محافظ بني سويف يبحث مع معهد التخطيط القومي خطوات تنفيذ مشروع النباتات الطبية والعطرية بسمسطا    باكستان تعلن وصول حصيلة القتلى جراء ضربات الهند إلى 31    مدرب برشلونة السابق: صلاح يشبه ميسي..ومرموش أضاف الكثير لمانشستر سيتي    رئيس اتحاد الجودو: تعاون المدربين واللاعبين سرّ الإنجاز.. والميدالية رمز تعب    مصرع أم ونجلها في انفجار أسطوانة غاز بأسوان    لمدة 6 أيام.. الفرقة القومية المسرحية بالفيوم تقدم ليالي العرض المسرحي «يوم أن قتلوا الغناء» بالمجان    المحامين": النقاش لا يزال مفتوحًا مع الدولة بشأن رسوم التقاضي    تفاصيل احتفال دمياط بعيدها القومى فى ذكرى انتصارات الأجداد عام 1250م    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات الطفولة المبكرة    نائب روسي: الاتحاد الأوروبي أصبح خليفة للرايخ الثالث    سهير رمزي عن حصرها في أدوار الإغراء: كنت بدور على الانتشار    بوسي شلبي ترد على بيان ورثة محمود عبد العزيز: علاقتنا كانت زواجًا شرعيًا وقانونيًا    عمرو الورداني يقدّم روشتة نبوية لتوسعة الخُلق والتخلص من العصبية    الجمعة.. قافلة طبية مجانية بقرية صلاح الدين في البحيرة    انطلاق مباراة بي إس جي ضد أرسنال في دوري أبطال أوروبا    بإطلالة طبيعية.. مي كساب تخطف الأنظار في أحدث ظهور لها    الآلاف يشيعون جثمان الطفل ضحية الطلق الناري من زملائه في كفر الشيخ    محافظ المنيا يوجه بتسريع وتيرة العمل في ملف التصالح وتقنين أراضي الدولة    البغدادي تستعرض مع وفد جمهورية تشيلي استراتيجية تمكين المرأة    بمشاركة حمدي فتحي.. الوكرة يسقط أمام أم صلال بكأس أمير قطر    غموض موقف مدافع مانشستر يونايتد من لقاء بلباو    بطل قصة حياتي.. روجينا تتغزل في زوجها أشرف زكي بحفل زفاف رنا رئيس    الفوضى تسبب لهم التوتر| 4 أبراج فلكية لديها شغف بالنظافة والترتيب    وزير الخارجية الألماني الجديد: على كل من في موسكو أن يعمل حسابا لنا    أمين الفتوى: مفهوم الحجاب يشمل الرجل وليس مقصورًا على المرأة فقط    حريق هائل في كسارة بلاستيك بالغربية - صور    أول يوليو.. بدء التشغيل الفعلي لمنظومة التأمين الصحى الشامل بأسوان    أفضل من القهوة والشاي- 4 مشروبات صباحية تنقص الوزن    البابا تواضروس: نحن مواطنون مصريون نعيش مع إخوتنا المسلمين فى وطن واحد    رئيس جامعة مطروح يشيد بالمعرض التطبيقي لطالبات كلية التربية للطفولة المبكرة    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    أوس أوس يطلب من جمهوره الدعاء لوالدته: «ادعوا لها تقوم بالسلامة»    عمر طلعت مصطفى: ننسق مع وزارة الشباب والرياضة للاستفادة من الفعاليات الكبيرة للترويج لسياحة الجولف    وزير التموين يكشف تفاصيل عن تطبيق رادار الأسعار    «الزيت يكفي 3.7 شهر».. وزير التموين: الاحتياطي الاستراتيجي من السلع الأساسية آمن    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    مبيعات أجنبية تهبط بمؤشرات البورصة بختام جلسة اليوم.. فما الأسباب؟    جامعة كفر الشيخ تشارك في منتدى «اسمع واتكلم» بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    رئيس "أزهرية الإسماعيلية" يشهد امتحانات النقل الإعدادى والابتدائى    هل يجوز أن أصلي الفريضة خلف شخص يصلي السنة؟.. المفتي السابق يوضح    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير رقابى: 53 مليار جنيه أموالاً مهدرة فى تعديات الحزام الأخضر فقط

غضبة الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخيرة مما آل إليه ملف الاستيلاء على أراضى الدولة شهادة رئاسية بفشل جميع الأجهزة التى تولت هذا الملف منذ قيام ثورة يناير، ومنذ انتخاب السيسى رئيسا للجمهورية.
قال الرئيس إنه لن يسمح باستمرار هذا الوضع، حفنة من المتربحين يستولون على مئات آلاف الأفدنة من أراضى الدولة وينتفعون بها ويراكمون الثروات الهائلة، بينما الدولة تمد يدها للاستدانة لسد حاجات الشعب الأساسية، فأى عدل هذا؟
قالها الرئيس غاضبا وتوعد بمحاكمة الممتنعين عن رد حقوق الدولة، وقرر وضع حد لهذه الفوضى العارمة التى صنعها نظام مبارك الفاسد طوال ثلاثين عاما على يد رجال أعمال إبراهيم سليمان وزير الإسكان الهارب حاليا من تنفيذ حكم سجن نهائى ثلاث سنوات ورد نصف مليار جنيه للدولة تعويضا عن واحدة من صفقات إهدار المال العام والتلاعب بأراضى الدولة لصالح صهر مبارك الهارب أيضا مجدى راسخ فى القضية المعروفة بقضية سوديك، علما بأنه لم يتم القبض على راسخ وسليمان، ولم يتم استرداد أموال التعويضات عن فارق الأسعار، بينما لاتزال الأرض فى حوزة شركة سوديك.
أعلن الرئيس أن نهاية الشهر الجارى سيتم عقد مؤتمر رسمى لإعلان ما انتهت إليه حملة استرداد أراضى الدولة وحقوقها المالية فى الأراضى تحت وضع اليد بطول البلاد وعرضها، لتشتعل حرب مافيا الأراضى ضد الرئيس بقوائم مسربة عن المستهدفين من هذه الحملة، والتى تضم رجالا نافذين فى أجهزة وسلطات ومسئولين سابقين وحاليين ورجال أعمال مقربين جدا من الحكومة، بهدف إعاقة الحملة وتخويف الدولة من عواقب الإضرار بهؤلاء الحيتان الكبار الذين يتحكمون فى اقتصاد البلد.
والحق يقال، فإن هذه الغضبة يجب أن تبدأ بأولئك النافذين والمتسلطين من رجال أعمال خاصة أن فاتورة الخسائر التى يسببها بقاء تلك الأراضى تحت أيديهم تتجاوز عشرات المليارات فى وقت تبذل الدولة فيه كل الجهد لاقتراض بضعة مليارات من صندوق النقد الدولى لمواجهة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، فلا يعقل أن تستغيث شركة حكومية مملوكة للدولة هى شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير من أحد رجال الأعمال بإعلان على نصف صفحة فى صحيفة الأهرام قبل عامين بسبب استيلائه بالقوة على مساحة تتجاوز 250 فدانا فى أملاكها على طريق الإسماعيلية وعجزها عن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالحها دون أن يحرك أحد ساكنا حتى اليوم!
لقد بلغت فاتورة خسائر التعديات على أراضى الدولة فى منطقة واحدة هى الحزام الأخضر ضمن كردون مدينة 6 أكتوبر وحدها نحو 53.71 مليار جنيه، عما أمكن حصره وفقا لتقارير رسمية من أجهزة الدولة نفسها.
وكانت نشأة هذه المافيا على يد الوزير الهارب إبراهيم سليمان فى الحزام الأخضر الذى استولى عليه ونقل تبعيته من وزارة الزراعة إلى وزارة الإسكان بلى الذراع وفرض الأمر الواقع، يثبت ذلك صدور خطاب من وزير الزراعة وقتها يوسف والى إلى حبيب العادلى وزير الداخلية يطلب فيه منع التعامل على الأرض واحترام تعاقدات الدولة، وهو ما تجاهله العادلى طبعا لأنه كان أحد المستفيدين من اللعبة، لقد وسّع سليمان مساحة الحزام الأخضر إلى مسافة عشرة كليومترات، وهو الحزام الوحيد فى العالم الذى يصل إلى هذه المسافة، حيث إن أقصى حزام أخضر لا يتجاوز 2 كيلومتر، وذلك تمهيدا لتحويل هذه الأرض إلى دجاجة تبيض ذهبا للمحظوظين، ومن عجائب هذه اللعبة أنه وضع على رأس جمعية 6 أكتوبر لاستصلاح الأراضى - التى تحولت إلى شركة فيما بعد - سمير زكى الذى لا يحمل أى شهادات ويقوم بعملية تقسيم تلك الأرض على رجال النظام السابق ورجال الأعمال المقربين منهم وعائلاتهم وذويهم.
وقد رصد أحد تلك التقارير والصادر عن الجهاز المركزى للمحاسبات قيام شركة الوادى الأخضر الزراعية بالتعدى على أراضى هيئة المجتمعات العمرانية وقيام أعضاء الشركة بحيازة هذه الأراضى مقابل 15 ألف جنيه للفدان يتم سدادها للشركة مع تعهدهم بسداد ثمن الأرض والمرافق إلى جهات الدولة فى محاضر التخصيص بالمخالفة للمادة 9 من قانون المجتمعات العمرانية الجديدة، ما ترتب عليه ضرر للمال العام بلغ 15.03 مليار جنيه، فضلا عن التهرب من دفع 1.96 مليار جنيه مقابل المرافق.
وقامت الشركة بالتعدى على أراضى الدولة ببناء 55 فيللا واقتسامها مع شركة وادى النيل للمقاولات، ما ترتب عليه ضرر بقيمة 1.04 مليار جنيه، إضافة إلى 135.7 مليون جنيه قيمة المرافق.
وقد وافقت هيئة المجتمعات العمرانية فى 1998 على تخصيص 4 آلاف فدان إلى شركة الوادى الأخضر للتنمية العقارية والزراعية خارج المساحة التى تضمنها القرار الجمهورى رقم 504 لسنة 1979 الخاص بإنشاء مدينة 6 أكتوبر بالمخالفة للمادة الثامنة من قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة رقم 59 لسنة 79 وبعد 11 عاما وافق وزير الإسكان أحمد المغربى على تخصيص 2675 فدانًا مرة أخرى لنفس الشركة فى 2009 على الرغم من تعدى الشركة على المساحة المخصصة منذ عام 79 وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها!
من جهة أخرى قامت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بتأجير مساحة 5559 فدانًا لذات الشركة من ضمنها المساحة السابقة فى غضون 1999، كما وافقت نفس الهيئة على تأجير 2525 فدانًا للشركة أيضا متضمنة نفس المساحة فى 2005 بالمخالفة للقانون، حيث تكون الولاية لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لمسافة 5 كيلومترات حول المدينة الجديدة.
وقد تراخت الوزارة فى استصدار قرار وزارى بإزالة التعديات على مساحة 2675 فدانًا داخل الكردون الغربى الجديد لمدينة 6 أكتوبر على الرغم من رفض لجنة دراسة تقنين وضع اليد بهيئة المجتمعات فى 2012 لتقنين وضع هذا التعدى المضر بالمال العام، والطريف أن الشركة عادت وخصصت تلك الأراضى المتعدى عليها إلى أعضائها مقابل 15 ألف جنيه للفدان بخلاف تكلفة المرافق وتحصيل مصاريف إدارية مقابل التنازل من عضو لآخر خارج الشركة فى حدود 5 آلاف جنيه للفدان فى غيبة الأجهزة الرقابية بالمخالفة الصارخة للقانون!
وينتقل التقرير لرصد تعديات شركة 6 أكتوبر الزراعية ومؤسسها سمير زكى عبد القوى شريك إبراهيم سليمان فى الحزام الأخضر، وقال التقرير إن تعديات هذه الشركة تجاوزت وحدها 6 مليارات و352 مليون جنيه، وتعددت مخالفات زكى منذ الخطوة الأولى باستحواذ جمعيته التى تحولت إلى شركة على 17 ألف فدان فى الكردون الغربى بمدينة 6 أكتوبر، وبلغ فارق السعر الذى لم يسدد عن تعديل النشاط من استثمار زراعى إلى بناء فيللات ومنتجعات بواقع 1350 جنيهًا للمتر المربع خاصة فى المساحة المضافة لكردون الشيخ زايد فى 2003 ما يزيد على 5.62 مليار جنيه.
وقد استفاد أعضاء الشركة إضافة للتعدى على الأرض من مرافق الدولة التى لم يدفعوا عنها شيئا، فى حين بلغت تكلفة المتر من المرافق المعدة بمعرفة جهاز مدينة 6 أكتوبر 176 جنيهًا ما ترتب عليه ضرر للمال العام بقيمة 732 مليون جنيه، فضلا عن قيام الشركة ببيع هذه المساحة لبعض أعضاء الرقابة الإدارية، على الرغم من عدم أحقيتها فى ذلك، حسب نص التقرير.
وبدلا من ملاحقة الشركة قضائيا، عادت الحكومة لمكافأتها بتخصيص 991 فدانًا فى 2009، رغم أن هذه المساحة كانت مستغلة تحت يدها بوضع اليد منذ 1997، قبل ذلك كانت هيئة المجتمعات العمرانية فى عهد سليمان قد وافقت على تخصيص مساحة 2000 فدان أخرى للشركة خارج المساحة المقررة لمدينة أكتوبر فى القرار الجمهوري، لترد هيئة التنمية الزراعية بعد عامين بتأجير 5791 فدانًا من ضمنها المساحة السابقة للشركة ثم تأجير 991 فدانًا للشركة أيضا فى 2005.
وقد صدر قرار اللجنة العقارية الرئيسية بإلغاء تخصيص 3120 فدانًا للشركة فى 2010 ثم أصدرت اللجنة قرارا آخر فى 6 يونيو 2012 بإلغاء تخصيص 12494 فدانًا لشركة 6 أكتوبر وسحب الأرض، إلا أن شيئا من ذلك لم ينفذ، رغم هذه المليارات التى خسرتها الدولة بأسعار خمس سنوات سابقة.
إن ما تمر عليه التقارير الرقابية دون تفصيل يتجاهل أسماء المتربحين الكبار الذين يختفون دائما تحت مسمى أعضاء الشركة أو الجمعية أو المتنازلين، فهؤلاء هم الستار الخفى الذى جرت لعبة نهب أراضى الدولة لصالحهم، ومن أمثال هؤلاء أحمد فتحى سرور الذى حصل على 40 فدانًا بسعر 5 آلاف جنيه للفدان لم يسدد منها مليما واحدا، ثم باعها إلى محمود عزب مقابل 16 مليون جنيه بخلاف ما حصل عليه أبناؤه طارق وهناء وحنان. كما حصل كمال الشاذلى على 40 فدانًا أخرى باعها للأمير مشعل بن سلطان بمبلغ 16 مليون جنيه، وأقام عليها الأخير منتجعا سكنيا كبيرا للأثرياء، فيما تسلم الشاذلى شيكا بالثمن من بنك «مصر - إيران» فرع سور نادى الترسانة، وكان وسيط البيع هو سمير زكى نفسه الذى خلع الشاذلى ساعته الرولكس وأعطاها له مقابل إتمام الصفقة.
واستحوذ شريف نجل سمير زكى نفسه على 50 فدانًا أقام عليها أكبر منطقة جمركية جافة وسهل له الحصول على ترخيصها محمود على رئيس مصلحة الضرائب السابق مقابل تخصيص 80 فدانًا باسمه أيضا فى 6 الحزام الأخضر، وكذلك حصل صفوت الشريف وزوجته إقبال وأولاده على أكثر من 80 فدانًا، وحصل الفريق أحمد شفيق على نصيبه بين الكبار بمساحة هائلة باع جزءا منها إلى محمد مصطفى الهنداوى الأستاذ بجامعة الملك عبدالعزيز، وحصل وزير الداخلية الهارب حاليا من تنفيذ حكم بالسجن حبيب العادلى على 80 فدانًا فى حوض رقم 1 بنى عليها قصره الضخم، بينما حصل باسم ابنه شريف على القطعتين 12 و19 بمساحة 20 فدانًا فى حوض 19، وتم مد خط مياه خاصًا به من الشيخ زايد على نفقة جمعية 6 أكتوبر، علما بأن الفدان الذى كان يجرى تخصيصه بسعر 5 آلاف جنيه وقتها يباع اليوم بسعر 1.5 مليون جنيه!
على جانب آخر، كانت هيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية منفذا سهلا للتربح من أراضى الدولة واتساع فوضى وضع اليد، ووفقا لملفات مباحث الأموال العامة فإن مسئولين بالهيئة ووزارة الزراعة تسببوا فى إهدار 55 مليار جنيه بتزوير ملفات تقنين 150 ألف فدان تحت وضع اليد لصالح 338 رجل أعمال، وهو الملف الذى تضمن صفقة أرض وادى النطرون التى حصل عليها رجل الأعمال أيمن الجميل بعد رشوة وزير الزراعة الأسبق المحبوس حاليا.
وتسربت رائحة هذه الكارثة إلى الجهات الأمنية، دون أن تكشف بالكامل حتى اليوم، بعد اكتشاف مدير الإدارة العامة للمعلومات والتوثيق وجود تلاعب فى بيانات بعض واضعى اليد وتغيير اسم مقدمى طلبات التقنين وحجم المساحة المطلوب تقنينها بخلاف ما هو ثابت فى قاعدة بيانات الهيئة، للتحايل على القرار الوزارى الصادر فى 1 يناير 2013 بإيقاف قبول طلبات تقنين الأوضاع من واضعى اليد على أراضى الدولة على مستوى الجمهورية.
وبدأت القصة باكتشاف عشرة ملفات كانت تحتوى على طلبات مزورة، فتم تكليف الإدارة المركزية للمعلومات والشبكات بفحص قواعد بيانات الهيئة ونتج عن الفحص اكتشاف عمليات التلاعب ب 338 طلبًا بتغيير اسم مقدم الطلب والمساحة والمنطقة المطلوب التعامل عليها، والإبقاء على تاريخ تقديم الطلب فقط قبل إغلاق باب التقنين، واكتمل ملف التزوير بعمل تقارير الاستشعار عن بعد لهذه الطلبات بمعهد الأراضى والمياه والبيئة بمركز البحوث الزراعية من واقع مرئيات زائفة ومسروقة من الإنترنت لإثبات أن الأرض كانت مزروعة قبل عام 2006 للتحايل على القانون وتمرير إجراءات تمليك هذه الأرض، وبناء على نتائج الفحص، سارعت الهيئة لإبلاغ مدير إدارة مكافحة جرائم الأموال بخطاب رسمى فى 18 يناير 2014، دون اتخاذ أى إجراء حتى اليوم.
لقد شاركت طبقة كبيرة من الفاسدين فى عملية نهب أراضى الدولة واقتسام الكعكة جهارا نهارا، حتى أصبحت مائدة يدعى إليها كل واحد من المحاسيب كبر أم صغر، لذا لا نعجب من رصد تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات تعدى النائب والإعلامى السابق توفيق يحيى إبراهيم عكاشة بواسطة جمعيته المسماة المجموعة المصرية للإعلاميين الشبان وأسرهم على مساحة 4554 فدانًا فى الكردون الغربى لمدينة 6 أكتوبر ما تسبب فى إهدار 29.19 مليار جنيه على الدولة.
الأخطر فى هذا الملف أن أطرافا داخل دولاب الدولة نفسها كان يعطل أى خطوات جادة لاسترداد حقوق الشعب من أيدى هؤلاء المستغلين، فلم تقتصر التعديات على أراضى الاستصلاح الزراعى التى تحولت تحت سمع وبصر الجميع إلى منتجعات وقصور للرفاهية على جانبى الطرق الصحراوية وخارج زمام المدن، بل امتدت إلى المدن والمجتمعات الجديدة التى صارت حكرا على صفوة الحكم والبيزنس فى عهد مبارك، وخاصة فى فترة ولاية إبراهيم سليمان الذى أغرق المحاسيب بقرارات التخصيص المخالفة للكبار وأبنائهم تحت غطاء بناء مسكن فى القاهرة الجديدة ومارينا وغيرها من المدن الجديدة، وخالف القانون بكل جرأة وصار يمنح أهل الحظوة أكثر من قطعة رغم منع القانون تخصيص أكثر من قطعة بغرض بناء مسكن لكل أسرة، ولم ينس نفسه بالطبع فى هذه الفتة، فمنح نفسه وزوجته وأبناءه وأقاربه عشرات القطع والفيللات فى التجمع الخامس ومارينا، وهو ما أثبته تقرير مفوضى الدولة فى الطعنين رقمى 9776 و10109 لسنة 59 ق على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 25 ديسمبر 2012 بوقف قرارات التخصيص التى أصدرها لنفسه ولأسرته بالمخالفة للقانون.
وقد مضى تقرير المفوضين شوطا أبعد من منطوق الحكم، وأوصى فى سابقة تاريخية بسحب الأرض وما عليها، بعد ثبوت جريمة التربح بحق الوزير وذويه، وقال التقرير نصا إن الأمر لا يتعلق فقط بمجرد تخصيص قطع الأراضى محل التداعى بالمخالفة للقواعد المشار إليها، وإنما بجسامة مخالفة القانون على نحو صارخ فى توزيع الأراضى المتميزة داخل أرقى مدن المجتمعات العمرانية الجديدة وهى مدينة القاهرة الجديدة، إذ تم تخصيص ست عشرة قطعة أخرى لصالح ثلاث أسر فقط على النحو الثابت بحكم محكمة الجنايات، وذلك فى ضوء محدودية أراضى البناء داخل المجتمعات الجديدة، والتى يتصارع عليها مئات الآلاف من المواطنين طمعا فى الحصول على قطعة أرض منها لبناء مسكن، ولما كان الثابت أنه بتاريخ 11 مايو 2003 تم تخصيص قطعة الأرض رقم 148 بمنطقة «الجولف متميز» إلى شريف إبراهيم سليمان والذى كان قاصرا فى ذلك الوقت، وقطعة رقم 149 باسم منى المنيرى زوجة الوزير وقطعة رقم 150 لنجلته جودى وقطعة 151 لابنته الثانية دينا، وفى تاريخ لاحق تم تخصيص القطع الثلاث الأخرى باسم نجله شريف وبتاريخ 4-4-2004 تم إصدار إخطار تخصيص بكامل مساحة القطع الأربع وتعديل مجموع مساحتها بالزيادة، وبتاريخ 22-3-2004 تم تخصيص قطعة رقم 16 بمنطقة شمال المشتل باسم دينا سليمان وبتاريخ 23 يناير 2006 تم تخصيص قطعة رقم 189 عمارات الحى الخامس بالقاهرة الجديدة باسم زوجته منى المنيري، وهو ما صدر له حكم الجنايات بعدم مشروعيتها وصدورها بالمخالفة لقواعد التخصيص المعمول بها والتى تقضى بحظر تخصيص أكثر من قطعة سكنية للشخص الطبيعى وزوجته وأولاده القصر، وبالنظر إلى ما شاب هذه القرارات من إهدار بواح لمبدأى المساواة وتكافؤ الفرص، ما يتعين معه والحال كذلك القضاء بوقف تنفيذها مع ما يترتب على ذلك من آثار عاجلة تتمثل فى رد قطع الأراضى إلى هيئة المجتمعات العمرانية وإيقاف أى أعمال بناء عليها.
إن هذا التقرير سيمثل صدمة جديدة للمتربحين من أراضى الدولة إذا ما جرى العمل به وتعميمه على كل المخالفين الذين حصلوا لأنفسهم وأبنائهم على مساحات شاسعة من أراضى الدولة وحولوها إلى محفظة استثمارية تدر عليهم الملايين والمليارات. 


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.