«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالحكيم جمال عبدالناصر: وفاة أبي لم تكن طبيعية
نشر في الدستور الأصلي يوم 26 - 09 - 2010

أربعون عاماً مرت علي رحيله، لكن جنازته التاريخية ستبقي خالدة في الأذهان.. لن ينسي العالم يوم أن زحف المصريون لوداعه في 28 سبتمبر 1970، إنه جمال عبدالناصر الذي اختلفت الحياة قبل رحيله وبعده، تخلي أصدقاء وظهر أوفياء، لذا أردنا أن نراهم بعيون أبناء "الزعيم" جمال عبدالناصر، بعيون نجله المهندس عبدالحكيم عبدالناصر الذي حضن نعش والده يوم وداعه، وتاه وكادت أن تتكسر ضلوعه!. عبدالحكيم يحكي عن ألم عاصره وإخوته، وظلم تجرعوه بعد موت أبيهم، فشقيقه خالد واجه حكماً بالإعدام في قضية تنظيم مصر الثورة وماتت الأم وابنها الأكبر بعيد عنها، أما عبدالحكيم - الابن الأصغر - فواجه حكماً بالسجن، فأعاده القذافي إلي مصر علي طائرته الخاصة.. يتكلم نجل عبد الناصر- في حوار من جزءين- عن كل شيء تقريبا منذ طفولته ونشأته في بيت رئيس ورؤيته حول رئيس مصر المقبل.
كيف كانت طفولتك؟
أنا اتولدت في مستشفي الدكتور علي إبراهيم في ميدان فيني في العجوزة، ثم عشت في فيلا منشية البكري، وفي المدرسة تعاملنا كان عادي جداً، ولم يكن هناك أي تمييز، بالعكس كان التعامل طبيعي، وكان زملائي يزورونني في أعياد الميلاد ويلتقطون الصور مع أبي ومنهم نجيب الشريعي شقيق الموسيقار عمار الشريعي ويحيي الحازق وعمرو توفيق، وعمر عبدالعزيز فايد وفايز جورج وحاتم الضبع، وكلهم موجودون وما زلت أتواصل معهم حتي الآن.
ألم تكن هناك حراسة؟
كان هناك فرد حراسة عند ذهابنا للمدرسة وكان يتواجد خارج المدرسة ولا يدخل معنا، وأنا وإخواتي، كان فينا الشاطر وكان فينا المتوسط.
من كان أكثركم تفوقاً؟
بالترتيب الدكتورة هدي ثم الدكتور خالد ثم أنا ثم عبد الحميد ومني.
ألم يسبق وضربك أحد من زملائك وعلم الرئيس بالواقعة؟
حدث وضربني زميل لي فقال لي الرئيس عبدالناصر.. اللي يضربك اضربه، لكنه لم يتصل بأحد ويشتكي من هذا الطالب.
أليس غريباً أنه لم يكن هناك تمييز لكم كأبناء الرئيس ؟
ليس غريبا، كان عندنا قصة شهيرة وهي أن مني أختي زوجة أشرف مروان كان نفسها تدخل كلية هندسة، ولم يحدث لأنها لم تحصل علي مجموع كاف فدخلت الجامعة الأمريكية، وكذلك أخي عبدالحميد دخل البحرية، فلو كان هناك تمييز كانوا دخلوا الكلية التي يريدونها.
البعض قال إنك خريج فنون جميلة؟
هذه معلومة غلط ومدسوسة، فأنا خريج كلية الهندسة جامعة القاهرة دفعة 76 ومحمود الجمال كان دفعتي!.
كيف كنت تتعامل مع ضيوف الرئيس وأنت في مثل هذه السن الصغيرة؟
أنا كنت أصغر إخوتي، والدلوعة بمعني أصح، وبالتالي عندما أجد ضيوفاً، كنت أدخل أهجم عليهم، ولما ألاقي واحد فيهم تخين كنت أتريق عليهم وأقول لبابا: دول عاملين زي لوريل وهاردي، وكمان هناك شخصيات شكلها يضحك، فكنت أقول عليهم المغفلين التلاتة، فكان يضحك الرئيس عبدالناصر وضيوفه لا يفهمون ما أقوله، فيسألونه فيخبرهم أني أحييهم!.
من كان أقرب إخوتك لك؟
الدكتورة هدي عبدالناصر.
هل تتذكر محل «نجف»؟
طبعا، بتاع الفول والطعمية وكنت أحب أروح أشتري منه علي طول وأذهب لأشتري بنفسي.
ألم تكن هناك محظورات عليكم بألا تأكلوا مما يأكل منه عامة الناس؟
ماكانش فيه الكلام ده .. لك أن تتخيل مثلا أن بيتنا عمر ما دخله المياه المعدنية في وجود والدي وكنا لا نشرب إلا من الحنفية.
هل تتذكر عمي «غريب»؟
طبعاً، كان يدرب أبي علي رياضة تنس الطاولة، ولا يزال موجوداً حتي الآن في نادي هيليوبوليس، وجاء لنا عام 1960 تقريباً كمدرب شاب في نادي الجزيرة وآخر مرة رأيته منذ شهرين تقريباً في النادي، لكنه تقدم في السن ولم يعد يدرب، وابنه يعمل مدرباً للتنس أيضاً الآن في النادي.
هل تتذكر أحداً من حرس الرئيس؟
أكيد، أتذكر محمود فهيم الذي ظهر في ناصر 56 ومحمد طنطاوي وصابر عثمان وسعيد الحسيني وكلهم كانوا ناس أفاضل لا يتخيرون عن بعض.
حدثني عن حياة السيدة الأولي آنذاك .. السيدة تحية محمد كاظم؟
كانت حياتها هي أولادها، وكانت أم مصرية طبيعية لكن الاختلاف أن زوجها بدرجة رئيس جمهورية، ولم يكن لها أي متطلبات في الحياة غير أن تحمل عنه عبء البيت، وتشوف مذاكرتنا واحتياجاته، فكانت بينهما قصة حب جميلة جدا.
كيف تعرفا؟
من خلال مرات عم والدي ويدعي خليل، وكانت علي صلة بجدتي من أمي، وكان أبي يزورهم هناك وشافها، وكان لا يزال حديث التخرج، وتزوجها في 29 يونيو 1944، وكان عمره حينها 26 عاماً.
لكن لماذا كان هناك عزوف من حرم الرئيس عن النشاط السياسي والحياة التي تعيشها زوجات الرؤساء والملوك؟
لا هو عمره طلب منها ولا عمرها طلبت، ولا عمر الحياة دي بهرتها، فلم تكن ترغب في أن تعيش مثل الآخرين والرئيس منعها، كانت فقط تستقبل زوجات السفراء معه وتلتقيهم وكذلك زوجات الرؤساء وكانت أمي تجيد الفرنسية بطلاقة وكذلك الإنجليزية لكن في البيت لم نكن نتكلم إلا العربية.
هل كان فيه أكلات معينة يحبها الرئيس عبدالناصر؟
كان هناك يوم في الأسبوع وهو يوم الأربعاء نأكل فيه البصارة، وكنا نطلق عليه يوم البصارة العالمي، وكنا نحبها فعلاً.
لماذا رفض الرئيس عبدالناصر أن يتأبط ملك اليونان ذراع السيدة تحية كاظم وأن يتأبط هو الملكة؟
هذه لها قصة، فأنا زرت مع الوالد 3 دول هي يوغسلافيا عام 58 ولا أتذكر تفاصيلها، وتاني زيارة كانت إلي اليونان في ظل حكم الملك بول وزوجته فردريكا، وبالمناسبة نجلتهما هي «صوفيا» ملكة إسبانيا حاليا، وكان هناك عشاء ملكي، والبرتوكول أن ينزل الملك مع زوجة الرئيس الضيف والعكس ،فرفض الوالد هذا، وقال له : الستات يسبقونا وأنا وانت ننزل مع بعض!.
هل تتذكر ما حدث يوم 9 يونيو 67؟
بالطبع، لكن وقتها لم أكن أفهم ماذا تعني كلمة «تنحي» لكني لقيت أختي هدي الكبيرة «اتخضت» والوالدة كان رد فعلها مختلف شوية وقالت: «كفاية كده بقي.. كفاية تعبنا»، وبعدها لقينا البيت تحول إلي خلية نحل، وأنا كنت صغيراً وقيل لنا ظبطوا أموركم علشان ح نمشي وح نروح بيت تاني؟ وأنا كنت مشغولاً بالبيت الجديد وهل فيه جنينة ولا لأ وكدة؟ خلاص بقي.. حياة الرئاسة انتهت.
لماذا لم تفكر في دخول العمل السياسي؟
مش في دماغي خالص، والحياة عندما كان أبي رئيساً للجمهورية لم يكن فيها أي متعة، كنا دائماً كل خطوة محسوبة علينا، وحاجات كتير كان الناس العادية يفعلونها ولا نفعلها ولم أكن بحريتي، فكان عندنا سينما في البيت، فكان الرئيس يقول لنا اذهبوا إلي سينما مترو أو أي سينما وكلوا أيس كريم وخدوا راحتكم.
هل كانت مواعيد نومه مختلفة عنكم؟
كان لا ينام مبكراً ولا يستيقظ مبكراً، وكنت أدخل له قبل نومي لكن شوية وكان بيقولي: روح نام!.
شقيقك خالد قال إن الرئيس عبدالناصر كان عنيداً؟
بالعكس، فأذكر أن الدكتور عزيز صدقي حكي لي مواقف معينة بالنسبة للصناعة، ويقتنع بوجهة نظر الآخرين، لكن هناك أشياء أخري كان عنيداً فيها وبالذات التي تمس العزة والكرامة.
هل رافقت الرئيس في رحلته العلاجية إلي روسيا قبل وفاته مباشرة؟
نعم، وكانت رحلة سعيدة لنا في سن صغيرة، وذهبنا إلي تليسي المتنازع عليها حالياً في جورجيا، وذهبنا إلي موسكو.
ماذا عن يوم الوفاة؟
الدراسة بدأت يوم السبت 26 سبتمبر 1970 ويوم 27 كان أول يوم يقيم فيه الرئيس بالبيت بعد غياب فترة بفندق النيل هيلتون حيث كان مع الرؤساء والملوك العرب، وجاء منهكاً في هذا اليوم ونام، وكنت حينها في الثانوية العامة ويوم 28 ذهبت للمدرسة وعدت مبكراً لأن الدراسة لم تكن انتظمت بشكل جيد في أول أسبوع، ودخلت عليه غرفته ووجدته يرتدي ملابسه ليذهب ليودع ملك الكويت وكلمني وقال لي شد حيلك وإن الثانوية عايزة مجموع ونزل راح المطار وعاد.
ماذا حدث عند عودته؟
كنا قاعدين علي السفرة لكنه استعمل الأسانسير وخرج منه علي غرفته مباشرة وأعقبته أمي مباشرة، وبعدين جاء سامي شرف ثم الفريق فوزي وحسين الشافعي ثم الأطباء ثم جاء السادات بعد الوفاة.
هل تتذكر ما حدث لك وقت الجنازة؟
عندما كان المدفع يحمل جثمان أبي علي كوبري قصر النيل، ضغطت الناس علي بسبب الزحام، وبدأت أصطدم بالمدفع بسبب تدافع الناس وكادت أن تتكسر ضلوعي لولا أن لاحظ حسين الشافعي ذلك ورفع يده وقال لا إله إلا الله فتوقف تدافع الناس نوعاً ما، وبعدين هجمت الناس مرة أخري وتفرقت عن إخوتي، ثم وجدت شخصاً يعمل في قصر المعمورة فنشلني في الزحام.
شقيقتك الدكتورة هدي قالت إن السادات قتل عبدالناصر؟
التوقيت الذي توفي فيه والدي لم يكن طبيعيا، والوفاة لم تكن طبيعية، فالأستاذ هيكل لفت انتباهي مؤخراً أنه مكتوب في مذكرات كسينجر أن إسرائيل اعترضت علي حائط الصواريخ الذي لو دشنته مصر فسيغطي العبور، وطلبت إسرائيل تدخل أمريكا، وقال كسينجر إنه خلال 90 يوماً ممكن الدنيا تتغير، وهذا ما حدث بالفعل!
قيل إن الرئيس مات مسموماً؟
افتعال ما حدث في أيلول الأسود والضغوط التي كانت علي الرئيس عبدالناصر تسبب له في أزمة، فليس شرطاً أن تتجرع السم لكي تموت، لكن ممكن الضغوط تموتك.
اتهمت من قبل أشخاصاً بأنهم كانوا ضد نظام عبدالناصر وكانوا علي اتصال بجهات خارجية ؟ من كنت تقصد بهذا الكلام؟
الواشنطن بوست نشرت أسماء مصريين كانوا علي اتصال بالمخابرات الأمريكية ولم يرد أحد حتي الآن.
أنا أسألك أنت يا باشمهندس .. من كنت تقصد بكلامك؟
كتير قوي .. أنا كنت فاكرهم واحد لكنهم طلعوا كتير قوي، ولن أنسي جوستن عندما قال إن مشكلتنا مع ناصر أنه بلا رزيلة وإنه يستحيل شراؤه، ولا يقبل الرشوة، لا خمر ولا نساء ولا مخدرات، ويستحيل تهويشه، ومش عارفين نتعامل معاه ونكرهه جداً، ومش عارفين نعمل معاه إيه؟ وطبعا هو لم يكمل الباقي بأن الحل الوحيد أنهم يتخلصون منه!.
أريد إجابة ب «نعم أم لا» .. هل مات عبدالناصر مقتولاُ أم لا؟
أنا أشك .. وفاة عبدالناصر ليست طبيعية وعليها علامة تعجب كبيرة جداً
قتلوه أم لم يقتلوه.. أجبني؟
لا أستطيع الإجابة ..ليس عندي دليل يثبت قتله.. لكن الشواهد كلها تقول إن توقيت الوفاة لا يمكن أن يكون طبيعياً.
شقيقك الدكتور خالد عبدالناصر قال إن أطباءه قصروا في علاج الرئيس.. ما رأيك؟
لا، بالعكس كانوا من أفضل الأطباء، وظلوا علي علاقة بنا بعد وفاة الرئيس حتي عندما سافرنا إلي يوغسلافيا رافقنا طبيب الرئيس.
الرئيس عبدالناصر كان مصابا بالسكر، فهل كانت هناك أجهزة طبية يستخدمها في غرفته؟
كان هناك جهاز رسم قلب في غرفته، وكان لديه أسطوانة أكسجين لكنها لم تكن في الغرفة وإنما في مكان ملحق بالغرفة بحيث لو احتاجها يستخدمها لكن عمري ما شفته يستخدمها.
هل كنت تحضر جلساته العلاجية أم كان يتم منعكم؟
لا كنت أدخل عليه أثناء إعطائه حقنة الأنسولين عادي جدا.
هل قرأت قصيدة نزار قباني عن الرئيس عبدالناصر بعنوان قتلناك؟
قرأتها طبعا، وأنا أحب كل قصائد نزار، ومنها قتلناك والهرم الرابع، وخطاب عاجل إليك التي غنتها أم كلثوم.
ما أكثر هتاف تذكره للجماهير في وفاة عبدالناصر؟
كان هتاف العمال والفلاحين «عبدالناصر يا عود الفل .. بعدك ح نشوف الذل»، وبعد 35 سنة علي رحيله، جاء نفس العمال وسمعت نفس الهتاف علي ضريحه لكن بعد تعديل الهتاف إلي: «عبد الناصر يا عود الفل .. بعدك شفنا الذل».
هل الناس شايفة الذل فعلا دلوقتي؟
طبعاً، الفقر الموجود في البلد، وتسريح العمال والطبقة المتوسطة التي انعدمت، أليس كل هذا ذلاً؟ اليوم عندك يا إما غني فاحش يا فقر جامد، حتي إعلانات التليفزيون.. نصها ناس بتعلن عن فيلات بالملايين، والنص التاني جايبين ناس مش لاقيه تاكل!.
لماذا لم تطالبوا بالتحقيق دولياً في وفاة الرئيس طالما لديكم هذه الشكوك حولها؟
إحنا ح نضحك علي بعض؟ هو فيه حاجة اسمها قضاء دولي؟ أنا مش مؤمن بالكلام ده.. المحاكم الدولية دي موضوع بيضحكوا بيه علي الناس، ويطبق علي الدول الغلبانة، فالقضاء الدولي الذي يلاحق الرئيس السوداني لم يفعل شيئاً مع الرئيس الأمريكي الذي قتل 2 مليون عراقي، فالقضاء الدولي نقطة سخيفة.
لماذا إذن لم تطلبوا من السلطات المصرية التحقيق في الوفاة؟
لم يكن هذا في بالنا وقتها، وبعدين ح تطلب من مين؟ من نظام السادات اللي نصّب جمال عبدالناصر عدوه الأول وقعد وأسال هجوماًمن الشتائم عليه!.
هل كان صعباً عليكم رؤية أصدقاء الرئيس عبدالناصر وهم يهاجمونه؟
كان صعب جداً وكان أكثر قسوة علي الوالدة بالذات، لكننا اتعودنا، وبعد 40 عاما، الشعب المصري والعربي لم يتخل عنا لحظة، وهو من كان يضمد جراحنا فيما يقوم به بعض أصحاب الأقلام المأجورة والمكلفين باغتيال عبدالناصر الرمز بعد أن فشلوا في اغتياله في وجوده.
من كان يقف وراء تلك الأقلام المأجورة؟
الصهيونية وأمريكا، فالحملة بدأت بوادرها رسمياً من يوم زيارة كسينجر بعد حرب 73 وبعدها علي طول الترتيبات حدثت، والأستاذ هيكل ترك الأهرام، وجاء علي أمين بدلاً منه وبدأت الهوجة.
حملة الهجوم علي عبدالناصر كانت بأمر من؟
بأمر الرئيس السادات نفسه، وتحجج بحرية الصحافة، مع إن بعد كدة مصطفي أمين قام بالتلسين عليه مرة فمنعه من الكتابة علي طول، وبعدها حط الناس كلها في السجن.
ألهذا السبب قررتم مقاطعة أسرة الرئيس السادات؟
كل واحد راح في طريقه، والدنيا اختلفت، وحياتهم أصبحت غير حياتنا، وأصحابهم غير أصحابنا.
لكن جمال السادات كان صديقك وقريبا منك؟
كله انتهي، ولم يكن زميلي في الدراسة، ولم أشترك معه في أي مشروع.
كيف كانت علاقتكما في ظل هذه الأجواء بأشرف مروان وهو زوج أختك «مني» وظل يعمل مع السادات بعد وفاة أبيك وحماه في الوقت نفسه؟
كانت أحياناً تحدث مشادات، وتوترات في العلاقة.
من قتل أشرف مروان من وجهة نظرك؟
لا أعرف، هذا تساءل فيه ناس كثيرة جدا، لأن ملفه بدأ من بعد وفاة والدي.
هل التوتر بينكم وبين أختك مني مستمر حتي الآن؟
لا.. انتهي بوفاة السادات عام 81.
من كان أكثر الرؤساء إخلاصاً لكم بعد وفاة الرئيس؟
الرئيس الليبي معمر القذافي، وأمي عليها رحمة الله كانت تقول: يكفي أنه الوحيد الذي كان يسمعني صوت عبدالناصر كل يوم، فكان هناك برنامج علي إذاعة ليبيا يذاع يومياً الساعة 10 بعنوان صوت عبدالناصر، ومؤخراً أطلق محطة فضائية لا تذيع إلا خطب عبدالناصر وأغاني الثورة .. كل هذا وفاء من الرجل الذي لم يتخل عن عبدالناصر رغم كمية الإحباطات اللي شافها.
هل يزوركم وتزورونه؟
يكفي أنه جاء في الذكري الثانية لوالدي في 28 سبتمبر 73 وكان في رمضان وتناول معنا الإفطار دون أن يلتقي أي مسئول في مصر، وكانت أمي تعزه جدا وبعد الفطار صلي معنا المغرب وكان هو الإمام وجلس معنا لفترة وخرج من عندنا علي المطار!.
أتذكر وقوفه بجوارك في قضية الشيكات بدون رصيد التي صدر فيها حكم ضدك بالحبس 12 سنة؟
الأزمة دي للأسف أنا كنت مظلوماً فيها، وتركوا الشخص الذي أخد الفلوس ويدعي حاتم الهواري، فأنا أعمل في مجال المقاولات، وعادة أقدم ضمانات بنكية، لكنه أخذها مني كشيكات، وذهب بها ليحصل مقابلها علي أموال من البنوك، لكن في الواقع أنا ليس عندي حساب في بنك القاهرة، ولم أحصل من البنك علي تسهيلات، وعندما هرب، جاء البنك ليطالبني بشيكات الضمانات، وفي الآخر أنا كسبت القضية.
لكنك لم ترجع إلي مصر إلا علي طائرة القذافي، وكنت معرضاً للحبس قبل صدور حكم البراءة؟
القذافي في البداية عرض علي تسديد المبلغ لبنك القاهرة لكني رفضت، وقلت له هذا حقي وأنا بريء، فقال لي: علي أسوأ الفروض، لو خسرت ح ندفع، لكن الحمد لله كسبت القضية وهو ما دفعش!.
لماذا إذن عرض عليك دخول الأجواء المصرية علي متن طائرته وتعهد لك بالحماية؟
أنا كنت في ليبيا، وكان القذافي في رحلة إلي مصر لحضور العيد الخمسين للثورة عام 2002، ورحت قبلها معه إلي جنوب أفريقيا لحضور إعلان الاتحاد الأفريقي.
قيل إنه عرض عليكم دفع مقابل تكلفة جمع تراث جمال عبدالناصر؟
لم يحدث واحنا اللي دفعنا الفلوس.
ماذ عن دور أم كلثوم في حياتكم بعد وفاة الرئيس؟
كانت تزور الوالدة علي طول، كنت أعرف أنها صديقة والدتي، وبعد الوفاة كانت حريصة علي ذلك حتي مرضها.
غدا في الجزء الثاني: لا أذهب إلي شرم الشيخ لأني لا أستطيع مشاهدة سيارات الإسرائيليين هناك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.