جمعية الأفراح.. كلما مرت بعض العائلات بضائقة مالية أقامت عُرسًا لأحد أبنائها لتجمع المال، والآن العائلات التى لديها أبناء لم يبلغوا سن الشباب أضافوا لعادتهم عادة أخرى بإعلان خطبة طفل من أبنائهم لم يتجاوز ال12 عامًا، وهم لم يدركوا فى هذه السن معنى الزواج. الدقهلية، المحافظة الأولى من حيث خطيئة خطوبة الأطفال أو زواجهم، فرفع بعض أهلها شعار «الزواج سترة ليداروا به على فعلتهم، وسواء هم أو غيرهم عندما يجدون أن القانون لا يسمح بالزواج لمن هم دون ال 18 عاماً، لجأوا إلى حيلة الزواج العُرّفى عند محام مع أخذ ضمانات على العريس وأهله ويصل الأمر إلى حد التوقيع على إيصالات أمانة. الدقهلية سجلت حالة خطبة الأطفال الأولى في 21 يوليو 2015، وكانت لفارس السعيد عبدالعزيز 12 عامًا، وعروسه نانسى التى لم تتجاوز 10 أعوام، والخطبة الثانية كانت في 24 ديسمبر 2015، للطفلة نبيلة 8 سنوات، على ابن عمها البالغ من العمر 9 سنوات، ومنذ عدة أيام خطوبة الطفلين يوسف ناصر حسن 11 عامًا والطفلة غرام رضا محمد 11 عامًا ابنة عمته من مركز ميت غمر الدقهلية وأقيم لهما حفل شبكة مع زفاف شقيق العريس بحضور 6 راقصات. أم ناصر جدة العروسين تعمل فكهانية قالت إن حياتنا تحولت لجحيم بسبب خطبة أحفادى الصغار ولا أعرف ما المشكلة، الأطفال بيحبوا بعض من زمان وإحنا أحرار والناس كبرت الموضوع وكل الناس فى الدقهلية بتجوز عيالها بدرى وفى نفس السن، لكن فى السر، وأقسمت أن أفسخ الخطوبة ونرمى الشبكة للعريس بسبب النكد اللى حصل من الموضوع، والموضوع فرحة أطفال فقط وليس زواجاً، والفرح الأساسى كان لأخيه الكبير وجمعنا «نقطة» زى كل الناس وابنى ناصر والد العريس بيحب يجوز ولاده بدرى فأخوه عبده الذى تزوج فى نفس يوم خطبة يوسف عمره 18 سنة وتزوج فى نفس السن، وكل واحد ليه عادات وتقاليد هو حر فيها طالما لم يضر غيره. نعيمة حسن والدة العروس أشارت إلى أن خطبة يوسف وغرام جاءت نتيجة إتمام اتفاق صلح بينى وبين أخى ناصر فنحن منذ 3 أعوام كنا فى خصام ولا نتواصل تماما، والحديث عن خطبة غرام لابنه يوسف كان منذ عدة سنوات مطروحًا وكان الأطفال أصغر من ذلك وكنت موافقة على خطبتهم فالعريس نسبه يشرف وأنا موافقة وكل أمنيتى أن يوسف يتجوز غرام، والناس سألونى إزاى توافقى على خطوبة بنتك وهى مش فاهمة وكان ردى «بنتى عروسة فاهمة وفكرها أكبر من سنها بسنوات وكل معلومة ينفع تعرفها هتعرفها فى وقتها ولسه بدرى على الزواج ومدة الخطوبة مستمرة ل7 سنين ليتعرف الولاد على بعضهم وكل مرحلة فى حياتهم هيعيشوها مع بعض والآن بيعيشوا الطفولة تحت رقابتنا مع بعض ومعظم الأقارب يوافقون بهذه الخطوبة والبعض قالوا إننى سأتعرض للسجن ولا أخاف فأنا لم أفعل شيئًا خطأ فالخطوبة مش جريمة. وأشارت إلى أن تكاليف الكوافير وفستان العروس لم تتجاوز 500 جنيه. رضا محمد والد العروسة قال: الخطوبة المبكرة عادتنا فى الأرياف ويوسف طلب غرام وقال بحبها وكان متمسكًا بها ودائم الزيارة لمنزلنا وأتممت الخطوبة عن رضا وعندما اتصل بى البعض وقالوا إننى سأتعرض للمساءلة القانونية ذهبت إلى محام للبحث لأعرف حقيقة الأمر وقال لى إن القانون لا يُجرم الخطوبة. غرام رضا العروس، قالت بحب يوسف وفرحانة ومبسوطة بخطوبتنا ولبست دبلتى ولبست خطيبى دبلته وكل حاجة مش عارفاها سألت عليها زى دبلة العريس بتتلبس فين وأقول إيه بعد الخطوبة وأقعد إزاى فى الكوشة وأسلم على الناس إزاى ووالدتى ساعدتني. تابعت غرام: «يوسف جابلى هدايا لعب أطفال منذ سنوات ولا أقبل هدية من طفل قريبى غير يوسف وكل ما أعرفه إننا بنحب بعض ونفسى نتجوز بعد التعليم، ونذهب أنا ويوسف إلى المدرسة مع بعض ويوسف يحضر إلى كل صباح فى المنزل ويأخذنى معاه للمدرسة فنحن فى نفس الفصل ولا ألعب مع الأولاد فى المدرسة لكن بعد ما أروح ألعب مع يوسف الاستغماية ودلوقت بحاول أتعلم من والدتى الطبخ فى المطبخ وبدأت من بعد الخطوبة أشترى محتويات جهازى زى أى بنت مخطوبة، وفى بعض الأوقات بكتب ليوسف جوابات فيها بحبك وهو كمان بيكتبلى، ويوسف تلميذ شاطر فى المدرسة فهو من المتفوقين فى الفصل وأنا بكون سعيدة جدا، والمدرسات والمدرسين كلهم هنونى بخطوبتى أنا ويوسف فى الفصل». وأوضح أحد جيران العروس يدعى محمد .م أن ما حدث كان ملفتًا للنظر وأن المدعوين للزفاف تفاجأوا أن الفرح به حفل شبكة لطفلين ورقص الطفلة غرام على المسرح الرئيسى كان مُلفتًا فتجاهل الناس العريس الأساسى وركزوا مع الأطفال. أضاف والد العريس: أفراحنا كثيرة ونقيمها من أجل جمع أموال النقطة كما لو كانت جمعية ونسددها بعد ذلك فى أفراح الذين جاملوه وجمع الأموال لم يقتصر على الأفراح بل هناك أعياد ميلاد وحفلات طهور على نفس المنوال والكل هنا يعلم أن أفراح الأطفال مؤقتة ولا تتم ويقدم العريس شبكة صينى للعروس فى الخطوبة لا تتجاوز 300 جنيه لجمع ما يقرب من 30 ألف جنيه لمروره بضائقة مادية، ونحن الآن فى كارثة بعد تلك الخطبة أن معظم الأطفال يطلبون من ذويهم حاليًا الزواج والخطوبة مبكرا مثل يوسف وغرام. والدة العريس قالت إن يوسف خطب غرام منذ 3 سنوات فهما مخطوبان من عمر 8 سنوات وأقاموا لهما احتفالاً وارتدت فيه العروس فستانًا والعريس بدلة وزينت صورهما الهدايا ووقتها لم يعترض أحد ولم تحدث الضجة التى تحدث الآن، ولم نتحدث فى الأمر من وقتها لأنه حدث خلاف بينى وبين أخى وأقمنا حفل الشبكة الأخير بعد أن تصالحنا. وأضافت أنها ترحب بالخطوبة وليس هناك أى عيب فى الأمر فوالد يوسف يزوج أبناءه مبكرًا ولديه أموال وليس فى حاجة لأموال الأفراح. ناصر حسين والد يوسف، قال: الحب جمع بين الطفلين غرام ويوسف، ولم أفكر فى كونهما صغيرى السن فالأطفال يعرفون كل شيء من التليفزيون والفيس بوك والإنترنت، وكان السبب الرئيسى فى تشجيع تلك الخطبة هو حجز غرام ليوسف فمن المعروف أن الأرياف بها ظاهرة ربط العروسة للعريس بالكلمة من خلال الوعد ونحن كبرنا الأمر فى أننا أقمناه بشكل رسمى وأعلنا الخطبة فى سن صغيرة لذلك حدثت الضجة. وأضاف أنه تمت الدعوة لخطبة الطفلين قبلها بشهر كامل ووضعنا اسم العروسين فى نفس دعوة الفرح الخاصة بشقيق يوسف الأكبر الذى تزوج فى نفس اليوم. وابنى يوسف هو الذى طلب خطبة غرام بشكل رسمى فالأطفال كان لديهم إصرار على خطوة الخطوبة فهما يسبقان سنهما فى التعامل ولذلك قررت الأسرتان إتمام الخطوة . وأوضح أن الذهب ليس صينيًا كما ادعى البعض فأحضرت لابنى شبكة ب20 ألف جنيه والعروسة بنفسها اختارت شبكتها ولم نقلل منهما لأنهما طفلان وتعاملنا معهما كعروسين كبيرين يبحثان عن الفرحة والخطبة المعلنة، والغريب أن الفرح الرئيسى لم يشعر به أحد والضجة كانت على فرح يوسف. العريس يوسف ناصر قال إنه حريص على الحفاظ على دبلة خطيبته غرام وأنه هو الذى طلب من والده أن يكافئه بخطوبة غرام لأنه يعمل مع والده فى التجارة. وأكد يوسف أنه يغير بشدة على خطيبته ويرفض أن تلعب مع أحد غيره ويذهب معها فى أى مكان بعيد عن منزلها ليحافظ عليها. السيد عبدالله عبدالمعطى المأذون الشرعى لقرية البهايتة، قال إن الشرع يرفض ما حدث حتى وإن كانت مجرد خطبة ولابد من إبرام قانون رسمى لمواجهة هذه الكوارث خاصة أن أطفال القرية يطالبون أسرهم بالخطبة مثل يوسف وغرام فما قام به الأب دون وعى وترتبت عليه آثار سلبية فى نظرة الأطفال للبحث عن الخطبة والزواج المبكر الذى يضطره فيه الأهالى إلى إقرار الزواج العرفى، وحينما ينجبان طفلاً يُؤجل تسجيله فى السجل المدنى لأن الزواج لم يُسجل رسميًا ويظل الطفل معلقًا لسنوات حتى تتم الأم السن القانونية لإثبات نسبه، ولابد من جهة مسئولة تتصدى لما يحدث والقرية تتبرأ مما حدث. عادل موسى شيخ البلد قال إنه يرفض هذه الظاهرة المستجدة على القرية فوالد العريس ليس من أهل القرية الأساسيين وقلنا له إن ذلك لن يمر ولن نسمح به مرة أخري. نجوى الدماصى مسئولة المجلس القومى للمرأة بمحافظة الدقهلية قالت إن موقف المجلس القومى للمرأة واضح تجاه ما حدث فلابد من محاكمة أسر هؤلاء الأطفال الذين شجعوا تلك الخطوة وأعلنوها فى مكان عام لأنها جريمة مكتملة، وأشارت إلى أن الظاهرة منتشرة بسبب سيطرة فكرة الإنجاب المبكر عليهم. الدكتور جمال فرويز أستاذ علم النفس بالأكاديمية الطبية، أكد أن ما حدث مع ظهور خطبة الأطفال فى المحافظات وعلى وجه التحديد الدقهلية يؤكد أن هناك فئة من المجتمع لديها يسر مادى وهناك مصلحة مشتركة بين طرفين ويريدان إتمامها من خلال تلك العلاقات الموثقة والمسماة بالخطبة خوفًا من فشل هذه المصالح قبل أن يبلغ الأطفال سن ال 18 عامًا، بالإضافة إلى أن الأمر نوع من المنظرة الاجتماعية والبحث عن أسلوب الكيد للناس حولهم بأنهم يستطيعون إقامة ما لم يحدث من قبل وأنهم لديهم أبناء على «وش زواج». وأشار إلى أن الأطفال فى هذه السن ليسوا مؤهلين نفسيا لهذه الأفعال ويعتبرون ضحايا لتفكير ذويهم فهم لا يعلمون شيئًا عن الزواج والحياة الزوجية وهذا يدل على خلل عادات وتقاليد الزواج والفكر الدينى الموجود فى مصر حاليا الذى من واجبه أن يتصدى لمثل تلك الظواهر ومحاربتها لأن الزواج له تقاليد دينية ومجتمعية لابد أن تنطبق أولا حتى وإن بدأ بخطبة لكن لا تكون لطفلين، وهنا العلاج أنه لابد من المطالبة بالإرشاد النفسى والثقافي لمثل تلك البؤر التى يخرج منها مثل تلك الأفكار وتبدأ تلك الإرشادات المتغيبة من خلال وزارة الثقافة والجهات الدينية والمجلس القومى للمرأة. وتابع: ليس هناك أى مبرر على الإطلاق لما يحدث وادعاء أن الإنترنت يساعد الأطفال فى الفكر ويتيح الثقافة أمامهم ليس صحيحا فهى إجابات عمياء ما هى إلا مجرد سد خانة للخطأ ولابد أن ينتفض المجتمع فى وجه هذا الأمر.