«مبارك قاطع إيران مجاملة لأمريكا والخليج والآن حان الوقت للتقارب معهم»، تلك لم تكن كلمات أحد المعارضين للنظام السابق بل حديث الدكتور علّى الدين هلال العضو البارز فى نظام مبارك، ووزير الشباب والرياضة لفترة طويلة وعضو بأمانة السياسات فى الحزب الوطنى والذى يصفه البعض بأنه مهندس التوريث بصفته أستاذاً للعلوم السياسية وأحد أذرع النظام والحائزين على ثقته. «هلال» يتعجب من غياب الفريق أحمد شفيق وسفره للخارج منذ الانتخابات التى خسرها أمام محمد مرسى مرشح جماعة الإخوان، ويرى أنه من الأفضل ألا يحاول الفريق الترشح فى الانتخابات الرئاسية القادمة بعد أنباء عودته لمصر وأن يكتفى بدور شيوخ السياسة الذين يُطلب منهم الاستشارات. كما رفض أى محاولة للصلح مع الإخوان وقال إن من يطرح هذا الطرح إما جاهل أو عابث بالقانون الذى لم يعد يعترف بهذه الجماعة، واعتبر أن ظهور علاء وجمال مبارك فى عدة مناسبات اجتماعية أمر غير محبذ لأنه يمكن أن يسبب التباساً لدى المصريين، فيما رفض بشكل قاطع عودة أحمد عز للمشهد السياسى مرة أخرى خاصة أنه أحد أسباب اشتعال الثورة ضد نظام مبارك. ما تعليقك على دعوات البعض للمصالحة مع الإخوان؟ - منّ يطرح مصالحة مع الإخوان أياً كانت آلياتها إما عابث أو جاهل، فمن يتحدث عن المصالحة لا يدرك أنه وفق القانون لم تعد هناك جماعة تسمى الإخوان المسلمين وصدر حكم محكمة بإلغائها، وقد كان وجودها فى السابق محل كلام سواء قرار مجلس قيادة الثورة فى بداية الخمسينيات، والتلاعبات الكثيرة التى حدثت بعد ذلك القرار كمحاولة لإيجاد كيان لتلك الجماعة، وبعد مؤامرة 1965 وتكوينها لنشاط عسكرى، ظهرت عدة تنظيمات تابعة للإخوان تحمل مسميات مختلفة، وبالعشر سنوات الأولى بالقرن ال 21 سمح النظام للإخوان بكل مظاهر الحزب السياسى دون أن يلتزم بالقواعد الحزبية فأصبح هناك مبنى مكتب الإرشاد ويذهب إليه زعماء الأحزاب المصرية ويخلعون أحذيتهم قبل الدخول ويلتقون بسفراء الدول الأجنبية، وتجاهلت الحكومة المصرية مصادر أموال تلك الجماعة كما يحدث للأحزاب السياسية، فنتج عن هذا وضع غريب جدًا وهو تواجد الجماعة فى برلمان 2005 بشكل قوى ومستقل، ولم ينكشف ذلك إلا بعد ثورة 25 يناير، بظهور لفظ حزب الحرية والعدالة الذراع السياسى لهم، وبعد انتخاب رئيس جمهورية منهم أصبحت السيادة والسلطة الحقيقية بيد مكتب الإرشاد، وأتعجب ممن يدعون للمصالحة فمع من تريدون المصالحة؟ ومن طرفاها؟ فإذا كانت الإجابة أنهم يريدون المصالحة بين المواطنين المصريين فأؤيد ذلك كما أعلن ذلك الرئيس السيسى. إذن ما البديل للمصالحة؟ - تشخيص الصراع وكأنه بين الإخوان والدولة خطأ، فالصراع بين الدولة المصرية، وقلة ترفع السلاح وعليها أن تُواجه المعاملة بالقانون. هل ستضغط أمريكا على مصر لقبول المصالحة؟ - ضغوط عنيفة مارستها أمريكا على مصر، لكن القيادة السياسية لم تلق لها بالًا، ولم يعد لدى أمريكا ما يمكن أن تستخدمه كأوراق ضغط. كيف ترى مشهد الانتخابات الرئاسية 2018 - الرئيس السيسى من حقه الترشح فى الانتخابات القادمة وفقًا للدستور وسيشارك متطلعًا لولاية جديدة، أما عن الترشح فى انتخابات 2022 وتعديل الدستور من أجل ذلك فأعتقد أنه سيكون أول الرافضين لذلك، وفى الوقت ذاته فمن سيرغب فى المشاركة من المصريين سيرشح نفسه، وقوة الرئيس السيسى فى شرعيته والدعوة لمد فترة رئاسته نفاق أو ربما حرص خاطئ على الوحدة الوطنية. كيف ترى أداء الحكومة؟ - عندما نشخص الأزمة لابد أن نعترف أن مشكلة الحكومة أنها لا تتمتع بالمصداقية، وعليها أن تعلم أن المصارحة خير طريق فلا أسمع تصريحات من المسئولين تعلن أو تفسر السبب الحقيقى للأزمات، وهذا يُزيد الفجوة. الوزراء يعملون فى ظل نقص موارد واضح، فهم يغزلون ب «رجل حمار»، فالقضاء على الفساد وتوفير احتياجات المواطنين مهمة صعبة، ويجب أن ندرك أن مصر تتحرك فى ظروف مالية صعبة. البعض يرى أن الحزب الوطنى عاد للمشهد؟ - التاريخ لا يعود للوراء، لكن سيكون هناك حزب وطنى بثوب جديد وأكبر دليل على ذلك أن أفرادًا من أمانة الحزب نجحوا على قوائم أحزاب «مستقبل مصر»، «المصريين الأحرار» والوفد وقائمة فى حب مصر التى حصلت على الأغلبية البرلمانية. البرلمان متهم بأنه لا يعبر عن الشارع المصرى؟ - البرلمان الحالى جاء بانتخابات حرة وبالتالى يعبر عن الشارع ولو كان هناك أفضل من الموجودين الآن لكانوا هم النواب، وما كان يحدث فى السابق صعب أن يحدث الآن، فالناس عرفت طريق صندوق الانتخابات ولابد أن ندرك أن هذا أول برلمان منذ 1965 يأتى بأغلبية من المستقلين، وظهور البرلمان بهذا الضعف شيء طبيعى ونصيحتى لهم وللحكومة أن يتعلموا من أخطاء ما قبل 25 يناير. هل سيكون للفريق أحمد شفيق دور فى الحياة السياسية بعد عودته؟ - أتعجب أن يغيب الفريق شفيق عن مصر طوال هذه الفترة ثم يعود ويفكر فى ممارسة العمل السياسى مرة أخرى، وعليه أن يكتفى بما حققه ولا يفكر فى الترشح للرئاسة، والأفضل أن ينضم لشيوخ السياسيين الذين يقدمون الاستشارات بحكم خبرتهم الدولية. وماذا عن محاولات أحمد عز للعودة؟ - مجرد تصور إحياء الوضع القديم بكل تفصيلاته ضرب من الخيال، فلا يجب أن يدخل «عز» العمل السياسى خاصة أنه ممن تسببوا فى انطلاق الثورة واشتعالها بميدان التحرير، وبالتالى وجوده فى الحياة السياسية لا يُفيد وغير مرغوب فيه، مثل جمال وعلاء مبارك أيضًا اللذين كانا من الأفضل ألا يظهرا على الساحة مرة أخرى حتى لا يتسببا فى أى التباس عند المصريين وكل النخب السياسية التى أخدت حظها عليها أن تتراجع للخلف. لكن يقال إنك كنت أحد المسئولين عن ملف التوريث والآن تطالبهم بعدم الظهور؟ - ليس صحيحًا على الإطلاق، كنت مسئولاً عن تأهيل جمال مبارك سياسيًا فقط، وعدم نفى موضوع التوريث بشكل حاسم وقاطع أحد أسباب سقوط نظام مبارك. فوز «ترامب» فى الانتخابات الأمريكية هل له تأثير سلبى على مصر؟ - الأمل المُبالغ فيه من العرب فى الإدارة الأمريكية الجديدة ربما يصيبهم بالصدمة فى مرحلة لاحقه.. لكن هناك أمورًا مؤكدة ككون «ترامب» يستطيع اختيار معاونيه وينتمى لليمين وله بعض التصريحات تُوحى بالانعزال وإن كانت تتناقض مع حديثه عن حلمه بإمبراطورية أمريكا، كما أن تصريحاته بشأن القضية الفلسطينية متناقضة أيضًا، فكيف يصرح بوقوفه مع القضية الفلسطينية وفى نفس الوقت يقول إن أمريكا لا ترحب بدولة تشجع الإرهاب «يقصد فلسطين»؟!. هل سيحدث تقارب بين إدارة «ترامب» والحكومة المصرية بعد التوترات مع أوباما؟ - أمريكا فى عهد أوباما كانت تميل لوجود الإخوان فى حكم مصر أو ما يُسمى ب«التيار الإسلامى المعتدل» بمنطقة الشرق الأوسط، وربطت مستقبلها السياسى فى منطقة الشرق الأوسط بذلك التيار، والمصريون أفسدوا مخططهم، ومراكز البحوث الأمريكية نشرت أن التيارات الإسلامية حليفة للولايات المتحدة، وتم عمل مؤتمر تنسيق مع الحركات الإسلامية، وبالتالى لم يكن أوباما يحب النظام المصرى وتعامل معه لأنه الأمر الواقع، ومنع المساعدات العسكرية، أما «إدارة ترامب» فألغت القيود السابقة المفروضة على مصر وعادت المساعدات العسكرية مرة أخرى، وساعدتنا فى الحصول على قرض صندوق النقد الدولى. هناك تشابه بين الإدارتين كموقف مصر من الإرهاب والجماعات الإسلامية، والقضية الفلسطينية، والاختلافات أمر طبيعى فلا توجد دولة فى العالم كله تتوافق كمصالحها مع دولة أخرى بشكل كامل. ماذا عن الأزمة السورية؟ - مصر ترى ضرورة الحل السياسى ووحدة الأراضى السورية وأن بشار الأسد شريك فى حل الأزمة، واختيار الرئيس حق للشعب السورى وحده، وهناك تصريح للرئيس فى البرتغال لم يبرزه الإعلام كما يجب وهو أن سياسية مصر تدعم الجيوش العربية بليبيا وسورياوالعراق، وذلك أول مؤشر يوضح سياسة مصر مع دول الجوار، ويتزامن مع تصريح «ترامب» أن الأولوية عنده محاربة التنظيمات الإرهابية وليس إسقاط بشار الأسد، وذلك يتوافق مع سياسية مصر الحالية، ومعنى سقوط بشار أن سوريا سيحكمها تنظيم إرهابى والأزمة السورية يجب ألا تحل عسكريًا ويجب اللجوء للحل السياسى. هل سيسعى ترامب للتخلص من مشروع أوباما «استخدام التيار الإسلامى المعتدل»؟ - المشروع سقط بالفعل مع ثورة 30 يونيو وهذا المشروع بدأ بوصول أردوغان للحكم 2003 لكن مشروع «داعش» لم يسقط بعد، وهو مشروع الوصول للسلطة عبر القوة المسلحة وتحت زعم إحياء الخلافة الإسلامية وأصبحت لدية عاصمة للتنظيم وهى الرقة، وسيطر على أربعين بالمائة من العراق، ومشروع الخلافة الإسلامية محكوم عليه بالفشل، فهزيمته مؤكدة سواء فى ليبيا أو سوريا أو العراق. يجب القضاء على أفكار داعش بالندوات التثقفية للشباب وإثبات أن تلك المعتقدات ليست جزءاً من العقيدة الإسلامية. بعد تصريح الرئيس حول مساندة سورياوالعراق وليبيا هل يمكن إرسال قوات مصرية إليهم؟ - لا أعتقد ذلك، ووفقًا للدستور لكى ترسل مصر قوات للخارج يتطلب ذلك موافقة مجلس الأمن، والجيوش الوطنية ليست فى حاجة لدعم خارجى، فالمتطوعون لا يدركون تضاريس البلاد، مصر تستطيع تقديم دعم لوجيستى أو سياسى بدلًا من تقديم مساعدات بمتطوعين قد يكونون حملاً على البلد المضيف. ما دور مصر فى ليبيا وإيقاف الحرب اليمنية؟ - فى ملف ليبيا السياسة الخارجية لمصر فرضت نفسها على العالم بعد استقبال «حفتر» فى روسيا وهذا يدل على اعتراف العالم به، أما الأزمة فى اليمن فالحل فى يد اليمنيين فقط لابد أن نتعلم من حربنا فى الستينيات فى اليمن ومصر ليست لديها عصى سحرية تُوقف بها الحروب. هل التقارب المصرى - الروسى يُسبب قلقاً للإدارة الأمريكية الجديدة؟ - لا أعتقد ذلك، كل الدول الآن أصبحت على درجة عالية من النضج، وتدرك ضرورة تواجد علاقات متنوعة لكل دولة، وإقامة مصر لعلاقة مع روسيا أو الصين لا يتعارض بالضرورة مع أى علاقة أخرى، والرئيس صرح أن علاقة مصر بأمريكا استراتيجية وذلك لا يعنى أن تلك العلاقة ستؤثر على قرارات مصر المستقلة، فالتوازن فى العلاقات هو الذى يهم أمريكا، وهناك تنسيق أمريكى - روسى فيما يتعلق بسوريا، ورغم خروج روسيا عن هذا الاتفاق عسكريًا ظل التنسيق متواجدًا بينها وبين أمريكا فيما يتعلق بحدود العمليات العسكرية فى سوريا، والسياسة المصرية بعهد الرئيس السيسى تؤكد على استقلال القرار المصرى، وعدم تبعيتها لأى دولة، فالمبدأ الرئيسى للمصر التأكيد على استقلالية قرارها. على المستوى العربى أُتهمت مصر بالسير فى فلك دول الخليج، إلا أن ذلك لم يؤثر على استقلال قرارها بعد اختلاف وجهات النظر بشأن القضية السورية. هل ستستمر الأزمة المصرية والسعودية؟ - لن تستمر، فإذا كانت السعودية حاولت الضغط على مصر فى أمرٍ ما ووجدتها لا تستجيب للضغط، فستنظر لتحقيق مصالحها الأخرى مع مصر، فالمصالح المتبادلة بين الدولتين متوفرة ومتكافئة وستجبر القيادات السياسية فى الدولتين للتفاهم، وكانت حنكة القيادة السياسية فى إظهار أن موضوع «أرامكو» ليست له صلة بتصويت مصر بالأمم المتحدة بشأن القضية السورية، ولم يصدر من أى جهة مصرية بيان يشعل الأزمة بشكل أكبر من حجمها، فهى مجرد سحابة صيف وستختفى قريبًا. ماذا عن التقارب المصرى - الإيرانى؟ - توجد نقاط تماس مع إيران الآن خاصة بعد موقف مصر من القضية السورية، وأعتقد أن مصر ستنظر فى سياستها الخارجية تجاه إيران الفترة المقبلة، ويجب أن تقام علاقة دبلوماسية كاملة مع إيران. هناك تخوفات أن يُستغل التقارب مع إيران فى المد الشيعي؟ - رفض التقارب مع إيران بدعوى حتى لا ينتشر التشيع بمصر إهانة للأزهر الشريف والمصريين، وذلك تعصب مذهبى يُروج له السلفيون، وهنا السؤال الأهم ما سر بقاء حزب النور؟ خاصة أن هذا الأمر مخالف للدستور باعتباره حزبا دينيا. عهد مبارك الذى كنت جزءاً منه قاطع إيران؟ - مقاطعة مبارك كان لها عدة أسباب أولها مجاملة الخليج وأمريكا، رغم أن بعض دول الخليج لديها علاقات دبلوماسية مع طهران، وحان وقت فتح صفحة جديدة على جميع المستويات.