مازالت تداعيات«خلية العبدلى» تلقى بظلال كثيفة على العلاقات الكويتيةالإيرانية ،وتهدد بتفجير الصراع بين إيران من جهة ودول الخليج العربية من جهة أخرى بعد أن تصاعدت حدة المواجهة بين الطرفين.. أجهزة الأمن الكويتية كشفت عن أسلحة ومتفجرات مهرّبة عثرت عليها فى مزرعة منطقة العبدلى على الحدود مع العراق، وكشفت التحقيقات وقوف إيران وحزب الله وراءها.ووجهت النيابة العامة الكويتية الثلاثاء الماضى تهما إلى 25 كويتيا وإيرانى متورطين بالتخابر مع إيران وشن هجمات داخل الأراضى الكويتية تستهدف المساجد فيما عرف بقضية (خلية العبدلى). وشملت التهم ارتكاب أفعال من شأنها المساس بوحدة وسلامة أراضى الكويت، والتخابر مع إيران وحزب الله للقيام بأعمال عدائية ضد الكويت. شملت التهم جلب وتجميع وحيازة متفجرات ومدافع رشاشة وأسلحة نارية وذخائر وأجهزة تنصت من دون ترخيص، بقصد استخدامها فى الجرائم، وفق البيان. ووجهت النيابة إلى المتورطين تهمة الانضمام والدعوة إلى الانضمام إلى حزب الله، وإخفاء مدافع رشاشة وأسلحة نارية وذخائر . بدأت القضية، بإعلان الداخلية الكويتية فى 13 أغسطس الماضى عن تفكيك خلية إيرانية والعثور على متفجرات فى منطقة العبدلي، ومنزلين فى أماكن لم يعلن عنها. وأوضحت الوزارة أن قوات الأمن ضبطت 19 طنا من الذخيرة، فضلا عن 144 كيلوجراما من مادة (تى إن تي) وقذائف صاروخية وقنابل يدوية وأسلحة. وكشف ممثل وزارة الخارجية الكويتية خالد الجارالله فى اجتماع حكومى مع أعضاء من مجلس النواب أن التحقيقات أثبتت تورط دبلوماسى إيرانى فى (الخلية الإرهابية)، وأن الوزارة ستطالب بطرده من الكويت. بينما نفى رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، وجود نواب فى المجلس الحالى متورطين فى تلك الخلية.وسلّمت الخارجية الكويتية، الاثنين الماضي، السفير الإيرانىبالكويت، على رضا عنايتي، ردّ الكويت على مذكرة للسفارة الإيرانية، بشأن (خلية العبدلي)، تضمن إيضاحًا للموقف الكويتي، حول حيثيات القضية. وأظهرت التحقيقات وجود مخطط إيرانى يشمل كلا من الكويتوالبحرين والسعودية والإمارات وقطر وصولاً إلى اليمن، يمتد لأكثر من عقدين من الزمن وأن جهات قيادية عليا فى إيران تشرف على هذا المخطط.. من خلال الحرس الثورى الذى كلف قيادات وعناصر بحزب الله اللبنانى الذى اعتبرت متابعة تنفيذه من مهام السفير الإيرانى فى كل بلد خليجي؛ ولهذا فقد ظهر أن جميع السفراء الإيرانيين فى دول مجلس التعاون الخليجى واليمن من قادة الحرس الثورى على تنفيذ الأعمال الإرهابية من خلال وجود سفير منهم وهو ما طبق فى العراق الذى استقبل جميع سفراء النظام الإيرانى من أعضاء الحرس الثوري. وكشفت الأحداث فى اليمن أن السفير الإيرانى فى صنعاء حوّل مقر السفارة إلى غرفة عمليات تدير معارك الحوثيين، بالتعاون مع نائبه وعدد من دبلوماسيى السفارة؛ وأن وضعه مشابه لوضع سفير إيران فى الكويت على رضا عنايتى الموظف فى جهاز استخبارات الحرس الثورى وأنه حتى تكليفه سفيراً فى دولة الكويت كان مسئولاً عن ملف التمرد الحوثى فى اليمن منذ 2006 إلى 2009 وأنه قبل ذلك كان مسئولاً عن ملف إثارة الفوضى فى البحرين. وجاء فى التحقيقات أن لحزب الله اللبنانى دورًا فعّالاً فى نشر الإرهابيين وتدريبهم وإرسالهم لدول الخليج العربية ومنهم أبناء تلك الدول من المنتمين إلى الشيعة، وقد كشفت التحقيقات أن جهازًا أمنيًا واستخباريًا غربيًا صور قياديين لبنانيين من حزب الله متهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريرى شوهدوا مع كويتيين فى مطار عاصمة عربية بشمال إفريقيا، ثم توجهوا إلى البحرين وبعدها تضاعفت التفجيرات فى البحرين. حرب السفارة والوزارة فور إعلان القبض على الخلية الإيرانية، بادرت السفارة الإيرانية فى الكويت بإصدار بيان أعربت فيه عن استيائها الشديد لزج اسم إيران فى قضية داخلية ترتبط فى أساسها بالكشف عن أسلحة وذخائر كما أعلن عنه سابقا.وقالت إنه نظرا لأن الكشف عن بعض التفاصيل وحيثيات القضية المعنية ومنها إلقاء القبض على أحد المواطنين الإيرانيين، تم الإعلان عنه فى وسائل الإعلام قبل إفادة الجهات الرسمية الإيرانية بالموضوع عبر القنوات الدبلوماسية فإن السفارة تود الإشارة إلى عدة نقاط.وأنه لم يتم إفادة السفارة عن هوية الشخص الإيرانى المذكور فى بيان النيابة العامة، وكذلك دوره المزعوم فى التهم المنسوبة إليه وتفاصيل اعتقاله من قبل الجهات المعنية، وطلبت السفارة من السلطات الكويتية إبلاغها رسميا بأى معلومة وتوفير إمكانية الاتصال بالمتهم. فى المقابل، رفضت الخارجية الكويتية بيانًا أصدرته السفارة الإيرانية حول الخلية، موضحة أن البيان تجاوز أبسط القواعد والأعراف الدبلوماسية، وهو أن التعبير عن مواقف الدول الرسمية ورغبتها بالحصول على أية معلومات حول أى قضية ينبغى أن يكون من خلال القنوات الرسمية المتعارف عليها وليس باللجوء إلى وسائل الإعلام الأخري.وأن البيان لم يراع الموقف الرسمى المعلن لدولة الكويت والذى عبر عنه مجلس الوزراء الكويتى بتعامله مع القضية بروح من المسئولية والحرص على عدم إصدار أحكام مسبقة حتى يصدر القضاء الكويتى حكمه الأخير على كل حيثيات القضية.وأشارت إلى أن قرار النائب العام بعدم نشر أخبار أو بيانات تتعلق بخلية العبدلى يجسد حرص الكويت على وقف التداول الإعلامى لهذه القضية لما له من انعكاسات سلبية على سير القضية وإضرار بالمصلحة العليا والتحقيقات الجارية ولضمان الحكم العادل الذى سيصدره القضاء. تجاوز السفارة الإيرانية لدى الكويت للأعراف الدبلوماسية فى تعليقها على قضية (خلية العبدلي) يؤشر على مقدار حرج طهران من ثبوت تورّطها فى تهديد أمن المنطقة فى وقت تحاول فيه الإيهام بأنها قوّة استقرار فى محيطها وأن إبرام اتفاق معها بشأن برنامجها النووى كان خيارا صائبا. من جانبهم رأى سياسيون كويتيون وخليجيون فى سلوك السفارة انعكاسا (لسلوكيات إيرانية غير سوية وسياسات تتميز بالعجرفة والفجاجة فى تدخلها فى الشئون الداخلية لدول المنطقة)، على حدّ تعبير أحد المدونين على الإنترنت.ولم يستبعد هؤلاء لجوء طهران إلى افتعال أزمة دبلوماسية مع الكويت مدارها المسائل الإجرائية فى قضية العبدلى للتغطية على محتوى القضية بحدّ ذاتها. وحول اعترافات المتهمين، قالت المصادر: إنها كانت مهمة للغاية وكشفت علاقة المتهمين بحزب الله اللبنانى حسب اعتراف المتهمين، خاصة الأول والثانى والثالث، بأنهم سافروا إلى لبنان لأكثر من مرة وأنهم كانوا يحرصون على عدم التوجه مباشرة إلى لبنان للقاء قيادات فى حزب الله. وإنما كانوا يتجهون إلى دول أوروبية ثم يتوجهون من هذه الدول إلى لبنان، بحيث لا تظهر فى سجلات سفرهم تكرار سفرهم الى لبنان بصورة كبيرة، كما اعترف المتهم الأول بأنه التقى بقيادات فاعلة فى حزب الله فى العام 1996 وفى هذه الفترة تم تجنيده وإعطاؤه مبالغ مالية تجاوزت ال 100 ألف دولار، كما أقر بقية المتهمين بسفرهم إلى لبنان وتلقيهم مبالغ مالية، وتبين من التحقيقات أن المتهم الأول هو من جند بقية الموقوفين. وخلال التحقيقات كان أمام رجال الأمن أسئلة محيرة، وهي: لماذا هذا الكم الكبير من الأسلحة؟ وكيف تم جلبها؟ وما أوجه استخدامها مستقبلا؟ وعن ذلك قالت المصادر: إنه بحسب اعترافات المتهمين أمام رجال المباحث الجنائية، فإن جزءا من الأسلحة والمضبوطات كان من مخلفات الاحتلال، حيث قام المتهم الأول بتجميع الأسلحة والذخيرة عقب الاحتلال مباشرة بهدف الإتجار بها لاحقًا، ثم أقام مخزنا له، وهناك جزء آخر من الأسلحة تم تهريبه إليه وإلى زملائه الذين جندهم، وذلك عن طريق البر، كما جاءت كميات من المتفجرات عن طريق البحر عبر وضعها فى عبوات حافظة كما يحدث فى تهريب المخدرات وتركها فى أماكن معينة لينطلق المتهمون بعد ذلك إلى مكان المتفجرات باستخدام تقنية ال GPS. وأضافت المصادر أن المتهمين كشفوا فى اعترافاتهم عن أن التعليمات التى تلقوها من جهات خارج الكويت كانت تقتصر فقط على تخزين هذه الأسلحة لحين تعليمات جديدة ترد إليهم حال تغيير الظروف الإقليمية، أو عندما تكون هناك حاجة إلى استخدام هذه الأسلحة وتوزيعها على بعض الأشخاص الذين سيتم إبلاغهم عنهم فى حينه، كما أقر أحد المتهمين بأن تجميع الأسلحة بدأ كردة فعل على (الأوضاع الإقليمية غيرالمريحة) التى زعم أنها تستدعى الحيطة والاستعداد للدفاع عن النفس.