلى أن ما يحدث جائز شرعًا أو لا يجوز لابد أن تكون بتوضيح وحجة قوية. الحركة النسوية متمثلة فى المنظمات والمؤسسات -بحسب سهام- تطرح بعضًا من هذه القضايا على استحياء أو كما يقال تمرره من خلف الستار لأنه لا يوجد تعاون من المؤسسات الدينية وكل ما يُطرح أمر تخرج علينا بالشريعة وأحكامها، فلم نستطع أن نأخذ موقفًا ضد الطلاق الشفهى. عندما أشار الرئيس السيسى إلى ضرورة الحد من الطلاق الشفهى وكان خطوة مهمة جدًا تضمن للمرأة حقوقها، ونحن نعمل عليها كمنظمات معنية بحقوق المرأة، الجميع فرح وأيد الفكرة، لكن الدعوة الجيدة رفضت حتى من دون تفكير ووعى، فضًلا عن أن الشريعة الإسلامية لا تتنافى على الإطلاق مع الكثير من حقوق المرأة، فالخلع الذى وصل إلينا فى عام 2000 كان موجودًا من أيام الرسول. عزة كامل: التحكم فى النساء أكثر ما يهم الرجل عزة كامل مدير مركز أكت، أشادت بدور المرأة التونسية قائلة: «لابد من رفع القبعات للتونسيات اللواتى استطعن التخلص من المد السلفى الذى نعانى منه فى مصر كنساء والتجربة أثبتت صحة ذلك، فأى أمر يتعلق بالمرأة وفيه محاولات للمساواة بين الرجل والمرأة، نجد من يتصدون لها يرفعون شعارات دينية، فى حين أنها تصب فى مصلحة الرجل. فى الجاهلية- بحسب عزة- كان الرجل هو العائل الوحيد للمرأة ولكن بما أن ديننا دين يسر وليس عسرًا ومع وجود ما يقرب من 40% من النساء عائلات للأسر المصرية لابد من تعديل القوانين والمساواة والتخلص من النفاق المجتمعى.