هجمات ليلية جديدة.. غارات إسرائيلية وصواريخ إيرانية    الصدارة مشتركة.. ترتيب مجموعة الأهلي في كأس العالم للأندية    "بعد مباريات الجولة الأولى".. جدول ترتيب مجموعة الأهلي بكأس العالم للأندية    "بعد لقطة إنتر ميامي".. هل يلقى حسين الشحات نفس مصير محمد شريف مع الأهلي؟    أحمد سعد يشعل حفل الجامعة الأمريكية، ويحيي الأوائل    إيران.. الدفاعات الجوية تسقط مسيرات إسرائيلية في مناطق مختلفة من البلاد    نشوة البداية وخيبة النهاية.. لواء إسرائيلي يكشف عن شلل ستعاني منه تل أبيب إذا نفذت إيران خطتها    ترامب: آمل في التوصل لاتفاق بين إيران وإسرائيل.. وسندعم تل أبيب في الدفاع عن نفسها    زيادة جديدة ب 400 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الإثنين بالصاغة وعيار 21 الآن بالمصنعية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 16 يونيو 2025    صرف الخبز البلدي المدعم للمصطافين في عدد من المحافظات    منافس الأهلي... التعادل السلبي ينهي الشوط الأول من مباراة بالميراس وبورتو    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    فينيسيوس: نسعى للفوز بأول نسخة من مونديال الأندية الجديد    مصرع 4 أشخاص في حادث انهيار مدخنة مصنع طوب بالصف    متابعة دقيقة من الوزير.. ماذا حدث في أول أيام امتحانات الثانوية العامة 2025    وفاة تلميذ متأثرًا بإصابته بلدغة ثعبان في قنا    يضم طائرات مسيرة ومتفجرات.. إيران تكشف عن مقر سري للموساد بطهران    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    سعر الفراخ البيضاء والبلدى وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الإثنين 16 يونيو 2025    محافظ قنا يقود دراجة عائدًا من مقر عمله (صور)    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    مباريات كأس العالم للأندية اليوم الإثنين والقنوات الناقلة    ملخص وأهداف مباراة بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد فى كأس العالم للأندية    سمير غطاس: إيران على أعتاب قنبلة نووية ونتنياهو يسعى لتتويج إرثه بضربة لطهران    رجال الأعمال المصريين الأفارقة تطلق أكبر خريطة استثمارية شاملة لدعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة القاهرة.. فور ظهورها    «بشرى لمحبي الشتاء».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين: «انخفاض مفاجئ»    تحريات لكشف ملابسات انهيار مدخنة مصنع طوب ومصرع 3 أشخاص بالصف    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    وزير الثقافة يشيد ب"كارمن": معالجة جريئة ورؤية فنية راقية    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    لا تسمح لطرف خارجي بالتأثير عليك سلبًا.. توقعات برج الجدي اليوم 16 يونيو    يسرا: «فراق أمي قاطع فيّا لحد النهارده».. وزوجها يبكي صالح سليم (فيديو)    «الأهلي محسود لازم نرقيه».. عمرو أديب ينتقد حسين الشحات والحكم (فيديو)    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    غرفة الصناعات المعدنية: من الوارد خفض إمدادات الغاز لمصانع الحديد (فيديو)    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغارة على بابا برعاية الحكومة

«على قد ما تقدر تحفر وتشيل هتلاقى» هذه هى الجملة الأولى التى ستقابلك إن كنت زائراً لجبال البرامية وحمش وعتود والعلاقى والفواخير وأم رشيد وحجر دنقاش وغيرها من جبال البحر الأحمر الممتدة بداية من سفاجا إلى الحدود السودانية.
هذه الأراضى الصحراوية المترامية الأطراف التى لا تشاهد فيها إلا الجبال والصخور والرمال كلها باللون الأصفر الذى يعكس أشعة الشمس الحارقة لا يعكر صفو بريقها سوى آلاف الوجوه المتصببة بعرق الصحراء، هؤلاء هم «الدهابة» شباب من قبائل المنطقة مثل قبائل «العبابدة والمعازة والبشارية».
ومن صعيد مصر خاصة العائلات التى لها جذور قبلية فى نفس المناطق ووسط كل هؤلاء يوجد بعض السودانيين الذين لهم علاقة بنفس سلاسل الجبال ورمال الصحارى التى تمتد إلى الأراضى السودانية، كل هؤلاء لهم غرض واحد وفقط وهو التنقيب عن الذهب والخروج يوميا ببعض الجرامات، كل حسب قدرته البدنية وحرفته فى استخدام جهاز الكشف عن المعادن، ومنهم من تحالفوا فى حلف الشر لتسيد عمليات البحث والتنقيب لسرعة العمل لتجريف الجبال سعيا للحصول على الذهب.
هؤلاء «الدهابة» مجموعة خرجت إلى النور فى أواخر عام 2009 وظلت تتحرك فى مجموعات صغيرة وبلا أى إشارة إليهم أو إلى معوقات تقابلهم حتى أواخر عام 2013 حينما لاحظ الأهالى والجيولوجيون العاملون فى المنطقة بتحركاتهم التى استعانوا فيها بالمعدات الثقيلة والتجهيزات طويلة المدى وهنا جاءت الإحصائيات لتكشف أن «الدهابة» تتسبب فى خسائر اقتصادية لمصر قدرت بنحو 17 طن ذهب خام مرصود خروجها من مصر.
«روزاليوسف» ذهبت إلى هناك حيث عمليات السطو والنهب على ممتلكات الوطن ومقدرات مستقبل أبنائه، وسجلت هذا التحقيق الذى كشف عن الكثير من الخفايا ويعد فى نفس الوقت رسالة تحذير لكل من يهمه الأمر.
تعتبر منطقة الطواحين من أهم المناطق لتعدين الذهب وذلك لوجود الطواحين التقليدية ثم الحديثة حيث تقوم بطحن التراب والذى يكون مخلوطا به ذرات الذهب، وتكون المرحلة الأولى إحضار التراب أو الأحجار من مناطق المناجم أو الآبار التى يتم حفرها يدويا أو باللودر ويتم التعبئة فى جولات وإرسالها لمنطقة الطواحين لعمل الطحن وسميت بالطواحين لأنها توجد بها أكبر كمية من الطواحين «ماركة اللستر» لطحن التراب.
وتمثل المياه فى عملية استخلاص الذهب من التراب، حيث أحواض ترسيب الذهب، وبعد أن يتم طحن التراب يوضع فى الطاحونة وتضاف إليه المياه وبعض المواد الكيمائية لكى يتم استخلاص الذهب وتوجد فتحة من الطاحونة لاستخراج المياه ويبقى التراب الذى يحمل خام الذهب وبما أن منطقة الطواحين تفتقد إلى التيار الكهربائى بالرغم من الدخل الكبير من إيجار الطواحين يظل المولد الكهربائى موجودا لتشغيل الطواحين.
مجموعة تنتشر وسط الجبال تبحث عن جرامات قليلة من ذهب الصحارى المختبئ بعروق الجبال فى الصحراء الشرقية، تجدهم ينقبون عن الذهب فى الصحراء الشرقية، هذا ممسك بجهاز البحث عن الخامات يطلق عليه جهاز «G.B.A » أسلاك موصلة بسماعات للأذن تصدر أصواتاً تختلف فى حدتها وتواصلها فتارة تكون عالية ومتواصلة وأخرى تكون متقطعة وبين نغمة وأخرى يمكن أن تهتدى إلى ضالتك وهى العثور على الذهب الذى انتشر بريقه بين أهالى مدن «مرسى علم وادفو وأسوان وكوم أمبو وإسنا والأقصر وحجازة وقنا» ليتحول إلى ثورة ميدانها فى قلب الجبل.
البحث عن الذهب واستخراجه وفصله أصبح شيئا عاديا ومنتشرا جدا بعد ثورة يناير جهاز الكشف عن الذهب قادم من السودان، ولودر للحفر، وسيارة نصف نقل وبضعة لترات من المياه والسولار، هى ما يحتاجه «الدهابة» فى رحلتهم، التى ربما تستغرق أسبوعا أو تمتد لأشهر حسب عملية الاستخراج.
ويقول أحد الشباب المنتمين لقبائل المنطقة: بدأت رحلة التنقيب عن الذهب منذ عام 2011 تعرفت خلالها بطبيعة الأمر وشكّلت فريقاً مكوناً من 14 فرداً هم أعوانى فى رحلتى أتنقل من منطقة إلى أخرى، «ممكن أقعد شهر وأصرف على اللودر فقط إيجار 50 ألف جنيه من غير ما أطلع جرام واحد وممكن بضربة واحدة أطلع 9 جرامات ذهب».
ويضيف: «يستخرج الرجل الذهب الخام فلا يجد أمامه سوى رجال أعمال ذوى نفوذ ومال ليحصلوا على الذهب بأقل الأسعار من مجموعات «الدهابة» لتبدأ رحلة التنقية وختمه بختم الأيزو خارج البلاد ثم دخوله مرة أخرى وكما خرج بطريق غير شرعى يدخل بنفس الطريقة».
ويقول أحد الجيولوجيين إن مناطق الذهب الفرعونية ما زالت تخبئ الكثير مثل مصانع الذهب الفرعونية التى كان الفراعنة يستخلصون فيها الذهب التى لم تكتشف حتى الآن وهنا نتساءل: لماذا لا تقوم الدولة بالموافقة للقطاع الخاص المصرى على التنقيب والبحث والاستخراج والفصل للذهب فننشئ شركات كبيرة تستخرج الذهب ونستطيع طرحه فى السوق العالمية لكى يدر على الدولة دخلاً ينعش اقتصادها القومى مع وجود الخبرات الكافية من أبناء البحر الأحمر وأسوان وقنا من الدهابة؟
ويؤكد كبير مفتشى مناجم «حنيش» أن الوضع بالصحراء الشرقية أصبح مأساويًا خاصة فى وجود الدهابة الذين يمتلكون معدات ثقيلة ومواد متفجرة ليستخدموها فى تفجير العروق وتعمل بطريقة تهدر ثروات البلاد من أجل الحصول على مكاسب سريعة، والغريب فى الأمر أن هيئة الثروة المعدنية على علم بوجود الدهابة والأغرب أن تفتيش مرسى علم وتفتيش البرامية على علم أيضا ولا يستطيع أحد السيطرة عليهم لأنهم يعملون تحت تهديد السلاح.
وقال شخص - رفض ذكر اسمه من أهالى مرسى علم - إن بعض المسئولين والقيادات داخل هيئة الثروة المعدنية يعملون فى الخفاء مع هؤلاء الدهابة.
وأضاف أحد الخبراء فى مجال التعدين: «الدهابة» يبحثون عن مصنع للذهب ينتمى إلى عصر الفراعنة بجهاز «gpa » ويُتَوقّع وجوده بالقرب من كمين البرامية كما أن منجم ومنطقة البرامية يستولى عليهما بعض الدهّابة ويقعان داخل نطاق مدينة مرسى علم التابعة لمحافظة البحر الأحمر ولتفتيش مناجم مرسى علم هى منطقة غنيّة جدا بالذهب وقد استخرج منها الفراعنة الذهب منذ آلاف السنين، مضيفاً أن هؤلاء الدهّابة الذين ينتمون لقبائل العبابدة والمعازة والبشّارية يستخدمون الجهاز للبحث عن الذهب فى هذه المنطقة وامتدّ نشاطهم الإجرامى للبحث عن مصنع قدماء المصريين فى نفس المنطقة وعلى أعماق كبيرة وصلت إلى 30 مترا تحت سطح الأرض واستمرارهم يدلّ على وصولهم لنتائج مبشّرة.
ويكمل هؤلاء الدهّابة كانوا يستخدمون الحفارات والمعدّات الثقيلة فى البداية، ولكن امتدّت وتطوّرت انتهاكاتهم وسيطرتهم على المنطقة لتشمل استخدام الديناميت والمفرقعات والألغام، والغريب أن هذا كله يتمّ تحت مرأى ومسمع من هيئة الثروة المعدنية ومفتّشيها ولم يتّخذوا أىّ إجراء حيال هذه المخالفات، مطالباً الرئيس السيسى رئيس مجلس الوزراء وزير البترول والثروة المعدنية ورئيس الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية ووزير الدولة لشئون الآثار وكل الجهات المعنية الأخرى بسرعة التدخّل لحلّ هذه المشكلة وتفادى وقوع الكارثة التى تحلّ بالمنطقة والمناطق الأخرى مثل: «عنود وحمش»، لافتا إلى أن هذا التعدين العشوائى يمثّل إهدارا جسيما للثروات المعدنية ومخاطر كبيرة على أرواح المارّة بالطريق وتشويها للبيئة الطبيعية التى يتمّ الاعتداء عليها وتغيير مسارات مخرّات السيول بها عبر هذا التنقيب العشوائى.
«الشيخ سالم» أحد شيوخ المنطقة يقول إنه فى حال اكتشاف صخرة أو منطقة بها كثافة من المعدن النفيس تبدأ عملية الاستخلاص البسيطة البدائية وهى تعكس مدى ثراء تلك المناطق بالذهب مثلما هى ثرية بعناصر ومعادن أخرى نفيسة أو اقتصادية وإن كانت بدائية إلا أنها متوارثة أجيالا من وراء أجيال وهناك من يساعدنا وفى بعض الوقت يقومون بها منفردين من السودانيين المتسللين عبر الحدود.
وعن سر الدهابة يقول الدكتور إيهاب مصطفى الخبير الجيولوجى: مهنة «الدهابة» من المهن القديمة جدا فى الصحارى المصرية وخصوصا فى سلاسل جبال البحر الأحمر وأغلب الظن أنها متوارثة من عصور الفراعنة لأن الطريقة التى يتم استخلاص الذهب قريبة من تلك التى كان يستخدمها الفراعنة والأكثر يعتمد على الاستخلاص من عروق صخور الكوارتز التى تشكل أفضل الصخور ثراء بالمعدن النفيس وقد كانت طريقة الاستخلاص فى الماضى تعتمد على اكتشاف الذهب بالعين المجردة، أما الآن فهناك أجهزة إلكترونية اختصرت الوقت، بل تعمل على انتقاء المناطق التى يصل فيها تركيز الذهب لأعلى مستوياته وعلى الأعماق المناسبة للاستخراج والاستخلاص وهذه الأجهزة الإلكترونية تشبه إلى حد كبير أجهزة الكشف عن الألغام ويتراوح ثمنها بين 15 ألف جنيه و50 ألف جنيه حسب حساسيتها وقدرتها على الكشف ويتم استيرادها من الخارج ولها أسواقها فى السودان أو فى مصر والجهاز يتكون من جهاز مسح أرضى يسهل تحريكه بواسطة ذراع طولية فى الوديان أو على الرمال أو على الصخور والجزء العلوى ويشتمل على مجموعة الرأس وتثبت برأس الهاب أو من يقوم بالبحث وتلك المجموعة مزودة بسماعات للأذن تعطى ذبذبات وصوتاً معيناً يرتفع وينخفض تبعا لوجود وكثافة الذهب فى منطقة البحث وتلك الأصوات تحدد كذلك الأعماق الموجود عليها المعدن وسعر هذا الجهاز يزداد أيضا مع زيادة قدرته على كشف وجود الذهب على أعماق أكبر وكميات أكثر كما أن الجهاز مزود بعداد رقمى مثبت على قمة ذراع التحريك بحيث يكون على بعد مناسب للرؤية أمام عينى من يقوم بالبحث وهذا العداد يرصد بدقة العمق الفعلى الموجود عليه الذهب وكمياته فتتم عمليات الحفر بواسطة مثقاب «شنيور» ضخم ثم تبدأ عملية الاستخراج للصخور الحاملة للمعدن وبعد الحفر والاستخراج تبدأ عمليات الغربلة وغسيل الركاز معدن الذهب الذى يتركز فى النهاية، حيث إن الذهب من المعادن ثقيلة الوزن فيرسو فى قاع الإناء المخصص لتجميع الذهب.
ويضيف: هذا الأداء يؤكد أن «الدهابة» يعملون بطريقة جيولوجية سليمة إلى حد ما بداية من عمليات البحث وفى انتقائهم للأماكن التى يفضلون التنقيب فيها، فالدهابة من البدو يقومون بتتبع الصخور الحاملة للذهب والتى تآكلت من الجبال الغنية بالمعدن وتم ذلك عبر العصور الماضية خلال ملايين السنين ثم ترسبت هذه الصخور فى أرضيات الوديان من خلال مجار قديمة كانت تجرى فيها مياه السيول والأمطار والدهابة لهم خبرة عجيبة من حيث معرفتهم وإلمامهم بكل تلك التفاصيل والمناطق والأكثر ثراء بالذهب فيها، ولهم طريقتهم العجيبة فى كيفية فصل الصخور والتربة عديمة القيمة عن الصخور الأثقل وزنا ذات الكثافة العالية والتى تحوى كميات من الذهب ويقوم الدهابة بإعداد أحواض مبطنة بالبلاستيك يتم ملؤها بالمياه لغسيل الركاز الذى يتم جمعه من المناطق التى توصلوا إلى الذهب فيها ثم عملية الطحن بواسطة معدات، خاصة تثبت بموقع عملية الاستخلاص والتى تتم اختيارها بعناية فائقة وتتم عملية تنقية الذهب بطرق يدوية أيضا.
على بعد نحو 60 كيلومترا غرب مرسى علم وعلى بعد كيلومترات من ضريح الشيخ «سالم» توجد أكبر ثانى منطقة لتجمع المنقبين عن الذهب تعرف باسم «عتود» وهى منطقة لا تختلف فى طبيعتها عن «البرامية» إلا فى عدم وجود «مغارة» ظاهرة وإنما يعتمد فيها التنقيب بشكل أساسى على البحث عن طريق الأجهزة على القشرة السطحية للأرض أو فى وديان الذهب كما يطلقون عليها.
أول ما يلفت نظرك بعد تجاوزك «المدق» الصحراوى الموصل إلى مناطق جمع «الدهابة» هو وجود تجمعات الدهابة بشكل أكبر بكثير من عدد التجمعات فى «البرامية»، حيث تشعر أن الصحراء التى كانت خاوية قبل دقيقة من وصولك إلى مكان «المنجم» تحولت إلى خلية نحل.
لون بشرة العاملين التى تتجاوز الاسمرار تجعلك لا تشك فى وجود حاملى جنسيات أخرى فى المكان غير المصريين ولكن بمجرد الاقتراب تجد أن منطقة جبل عتود كما يطلق عليها الدهابة ما هى إلا تطبيق لتجربة على الأرض المصرية لمشروع التنقيب الفردى عن الذهب «المصرح بها حكوميا» فى السودان منذ أعوام قليلة.
السودانيون أول من نقلوا لنا التجربة وعلمونا طرق التنقيب واستخلاص الذهب قال «يونس عيد» أحد العاملين فى التنقيب بالمنطقة من قبيلة العبابدة: السودان سبقتنا فى فكرة التنقيب الفردى عن الذهب بفترة كبيرة إلى أن تم تقنينها من قبل الحكومة السودانية وأصبحت تجلب لهم دخلا قوميا هائلا.
فى البداية كان يستعين بعض الدهابة بالسودانيين لشرح كيفية التعامل مع الجهاز أو استئجار الأجهزة التى تم تهريبها عبر الحدود وتعليمهم كيفية «تنسيمط الحجر وطحنه واستخلاص الذهب منه» لكن بعد فترة وبعد تعلم الدهابة كل ما سبق وكل ما يريدون معرفته عن التنقيب تحول الأمر إلى مجموعات بعضها «سودانى والآخر مصرى» جميعهم يقومون بالتنقيب فى أماكن مختلفة من المنطقة كل على حدة.
ويؤكد «عبدالله» أحد شباب الدهابة الذى قال إن وجود السودانيين والمصريين فى مكان واحد لا يعتبر مشكلة، بل عاملا مساعدا فى كثير من الأحوال للدهابة الذين استفادوا بشكل كبير من خبرتهم فى مجال التنقيب حيث سبقوا مصر بنحو 10 سنوات.
ويضيف: العاملون فى مناطق مختلفة من السودانيين عددهم 5 آلاف ينتشرون فى الصحراء الواسعة كل واحد برزقه، لذلك لا يوجد مشاكل، حيث إن عرف الدهابة يؤكد ضرورة احترام كل شخص لحدود منطقته التى اختارها منذ البداية ويكون عقد تملك المنطقة هو كلمة الشرف التى أعطاها للآخر.
«زين» أحد السودانيين العاملين فى منطقة عتود قال إن سبب مجيئه إلى مصر هو البحث عن الرزق مثل باقى المصريين، فى شمال السودان وبالقرب من الحدود المصرية توجد منطقة الدهابة السودانية التى نعمل بها بدون أى مضايقات أمنية ولكن السعى على الرزق فى أماكن مختلفة ليس عيباً، خصوصا أن أرض وجبال مصر ما زالت مليئة بالخيرات على عكس السودان التى بدأت تقل فيها نسب الذهب المستخرجة نتيجة لكثرة أعداد الدهابة.
«لا فرق هنا بين مصرى وسودانى»، هكذا يقول «عوض عبدالله» من العاملين بالمنطقة، فالأرض واسعة والخير كثير وعن المضايقات الأمنية التى يتعرضون لها قال: الجميع يعلم أننا نعمل فى التنقيب وعلى رأسهم الأجهزة الأمنية ولكن لا يستطيع الأمن دخول المنطقة أو أى منطقة من أماكن التنقيب لأننا نحمى لقمة عيشنا ولا نقبل بحرماننا منها إلا فى حال وجود بديل.
وعن وجود بعض الأسلحة معهم قال: إن حمل السلاح للحماية الشخصية ليس أكثر، خاصة أننا نعيش فى الصحراء بالشهور والطبيعى أن نحمل أدوات للدفاع عن النفس وليس لمواجهة الشرطة كما يشاع عنا، مؤكدا أن العرف القبلى وعرف الدهابة هو السائد بين جميع المجموعات والتى تساعد بعضها إذا ما وقع أى خطر مفاجئ، ويضيف الأمن حاول الدخول مرة أو اثنتين، ولكنه لا يستطيع إثبات أى شىء لأننا نعمل فى الحجارة وهى ليست جريمة، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية بعد الثورة على علم بكل أماكن الدهابة ولكن لا تستطيع منعهم.∎


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.