مركز النور للعلاج بالقرآن والحجامة (علاج السحر - المس الشيطانى- المربوط- العنو- الحسد- التفريق بين الأزواج- الوسوسة- خادم الحمام- الفزع- القلق- التوتر- تعطيل العمل- الصداع)!.. نص إعلان ملأ جنبات قطار المترو المتجه نحو حلوان. حفزنا على إجراء اتصال بالأرقام المعلنة فى الإعلان ولفت نظرنا أن هناك رقمًا مخصصًا للرجال وآخر للنساء.
طلبنا موعدا يوم الاثنين مساء، قالت لنا التى أجابت على الهاتف: إن المعالج سيكون موجودا بعد صلاة التراويح.
فى الموعد توجهنا للمركز بمنطقة أبوقتاتة بالقرب من مترو جامعة القاهرة، وهى منطقة بدت شعبية ومتواضعة الحال، المركز يقع فى الدور العلوى من بناية أسفلها صيدلية وأمامها زقاق ضيق ومقهى شعبى يضج بالعمال بجوارها مكتبة، سألنا صاحبها عن المركز فقال لنا بعد أن وجه إلينا عدة أسئلة عن شخصياتنا وسبب زيارتنا كشفت عن ريبته: هل تريدون الشيخ أيمن؟
فأجبناه بأننا لا نعرف اسم المسئول عن المركز، فأشار لنا على بناية قديمة قائلا: اصعدوا من هنا.
أول ما لفت نظرنا أن المركز وضع لافتة خارجية بعنوان مركز المدينةالمنورة الطبى التخصصى، بينما وضع اسم مركز النور للعلاج بالقرآن من الداخل!
صعدنا فوجدنا المركز عبارة عن شقة صغيرة مكونة من 3 غرف صغيرة وحمام «بلدى» متهالك.
إحداها ملصق عليها لافتة: «غرفة حجامة الرجال»، يستخدمها المعالج ويدعى «الشيخ أيمن محمد» فى جلساته مع الرجال والنساء للعلاج بالقرآن وفى جلساته للعلاج بالحجامة للرجال فقط.
بينما الغرفة الثانية ملصق عليها لافتة: غرفة حجامة للنساء تحت إشراف الدكتور عبدالله حليم.. وعند السؤال على حقيقة هذا الطبيب أخبرونا أنه لا يوجد أحد بالمركز بهذا الاسم، وأن الكشف بالحجامة مقصور عليها وعلى الشيخ أيمن.
والغرفة الثالثة بها سيدة تدعى «أم مصطفى»، ضخمة الجثة ترتدى نقابًا بينما تضع طلاء للأظافر، تستقبل النساء وتتناقش معهن حول الحالة قبل بدء الجلسة.
وهى ذات السيدة التى تتولى الرد على الهاتف المخصص للسيدات، وأيضا متابعة الحالات وتطوراتها بعد الكشف عليها.
فى حوارى معها، أخبرتنى بأنها كانت تمارس العلاج بالقرآن فى البيوت ثم انتقلت للعمل مع الشيخ أيمن ولا تربطها صلة به سوى العمل، وأنها المسئولة عن العلاج بالحجامة للنساء، وعندما سألتها عن خلفية ممارستها للحجامة هى والشيخ أيمن قالت لى: إنهما ليسا أطباء ولكنهما قرآ الكثير من الكتب عن الحجامة واستعانا باستشارات الكثير من الأطباء حتى صارت لديهما خبرة جيدة فى العلاج بالحجامة.
الغرفة مليئة بزجاجات متنوعة من ماء الورد والنعناع وزيت الزيتون والمسك الخام على حد وصف المسئولين عن المركز.
صالة المركز بها «إنتريه قديم» وعدد كبير من الزجاجات بأحجام مختلفة لا تحتوى على بيانات. استفسرت عن أسعار المركز فوجدت سعر جلسة الحجامة 100 جنيه للجلسة الواحدة، علما بأن أقل عدد للمريض الواحد هو 3 جلسات، أى أن قيمة ما يتكلفه المريض 300 جنيه على الأقل، بينما سعر الجلسة الواحدة من العلاج بالقرآن 30 جنيها دون حد أقصى للجلسات وفقا لكل حالة، قمنا بدفع ثمن الكشف حسبما أفادت «أم مصطفى»، ثم طلبت منى أن أقوم بإزالة المكياج الخاص بى حسب تعليمات الشيخ.
∎ فى انتظار الشيخ
انتظرنا قرابة الساعة حضور الشيخ «أيمن» المسئول عن الجلسة ودار حوار بينى وبين «أم مصطفى» التى استقبلتنا وتعرفت علينا، جاء معظمه عن المركز وخدماته، وتطرق فى جزء منه إلى الوضع السياسى وتوجهاته نحو تحويل الدولة إلى العلمانية-على حد تعبيرها.
سألتنى عدة أسئلة أجبت عن معظمها بالنفى بعد أن ادعيت أننى أعانى من وساوس وأننى أرفض الزواج دائما دون أن أرى «العريس»:
هل تواظبين على الصلاه؟ هل تشعرين بوجود أحد معك فى الغرفة دون أن تريه؟ هل تشعرين بنفس أحد قريب منك؟ هل تظهر بعض العلامات فى جسدك؟ هل ترين أثناء النوم كوابيس تحتوى على ثعابين أو قطط أو كلاب؟ هل تشعرين أثناء النوم بأن أحدًا يجامعك؟ هل تشعرين بآلام أسفل الظهر؟ هل تشعرين بوجع بالمعدة وإحساس القىء؟ هل تشعرين أثناء النوم أنك تسقطين من مكان مرتفع؟ بعدها قالت «أم مصطفى» لى بعد أن أخرجت من معى خارج الغرفة: «دى مش وساوس وإنما شىء آخر سيخبرك به الشيخ أيمن بعدين».
∎ وصول الشيخ
الشيخ أيمن وصل إلى المركز، رجل فى الأربعينيات نحيف يرتدى جلبابا وطاقية ونظارة طبية ويطلق لحيته على «الطريقة السلفية»، ومعه شباب قال أنه لديهم جلسة متابعة «على طريقة الأطباء»، واستأذننا أن ننتظره ربع ساعة. بعدها دعانا إلى غرفة «الكشف» فانتقلنا إليها ووجدناها غرفة صغيرة بها مروحة سقف وسرير طبى يشبه أسرة أطباء الأسنان ومكتب يجلس عليه الشيخ أيمن يحتوى على مجموعة من الكتب مثل حصن المسلم وكتاب بعنوان «كافة الأسرار عن الشيعة الأشرار» وآخر بعنوان «التداوى بالحجامة» وبجانبه معلق بالطو طبى.
لاحظنا أنه وضع جهازًا مكبرًا للصوت خلف السرير وسماعة كمبيوتر «هيدفون» بينما وضع ميكرفون على مكتب الشيخ.
بدأ الجلسة بآيات قرآنية عن السحر والحسد والجن، ثم سأل عن: اسمى، وسنى، ومكان الإقامة، وعمل والدى، ثم أعاد نفس الاسئلة التى سبقته إليها مساعدته «أم مصطفى».
دعانى الشيخ أيمن إلى النوم على السرير وطلب من «أم مصطفى» تغطية الجزء السفلى منى بعد أن اعترض على ارتدائى للبنطلون وأنه لن يقبل ذلك فى المرة القادمة.
ثم طلب منى الاسترخاء وأن أغمض عينى، وبدأ فى تشغيل الميكرفون وقراءة آيات من القرآن الكريم بصوت مرتفع كان يكرر بعضها كثيرا، احتفظت بهدوئى قدر الإمكان، ركزت تفكيرى فى أمورى الشخصية واسترخيت إلى حد شعر فيه كل من فى الغرفة أننى غلبنى النوم بينما كنت فى قمة تركيزى- وهو ما أكده زميلى المرافق معى فى التجربة- حيث رأى إشارات متبادلة بين الشيخ وأم مصطفى بعضها لم يفهمه والبعض الآخر كان يؤكد نومى.
استمرت الجلسة قرابة نصف ساعة، وانتهت بشلال مياه نزل على وجهى من أم مصطفى، حتى توقظنى- ويبدو أنها طريقة متبعة لديهم-
عدت إلى المقعد المجاور للمكتب، وبدأ المعالج فى سؤالى: هل شعرت بشىء؟
فأجبته بالنفى، فعاود السؤال: هل رأيت شيئا أثناء الجلسة فأجبته بالنفى أيضا.
اعتدل الشيخ أيمن فى جلسته وتجهم وجهه وبدا أن هناك أمرا جللا يريد أن يخفف من وطأته قائلا بعد عدة نصائح منها الحفاظ على الصلاة: «أنت ممسوسة بجن يعشقك»! ثم أتبع: «مس خارجى وليس داخلى».
واستكمل مفسرا: «هناك نوعان من المس داخلى ويعنى أن الجن اخترق جسدك، وداخلى مثل حالتك أن هناك جنيا عشقك وهو يغار عليك، ويرفض أن ينالك رجل غيره وهذا هو سبب رفضك للزواج».
تسمرنا أنا وزميلى فى مفاجأة مصطنعة، سأله زميلى الذى لعب دور أخى فى التجربة: «هل أنت واثق مما قلت»، فأجابه: بكل تأكيد فالنتائج أثبتت ذلك!
ثم استطرد : «المس له علاقة بمكان ما فى المنزل فأغلب الجن يوجد بأماكن غير طاهرة مثل الحمامات والبعد عن الله وعدم المواظبة على الصلاة سهلت الأمر له لكى يعشقك ويمسك من الخارج».
وطلب منى اتباع إرشادات منها: أن أدهن جسدى قبل النوم فى مواضع معينة ذكرها لى بخليط من الزيوت والعطور يتم شراؤها من المركز وقيمتها 50 جنيها تضم زيت نعناع وزيت زيتون ومسك إنجليزى، بالإضافة إلى المواظبة على الصلاة واتباع الأذكار.
وحدد لى موعد جلسة آخر بعد عشرة أيام، ومنحنى كتيبا بعنوان «الترهيب والترغيب» أعده شخص يدعى «عبدالله بن عباس» قال عنه الشيخ أيمن أنه أحد أبناء هذا العصر وليس له علاقة بابن عم رسول الله ص ويقرؤ من الناحيتين. حيث إنه مقسم الى جزءين كل منهما عكس الآخر: الأول عنوانه «الجنة وكأنك تراها»، والجزء الثانى: «صفة النار والحياة فيها».
انتهت الجلسة وخرجنا ليستقبل الشيخ أيمن حالة أخرى وتوجهت بصحبة المساعدة «أم مصطفى» إلى غرفتها لتشرح لى طريقة الاستخدام وطمأنتى بأن الحالة ليست بالخطيرة وأن الشيخ قادر على علاجى، خاصة أنه نجح فى علاج حالات أصعب بكثير- على حد تعبيرها- ثم أخبرتنى أن هناك بعض الحالات تأتى للشيخ وعند سماعها للقرآن يقومون بالصراخ والبكاء وأحيانا بالاعتداء على الشيخ نفسه!
ثم استكملت قائلة: «فى حالات الجن بيكون حاببها وساكنها بيعاشرها وبيضر اللى بيحاول يقرب منها إنتِ لسه فى الأول الحقى نفسك واستخدمى الخلطة وتعالى للشيخ المره الجاية» شكرتها وانصرفنا .
انتهت التجربة الصحفية عند هذا الحد وتبقى علامات الاستفهام تنتظر من المسئولين عن هذا البلد الإجابة عنها:
من المسئول عن التفتيش على هذا النوع من المراكز غير المرخصة؟
كيف يترك المواطنون فريسة لمدعى العلم كفئران التجارب؟
إلى متى سيظل الجهل حاكما والقانون مغيبا؟
هذه التجربة الصحفية نهديها إلى الأزهر الشريف، ووزارة الداخلية والنائب العام.