"بوليتيكو": أمريكا تستعد لإعلان عقود أسلحة بقيمة 6 مليارات دولار لأوكرانيا    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    ارتفاع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 26 أبريل 2024    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    تبدأ اليوم.. تعرف على المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمولات    «تنمية الثروة الحيوانية»: إجراءات الدولة خفضت أسعار الأعلاف بنسبة تخطت 50%    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    طارق السيد: ملف خالد بوطيب «كارثة داخل الزمالك»    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    بعد 15 عاما و4 مشاركات في كأس العالم.. موسليرا يعتزل دوليا    رائعة فودين ورأسية دي بروين.. مانشستر سيتي يسحق برايتون ويكثف الضغط على أرسنال    ملف يلا كورة.. تأهل يد الزمالك ووداع الأهلي.. قائمة الأحمر أمام مازيمبي.. وعقوبة رمضان صبحي    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    عاجل - الأرصاد تحذر من ظاهرة خطيرة تضرب البلاد.. سقوط أمطار تصل ل السيول في هذا الموعد    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    «كتل هوائية أوروبية تضرب البلاد».. «الأرصاد» تكشف مفاجأة في طقس الغد    استعد للتوقيت الصيفي.. طريقة تعديل الوقت في أجهزة الأندرويد والآيفون    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    بدرية طلبة عن سعادتها بزواج ابنتها: «قلبي بيحصله حاجات غريبه من الفرحة»    عروض فنية وموسيقى عربية في احتفالية قصور الثقافة بعيد تحرير سيناء (صور)    حفل افتتاح الإسكندرية للفيلم القصير يحتفي بالدورة العاشرة للفيلم القصير    نادية الجندي وفيفي عبده وسوسن بدر ضمن حضور حفل ذكرى تحرير سيناء    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    وزير الصناعة الإيطالي: نرحب بتقديم خبراتنا لمصر في تطوير الشركات المتوسطة والصغيرة    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    الأغذية العالمي: هناك حاجة لزيادة حجم المساعدات بغزة    غدًا.. قطع المياه عن نجع حمادي لمدة 12 ساعة    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    هل تحتسب صلاة الجماعة لمن أدرك التشهد الأخير؟ اعرف آراء الفقهاء    الرئيس السيسي: خضنا حربا شرسة ضد الإرهاب وكفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة    التجهيزات النهائية لتشغيل 5 محطات جديدة في الخط الثالث للمترو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموساد يقف دقيقة حدادا كل عام فى ذكرى وفاة ناصر

فجر خطاب عالى التصنيف تحت بند (سرى للغاية) وقعه مسئولون بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الثلاث «الموساد والحربية والشاباك» تسلمه رئيس الوزراء صباح الأحد الموافق 14 سبتمبر 2014 بصفته المسئول المباشر عن عمل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مفاجأة من العيار الثقيل بعدما طالب هؤلاء بإلغاء وقفة (حداد الفشل) السنوية التقليدية التى يقيمها نواب أجهزة المعلومات العبرية صباح 28 سبتمبر من كل عام الموافق ذكرى رحيل الرئيس المصرى جمال عبدالناصر.
ومطالبتهم رئاسة الوزراء لتحديد تاريخ آخر للوقفة.. وحتى مثول العدد للطباعة لم يتسن لنا التأكد من إلغاء وقفة الحداد الإدارية فى إسرائيل ذلك العام أم أنها ستجرى بموعدها للمرة الواحدة والخمسين.
عقب تسرب الخطاب فوجئ المعنيون فى مصر - وبالتأكيد بدول أخرى عديدة يهمها الأمر - أن نواب أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية اعتادوا الوقوف سنوياً فى تمام الساعة العاشرة صباحاً كل 28 سبتمبر دقيقة حداد رمزية فى صمت تام مع تنكيس الرءوس فى الأرض لذكرى إخفاق وفشل عمليات إسرائيلية سرية لا تغتفر فى تاريخ أجهزتهم أمام الرئيس جمال عبدالناصر وجهاز معلوماته.
وحصلت (روز اليوسف) على ملف حصرى (سرى للغاية) عالى التصنيف لم ينشر من قبل حتى فى إسرائيل نفسها، كشف لأول مرة أنها وقفة تتم بتكتم تام كل عام وأنها رسمية تعقد بالأمر المباشر وليست تطوعية الهدف منها تذكير أجهزتهم بناصر حتى لا يتكرر.
فى التفاصيل بدأت تلك الوقفة عقب خطاب رسمى لرئيس الحكومة الإسرائيلية (ليفى إشكول) - الثابت توليه منصبه فى الفترة من 26 يونيو 1963 حتى 26 فبراير 1969 -
وجهه إلى مديرى أجهزة استخباراته السرية لعقدها سنوياً حتى يسترجعوا فشل عملياتهم والهزائم المتتالية التى ألحقها بهم الرئيس جمال عبدالناصر وجهاز الاستخبارات العامة المصرية والتى سجل أبرزها فى صباح 23 يوليو 1962 عندما فوجئت إسرائيل والعالم بصاروخ (القاهر) بعيد المدى حقيقة مكتملة يعرض فى شوارع القاهرة.
المثير فى المعلومات التى حصلنا عليها أن معظم ضباط الاستخبارات الإسرائيلية من جيل الشباب الحاليين لا يعلم سر تلك الوقفة السنوية التى بدأت فى 28 سبتمبر 1963داخل مقر مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة (الموساد) بتل أبيب وأنها ظلت تعقد بالجهاز حتى عام .1979
فى 6 يونيو عام 1985 افتتحت ساحة تخليد ذكرى قتلى ومفقودى العمليات السرية الملحقة بمجمع مركز معلومات الاستخبارات الإسرائيلية الكائن فى شارع (أهارون ياريف) منطقة (جاليلوت) مجمع الاستخبارات (راماتهاشارون) كود 47134 صندوق بريد 3555 تل أبيب ويومها انتقلت الوقفة بقرار حكومى إلى تلك الساحة.
وعلمت (روز اليوسف) أن بعض ضباط الاستخبارات الإسرائيلية من جيل الكبار حاولوا التعتيم طيلة الوقت على سبب تلك المراسم وأشاعوا عن عملية وهمية اغتال فيها الموساد الرئيس جمال عبدالناصر وأن ضباطاً إسرائيليين سقطوا فى سبيل تنفيذ العملية بالقاهرة، ولذلك تتم الوقفة سنوياً تخليداً لذكراهم فى صباح 28 سبتمبر من كل عام.
والحقيقة كما يثبتها الملف السرى للغاية أن الوقفة وتاريخها مصادفة بحتة لا علاقة لها بأسباب وفاة الزعيم جمال عبدالناصر ورحيله المفاجئ بتاريخ 28 سبتمبر .1970
بل إنها مراسم رسمية إدارية عقدت لأول مرة بأمر رئيس الوزراء الإسرائيلى ليفى إشكول بتاريخ 28 سبتمبر 1963 لأن تحقيق(لجنة الاثنين) أثبت أنه اليوم الذى سقطت فيه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أمام الرئيس جمال عبدالناصر وجهاز معلوماته وبعدها تحولت وقفة الحداد الرمزية على فشلهم إلى تقليد دورى سبق رحيل ناصر بسبعة أعوام كاملة.
فى الواقع تحتاج الغيبيات حتى نصدقها إلى معجزات أو وثائق ومستندات رسمية لا تقبل الشك حتى نقبلها توثق السر وتكشف تفاصيل وقائعه وأمامكم صفحات رسمية حصرية (سرية للغاية) ننفرد بنشرها من النوع الأخير.
بطل المعلومات الحصرية (دافيد بن جوريون) رئيس الوزراء الإسرائيلى - الأول - الذى شغل مهام المنصب بجانب منصب وزير الدفاع لفترتين الأولى من 14 مايو 1948 حتى 26 يناير 1954 والثانية من 3 نوفمبر 1955 حتى 26 يونيو 1963
ومن هنا بدأت الحقيقة:
فى صباح 14 يونيو 1963 قبل يومين فقط من تقدمه باستقالته الرسمية من رئاسة الحكومة أرسل دافيد بن جوريون قراره الأخير إلى الرئيس الإسرائيلى (زلمان شازار) - الثابت توليه منصب الرئاسة لفترتين خلال المدة من 21 مايو 1963حتى 24 مايو 1973-
وأمر العجوز فى النسخ الثلاث من قراره أولاً: التشكيل الفورى للجنة تحقيق عالية المستوى لبحث أسباب استقالة (إيسار هارائيل) المشرف على أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الأب الروحى لأجهزة المعلومات العبرية بعدما قدمها إلى بن جوريون بتاريخ 1 أبريل .1963
ثانياً: تختص لجنة التحقيق المعينة من تاريخه ببحث الأسباب التقنية والفنية مع كشف جميع أسرار إخفاق أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مرة تلو الأخرى أمام نظيرتها من الأجهزة المصرية التابعة للرئيس جمال عبدالناصر وتقديم النتائج إلى الحكومة الإسرائيلية للبت فيها.
ثالثاً: تكليف الفريق (يجأل يادين) رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلى الثانى فى تاريخ رئاسة الأركان العبرية الثابت شغله المنصب خلال الفترة من 9 نوفمبر 1949 حتى 7 ديسمبر 1952 برئاسة لجنة التحقيق مع منحه جميع الصلاحيات الرسمية لتنفيذ مهمته.
وتكليف السياسى (زئيف شيرف) أول سكرتير فى تاريخ حكومات دولة إسرائيل - الثابت شغله منصبه خلال الفترة من عام-1948 حتى عام 1957 - بمهام النائب باللجنة وموثقها ولذلك السبب سميت اللجنة فى الملفات السرية للغاية باسم (لجنة الاثنين).
رابعاً: الفصل فى النزاع الناشب بين (شيمعون بيرس) نائب وزير الدفاع الإسرائيلى يومها وهارائيل مدير جهاز الموساد - الثابت شغله المنصب فى الفترة من 22 سبتمبر 1952 حتى استقالته فى 1 أبريل 1963 - حول شخصية المسئول المباشر عن الفشل الإسرائيلى أمام الرئيس جمال عبدالناصر وجهاز معلوماته المصرى.
والمعروف أن إيسار هارائيل أول وآخر ضابط إسرائيلى حمل لقب المشرف على أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وأن اسم جهاز الموساد أبدل فى عهده إلى «المؤسسة المركزية للاستخبارات والدفاع» ليشمل كامل صلاحياته وهيمنته المطلقة على الأجهزة الأخرى.
وطبقاً لتوصيات لجنة الاثنين - التى حصلنا بشكل حصرى على وثائقها السرية للغاية - فقد استعاد جهاز الموساد اسمه الأصلى (مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة) بتاريخ 1 سبتمبر 1963 عقب تبنى الحكومة الإسرائيلية توصيات لجنة الاثنين.
طبقاً لتسلسل الأحداث فوجئت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية صباح 23 يوليو 1962 بأنباء مصرية رسمية غير مسبوقة تبثها إذاعات الراديو عن نجاح تجربة أول صاروخ مصرى بعيد المدى صناعة مصرية خالصة يصل مداه المدمر حتى جنوب بيروت.
بعدها بساعات قليلة فى إطار متابعات إعلامية دولية محترفة بثت شبكات الأخبار العالمية صوراً لعربات عسكرية مصرية طافت شوارع القاهرة الرئيسية حاملة صاروخاً باليستياً بعيد المدى حمل على جوانبه اسم (القاهر) وسط احتفالات شعبية وطنية خاصة بالذكرى العاشرة لحركة الجيش المصرى فى 23 يوليو .1952
فى هذه الأجواء سادت حالة من الهلع العسكرى والسياسى والشعبى داخل دولة إسرائيل ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلى دافيد بن جوريون نواب الكنيست وأعضاء حكومته إلى جلسة طوارئ عاجلة غير اعتيادية لبحث فشل كل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية فى اكتشاف برنامج الصواريخ المصرية مبكراً ومن ثم تدميره أو تعطيله واعتراضه قبل اكتماله.
وفى سياق الفوضى العارمة التى شلت عقول أجهزة المعلومات الإسرائيلية ذلك اليوم أبرق دافيد بن جوريون إلى الرئيس الأمريكى الديمقراطى الخامس والثلاثين (جون فيتزجيرالد كينيدى) - الثابت توليه منصبه فى الفترة من 20 يناير 1961 حتى 22 نوفمبر 1963 - ببرقية طالب عبرها العجوز الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة حماية دولة اليهود من خطر تهديد أسلحة الدمار الشامل المتمثلة فى صواريخ الرئيس جمال عبدالناصر بعيدة المدى ومنع مصر من استخدامها حفاظاً على الاستقرار وميزان التسلح بمنطقة الشرق الأوسط.
فأجابه كينيدى ببرقية رسمية طمأن فيها الشعب اليهودى على مصيره ووعد بالدفاع عن الدولة العبرية وقت الضرورة ووافق على مساعدة إسرائيل فى ملف المفاعلات النووية، والغريب أن من سيفند معلومات الملفات سيكتشف أن عملية إنتاج الصاروخ المصرى (القاهر) تلاشت من التاريخ بينما أصبح المفاعل النووى الإسرائيلى حقيقة، الأمر الذى سيثير تساؤلات ربما من الواجب بحثها فى مناسبات أخرى.
المهم أبلغ كينيدى الحكومة الإسرائيلية تحذيره للاتحاد السوفيتى من مغبة استخدام ناصر ذلك الصاروخ ضد المدن اليهودية فنفت موسكو علمها ببرنامج الصواريخ المصرية غير التقليدية من النوع الباليستى الموجه القادر على حمل رؤوس حربية كيميائية ونووية بعيدة المدى وأكدت لواشنطن أنها ستحقق فى الموضوع.
هاجم أعضاء الحكومة الإسرائيلية والكنيست فى الجلسة الطارئة التى دعا إليها بن جوريون إيسار هارائيل المشرف على أجهزة الاستخبارات، كما اتهم النواب أجهزة معلوماتهم بالفشل المصيرى الذريع أمام عقلية جمال عبدالناصر.
وطالب النواب أجهزتهم السرية بضرورة الاعتراف بالعار والإخفاق علانية على الأمة مع تقديم حلول سريعة بهدف وقف برنامج الصاروخ المصرى المدمر قبل أن يستخدمه ناصر.
وخطب يومها إيسار هارائيل مدير جهاز الموساد أمام الكنيست خطبة سرية مغلقة حاول فيها إعادة ذاكرة نواب الشعب اليهودى لأمجاد جهاز الموساد وكيف حصل بتاريخ24 فبراير 1956 على نص خطاب (نيكيتا سيرجيفيتش خروتشوف) الذى ألقاه أمام اجتماع اللجنة العشرين للحزب الشيوعى السوفيتى وكشف خلاله جرائم (جوزيف ستالين) السكرتير العام الأسطورى للجنة المركزية للحزب الشيوعى السوفيتى خلال الفترة من 3 أبريل 1922 حتى 16 أكتوبر .1952
والثابت أن نيكيتا خروتشوف تولى منصبه كأول سكرتير للحزب الشيوعى خلال الفترة من 14 مارس 1953 حتى 14 أكتوبر 1964 وأن الحزب الشيوعى تأسس فى 1 يناير 1912 وتم حله بتاريخ 29 أغسطس .1991
وللتوثيق اعتبر حصول الصحفى اليهودى البولندى (فيكتور جرايفسكى) على نص الخطاب ونقله إلى السفارة الإسرائيلية فى وارسو ومنها إلى جهاز الموساد انتصاراً استخباراتياً منح الموساد سمعته المبالغ فيها وأن تلك الواقعة هى السبب الرسمى لإكساب الجهاز الاعتراف الدولى الكامل.
بعدها نبه إيسار هارائيل نواب الكنيست وأعضاء الحكومة الإسرائيلية أن جهاز الموساد فى عهده نجح فى خطف النازى (أدولف إيخمان) من الأرجنتين فى 11 مايو 1960 ونقله إلى دولة إسرائيل ليحاكم بداية من 21 مايو 1960 وإعدامه عقب إدانته فى 31 مايو .1962
ومع ذلك تجاهل نواب الكنيست تلك الإنجازات أمام فضيحة فشل الأجهزة الإسرائيلية أمام الرئيس جمال عبدالناصر ولم يغفر له أحدهم انتصار جهاز الاستخبارات العامة المصرية على أجهزة إسرائيل مجتمعة ونجاح الجهاز المصرى فى إخفاء مشروع برنامج «الصاروخ القاهر».
حقق الفريق يجأل يادين مع سكرتير الحكومة زئيف شيرف فى لجنة الاثنين فضيحة فشل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ثم عرضا تقريرهما النهائى صباح الأربعاء الموافق 31 يوليو 1963 على رئيس الحكومة ليفى إشكول داخل ست صفحات (سرية للغاية) حصلنا عليها كلها تضمنت أسباب فشل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أمام إصرار الرئيس جمال عبدالناصر.
فى صباح 1 سبتمبر 1963 اجتمعت الحكومة الإسرائيلية لمناقشة نتائج تقرير لجنة الاثنين واستمر النقاش حتى ساعة متأخرة من مساء نفس اليوم وانتهت الجلسة باعتماد توصيات لجنة الفريق يجأل يادين وسكرتير الحكومة زئيف شيرف.
وتحدد ليلتها 28 سبتمبر 1963 لبدء سريان أمر تنفيذ التوصيات النهائية للجنة الاثنين وذلك لأن يجأل يادين وزئيف شيرف أثبتا فى تقريرهما أن يوم 28 سبتمبر 1961 شهد سقوط تقديرات الأجهزة الإسرائيلية وفشلها الذريع وعجزها عن تحليل معلومات عالية التصنيف وردت ذلك اليوم بالتحديد لجهاز الموساد كان من شأنها الكشف عن برنامج الصواريخ المصرى.
فى هذه الأجواء أصدر ليفى إشكول عدداً من الأوامر الحكومية بصيغة الأمر النافذ وأمر بتصنيف إحداها تحت بند (منتهى السرية - ممنوع من النشر بالمستقبل) وكلف حكومته لإنشاء قسم لبحوث المعلومات بوزارة الخارجية الإسرائيلية لم ينفذ حتى يومنا هذا.
كما أمر لأول مرة بتعيين مستشار خاص لرئيس الحكومة الإسرائيلية لشئون الاستخبارات وتأخر التنفيذ بسبب الصراع على صلاحيات المنصب، وفى عام 1965 عين أول مستشار وكان إيسار هارائيل لكنه ما لبث أن تقدم باستقالته عام 1966 لاعتراضه على الانتقاص من صلاحياته.
وأمر إشكول بمعاملة كل الأمور الخاصة بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بما فى ذلك ميزانيتها على أنها أسرار أمن قومى غير مسموح بكشفها مع معاقبة المخالف بالسجن.
فأدخلت السلطة التشريعية للكنيست تعديلات على قانون سرية المعلومات وأصبح السجن وجوبيا لمفشى أسرار الدولة مدة لا تقل عن أربعة أعوام ولا تزيد على عشرين عاماً، مع منع النشر فيما يخص ميزانية أجهزة الاستخبارات ومنع إمكانية مناقشة بنودها علانية.
ثم أمر بتعديل اسم (المؤسسة المركزية للاستخبارات والدفاع) مع إعادة الاسم لأصله (مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة) الموساد وأمر أن ينحصر دورها على جمع المعلومات من الخارج بالطرق السرية.
وإسناد مهام العلاقات الدولية السرية إليها والنظر مستقبلاً فى إنشاء جهاز تسند إليه جميع العمليات والمهام الخاصة مع تكليفها بمهام جمع كل أشكال وأنواع المعلومات التى من شأنها تأمين وحماية دولة إسرائيل.
كذلك أمرليفى إشكول بنقل صلاحيات مسئولية الإشراف على أعمال جهاز الأمن الداخلى (الشاباك) من وزير الدفاع إلى رئيس الوزراء وأرسل إشكول بتاريخ 9 أكتوبر 1963 إلى جهاز الشاباك ليعلمه أنه أصبح من تاريخه تابعاً لرئيس الوزراء.
مع تكليف جهاز الاستخبارات الحربية الإسرائيلية (أمان) بالاختصاص بجمع المعلومات عن الجيوش المعادية ومن يعاونها فى الداخل والخارج وأن يتعاون مع جهاز الموساد إن دعت الضرورة ونقل وحدة العمليات الخاصة 188 إلى الموساد ودمجها بوحدة (الخليج) وللتوثيق خارج المعلومات هى أصل الوحدة (كيدون).
وحجب ليفى إشكول توصية واحدة من بين توصياته هى أمر إلزام أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بتكليف شاغل منصب النائب أو من ينيب عنه للاجتماع مرة كل عام بشكل جماعى للوقوف لمدة دقيقة حداداً على ذكرى كل من سقط بسبب إخفاق أجهزة إسرائيل أمام نظيراتها المصرية بالأخص فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر الذى كبد إسرائيل خسارة عشرات الضباط والعملاء والجواسيس على حد تعابير أوامر إشكول.
على أن يلتزم كل جهاز معلومات بإيفاد وتكليف نائبه أو من ينوب عنه فى تمام الساعة العاشرة صباح28 سبتمبر من كل عام لحضور الوقفة للذكرى ويعقبها اجتماع موسع لدراسة الأخطاء الشائعة فى العمليات والعمل على منع تكرار الفشل الإسرائيلى فى23 يوليو 1962
وتظهر المستندات التى تحصلنا عليها أن لجنة يادين حققت مع كل من (شيمعون بيرس) نائب وزير الدفاع الإسرائيلى يومها، وكذلك مع اللواء (اسحاق رابين) نائب رئيس الأركان الإسرائيلية وقتها.
كما حققت لجنة الاثنين مع اللواء (مائير عاميت) مدير جهاز الموساد ومع اللواء (أهارون ياريف) نائب مدير جهاز الاستخبارات الحربية (أمان) وكذلك مع العقيد (رحافيا فيردى) رئيس فرع جمع المعلومات فى (أمان).
ومع (مردخاى ألموج) مدير فرع (تسوميت) بجهاز الموساد وهو فرع مفترق الطرق المسئول المباشر عن استقبال وإعادة توجيه المعلومات التى ترد للجهاز من جواسيسه وعملائه المنتشرين بكل أصقاع الأرض.
كما حققت مع (نفتالى كينان) مدير فرع (تيفل) فرع العالم المسئول عن الحصول على المعلومات الخارجية ومع (شاؤول أفيجور ويشعياهو دان) من ضباط معلومات جهاز الموساد الكبار وقتها.
اللافت أن جميعهم تلقوا اللوم المباشر وصدر بشأنهم دون استثناء مذكرات لفت نظر بينها المذكرة السوداء الرسمية الوحيدة المسجلة حتى يومنا هذا بملف خدمة شيمعون بيرس التى حصل عليها لفشل إدارته بوزارة الدفاع فى كشف برنامج الصواريخ المصرية بعيدة المدى للرئيس جمال عبدالناصر.
الزعيم العربى الوحيد الذى ما زال يشكل حتى عقب رحيله منذ 44 عاماً مصدراً لقلق كل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية التى يضطر نوابها أو من ينوب عنهم للوقوف دقيقة حدادا لاسترجاع ذكريات فشل أجهزتهم أمامه فى تمام الساعة العاشرة صباح يوم رحيله 28 سبتمبر من كل عام .. تحية إلى روحه العظيمة فى ذلك اليوم الحزين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.