البابا كيرلس السادس، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية ال 116 هو أحد عظماء البطاركة فى تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والذين حفل التاريخ الكنسى بالكثير منهم. كان اسمه قبل الرهبنة، عازر يوسف عطا، ولد فى 2 /8/1902 وانخرط فى سلك الرهبنة فى يوليو1927 وكان يحب الشهيد مارمينا، فأخذ اسمه وأصبح الراهب مينا البراموسى المتوحد، إذ كان يحب حياة الوحدة والتأمل فى الكتاب المقدس. كان يقضى معظم الوقت فى القراءة والاطلاع، حتى لا يهلك من عدم المعرفة. فى عام 1936 عاش فى طاحونة مهجورة فى صحراء مصر القديمة، وكان يقيم فيها القداسات اليومية. وفى عام 1947 انتقل إلى مصر القديمة، حيث بنى كنيسة القديس مارمينا، بالنذور التى كانت تصله، وكان يقوم بالبناء بنفسه مع العمال. أصبح بطريركا فى 10/5/1959 وتنيح فى 9/3/1971 وفى20/6/2013 أى بعد 43 عاما على نياحته اجتمع المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا الأنبا تاوضروس الثانى، وتم الاعتراف بقدسية البابا كيرلس السادس. وبناء على هذا القرار يمكن بناء الكنائس على اسمه.. البابا كيرلس لم يغير فى أسلوب حياته بعد أن أصبح بطريركا، هو مينا الراهب، نفس الملبس الخشن، والشال. عاش روحانيا زاهدا، يتناول طعامه مرتين فقط فى اليوم، فى الثانية والنصف بعد الظهر، وفى التاسعة مساء، وفى أوقات الأصوام كان يأكل مرة واحدة بعد القداس الذى ينتهى بعد الخامسة مساء، أما برنامجه اليومى، فكان يستيقظ فى الرابعة صباحا ويؤدى صلوات التسبحة ويقيم قداس الصباح، وبعده يستقبل أولاده، يطرحون عليه مشاكلهم وأتعابهم، ويبذل كل جهده لخدمتهم وراحتهم، وحين يحين موعد صلاة العشية يتجه إلى الكنيسة للصلاة وسط شعبه ومحبيه. أثناء جلوسه على الكرسى البابوى، وضع حجر الأساس فى نوفمبر 1959 لديرمار مينا فى مريوط. ورأس قداسته المؤتمر الأرثوذكسى الأول، عام 1965 الذى عقد فى أديس أبابا بدعوة من الإمبراطور هيلاسلاسى، واستنكر المجتمعون وثيقة تبرئة اليهود من دم السيد المسيح. كانت علاقته بالرئيس جمال عبدالناصر علاقة ممتازة، وكان الخط الهمايونى بتعقيداته، يمثل عقبة كؤودا أمام بناء الكنائس، وكان الأمر كله بيد وزارة الداخلية، وكانت تحدث صدامات، سواء مع وزارة الداخلية أو السكان المسلمين، حينما تنشأ فجأة كنيسة جديدة لم يصرح بقيامها. وكان هذا الأمر يسبب حرجا شديدا للبابا. طرح الموضوع على الرئيس جمال عبدالناصر الذى أبدى تفهما، وسأله عن عدد الكنائس التى يرى من المناسب بناؤها سنويا، فأجاب: ما بين عشرين إلى ثلاثين كنيسة، فوافق عبدالناصر على بناء خمس وعشرين كنيسة سنويا، ويكون التصريح بها من البابا نفسه إلى الجهات الرسمية. وكان البابا كيرلس السادس يتوق إلى بناء كاتدرائية جديدة تليق بمكانة الكنيسة القبطية الوطنية العريقة. وكانت موارده من داخل مصر قليلة، وهو لا يريد أن يلجأ للخارج، وكان يجد حرجا فى مفاتحة الرئيس فى الموضوع نظرا لحساسيته، فطلب من الأستاذ محمد حسنين هيكل مفاتحة الرئيس، دون حرج للبطريرك ولا حرج على الرئيس نفسه. ويتحدث الأستاذ هيكل عن هذه الواقعة، فى كتابه (خريف الغضب) فيقول: «عندما تحدثت مع الرئيس عبدالناصر فى هذا الموضوع، كان تفهمه كاملا. كان يرى أهمية وحقوق أقباط مصر فى التركيب الإنسانى والاجتماعى لشعبها الواحد، ثم إنه كان يدرك المركز الممتاز للكنيسة القبطية ودورها الأساسى فى التاريخ المصرى. وهكذا فإنه قرر على الفور أن تساهم الدولة بنصف مليون جنيه فى بناء الكاتدرائية الجديدة نصفها يدفع نقدا ونصفها الآخر يقدم عينا بواسطة شركات المقاولات التابعة للقطاع العام والتى يمكن أن يعهد إليها بعملية البناء. وطلب إلىّ الرئيس إبلاغ البطريرك بقراره هذا، وكان الرجل شديد السعادة عندما قمت بإبلاغه، إلى درجة أنه طلب إلى اثنين من الأساقفة، أحدهما الأنبا صموئيل، أن يقيما قداس بركات فى بيتى، وكان بالغ الرقة حين قال: «إن بركات الرب تشمل الكل، أقباطا ومسلمين»، وقد تم وضع حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية الجديدة بالعباسية، يوم 24/7/1965 بحضور الرئيس عبد الناصر، وفى 25/6/1968 احتفل رسميا بافتتاحها، أيضا بحضور الرئيس عبد الناصر ومعه الإمبراطور هيلاسلاسى إمبراطور إثيوبيا؟!. ولقد ظهرت السيدة العذراء بالزيتون فى 2/4/1968 بطريقة لم يسبق لها مثيل لتبارك فترة خدمة هذا البطريرك القديس. نعم إن بركات الرب تشمل الكل، أقباطا ومسلمين، وهم فى رباط إلى يوم الدين، حفظ الله مصر وشعبها، وتحيا مصر.∎