لم يمهل الموت سيدة الشاشة العربية، الفنانة الكبيرة فاتن حمامة، لتحضر الاحتفالية الكبرى لمؤسسة «روزاليوسف» بالذكرى الخامسة والعشرين لوفاة كاتب الحب والحرية الكبير «إحسان عبدالقدوس» ورغم أن الدعوة وصلتها بالفعل، وجاءتنا التأكيدات أنها ستكون أول الحضور، إذا ساعدتها صحتها على ذلك، لما تحمله من علاقة صداقة قوية بالراحل، خصوصا أنها جسدت أكثر من شخصية فى العديد من الأفلام التى اقتبستها السينما من رواياته، كانت المفاجأة أن وجه القمر، وسيدة القصر، اختارت أن تذهب إلى إحسان فى الدار الآخرة، بدلا من أن تبقى فى الدنيا لتشارك بكلمات قد لا تفيه حقه فى حفل تأبينه المتكرر سنويا. فى مساء يوم السبت 17 يناير 2015 رحلت فاتن، وفى مساء يوم الأحد 18 يناير، شهدت احتفالية المؤسسة الصحفية العريقة، أول حفل تأبين لها، بعد مرور ساعات قليلة جدا على تشييع جثمانها لمثواها الأخير، فلم يشأ المنظمون لاحتفالية إحسان، أن يبدأوا قبل أن يحتفلوا بتكريم فاتن أيضا، والغريب أن الحضور وقفوا مرتين دقيقة حدادا على روح سيدة الشاشة العربية، ذلك لأن المهندس إبراهيم محلب حين وصل لقاعة الاحتفالات بالدور السابع بمؤسسة «روزاليوسف»، طلب من الحاضرين وقوف دقيقة حدادا أخرى على روحها، رغم أنهم سبقوا الوقوف قبل مجيئه. وأكد محلب فى كلمته إن الفنانة الكبيرة الراحلة فاتن حمامة، أحد أهم أعمدة الفن الراقى، لأنها أثرت وجدان المصريين، وذاكرة الفن المصرى والعربى، بأعمال ستظل خالدة، وعالقة بالأذهان، كما تحدث عن دورها الوطنى الذى شاركت به فى قضايا وطنها. وقال إن الفن الرفيع، حتى لو انتقل صاحبه إلى العالم الآخر، لكن تظل بصماته موجودة بين الناس لتظل تذكره. ∎حب الناس وفى كلمته، قال الكاتب الصحفى محمد عبدالقدوس نجل الراحل إحسان عبدالقدوس، إن ما يجمع بين والده وبين الراحلة فاتن حمامة هو حب الناس لهما، وحبهما للناس، وذكر أنه منذ طفولته كان دائما يرى الفنانة فاتن تزورهم فى منزلهم، لأنها كانت البطلة الرئيسية لعدة أفلام كتب قصتها والده إحسان، وقال إن أقوى أفلام فاتن، هى التى استمدها السينمائيون من قصص والده، وذكر منها فيلم «الله معنا»، الذى كان بداية التعاون المشترك بين فاتن وإحسان، وحتى فيلم «إمبراطورية ميم»، وأضاف: ولأن فاتن احترمت نفسها، احترمها جمهورها، فاستحقت لقب سيدة الشاشة العربية. أما الناقد الفنى الكبير طارق الشناوى، فأكد أن محمد عبدالقدوس أخبره أن فاتن حمامة ستحضر الاحتفالية، لكن القدر لم يمهلها وتوفيت قبلها بيوم. وقال الشناوى إن فاتن حمامة ستظل فى ضمير كل عربى، لأن حضورها كان مؤثرا وهو بمثابة عناق بين الفن والموهبة، وهى فنانة احترمت جمهورها فاحترمها. وليس غريبا أن تحظى فاتن حمامة بكل هذا الترحاب من صنّاع الأفلام المأخوذة من قصص إحسان عبدالقدوس، وهو الذى قال عنها فى أحد حواراته إنها استطاعت تصوير خياله فى دور نادية بفيلم «لا أنام»، وكذلك عندما جسدت دور فايزة فى فيلم «الطريق المسدود»، وذكر عبدالقدوس أنه ذهب مع الكاتب الكبير الراحل يوسف السباعى لاستديو التصوير بفيلم «لا أنام» وبهرتهما فاتن أثناء تجسيدها الدور، لأنها كانت تشبه البطلة الحقيقية للقصة المكتوبة. وربما من محاسن الصدف أن العمارة التى كان يسكن فيها الراحل الكبير إحسان عبدالقدوس، قريبة من عمارة ليبون الشهيرة على نيل حى الزمالك، التى عاشت فيها فاتن حمامة سنوات طويلة قبل أن تنتقل لسكنها الجديد بالتجمع الخامس فى القطامية.∎