قالت: البرلمان رفض ملاحظاتى على تعديل قانون «ازدراء الأديان» دون أن يبدى أى أسباب موضوعية وبرر قراره بأنه يحافظ على الدين ويصون الشرعية! وبنفس الغضب أكدت البرلمانية آمنة نصير أستاذة الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الحديث عن مدنية الدولة بعد 30 يونيو يندرج تحت بند «كلام ابن عم حديت» وطالما العقول المظلمة مازالت فى المجتمع المصرى فلن يحدث أى شكل من أشكال التغيير الجوهرى ولن نتقدم قيد أنملة. ما تعليقك على رفض البرلمان لملاحظاتك حول قانون ازدراء الأديان؟ - كان الأجدر بالبرلمان أن يأخذ بالملاحظات التى تقدمت بها، ويرفض فكرة حبس أصحاب الرأى والفكر، خصوصا أن مصر قبلت الأسبوع الماضى فى لجنة حقوق الإنسان العالمية التابعة للأمم المتحدة، فكان الأجدر بنا أن نعمل بها ونثبت للعالم أننا متحضرون. وللأسف المجموعة التى حضرت مناقشة مشروع القانون تصوروا أنهم برأيهم هذا يخدمون الدين، وبالتالى يرفضون أى شخص يمس الدين حسب تصورهم بشكل سطحى تماما، وأنا قدمت القانون فى أبعاده المختلفة، وتحدثت عن البعد الدينى بما جاء فى القرآن الكريم الذى يعطى الحرية للإنسان بقوله: «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، ولأن الله لو شاء أن يجعل الناس أمة واحدة لفعل، ولكن الاختلاف هو إرادة إلهية، وهذه الإرادة لها حكمة، ولابد أن ندرك هذه الحكمة، وهي: أن اختلاف البشر ثراء وإثراء للبشر، لكى نكمل بعضنا البعض، وليس لكى نتنابذ أو نتعارك، أو نتفرق عن بعض. وأكدت خلال حديثى فى البرلمان على أن القرآن يتعامل بنداء «يأيها الناس»، وأوضحت البعد الشرعى فى هذه المسألة، ثم بدأت أدخل فى الجانب القانوني، وقلت إن المادة الهلامية، وهى مادة 98 و، «ف»، «و» هذه أضيفت للمادة فى أحداث فتنة الزاوية الحمراء عام 1981 وكانت أحداث دامية ومؤلمة ومخيفة، فكانت هذه الإضافة هلامية، مطاطة، عن أى شيء فيما يتفق مع القانون الذى يطبق على الإنسان، خصوصًا أن المحكمة الدستورية أكدت على أن الأحكام التى تقع على الإنسان، لابد أن تكون محددة بعيدة عن فكرة الهلامية وعدم التحديد، وبعيدا على أن يختلف عليها قاضيان فى ظروف متشابهة. لكن فى هذه المادة يوجد عوار شديد بها، فمن الممكن بأى حركة تلوح بها بيدك تقلب إلى ازدراء أديان! هذه واحدة، أما الثانية، فإذا عدنا للدستور المصري، وقرأنا النصوص التى تؤكد حرية الفكر وحرية الإبداع وحرية الفن، حتى أبين لهم أن هذه المادة تتصادم مع مواد الدستور، ثم إننا نحن موقعون على القوانين الدولية، والمواثيق التى تخص حرية الإنسان، ثم أوضحت أن سجن الإنسان باسم الإسلام تأله على الإسلام، وأن السجن يكون لجرائم أخرى، لكن الاختلاف فى الرأي، أو فى ذلة اللسان أو فى زلة القلم، أو فى رأى غير مقصود، فهنا تقوم الحجة بالحجة وليس بالسجن. والنتيجة؟ - النتيجة أننى لم أجد استجابة، بل كان هناك نوع من التأله، ورفض القانون دون إبداء لأى رأى يقبله المنطق، وهذا ابتلاء البشر، فقد ابتليت القرون الوسطى بمصطلح الهرطقة، وسجن وحرق مئات من البشر نتيجة لهذا المصطلح، وسجن الفيلسوف العظيم الذى أنار أوروبا كلها ابن رشد بقانون الزندقة، وليست مرة واحدة، بل سجن ابن رشد ثلاث مرات، وفى المرة الثالثة أخذ بعض الخبثاء يتربص به وطرح عليه سؤالا: إذا طرح عليك يا ابن رشد سؤال بما ستحكم فيه بالنص أم بالعقل؟.. وأجاب ابن رشد قائلا: أن النص نور من الله والعقل نور من الله، والنور لا يطفئ النور، وهو رد بليغ وأنا قلدت فيه ابن رشد أمام البرلمان، وقفل كل المنافذ التى استخدمت للزج بالناس فى السجون تحت كلمة «ازدراء الأديان». والنبى - صلى الله عليه وسلم - يقول: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما»، فقال الصحابة: كيف ننصره مظلوما يا رسول الله، قال: خذ على يديه، ومن هذا المنطلق كان الأجدر بالأزهر الشريف أن تستدعى إسلام البحيرى وتناقشه فى أفكاره، وتناظره بالحجة حتى يقتنع أنه مخطئ بالمحاورة، وإذا استدعى الأمر تغلق البرنامج، لكن لا تدركه أن يدخل السجن، وكذلك عثرة قلم الكاتبة فاطمة ناعوت، وكذلك أطفال المنيا الذين كانوا يمثلون فى مسرحية على داعش، وللأسف هربوا من بلادهم إلى بلاد الخارج، وروجوا فى الخارج صورة مشوهة عن الإسلام، وإظهاره على أنه يسجن الأطفال ويصادر حرية الفكر، وأنا أدرت أن أدفع عن الإسلام ما ليس به أو فيه، وللأسف يا ليتنى ما فعلت، فلم أجد ردودا تحتاج رأيى ومنطقي، وأدلت. إذن كيف كان الحوار دائرا تحت قبة البرلمان؟ - نوع من أنواع المثل الشعبى الدارج على ألستنا «الباب اللى يجيلك منه الريح، سده واستريح»، وهم تصرفوا بهذه الطريقة. لكن البرلمان يوجد به علماء من الأزهر، أمثال الدكتور أسامة الأزهرى وأسامة العبد، والدكتور مهجة غالب، فأين هم من هذا القانون؟ - عفا الله عنك وعني، ولن أجيب عن هذا السؤال وللمرة الثانية، عفا الله عنك وعني. أفهم من كل ذلك أن اللجنة التشريعية بالبرلمان لم تبدِ أية أسباب فى رفضها للقانون؟ - منهم من برر رأيه بقوله: دول ناس طويلة اللسان وقليلة الأدب، وافرض أن حد طلع من الدنمارك وغلط فى الدين أو النبى فماذا سنفعل؟.. وأجبت بقولي: وهل نحن سنحكم بهذا القانون دولة الدنمارك؟ يعنى ليس هناك أسباب موضوعية لرفض القانون؟ - أسبابهم كانت أنهم يدعون حماية الدين، وأنا قلت لهم إن الدين له رب يحميه، ونحن لن نحمى الدين بهذا القانون بل نحميه بالتربية الصحيحة فى البيت والمدرسة، وليس بسجن من يقع تحت أيديكم من باب الوصاية على الدين. وهل أغلق باب مناقشة هذا القانون للنهاية؟ - هم صوتوا عليه، وأغلقوه، وكان لديهم أصرار أن يجهضوا عليه، وبعد ما أجهضوه جاءوا وقالوا لي: «متزعليش»، فقلت لهم: «أنا مش زعلانة»، وهذا حدث باللجنة التشريعية برئاسة بهاء أبو شقة. وهل رجل بقيمة بهاء أبو شقة القانونية يفعل هذا؟ - آه والله هذا ما حدث. هل يوجد دور لرئيس مجلس النواب فى هذا القانون، أم لم يعرض عليه؟ - أنت بتقلب فى ورق مستهلك كده ليه؟!.. روح واسأله، وأنا قلت لك هم يتعاملون بمبدأ: «الباب اللى يجبلك ريح سده واستريح»، هم لا يريدون تحمل المسئولية ولا يريدون أن يجتهدوا خالص، هما يريدون أن يغلقوا الباب ويستريحوا، على طريقة هى آمنة نصير «هتدوشنا ليه». لكن بهذه الطريقة لن يحدث تغيير بعد 30 يونيو؟ - لا لن يحدث، وأنا سجلت هذا للتاريخ، ستذكرونها لى فى يوما ما. لكن ماذا عن كلام رئيس الجمهورية «أنه لابد من ثورة دينية» وتجديد الخطاب الديني، أليس البرلمان هو من يصيغ هذه الخطوط؟ - والله اسأل زى ما انت عاوز، وأنا قولت لك حقائق، وعلق كما تشاء. وماذا كان رأى الأزهر؟ - ممثلو الأزهر لم يحضر منهم أحد، وحضر واحد من السلفيين وأنا والله لا أعرف اسمه، عرفته من شكله. أليس من المفروض أن يكون الأزهر حاضرا؟ - عفا الله عنك وعني، والله أنا حزينة إلى ما آلت إليه قوة هذا الدين، أنت لو حضرت اللجنة كنت تقول كلام كتير جدا، لكن أنا سيدة مسئولة وكلامى محسوب عليّ. وقلت لهم إن الجريمة التى نسبت للفنان عادل إمام، أخذ فى محكمة إدانة وفى أخرى براءة، وكلنا فاكرين ذلك، وده أكبر دليل على أن المادة هلامية، وده أكبر عوار فى دستورية المادة. كيف لم يقتنع رجال القانون بذلك؟ - أنا أريد أن أقول لك شيئا، هناك داء انتشر فى الآونة الأخيرة، وهو ظاهرة التدين الظاهرى التى هبت علينا من دول الجوار، لم تعد تهتدى بنور العقل، وأنا قصد قول مقولة ابن رشد لتفجير الحمية العقلية الفكرية، لكن بدون فائدة. وتساءلت نصير بقولها: أمال نحن تخلفنا ليه؟.. لتجيب: أنت فاكر التخلف الذى نحن فيه ليس له أسباب؟، وتضيف: لو العقل أصيب سقط التكليف عن الإنسان. وما هو الحل فى مثل هذه الظروف؟ - ولا حاجة، إنى منتظرة. هل من الممكن عودة المناقشات على هذا القانون؟ - هما ما صدقوا يا ابنى ما لفوه فى اللحاف ودفنوه. وأين الحديث عن الدولة المدنية، و«احنا مشينا الإخوان»؟ - كلام ابن عم حديت، طالما فيه هذه العقول المظلمة، التى لا تريد أن تعرف العلم ولا تطبقه، ولا تستخدم نور العقل، لا فائدة مرجوة، أنا قدمت ما ادخرت شيئا والله، وده قدرنا.