تستعد الأسواق المصرية لاستقبال شهر رمضان بطرح كميات كبيرة من السلع الغذائية الأساسية والتى لا غنى عنها، ولكن استعداد الأسواق والتجار يختلف من عام لعام من حيث الأسعار وطريقة العرض ونوعية السلع، إلا أن هذه السلع لا تسلم من ظاهرة الغش التجارى المتجددة يوماً بعد يوم، فكل عام يلاحظ المراقب أن التجار يتنافسون فى طرق الغش التجارى لتحقيق مكسب أكبر. تجار يرفعون شعار «معدة المصرى تهضم الزلط»، وهو الشعار المرفوع منذ أفلام السبعينات إلى اليوم وكل يوم له وسيلة تجديد ومنافسة فى مدى احتمال معدة المصرى للسموم التى يضيفونها للأطعمة، فتجار السبعينات أصحاب المقولة الشهيرة بالقياس بتجار اليوم هو «غلابة» ومظلومين لأنهم فى السبعينات اكتفوا بإستغلال فساد بعض مؤسسات الدولة واستفادوا من قوانين الاستيراد الحديثة أو قوانين الانفتاح، واستوردوا سلعا غذائية فاسدة، أما اليوم يستورد التجار ما ترفضه أسواق الخارج ويضيفون عليه كل ما يرفضه العقل والمنطق والأهم من هذا كله ما ترفضه معدة الإنسان حتى ولو كان «مصرى». عملية حقن الدجاج بالماء عملية واضحة أنها غش واضح، حيث يقوم البائع أو التاجر أو الموزع بعد ذبح الدجاجة بحقنها بما يزيد عن 150 ملى جرام ماء فى كل عضلة حسب تحمل عضلة الدجاجة وإدخالها التجميد بسرعة حتى لا تفقد حجمها ومياهها المحقونة بها، وذلك كله لزيادة وزنها وجعل شكلها أكثر إثارة للمشترى دون الأخذ بعين الاعتبار ما يترتب على ذلك من آثار صحية، وهى ليست الحيلة الأولى فى زيادة وزن الدجاجة، ولكن سبقها حيلة وضع مادة «الجير الأبيض» فى مياه الشرب للدجاجة قبل موعد بيعها من المزرعة بيومين أو ثلاثة مما يؤدى إلى زيادة عطش الفرخة وإقبالها على شرب المياه طوال اليوم لأنها لا ترتوى مما يؤدى فى النهاية إلى انتفاخ معدتها بمياه الشرب وزيادة وزنها عند بيعها من المزرعة، ويأتى دور المجزر أو الموزع فيجد أن الدجاجة نقصت فى الوزن بشكل ملاحظ فيلجأ إلى حقنها بعد ذبحها لتعويض ما نقص من وزنها وزيادة الوزن بعد الذبح، ويستمر مسلسل الغش التجارى فيصل إلى البط هو الآخر الذى يمر بكل ما تحدثنا عنه من مراحل غش تجارى من مياه شرب بالجير الحى حتى يصل إلى مرحلة الحقن بعد الذبح وقبل التجميد، وهو الأمر الذى يستلزم تلوين مياه الحقن بمادة صفراء لتلائم لون جلد البط، وهو الأمر الذى يصل بنا إلى ألوان صناعية غير معلومة المصدر، هذا بالطبع بعد الغسيل بالكلور لإزالة ما يوجد من سحجات أو آثار لحقن فى جسم البط. ويؤكد دكتور أحمد هريدى استشارى التغذية والمناعة، أن تناول الفراخ البيضاء ليس به ضرر على صحة الإنسان إذا تم تناولها بدون أى تدخل من البائعين (وهذا ما لا يحدث فى مصر) لأن المربين والتجار والبائعين تعودوا على العبث بالفراخ البيضاء منذ أولى مراحل تربيتها إلى أن تصل ليد المستهلك، وهو الأمر المضمون من وجهة نظرهم لندرة أو إنعدام الرقابة على مراحل إنتاج هذه السلعة الغذائية المهمة، وهو الأمر الذى يبرره التجار والمربون أنه من أجل الكسب السريع فقط دون «ضرر ولا ضرار» كما يقولون، وهذا المكسب السريع يتطلب منهم إضافة مواد كيميائية إلى الدواجن حتى تعمل هذه المواد الكيميائية على زيادة حجم الدجاجة فى وقت قليل ويمكن بيعها بسرعة لتحقيق مكسب سريع، وعلى الرغم من حظر مصر ودول الاتحاد الأوروبى لحقن الحيوانات والطيور بالهرمونات التى تسبب زيادة فى أوزانها إلا أن بعض التجار ومعدومى الضمير يلجئون إلى تلك الحيلة لجنى مزيد من الأرباح على حساب صحة المواطن المصرى فانتشرت أمراض عديدة فى المجتمع لم نكن نشهدها منذ سنوات مضت. ويشير هريدى إلى أن خطورة تلك المواد تتمثل فى أنها مواد كيماوية كهرمون الأستروجين وحبوب منع الحمل الأمر الذى يمثل كارثة كبرى حقيقية قد تدمر آلافا من الشباب، مضيفا أنه يتم استخدام «هرمونات السترويد» التى تساعد على تسارع نمو الكتاكيت فتترسب فى جسم الدجاجة لتسبب الفشل الكلوى وخفض النشاط الجنسى للرجال وخللا بتوازن هرمونات الجسم مما يسبب حالات التقزم والسمنة فى مناطق الثدى والبطن والأرداف عند الأطفال وسمنة الكبار كما يحدث عن طريق تناول لحوم الدجاج اختلال لهرمونات F.S.H و L.H لدى الأطفال وهى الهرمونات المسئولة عن تكوين العظام والعضلات، فتصبح عظام الطفل هشة، وكذلك يؤثر على معدل هرمون T.S.H مما يؤدى لاختلال التمثيل الغذائى للجسم. كوارث الفراخ البيضاء المصرية يؤكد دكتور فؤاد إيهاب استشارى أمراض المناعة، أن الفراخ البيضاء تمثل كارثة بكل المقاييس، خاصة فى ظل جشع التجار فالمواد الكيماوية التى يتم حقنها بها تحتوى على هرمونات «السترويد» الذى يجعل رحم المرأة أكثر عرضة لنمو القرح، مشيرا إلى أهمية تناول الدجاج من مصادر معروفة وملاحظة لحالة الدجاجة عند شرائها هل تعانى من الانتفاخ الذى يظهر للعين كأنها مملوءة بالماء وفى تلك الحالة يجب تجنب الحصول عليها وشرائها. ويوضح الدكتور أيمن خليفة، استشارى أمراض الجهاز الهضمي، أن المادة التى يتم حقن الدجاج بها فى تلك الآونة هى مادة «السترويد» وهى المادة التى يستخدمها الشباب لنمو العضلات، واستخدام تلك المادة لحقن الدجاج مع تكرار تناوله يسبب إصابة الإنسان بأمرض القلب وأمراض الكبد المزمنة، مشيرا إلى أنها تسبب قلة الحيوانات المنوية عند الذكور، أما عند الإناث فإن تراكم تناولها وتأثيرها يؤدى إلى خشونة الصوت وظهور الشعر على البطن وأعلى الظهر مع الإصابة بالصلع وعدم انتظام الدورة الشهرية أو انقطاعها التام مع تزايد معدلات استخدام الدواجن المحقنة. أضرار تراكمية تقضى على أجيال قادمة لا محالة يقول الدكتور فوزى الشوبكي، أستاذ التغذية بالمركز القومى للبحوث: «لا يمكن تعميم تلك المشكلة على كل أصحاب المزارع ومربى الدواجن لأن هناك الكثيرين منهم لديهم ضمير والبعض الآخر، من معدومى الضمير وهم من يحاولون التربح السريع عن طريق قيامهم بتصرفات منحرفة ولا شك أن تلك الظاهرة موجودة فى جميع القطاعات وهى تندرج تحت مسمى ظاهرة الغش التجارى فصاحب المزرعة يحاول الحصول على وزن أكبر بأقل كمية تغذية رغم أن هناك معدلات محددة لتناول الغذاء فيلجأ لخلط العلف بحبوب منع الحمل، التى تؤدى لحفظ المياه داخل أنسجة الكائن الحى فيزداد وزنها على غير الحقيقة ليكتشف المستهلك فى النهاية أنه تعرض للنصب والخديعة حيث يشترى الماء بدلا من اللحوم، مؤكدا أن وجود الهرمونات فى جسم الدواجن ينتقل الى الإنسان عندما يتناولها، فتحدث حالة من الخلل نظرا لأن أجسامنا تحتوى على هرمونات طبيعية متوازنة وعند حدوث تغير بها يصاب الإنسان بالعديد من الأمراض، منها هشاشة العظام، والسرطان فضلا عن تأثيرها السلبى على مستوى الخصوبة لدى الرجال، وإصابة السيدات بسرطان الرحم، ويؤكد أيضا أن تأثير تناول الدواجن المهرمنة يكون تراكميا ولا يظهر لحظة تناولها ويمكن أن نرى ذلك فى الأطفال لأنهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض نظرا لكونهم كائنات رقيقة فى مرحلة النمو والخطورة هنا تكمن فى تأثير تلك الدواجن المهرمنة على نمو الأطفال وتحديد الجنس والنوع خاصة فى مراحل البلوغ فمن الممكن أن نجد صفات أنثوية زائدة عند الذكور والعكس، فنمو الشعر المتزايد وخشونة الصوت وقوة العضلات كلها أعراض تظهر على الأطفال فى مراحل نموهم سواء للولد أو للبنت، وينصح الدكتور فوزى الشوبكى المواطنين بالابتعاد عن تناول كبد الدواجن نظرا لأن الكبد هو مخزن لجميع المركبات الغريبة التى تدخل إلى الجسم فهو يقوم بتخزين السموم وتحويلها لمركبات غير ضارة أو احتجازها حتى لا تنتشر فى باقى أنحاء الجسم، لذا يطالب الجهات الرقابية بتفعيل دورها وأخذ عينات من مزارع الدواجن.