هل تصدق أن مشروعًا لا تتجاوز تكلفته 50 مليون جنيه، ظل يتصاعد فى الإنفاق حتى بلغ مليارًا و600 مليون جنيه دون مبرر سوى تربيح شركات ومقاولين ومكاتب استشارية؟ وهل يمكنك الاحتفاظ بعقلك قليلاً، لو عرفت بعد كل هذا أن المشروع لم يتم حتى اليوم؟ هذا ما حدث فعلاً فى العاشر من رمضان.. وبالأمر المباشر. تقرير رقابى خطير به كل هذه الإجابات ويكشف وقائع إهدار كل هذه الأموال من المال العام فى مشروع نقل الصرف الصحى من مدينة العاشر من رمضان إلى مصرف بلبيس، والذى تخلله إنشاء وتركيب وأعمال مد ونقل ورفع ثم ردم لمواسير ومحطات، ليتقرر بعدها البدء من الصفر تماما، كأن شيئا لم يكن، وكأن أموالاً من جيوب هذا الشعب لم تتبدد بجرة قلم موظف ليس كبيرًا جدًا. يرصد التقرير بالمستندات خطوات عملية إهدار المال العام- مبدئيًا- بقيمة 600 مليون جنيه فى مشروعات الصرف الصحى بمدينة العاشر من رمضان، ويحمل المسئولية للمشرف على المرافق بهيئة المجتمعات العمرانية، والذى ظل فى منصبه لمدة تزيد على 15 سنة وهو «عادل حسين كامل» ورئيسه نائب رئيس الهيئة، وتحديدًا مشروع نقل الصرف الصحى من مدينة العاشر إلى مصرف بلبيس، جرى رصد بداية الإهدار باختراع المشرف على المرافق برئاسة الهيئة مشروع معالجة الصرف فى العاشر من رمضان ثم نقله من خلال تنفيذ محطة رفع للصرف الصحى بمستلزماتها وخطوط طرد بما عليها من غرف محابس وقطع خاصة وعدايات الترع والمصارف إلى مصرف بلبيس، حيث تكشفت عدة كوارث. - أولاً إن مدينة العاشر أعلى من مدينة بلبيس بما يزيد على 100 متر ما يسمح بنقل الصرف بالانحدار دون الحاجة إلى محطة رفع ومستلزماتها من أعمال ميكانيكية وكهربية ونظام طرق مائى ومحابس وقطع خاصة ومواسير داخل المحطة عوضًا عن قلة سعر مواسير الانحدار عن مواسير الطرد بكثير، علاوة على أن الدراسة الواقعية توجب نقل الصرف الصناعى فقط دون الصرف الصحى الآدمى لحاجة المدينة الماسة له بعد معالجته فى زراعة المسطحات الخضراء بدلاً من استخدام المياه المرشحة وهو ما يتماشى مع ما تم تنفيذه من شبكات رى بالمدينة منفصلة عن شبكات المياه المرشحة وما يترتب على ذلك الاكتفاء باستخدام خط وحيد بقطر 1500 مللى أو خطين مكافئين. - ثانيا إن أعمال محطة الرفع وخطوط الطرد التى تم الانتهاء من تنفيذها بواقع 2 خط قطره 1500 مللى بطول 48 كيلو مترًا، وكذا خطين قطرهما 1200 و1400 مللى بطول 30 كيلو بتكلفة إجمالية قدرها 600 مليون جنيه فى حين أن تكلفة خطوط الانحدار لا تزيد على 50 مليون جنيه، أى أن القائم على أعمال المرافق بالهيئة كلف الدولة والشعب الفقير 550 مليون جنيه دون ضرورة ودون أى داع. - ثالثا إن تكلفة أعمال المعالجة الثنائية والثلاثية ومعالجة الصرف الصناعى بلغت 600 مليون جنيه أخري، والتى تقوم بتنفيذها حاليًا شركة «إيجيكو»، ووصلت نسبة الإنجاز فيها إلى 90 % ولن يتم الاستفادة منها على الوجه الأكمل نظرًا للتعديل فى استراتيجية التخلص من مياه الصرف. - رابعًا ونظرًا لأن المشرف على المرافق من قبل هيئة المجتمعات العمرانية متضامن مع نائب رئيس الهيئة، وبدلاً من أن يقوما بالحصول على موافقة وزارة الرى قبل الشروع فى تصميم المشروع، ومن ثم التنسيق لتجديد هذه الموافقة بما يتناسب مع مدة وتوقيت تنفيذ المشروع، قاما بإلغاء المشروع بجرة قلم، وتكليف استشارى بالأمر المباشر لدراسة وتصميم مشروع جديد من محطات رفع خطوط ونقل الصرف الصحى وشبكات رى للتخلص من هذه المياه داخل مدينة العاشر نفسها، بتكلفة تقديرية لا تقل عن مليار جنيه، وذلك بدلاً من المشروع الذى جرى الانتهاء من تنفيذه لنقل الصرف إلى مصرف بلبيس، وذلك بسبب رفض هيئة الصرف بوزارة الرى استقبال الصرف الصحى من مدينة العاشر لعدم قدرة المصرف على استيعاب أى صرف نظرًا لارتفاع منسوب المياه داخله. أى أن تكلفة المشروع المطلوب لنقل الصرف من العاشر إلى مصرف بلبيس كانت 50 مليون جنيه، رفعها المشرف إلى 600 مليون جنيه ليزيد نسبة المكاتب الاستشارية والجهاز التنفيذى (الاستشارى المصمم 0.5 % والاستشارى المشرف على التنفيذ 0.5 %، ونسبة إشراف الجهاز التنفيذى لمياه الشرب والصرف الصحى 3 % أى 24 مليون جنيه بدلاً من 2 مليون. ورغم ذلك لم تنته مشكلة الصرف الصحى فى العاشر، فبدلاً من عرض الهيئة المشروع على وزير الإسكان ومخاطبة وزير الرى لتوسيع مصرف بلبيس، مادام تم الاتفاق عليه فى الاجتماع المشترك بين قيادات الوزارتين، حتى يمكن استقبال صرف العاشر والاستفادة بما تم إنفاقه وهو مبلغ 600 مليون جنيه، ألغى المشرف على المرافق المشروع وقرر الردم على المواسير، والبحث فى تأجير المحطة «مفروش»، وقرر رئيس الهيئة تكليف استشارى آخر بالأمر المباشر بأموال جديدة لدراسة وتصميم محطات جديدة وخطوط نقل جديدة وشبكات جديدة للتخلص من مياه الصرف فى العاشر من رمضان، حيث قدم الاستشارى الجديد دراسة أعمال بقيمة مليار جنيه. مشروع الصرف الصناعى بمدينة العاشر المتوقف لسوء اختيار نوعية مواسير لا تتناسب مع درجة حرارة الصرف الصناعى «80 درجة» من قبل م. «حسن خالد» وتزوير محاضر الجهاز من قبل م. «زينب منير» الرئيس السابق للجهاز التنفيذى لمياه الشرب والصرف الصحي، والمثبتة فى تحقيقات نيابة الأموال العامة بقيامها بتزوير محضر اجتماع يوم 3 / 8/ 2009 بناء على تعليمات م. «حسن خالد» وذلك لتسهيل تنفيذ مشروع الصرف الصناعى بمدينة العاشر باستعمال مواسير «الحبايب» بالرغم من ثبوت عدم تحملها لدرجات الحرارة العالية 80 درجة مئوية المنصوص عليها فى مواصفات المشروع مما أدى الى إهدار حوالى 730 مليون جنيه تتمثل فى تمديد 26000 متر من خطوط مواسير الانحدار ومحطة المعالجة وكلها الآن متوقفة خوفا من انهيار هذه الشبكة إذا تم تشغيلها.. ولا يريد أحد فى الجهاز التنفيذى تحمل مسئولية تشغيل هذه الخطوط علما أنه كانت هنالك بدائل تتحمل درجات الحرارة العالية مثل مواسير الفخار التى تم استبعادها من قبل م.حسن خالد بمعاونة م. زينب منير لصالح المواسير الخرسانية وقد حاول استشارى المشروع د. ضياء المنيرى إخفاء هذا التزوير والقرارات الخاطئة بالموافقة على استعمال المواسير التى اختارها م. حسن خالد شريطة إلزام المصانع بإنشاء خزانات تبريد فى كل منشأة صناعية وهذا طبعا لم يحدث لأنه خارج اختصاص الجهاز التنفيذى ولم يتم الحصول على موافقة مصانع العاشر بإنشاء خزانات التبريد هذه.. النتيجة كلها أن المشروع لن تتم الاستفادة منه ومن المليارات التى أنفقت عليه بسبب فساد م. حسن خالد وتواطؤ م. زينب منير معه. أما مشروع خطوط المياه العكرة لمدينة العاشر فمتأخر ثلاثة سنوات، حيث تتقاسم م. زينب منير وشقيقها م. محمد منير والمهندسة سامية أبانوب مسئولية تأخر تنفيذ مشروع خطوط المياه العكرة لمدينة العاشر من رمضان الذى تنفذه شركة المقاولون العرب بتكلفة تزيد على 1.3 مليار جنيه منذ أواخر 2008 وكان من المفترض الانتهاء من الأعمال فى منتصف 2011 ونحن الآن بعد منتصف 2015 والانتهاء من المشروع لا يزال بعيد المنال نظرًا لأخطاء فى تصميم ومسارات المشروع تسبب فيها م. محمد منير وسوء إدارة فريق إدارة التنفيذ فى الجهاز. وتفيد آخر الأخبار أن هنالك حوالى 1400 متر من الخطوط لم يتم تمديدها إلى الآن لاستمرار مشاكل نزع الملكية الأراضى الخاصة ورغم زيارات الوزير مدبولى لأكثر من مرة لمدينة العاشر وإصراره على سرعة الانتهاء من المشروع دون جدوي، إلى جانب أن مشروع خطوط المياه العكرة لمدينة 6 أكتوبر متأخر ل 3 سنوات ولم يدخل الخدمة حتى الآن لوجود مشاكل فى التصاميم والمسارات.. ومشروع خطوط المياه العكرة للقاهرة الجديدة - متأخر 4 سنوات مازال يواجه صعوبات فى تجارب التشغيل بدون استكمال منظومة التحكم «الاسكادا» بواسطة مقاول جديد للمنظومة واستكمال بعض الدراسات الهندسية التى أغفل عنها إدارة الجهاز السابقة، ولن يدخل الخدمة قبل نهاية هذا العام.. ومشروع محطة تنقية ومعالجة مياه الصرف الصحى بعرب أبو ساعد حلوان الذى نهب عن آخره. والسؤال هنا لأجهزة الدولة الرقابية والنيابات المختلفة: كيف خرج حسن خالد ومجموعته الفاسدة من وزارة الاسكان دون محاسبة أو عقاب وكيف يؤتى بعناصر فاسدة مرة أخرى للعمل فى الوزارة كأعضاء للجان أو كمستشارين وكيف تبقى عناصر أخرى فى مكانها بل يتم ترقيتها إلى أعلى المناصب؟، وهل فعلا تم تعيين المهندسة زينب منير فى 7/7/2014 مستشارة لوزير الإسكان للمرافق مكافأة لكل إنجازاتها!.. وإلى متى سيستمر مسلسل الفساد وسوء الإدارة فى وزارة الإسكان والمرافق. حان الوقت لوزير الإسكان مصطفى مدبولى لتطهير الوزارة وهيئاتها وأجهزتها من بقايا عصابة المهندس حسن خالد ومن معاونيهم المستترين مثل الدكتور على الشريف الذى نتمنى للوزير إعادته إلى جامعة عين شمس ليستفيد الطلاب فى كلية الهندسة من علمه الغزير وإبعاد أزلام حسن خالد وهم: مدحت صالح والدكتور عماد حمدى عن لجان الوزارة فى أسرع وقت. كما نؤكد ضرورة مراجعة الحالة السيئة من تآكل معظم خطوط المياه التى تنفجر كل يوم وآخرها: - كسر فى خط مياه خرسانة قطر 900 مم بالقاهرة الجديدة 30/6/2014.. كسر فى وصلة صلب بالخط الرئيسى بمحطة الفسطاط قطر 1600مم تؤدى لقطع المياه عن 20 منطقة فى القاهرة 3/8/2014.. كسر فى خط مياه حديد رئيسى يغلق ميدان عبد المنعم رياض ليلة 3/8/2014 ويحدث فجوة عملاقة «انظر الصورة».. وكسر بخط مياه خرسانة قطر 1400مم الرئيسى بالقاهرة الجديدة 22/4/2014 يقطع المياه عن التجمع الخامس والأول ومدينة الرحاب.. كسر فى خط مياه حديد قطر 800 مم بحلمية الزيتون 29/7/2014.. كسر متكرر فى خط خرسانة قطر 1200مم فى شاصرع 90 «لايك فيو» القاهرة الجديدة 5/2014 .. انفجار ماسورة مياه قطر 900مم فى عين شمس، كسور لمواسير «اسبست» بشارع اللاسلكى بالمعادى 10/6/2014. وتكللت جهود نيابة الأموال العامة باعتراف الشركات الموردة للمواسير فى المناقصة المطروحة سنة 2008 لشبكة مياه مدينة «طما» بوجود تربح فى هذه المناقصة حيث فى شهر 8 و 9 من عام 2011 بموافقته ليخصم هذه المبالغ بإجمالى 17.699.557.28 مليون جنيه ما يمثل فروق فى أسعار المواسير الخرسانية بين المناقصة الأولى المطروحة سنة 2007 وبين المناقصة الثانية المطروحة سنة 2008 بناء على تعليمات صادرة من حسن خالد رئيس الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى آنذاك للشركة المنفذة باستبعاد نوعيات أخرى منافسة للمواسير الخرسانية وإعادة طرح المناقصة. وأيضًا بفضل مجهود نيابة الأموال قامت الشركات المصنعة للمواسير الخرسانية برد أكثرمن 4 ملايين جنيه من رصيدها الدائن لدى الشركة المنفذة فى مشروع «شبكة مياه ميت غمر».. ولكن بسبب ضغوط محامى حسن خالد الإخوانى «سيد جادالله» لم توجه أى تهم تربح من المال العامل إلى هذه الشركات المصنعة ولا للمهندس حسن خالد- العقل المدبر وأعوانه من سيدات هيئات وزارة الإسكان، من جراء هذا التربح الموثق فى محاضر نيابة الأموال العامة. يبقى أن محاولة تشغيل هذه الخطوط فى غياب الكهرباء اللازمة لغلق المحابس عند الضرورة يهدد بكارثة، كما كادت تقع عند تجرية خط مياه القاهرة الجديدة، حيث كادت أن تؤدى إلى كارثة فى مخر السيول وغرق مسار المترو بمحاولة تشغيل الخط فى ظل الظروف الحالية للمشروع.. ويبقى طاقم الإشراف التابع للجهاز التنفيذى مسئولا عن هذه القرارات الخاطئة وقد لا نستغرب أن كان للدكتور على الشريف مستشار وزير الإسكان دور فى اتخاذ هذا القرار فهو يعمل من وراء الكواليس كالعادة ويتصرف باسم الوزير دون أن يضع اسمه على أى ورقة!.. وكنا قد حذرنا فى عدد 27/3/2010 من خطر إنشاء هذه الخطوط العملاقة داخل مخر السيول، وكان المهندس حسن خالد قد تجاهل هذه التحذيرات حتى أثناء فترة تصميم المشروع.