الأوضاع الاقتصادية المتأزمة فى مصر دفعت محمد ورفاقه إلى اللجوء إلى جلب رزقهم من خلال زراعة نبات الخشخاش المخدر، فى وقت تحاول فيه مصر القضاء على تجارة الأفيون الناشئة فى شبه جزيرة سيناء، من خلال إرسال الجيش لقطع الطرق المؤدية للحقول. وقالت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية فى تقرير لها من سيناء إن زراعة حقل واحد من الأفيون يأتى لكل فرد مشارك فى زراعته حوالى 3000 دولار، وتبلغ مدة الزراعة 6 أشهر.
وقالت الصحيفة إن تدنى نسبة إقبال السياح على مصر بشكل عام وسيناء بشكل خاص دفع كثيرين من البدو الذين اقتاتوا من السياحة قبل عام 2011 إلى اللجوء لهذا الطريق الوعر، فى منطقة تعج بالمنتجعات المطلة على البحر الأحمر.
يروى التقرير قصة الشاب محمد ورفاقه الذين يزرعون الخشاش وسط حقول الخضروات، ووسط حذر شديد خشية أن يجد الجيش مزارعهم ويحرقها، وحينها لن يواجهوا فقط خسارة أموالهم، لكنهم قد يواجهون عقوبة الإعدام للإتجار بالمخدرات. يشير التقرير إلى أن المصريين يتعاطون الأفيون منذ القدم، لكن زراعته تعد تطورا حديثا، وينقل عن البروفيسور جوزيف هوبس، المتخصص فى علم الجغرافيا بولاية ميسورى أن زراعة الأفيون بدأت فى مصر فى تسعينيات القرن الماضى، حينها كان الأفيون يهرب من سهل البقاع اللبنانى، قبل أن يضيق الجيش السورى المحتل الخناق على مزارعى الأفيون فى لبنان، التى كان يحتلها آنذاك.
وبحسب تقدير البروفيسور هوبس بلغ عدد حقول الأفيون فى سيناء عام 2010 حوالى 476 حقلا، ويرجع ذلك إلى ملاءمة تضاريس ومناخ شبه جزيرة سيناء لزراعة الأفيون، فتربة سيناء لا تغمرها المياه، وتعمل جبالها بمثابة درع تحمى الحقول من الرياح، كما أنها توفر الحماية للخارجين عن القانون.
وفى ظل هذه الظروف أصبحت زراعة الأفيون خالية من المخاطر تقريبًا، وجاءت ثورة 25 يناير لتسقط الشرطة المصرية وتحدث فراغا أمنيا أدى إلى خروج تجارة المخدرات (غالبيتها من الحشيش والهيروين المهرب عبر أراضى سيناء) من قبضة الحكومة.
وأجرت الصحيفة مقابلات مع عدد من بدو سيناء الذين يزرعون المخدرات للمرة الأولى، وتبين أن غالبيتهم عمل فى الماضى فى قطاع السياحة، وبالنسبة لهؤلاء لم يكن ضياع هيبة الشرطة هو العامل الحاسم فى تعرضهم للبطالة، بل انهيار القطاع السياحى، الذى اعتمدوا عليه فى تحصيل أرزاقهم.
يوضح التقرير أن شباب البدو أمثال محمد ورفاقه يوفرون المتعة والمؤن للسياح الأوروبيين والإسرائيليين الساعين للمغامرة، ويؤجرون لهم الجمال وينظمون رحلات السفارى ويقدمون لهم الشاى والطعام، إضافة إلى الموسيقى التقليدية.
وبحسب التقرير يؤكد مزارعو المخدرات من بدو سيناء أنهم تحولوا إلى هذا المسار لعدم توافر بدائل متاحة أمامهم.