غدًا.. لجنة الشباب بمجلس الشيوخ تناقش تعديل قانون نقابة المهن الرياضية    متحدث الحكومة: 200 ألف طلب تصالح من 3 يوليو 2024    وزير التعليم: نستهدف التوسع في مدارس التكنولوجيا التطبيقية عبر شراكات دولية    الأمم المتحدة: عودة أكثر من 3 ملايين لاجئ ونازح سوري إلى ديارهم    قوات الاحتلال تواصل خرق اتفاق وقف إطلاق في قطاع غزة وتقتحم مقر الأونروا بالقدس    أزمة محمد صلاح مع سلوت من البداية للنهاية بعد الاستبعاد من مواجهة الإنتر    وسائل إعلام: استبعاد توني بلير من حكم غزة بسبب اعتراضات دول عربية وإسلامية    موجة نزوح جديدة في السودان.. انعدام الأمن يدفع 775 مدنيا للفرار من كردفان خلال 24 ساعة    تقارير: مستقبل تشابي ألونسو على طاولة نقاش إدارة ريال مدريد    أمطار حتى الخميس.. وتحذير عاجل من الأرصاد لهذه المحافظات    فرانكفورت يعلن قائمته لمواجهة برشلونة في دوري أبطال أوروبا    إيمي سمير غانم تكشف سبب هجومها على منتقدي إطلالتها الأخيرة    سفير اليونان يشارك احتفالات عيد سانت كاترين بمدينة جنوب سيناء    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    محافظ الجيزة يتابع انتظام العمل داخل مستشفى الصف المركزي ووحدة طب أسرة الفهميين    "إيقاف يورشيتش وسامي".. رابطة الأندية تعلن عقوبات مباراة بتروجت وبيراميدز في الدوري    إنجاز أممي جديد لمصر.. وأمل مبدي: اختيار مستحق للدكتور أشرف صبحي    عضو مجلس الزمالك يتبرع ب400 ألف دولار لسداد مستحقات اللاعبين الأجانب    رئيس الوزراء يبحث مع محافظ البنك المركزي تدبير الاحتياجات المالية للقطاعات الأساسية    إعلان توصيات المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية    أمير قطر: مباحثات الرياض فرصة لاستعراض آفاق الشراكة الاستراتيجية    قبلات وأحضان تثير الجدل في 2025.. من راغب علامة إلى منى زكي وفراج    منزل عبد الحليم يفتح أبوابه رقميا.. موقع جديد يتيح للزوار جولة افتراضية داخل إرث العندليب    عاجل- البورصة المصرية تسجل إنجازًا تاريخيًا باختراق EGX30 حاجز 42 ألف نقطة لأول مرة    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    استقرار أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 8 ديسمبر 2025    وزير الصحة يبحث مع الأوروبي للاستثمار إطلاق مصنع لقاحات متعدد المراحل لتوطين الصناعة في مصر    وزير الزراعة يكشف تفاصيل جديدة بشأن افتتاح حديقة الحيوان    عرض كامل العدد لفيلم غرق بمهرجان البحر الأحمر السينمائى    بعد ساعتين فقط.. عودة الخط الساخن ل «الإسعاف» وانتظام الخدمة بالمحافظات    وزير إسكان الانقلاب يعترف بتوجه الحكومة لبيع مبانى "وسط البلد"    السيدة زينب مشاركة بمسابقة بورسعيد لحفظ القرآن: سأموت خادمة لكتاب الله    عقوبات مباراة بتروجت وبيراميدز.. إيقاف يورتشيتش الأبرز    د. معتز عفيفي يكتب: المسئولية القانونية للذكاء الاصطناعي.. بين تمايز المجالات وحدود الإعفاء المهني    حدث في بريطانيا .. إغلاق مدارس لمنع انتشار سلالة متحولة من الإنفلونزا    وزير الصحة يتابع تطورات الاتفاقيات الدولية لإنشاء مصنع اللقاحات متعدد المراحل    وكيل تعليم بني سويف تبحث استعدادات امتحانات نصف العام لسنوات النقل والشهادة الإعدادية    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي ال15 للتنمية المستدامة بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية    «القومي للمرأة» يعقد ندوة حول حماية المرأة من مخاطر الإنترنت    بسام راضي يشرح موقف مصر من سد النهضة أمام المؤتمر الدولي للمياه بروما    إقبال الناخبين المصريين في الرياض على لجان التصويت بانتخابات الدوائر الملغاة    نادي قضاة المنيا يستعد لتشييع جثامين القضاة الأربعة ضحايا حادث الطريق الصحراوي    فرقة القاهرة للعرائس المصرية تكتسح جوائز مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    السفير الأمريكيّ: إسرائيل لا تربط بين عملياتها في لبنان ومسار المفاوضات    موجة تعيينات قضائية غير مسبوقة لدفعات 2024.. فتح باب التقديم في جميع الهيئات لتجديد الدماء وتمكين الشباب    حبس زوجين وشقيق الزوجة لقطع عضو شخص بالمنوفية    زراعة الفيوم تعقد اجتماعا لعرض أنشطة مبادرة "ازرع"    وزير الثقافة: أسبوع باكو مساحة مهمة للحوار وتبادل الخبرات    أمطار شتوية مبكرة تضرب الفيوم اليوم وسط أجواء باردة ورياح نشطة.. صور    المقاولون عن أزمة محمد صلاح : أرني سلوت هو الخسران من استبعاد محمد صلاح ونرشح له الدوري السعودي    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة السباح يوسف    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    نيللي كريم تعلن انطلاق تصوير مسلسل "على قد الحب"    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قيمة عبدالناصر فاقت موقعه كرئيس جمهورية

يأتى علينا سبتمبر من كل عام ليذكرنا برحيل واحد ممن اختلفت ومازالت تختلف عليه الأمم رغم أنها تستحضره فى كل وقت، فمنهم من يستحضره لضرب الأمثلة فى القمع والبطش والهزيمة ومنهم من يستحضره لضرب الأمثلة فى العزة والكرامة والوحدة والحلم بالتحرير، اجتاحت صوره ميدان التحرير فى يناير وكانت بلا إعداد ولا مساندة إعلامية وعادت لكى ترفع فى وجه الإخوان ولكنها كانت بإلحاح من الإعلام حتى الإعلام الذى لا يسير على نهجه بل يحاربه فكرياً. حير الجميع لأن اعتبره البعض هو الملاذ يرفع فى وجه السادات فى السبعينيات وفى وجه مبارك فى الثمانينيات حتى ثورة يناير المجيدة ويعلق فى رقاب الشباب وهم يتسلقون جدران السفارة الإسرائيلية، حتى أتى المعزول مرسى وأعلن معاداته له قبل أن يعلن مباركته للثورة نفسها التى أتت به للحكم. وأخيراً وليس آخرا يكون هو جواز السفر للدخول إلى قلوب وعقول المواطنين فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة التى فاز بها الرئيس السيسى. إنه الزعيم الراحل بجسده جمال عبدالناصر. وبناء عليه كان لابد لنا من محاولة إلقاء الضوء على بعض الأسرار العائلية والآراء لأسرة الزعيم فيما يدور الآن على الساحة المصرية. وكان لروز اليوسف هذا الحوار مع نجله الأصغر المهندس عبدالحكيم عبدالناصر .
∎ حكيم يتحدث عن «أسرار» حياة عائلة الرئيس:
أنا لم أكتشف أننى أعيش فى بيت رئاسى إلا بعد فترة من العمر، وأنا من مواليد 1955 وكان والدى حينذاك على رأس السلطة فى مصر ورئيساً للوزراء، ولم أستوعب أننى فى بيت رئاسى إلا عندما التحقت بالدراسة فى المرحلة الابتدائية وذلك فى مطلع عام ,1960 والذى لاحظته أننى أعيش فى منزل فسيح قليلا وبه حديقة صغيرة.. وربما تكون تلك هى الميزة الوحيدة، لكن دعنى أقل لك أن حياتنا كأسرة كانت طبيعية جدا مثل حياة الأسر المصرية، وكانت حياتنا الدراسية طبيعية أيضا مثل زملائنا فى المدارس، ولعل جلسات أصدقائى وزملاء الدراسة الآن تكشف عن مدى البساطة التى كنا نعيش فيها مقارنة بالأوضاع التى عاشت فيها عائلات رؤساء مصر من بعد والدى، فأصدقائى وزملائى كثيراً ما يقولون لى الآن نتندر على حياتكم البسيطة التى فرضها عليكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وأستطيع القول أننا لم نتمتع بأى ميزة عن زملاء دراستى أو عن كل الذين عرفتهم سوى أننا أبناء جمال عبدالناصر.
فأنا لا أحب أن أقول عن والدى أنه رئيس الجمهورية لأننى أعتقد أن جمال عبدالناصر كقيمة فاقت قيمة المواقع الرئاسية.
∎ الضوابط والمحظورات على أبناء الزعيم فى البيت؟
- لم تكن هناك ضوابط أو محظورات، لكن الذى يمكن قوله أننا من أسرة متوسطة تربينا مثل غيرنا على العديد من القيم والعادات التى لا يمكن أن نتجاوزها. لكن أقول إننى كنت الابن الوحيد الذى يمكن أن يدخل إلى أبيه عندما أشعر أنه يقظ من نومه، كما كنت الابن الوحيد الذى يمكن أن يذهب إلى أبيه فى مكتبه بالمنزل حتى لو كان معه بعض الضيوف، وكثيراً ما حدثت بعض الطرائف التى أضحكت والدى وضيوفه، فمثلاً عندما كنت أشاهد شخصا أجنبيا أطلق عليه أو أدعى أنه هو «هاردى» وهو ممثل كوميدى فيضحك والدى وضيفه.
∎ هل كان الزعيم يخص الابن الأصغر بالتدليل شأنه فى ذلك شأن الجميع؟
- بالطبع والدى كان يخصنى بنوع من التدليل باعتبارى الابن الأصغر، لكن فى نفس الوقت كان حازماً جداً رغم ما كان يعطيه لى ولأشقائى من حنان وكانت هناك خطوط حمراء لا يستطيع أحد من أبنائه الاقتراب منها.
مثلا: ذات مرة ذهبنا إلى العين السخنة فى إطار نشاط الرحلات بالمدرسة ونزلت مع زملائى فى بيت الشباب هناك ولم أتمتع طوال الرحلة بأدنى ميزة عن زملائى.
∎ ما قصتك مع محل الفول والطعمية؟
- كانت الأسرة فى المنزل يعلمون أننى أعشق أكل الطعمية فكنت أذهب الى محل شهير قريب من البيت لآتى ببعض السندويتشات بعلم الأسرة وأحياناً كان يأتى معى سائق وأحياناً كنت أذهب بمفردى ولا يعلم صاحب المحل من أنا وكنت أقف فى الطابور حتى يأتى دورى فى الشراء.
∎ هل تعرضت لعقاب مدرسى من مدرس.. وماذا كان رد فعل الزعيم على ذلك؟
- أولاً أنا لم أستطع فى ذلك الوقت أن أبلغ والدى عن أى عقاب تعرضت له، خشية من أن أنال عقابا آخر من الوالد، ولكن حياتى الدراسية كانت تسير كزملائى فى الفصل، فكثيراً ما تعرضت للعقاب وتم ضربى على يدى عندما كنت أرتكب خطأ ما.. وكان المدرس يشدد عندما نمنح شهادة الدرجات الشهرية بأن أطلع والدى عليها ويوقع بالعلم كزملائى فى الفصل.
∎ الجلسات العائلية فى بيت الزعيم.. كيف كانت؟
- عادة كنا نجلس يوم الجمعة، وكنت أستيقظ من النوم وأترقب استيقاظ والدى وعندما أشعر أنه قام من نومه أسرع أنا إلى غرفته وأرتمى فى حضنه وأقبله.. ثم أذهب إلى أشقائى لأخبرهم بأن الوالد استيقظ من نومه، ثم نتناول الإفطار معا، ويجلس يستمع إلينا بحنان شديد رغم مشغولياته الكثيرة، ثم ننزل إلى الحديقة وأحيانا كثيرة كنا نلعب كرة قدم وكان يشاركنا اللعب ويأتى بالكاميرا ليلتقط لنا بعض الصور التذكارية، وللعلم كان يشجع فينا الموهبة، فهو الذى شجعنا على حب هواية الطيران فكان يأتى لى ببعض الألعاب أبرزها الطائرات، وعلمنى السباحة.
∎ السيدة تحية.. كيف كانت مع ابنها الصغير؟
- لا أستطيع أن أصف مدى قيمة تلك السيدة فكانت نعم الأم الحنونة التى كانت تهتم فقط بشئون منزلها وتربية أولادها. فقد خصصت حياتها لأبنائها وزوجها فقط. رغم أنها كانت زوجة رجل تستطيع من خلاله فعل أى شىء وتنصب نفسها فوق أى شىء ليس فقط لأنها زوجة رئيس الجمهورية. لكن لأنها زوجة جمال عبدالناصر.
ودعنى أروى لك هذه الرواية فى عام 1980 أرسلت رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندى دعوة لوالدتى لزيارة الهند، وكان الرئيس السادات مازال حيا. وقد استقبلت غاندى والدتى استقبال الرؤساء وفى ذلك الوقت هرب سفير مصر فى الهند من استقبال والدتى وأخذ إجازة عندما علم أن زوجة عبدالناصر ستأتى إلى زيارة الهند، وكان وقتها الدكتور مصطفى الفقى نائباً للسفير ويرتبط بنا بعلاقة خاصة فذهب لاستقبالها أيضا وفوجئ «الفقى» بكم الاتصالات من السفراء العرب يطلبون من الدكتور الفقى ضرورة إقامة مأدبة غداء أو عشاء، لتكريم حرم الرئيس عبدالناصر، رغم أن تلك الدول العربية كان معظمها يقاطع مصر بسبب اتفاقية كامب ديفيد.
ودعنى أقول لك إن والدتى هى أول من علمنى القراءة والكتابة كأى أم مصرية متعلمة ترغب فى تربية وتعليم أبنائها.
∎ ما هى أصعب اللحظات التى مرت على البيت الرئاسى؟
- يوم 9 يونيو 1967 الذى أعلن الرئيس عبدالناصر فيه التنحى، قبل إعلان البيان كانت هناك حالة حزن شديدة وأجواء مشحونة فى البيت بسبب الهزيمة وعلمنا أن الوالد سيلقى بيانا على الأمة جلسنا كأفراد أسرته نستمع إلى البيان كغيرنا من المصريين، كان عمرى آنذاك 12 عاما، وأول ما قال فى البيان كلمة التنحى اندهشت شقيقتى هدى وقالت كيف..؟ والوالدة لم تبد أى تعليق فقط قالت لنا إن والدى أعطى الكثير ويريد أن يرتاح، ولم تمض دقائق وجاء والدى واستقبلته والدتى على السلالم وبدأنا نلملم فى متعلقاتنا تمهيدا لترك المنزل وسرعان ما تحول البيت إلى سرادق كبير حوى زملاء والدى فى الحكم وأول واحد شفته شعراوى جمعة قال لوالدى ما ينفعش ياريس اللى بتعمله «البلد هتولع» وأحاطت جماهير غفيرة المنزل تطالب الوالد بالعدول عن التنحى وأتذكر هتافا لتلك الجماهير حتى الآن «عبد الناصر يا حبيبنا مش هيهون عليك تسيبنا» وجاء بعد شعراوى جمعة السيد محمد فايق وملابسه كانت ممزقة، عرفت عندها أن الجماهير حاولت الاعتداء عليه وكانت تعتقد أنه زكريا محيى الدين وذلك لأوجه الشبه بينهما، وبعد قليل اتصل الملك حسين به على التليفون فقال له الرئيس أنا الآن تنحيت عن الحكم.. وللعلم مر علينا عام 1967 بصعوبة شديدة. إلى أن أعادت عمليات حرب الاستنزاف الحياة أو البسمة مرة أخرى فى البيت.
وأتذكر ذات مرة وفى إحدى العمليات فى حرب الاستنزاف وعندما وصلت إلى المنزل وأردت الدخول الى غرفة مكتب الوالد، منعتنى والدتى وقالت لى والدك عنده شغل ومتضايق شوية، وبعد دقائق خرج علينا والابتسامة تكسو وجهه ومسرورا للغاية فابتسمت له الوالدة وسألته إيه الحكاية، فقال الوالد الحمد لله أعاد الطيار وعرفنا منه بعد ذلك أن أحد الطيارين بعد أن نفذ عمليته ضربت طائرته لكنه استطاع أن يعوم فى البحر إلى أن عاد، وهو ما يؤكد أن الوالد كان يتابع عمليات حرب الاستنزاف بنفسه ويطمئن على سلامة المقاتلين.
∎ يقولون أن الاتحاد الاشتراكى كان وراء مظاهرات 9 و 10 يونيو 67 ما تعليقك؟
- لو سلمنا بأن آلة النظام كانت تستطيع إخراج هؤلاء الملايين فى كل محافظات مصر، هل هى التى أخرجت أيضا الجماهير العربية؟ وبعد أن هدأت المشاعر، عندما ذهب عبدالناصر إلى قمة الخرطوم أغسطس ,1967 وكان الاستقبال الأسطورى للشعب السودانى، وقصة استمرار طائرة الملك فيصل «ملك السعودية» تحلق فى سماء الخرطوم فترة طويلة فى انتظار عودة الرئيس السودانى من مصاحبة عبدالناصر الذى رفض انتظار الملك فيصل للخروج معه فى الركب نفسه، حيث كانت العلاقات متوترة بين البلدين قبل انعقاد القمة، وعلى أثر هذا الاستقبال الشعبى، قرر الملك فيصل وكل القادة العرب فى القمة العربية مساندة مصر حتى إزالة آثار العدوان.
∎ ترتيبات الخروج فى النزهة لأبناء الزعيم.. كيف كانت تتم؟
- أصدقائى معظمهم كانوا زملائى فى مدرسة القومية المشتركة وهم من أبناء الطبقة المتوسطة والبعض من أسر الضباط الأحرار، وجميعهم كانوا يأتون إلى المنزل خاصة فى عيد ميلادى ويلتقطون صورا مع الوالدة، وكان دائماً يسمح لنا بالنزهة مع الأصدقاء، وكان يقول لنا أنتم عندكم سينما فى البيت «ليه» تذهبون إلى سينما «مترو» فكان الوالد لا يمانع إطلاقاً من أن نخرج للنزهة مع أصدقائنا، وللعلم كان شقيقى الدكتور خالد لاعبا فى فريق «كرة الطائرة» بنادى هليوبوليس وكان يذهب للتدريب بشكل «عادى جدا».
∎ هدية طلبتها ورفضها عبدالناصر لأنك ابن عبدالناصر؟
- فى صيف سنة ,1970 ظهر «موتوسيكل» مع محرك صغير وقد طلبت من والدى أن يشترى لى واحداً، فقال: أعدك بشرائه عندما تحصل على معدل عال فى نهاية العام الدراسى.
وبالفعل حصلت على معدل عال وحملت الشهادة إليه، فقال: اذهب للسكرتير ليأخذك لأحد المحال وشراء «الموتوسيكل». قلت له إننى غيّرت رأيى وصرفت النظر عنه، وأريد بدلاً منه أن أزور لندن لأسبوع مع أصدقائى. نظر إلىَّ لوهلة ثم قال: «مينفعش» يا حكيم، قلت لماذا؟ قال «إحنا فى حرب استنزاف والشباب إللى فى سنك واقفين فى الحر على جبهة القناة، وإنت عايز تتفسّح فى لندن؟
∎ مشاهداتك على يوم وفاة الزعيم؟
- قبل الوفاة ب 15 يوما نصحه الأطباء بالابتعاد عن زحمة العمل ونصحوه بالذهاب إلى مرسى مطروح فذهبت أنا والوالدة مع الوالد وبقى عبدالحميد لأنه كان فى الكلية البحرية وخالد كان يستعد لاستقبال العام الدراسى، وسافر معنا السيد حسين الشافعى رحمة الله عليه ونجله أحمد والفريق محمد فوزى وكان معى هشام نجل السيد سامى شرف باعتباره صديقى، وبعدها بيومين علم العقيد القذافى أن والدى فى مطروح جاء وأمضى معنا يوما وسافر، وفى اليوم التالى بدأت أحداث سبتمبر الأسود، فقطع الوالد الرحلة وعدنا الى الإسكندرية ومنها إلى القاهرة، وكان الرئيس كلف السيد سامى شرف بدعوة الرؤساء والملوك العرب لعقد قمة فى القاهرة وكان سامى شرف يطلع والدى من خلال اتصالاته ونحن فى الطريق إلى القاهرة بالموقف وقبل أن نصل إلى القاهرة اطمأن الوالد أن الرؤساء والملوك وافقوا على القمة وفى اليوم الثانى بدأت الوفود تصل إلى القاهرة، وتركنا الوالد وذهب إلى فندق النيل هيلتون للإقامة هناك استعداداً للقمة ولاستقبال الضيوف وظل هناك لمدة أسبوع وعاد إلى المنزل يوم 27 سبتمبر وكانت الدراسة بدأت يوم ,26 وثانى يوم بعدما رجعت من المدرسة سألت عن الوالد فقالوا لى، الوالد وصل ونايم «شوية» وبعد دقائق علمت أنه استيقظ من النوم، فدخلت إلى غرفته وجدته يرتدى ملابسه فسألنى إيه الأخبار يا عبدالحكيم.. أخبار الثانوية العامة إيه إنت لازم تتجدعن لأن نتيجة الثانوية العامة مهمة وسيترتب عليها مستقبلك العلمى، وهو كان يعلم أن لدىَّ ميولا هندسية، فوجدته يقول لى إن كلية هندسة دى عايزة مجموع فقلت له إن شاء الله سأكون عند حسن ظنك، وبعد ذلك ذهب إلى المطار وكانت الوالدة تحضر الغداء فى انتظار عودته، وبالفعل جاء إلى المنزل ولاحظت عليه الإرهاق الشديد، ثم دخل إلى غرفته وذهبت والدتى معه ولم تمض لحظات وجاء السيد حسين الشافعى وبعض زملاء الرئيس وطبيب الرئيس فدخلت عليهم فوجدت الطبيب يجرى عملية تنشيط للقلب وللتنفس، لحظات قليلة وسمعت صراخ إخوتى، عرفت أن الكارثة قد حصلت وأنه فارق الحياة.
∎ لماذا اخترت الهندسة؟
- كما قلت أنا كانت لدىَّ ميول هندسية والحمد لله بعد الثانوية التحقت بكلية الهندسة جامعة القاهرة، وكان لدىَّ شعور بأن العمل الهندسى هو الأبقى كثيرا فى العلوم والأكثر تأثيراً فى الحياة العملية والإنتاجية لهذا قد اتجهت الى دراسة الهندسة، وعائد العمل الهندسى تشعر معه بأن هناك مجهودا قد بذل.
∎ هل تعتقد فى وفاة الزعيم بأنه مقتول؟
- ليس هذا بالضبط، لكن الأحداث التى شاهدتها تشير إلى أن والدى لم يمت بصورة طبيعية، رغم أن الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى، لكن أنا لم ألحظ أخطار أمراض على والدى وهو توفى وعمره 52 عاما، وأنا لم أشعر يوما أنه مريض أو يعانى من مرض، كما أن الشواهد تؤكد أن وفاة والدى لم تكن طبيعية وخاصة منذ هزيمة 1967 التى أعتبر أنها كانت تستهدف جمال عبدالناصر والقضاء عليه وإنهاء مشروعه النهضوى العروبى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.