إعلان القائمة الوطنية لانتخابات مجلس النواب بالقليوبية    وزير الري يلتقي نظيره الصومالي ضمن فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه    قفزة تاريخية فى سعر الذهب فى مصر لتسجيل قمة جديدة    الرئيس السيسي والبرهان يؤكدان رفضهما القاطع لأى إجراء أحادى يتخذ على النيل الأزرق    عملية أمنية شاملة لاستهداف المتعاونين مع الاحتلال في قطاع غزة    إصابات رمضان صبحي وأسامة جلال تدفع بيراميدز للاستعانة بأطباء ألمانيا    محافظ الجيزة يتفقد مركز شباب المناجم بالواحات البحرية    ضبط 8.5 طن زيوت طعام مجهولة المصدر بالشرقية وإحالة المتورطين للنيابة    هالة صدقى توضح سبب عدم تصالحها مع قائد السيارة المتورط فى حادث صدم سيارتها    مدحت صالح نجم ثاني أيام مهرجان الموسيقى العربية على مسرح النافورة    متحف الفن الحديث يحتفل باليوم العالمي للتراث غير المادي    مكتبة مصر العامة بدمنهور تحصد المركز الثالث في مسابقة مكتبة العام المتنقلة 2025    وكيل صحة الأقصر يتابع سير العمل بعدد من الوحدات الصحية    متحدث الحكومة: تمويل 128 ألف مشروع بالمحافظات الحدودية ب4.9 مليار جنيه    برشلونة يُحصن نجمه بعقد طويل الأمد وشرط جزائي خرافي    التعليم توجه المديريات بخطوات جديدة لسد العجز في المدارس للعام الدراسي الحالي    سلوك عدواني مرفوض.. «خطورة التنمر وآثاره» في ندوة توعوية ل«الأوقاف» بجامعة مطروح    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث تروسيكل مصرف قناطر حواس    وزير التعليم: 88% من طلاب أولى ثانوي اختاروا نظام "البكالوريا المصرية"    السجن المؤبد والمشدد في جريمة قتل بطوخ.. جنايات بنها تُصدر أحكامها على 12 متهما    الشيوخ الأمريكى يفشل فى فتح الحكومة للمرة الثامنة والإغلاق يدخل أسبوعه الثالث    تعرف على منتخبات أفريقيا المشاركة في كأس العالم 2026    مديرة صندوق النقد الدولي: عدم الرد على الرسوم الجمركية الأمريكية عزز نمو الاقتصاد العالمي    «القوس بيعشق السفر».. 5 أبراج تحب المغامرات    وفاة الفنان سمير ربيع.. بدون ذكر أسماء وشيخ العرب همام أشهر أعماله    هدى المفتى تقدم البطولة النسائية أمام محمد إمام في فيلم شمس الزناتى    بعد تعيينه شيخاً للمقارئ أحمد نعينع: أحمد الله على ما استعملنى فيه    حكم تشغيل القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت قبل الفجر والجمعة    الجامع الأزهر يقرر مد فترة التقديم لمسابقة بنك فيصل لذوى الهمم حتى 20 أكتوبر الجارى    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بجلسة الأربعاء بتداولات تتجاوز 5 مليارات جنيه    اليوم العالمى لغسل اليدين.. خطوات بسيطة لتحضير صابون سائل من مكونات طبيعية    فيروس الميتانيمو خطير وسهل العدوى.. اعرف الأعراض والوقاية    وزير الصحة يبحث إنشاء مراكز تدريب للجراحة الروبوتية فى مصر    كرم الضيافة    إنجاز تاريخى    وزير الدفاع الألماني: إذا اختبر بوتين حدودنا فسنرد بحزم    مصر تعين سفيرا جديدا في إثيوبيا    هيقولوا مخي اتلحس.. باسم يوسف: خايف من الحلقة الجاية من برنامج "كلمة أخيرة"    اللجنة الخاصة: استثناء "فوات الوقت" في استجواب النيابة للمتهمين    منال عوض: مصر تمضي بخطى ثابتة نحو تعزيز الإدارة المستدامة للمخلفات الإلكترونية    الأمين العام لاتحاد المهن الطبية: بدء صرف معاش أكتوبر بالزيادة الجديدة اليوم    مانشستر يونايتد يوافق على تجديد عقد كاسيميرو    ضبط 340 قضية مخدرات و89 قطعة سلاح وتنفذ 62 ألف حكم خلال 24 ساعة    الإغاثة الطبية بغزة: 170 ألف مواطن فلسطيني استقبلوا بمستشفيات القطاع خلال عامين    مرتبات أكتوبر ب زيادات جديدة.. الحكومة تُعلن مواعيد الصرف للموظفين بالدولة    الحكومة تعلن رسميًا موعد صرف مرتبات أكتوبر 2025.. جدول الصرف الكامل والزيادات الجديدة    إنجاز دولي في الرعاية الصحية.. «الإسكوا» تمنح «جهار» جائزة النجمات الذهبية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 15-10-2025 في أسواق محافظة الأقصر    «التعليم العالي»: مصر تسعى للتحول إلى مركز دولي للبحث العلمي    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء في سوهاج    وليد صلاح عبداللطيف يكشف عن "فضيحة" في قطاع ناشئي الزمالك    أوبن أيه آي تعتزم تقديم محتوى للبالغين على منصة شات جي بي تي    متى يكون سجود السهو فى الصلاة قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    قرار عاجل في الأهلي بشأن تجديد عقد حسين الشحات    مجموعة بحري.. نبروه يواجه دكرنس ودمنهور يصطدم ب سبورتنج بدوري القسم الثاني «ب»    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريطة الصراعات النائمة!

ونحن نكتم أنفاسنا ترقبا لتجاوز مصر «الفخ» القبلى المنصوب لها ضمن حروب الجيل الرابع، كان لزاما علينا أن نكشف خريطة الصراعات النائمة بين القبائل والعلائات الكبرى حول مصر، حتى لا يلعب «الطرف الثالث» عليها، ضمن التعامل الاستباقى مع الأزمات حتى لا تتحول لكوارث مزمنة. . وعلمنا أن هناك «200» قبيلة حول مصر أشهرها الأشراف والعبابدة والجعافرة وأولاد على، والغريب أن البعض يصل تعدادهم إلى 25 مليون نسمة، بدأت أولى البطون العربية فى القدوم لمصر مع عمرو بن العاص!

السفير محمد راضى القطعانى رئيس المجلس الأعلى للقبائل العربية قال لنا إن أحداث أسوان صراع بين أفراد فى قرية واحدة وهى «الدابودية» وليس «عرقيا»، ويجب عمل كل ما هو ممكن لتظل المشكلة فى حدود القرية ويتم حلها سريعا، فوضع المشكلة فى حجمها الطبيعى يسهل من حلها.. منتقدا ما ينشر فى وسائل الإعلام ويقال فى الفضائيات ويصدر عن المسئولين بالدولة بأن الصراع بين قبيلة بنى هلال العربية وقبيلة الدابودية النوبية، ويوحى بأن الدابودية تخص النوبيين فقط وعليه فلا يحق للعرب من بنى هلال العيش فيها.. محذرا من استغلال أعداء مصر بالداخل والخارج لما حدث بأسوان ويتدخلون لتأجيج الصراع بين الطرفين فى قرية الدابودية ويحاولون نقله لباقى مدن أسوان ليتطور الأمر أن يكون بين القبائل العربية والنوبية فى مصر، لكى يستطيعوا تفتيت وحدة مصر التى كانت عصية عليهم دائما وستظل، فهم كل همهم عدم استقرار مصر.

وأشار «راضى» إلى أن القبائل العربية منذ قدومهم إلى مصر أصبحوا مصريين وولاؤهم لمصر وأصبحوا جزءا من نسيج الوطن، وترجع بداية تواجدهم إلى العلاقات المتبادلة بين شبه الجزيرة العربية ومصر، وجاء عمرو بن العاص قبل الفتح الإسلامى إلى مصر تاجرا وعمل الكثير من الصداقات مع أقباط مصر، وأهدى المقوقس حاكم مصر سيدتنا مارية القبطية إلى رسول الله - صلى الله عليهم وسلم - والتى أنجب منها ابنه إبراهيم، ثم جاء الفتح الإسلامى لمصر بقيادة عمرو بن العاص والذى استقبله أهل مصر بالترحاب، وكان جيش عمرو حينها يضم أغلب بطون القبائل العربية الذين توطنوا مصر، وتمت مصاهرة ونسب مع أهلها وامتزجوا معا وشاركوا فى تعمير البلاد، ومع مرور الزمن انقطعت صلتهم بشبه الجزيرة العربية وأصبحوا مصريين خالصين وجزءا من نسيج الوطن.. متابعا أن عدد أفراد القبائل العربية فى مصر حاليا يصل إلى 25 مليون مصرى، وعدد القبائل يتعدى 200 قبيلة، ومنها الأشراف وهم آل بيت النبى - صلى الله عليه وسلم - والقبائل المنسوبة للصحابة ومنها العبابدة وأولاد عتبة والجعافرة والبكرية والخطاطبة، أما القبائل العربية الأخرى فمنها القطعان وأولاد سليمان والجميعات والإجناشات وأولاد على الأبيض وأولاد على الأحمر وأولاد على السننة وبنى هلال وأولاد خروف والسمالوس والحبونى والحوتة والبشارية والجوابيص والمزاينة والسناجرة والطحاوية والهوارة والبياضية وبنى صقر والبتانية والشربى والهنداوة والجهينة والحويطات والمرابطين والفوايد والراشندية، والقبائل العربية تنتشر فى محافظات مصر كلها، ولكن يوجد فى بعض المحافظات تتسم بزيادة كبيرة للقبائل فيها ومنها محافظات شمال سيناء وجنوب سيناء والبحر الأحمر ومطروح، كما توجد محافظات تتسم بكثرة القبائل فيها ومنها محافظات البحيرة والشرقية والإسماعيلية والسويس والوجه القبلى بصفة عامة، ويوجد سياسيون وقياديون بارزون من أبناء القبائل العربية ومنهم المشير عبدالحليم أبوغزالة وزير الدفاع الراحل، والفريق صفى الدين أبوشناف رئيس أركان الجيش المصرى الأسبق، واللواء فاروق المقرحى مساعد وزير الداخلية الأسبق، مشيرا إلى أن أبناء القبائل العربية قديما لم يكونوا مختلطين بالسياسة، ولم يجندوا بالجيش النظامى للدولة فى أيام محمد على باشا حاكم مصر، حيث حصلوا على حق الامتياز وهو يعنى الإعفاء من الخدمة العسكرية، ولكنهم كانوا يشاركون فى الحروب كقبائل بالاتفاق مع الحاكم، ولكن فى العصر الحديث أصبح للدولة جهاز كبير ودخلوا المدارس وتم تعيينهم بالوظائف العامة والتحقوا بالجيش، وفيما يخص الجانب السياسى فقد تم استقطابهم للكيانات السياسية المختلفة فى عهد الرؤساء السابقين عبدالناصر والسادات ومبارك.

ومن أبرز السمات للقبائل هو القضاء العرفى، حيث يخصص قضاة عرفيون فى المدنى والجنائى والتجارى والنزاعات الأسرية والدم، لذلك قام المجلس الأعلى للقبائل العربية بالذهاب إلى أسوان للوقوف على حقيقة الأحداث والتوسط بين طرفى النزاع لحل الأزمة قبل تحولها لكارثة، وقد تم بالفعل اجتماعهم مع الهلايل والنوبيين والمسئولين فى أسوان لعمل جلسة عرفية بعد تهيئة الأجواء لها.. مقترحا تكوين لجنة تقصى حقائق تشكلها الدولة ومكونة من مشايخ القبائل العربية والنوبية والمسئولين بأجهزة الدولة للوقوف على حقيقة الأحداث، يعقبها تهيئة الأجواء للصلح بين طرفى النزاع فى قرية الدابودية، ثم عمل جلسة عرفية يرضى بها الجميع ويوافق على نتائجها، ويوجد فى مثل هذه الأحوال عدة حلول منها «دفع الدية» عن القتلى وتعويضات عن المصابين وحرق البيوت والتلفيات، علما بأن دية الرجل 40 ناقة عشر أى ما يعادل تقريبا 300 ألف جنيه، ومنها «النزالة» حيث يترك القاتل بيته وينزل عند قبيلة أخرى ليقعد عندها لمدة معينة حتى يجلس طرفا النزاع فى جلسة عرفية، ومنها أيضا «الترحيل» حيث يترك أطراف المشكلة بيوتهم ويعيشون فى بيوت أخرى، أو «المبادلة» حيث يتم بيع البيوت المتداخلة لأصحاب المشكلة ويشترون فى أماكن جديدة حتى لا يكون هناك مجال للاحتكاك لأن كل بيت لديه قتيل وقاتله يسكن بجواره سيجعل فى النفوس غصة واحتقانا، وفى كل هذه الأحوال يجب أن يكون الأمن متواجدا باستمرار للفصل بين طرفى النزاع وحفظ الأمن وتنفيذ القانون.

الدكتور زكريا منشاوى الجالى - أستاذ مناهج البحث العلمى بكلية الآداب بجامعة حلوان - أوضح أن الصراع بين الهلايل والنوبيين فى قرية الدابودية بأسوان تحته صراعات نائمة يجب السعى لتجنبها وعدم إشعالها، وتوجد بذرة لمشكلة فى أى منطقة فى مصر سيحاولون إشعالها، وعلينا احتواء هذه المشكلات التى مازالت صغيرة حتى الآن لنقتل الفتنة فى مهدها حتى لا تنمو بذرة الشر، فمثلا الصراع الحالى فى أسوان بين أفراد من قبيلة بنى هلال موجودين فى قرية من قرى أسوان وهى قرية الدابودية وأفراد من نفس القرية أصلهم من قرية الكنوز النوبية.

وحذر من أنه إذا نجح مخطط الأعداء لمصر فى تأجيج الصراع الحالى فى قرية الدابودية خصوصا أن الأجواء الحالية مشحونة، فقد يتوسع الصراع ليصبح بين قبيلة بنى هلال كقبيلة عربية وقبيلة الكنزية كقبيلة نوبية، لتتوسع دائرة الدم والخطر على مصر، فنجد القرى الأخرى بأسوان أو المحافظات الأخرى بالجمهورية والتى يوجد فيها تواجد للقبائل العربية والقبائل النوبية معا قد دخلت فى نزاعات وصراعات مع بعضهم، ومن هذه الأماكن ذات التواجد المشترك لهما هو باقى قرى أسوان، وخاصة دراو والجزيرة والشخرون وكسر الحجر والشلال والصداقة والهضبة وكوم إمبو وإدفو، بالإضافة إلى باقى محافظات الجمهورية ومنها الأقصر والسويس والإسماعيلية والقاهرة والإسكندرية والوجه القبلى بصفة عامة، لذلك على الجميع سواء كان المسئولون أو الأمن أو المجتمع المحلى والأهالى أو مشايخ العائلات والقبائل أن يقوموا بواجباتهم للقضاء على هذه الفتنة الحالية فى أسوان، لأن كل دقيقة حالية تمر بلا حل تؤدى إلى خسارة مستقبلية لكل المصريين، وعلى الجميع التجرد من الانتماء القبلى والعائلى لصالح مصر، فلدينا ما يقربنا أكثر مما يفرقنا، كما أن الهلايل والنوبيين من قرية الدابودية شركاء فى الدين والوطن والإنسانية، فإما أن يحتكم الجميع للعقل ويجنحوا للسلم كما أمر الله عز وجل فى كتابه «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها»، وبذلك ينتهى الدمار، وإما الأخرى ونتمنى ألا تحدث وهى إشعال نار الفتنة من الطرف الثالث المعادى لمصر، فتزداد دماء الأبرياء من المصريين.

وعند التعامل مع طرفى النزاع بقرية الدابودية تجد أنهم فى خلاف مستمر منذ فترة، وأن الخلاف بينهما له جذور قديمة، فالنوبيون ومنهم الدابودية يختصون بثقافة مختلفة تماما عن بنى هلال، وينظرون إلى بنى هلال دوما باستعلاء ويرونهم دخلاء ويرون أنفسهم أصحاب الأرض والسكان الأصليين، فى حين أن بنى هلال لكثرة عددهم يرون النوبيين أقلية، ومن ثم لا يجب أن يقاسموهم الأرض، ووصل الأمر إلى أن يقول النوبيون أن الموجودين بالدابودية ليسوا أساسا عربا ولا علاقة لهم بقبيلة بنى هلال العريقة، وفى المقابل يقول الهلايل بالدابودية إن الموجودين ليسوا نوبيين، وإنما أصلهم الخدم والعبيد الذين كانوا يستقدمهم الباشوات والملوك قديما للعمل لديهم، لذلك يجب على المتعامل مع هذه المشكلة فى أسوان أن يكون على دراية بذلك لكى يستطيع أن يصل للحل المناسب مع طرفى النزاع.

وأضاف: إن الخلاف بين القبائل متواجد منذ القدم، ولكن ما يساهم فى حله التدخل فى الوقت المناسب، وأقربها العام الماضى بين قبيلتى السفنة والقطعان فى مطروح وأسفر عن مقتل أحد الأفراد وسافر القاتل إلى ليبيا، وعندما عاد إلى مصر حدثت مشكلة، لكن العقلاء قاموا باحتواء الموقف لنبذ الخلاف، وقبلها نشبت معارك بين قبيلتى الأشراف والحميدات فى قنا، وحدث تبادل لإطلاق النار كثيفا لدرجة أن الأهالى استغاثوا بالجيش للتدخل لحمايتهم من الرصاص المتطاير، ثم تدخل الحكماء لاحتواء الموقف.. مضيفا أن إهمال المسئولين بالدولة على مر العقود السابقة للصعيد أدى إلى أن ارتفعت نسبة الفقر هناك إلى أكثر من 49٪، فى أسوان ارتفعت نسبة البطالة بعد ثورة 25 يناير 2011 إلى 75٪، حيث أدى غياب السياحة التى تعتمد عليها هذه المحافظة إلى تسريح عدد كبير من الشباب من الفنادق، كما تم إغلاق البازارات والمقاهى السياحية التى كانت تستقبل السائحين، ولم يلتفت المسئولون لذلك، فحلت تجارة السلاح والمخدرات محل السياحة، والنتيجة انتشار السلاح والبلطجة خلال الفترة الماضية، مما تسبب فى تفاقم الأزمة الأخيرة بأسوان، لذلك فالحل الجذرى المستقبلى لعدم تكرار الكارثة فى أسوان هو التنمية والقضاء على البطالة، فإذا ما وجد الشباب عملا فإنه لن يكون لديه وقت للمشاكل، والاهتمام بزيادة الثقافة لدى الشباب وزرع المواطنة داخلهم والانتماء لمصر، فالمشكلة الحقيقية فى التعصب القبلى أنه يوجد عندما لا يكون هناك انتماء آخر يتعصب له المرء فلا يجد أمامه إلا انتماءه لأسرته أو قبيلته، وغياب دور الدولة أدى إلى زيادة الفقر والبطالة فى الصعيد، مما ساهم فى أن تتغلب القبلية على المواطنة.

ومن ناحيته أوضح محمد الجميلى من قبيلة بنى هلال بأسوان أن الخلاف بين بنى هلال والنوبيين له جذور تاريخية، ففى عهد السلطان قلاوون عام 686 هجرية كانت بلاد النوبة تسبب إزعاجا للدولة المصرية والسلطان وكانوا غير مسلمين، فجهز حملة فيها القبائل العربية ضدهم، والحملة انقسمت لقسمين، فرقة من البر الغربى للنيل وأخرى من البر الشرقى للنيل، وكانت قبيلة بنى ربيعة والتى منها بنى هلال فى غرب السودان، ومن ساعتها دخل بنو هلال بلاد النوبة ودخلوا الإسلام وحصل زواج ومصاهرة معهم، لكنهم كانوا يشعرون أن بنى هلال دخلاء عليهم فى أرضهم، وأيضا فى عصر الفاطميين كان يوجد أمير أموى ثائر اسمه «أبوركوة» تحالفت معه قبيلة بنى هلال على الدولة الفاطمية، وتمت هزيمة الدولة الفاطمية، ولكن الفاطميين كونوا جيشا وعملوا حملة على القبائل العربية والأمير الثائر وهزموهم، فهرب الثائر الأموى ليختبئ عند النوبيين، ولكنهم خانوه وسلموه إلى المعز لدين الله الفاطمى الذى قتل الثائر وعلق رقبته على باب زويلة، وكافأ كبير النوبيين وقتها وأعطاه لقب «كنز الدولة»، وتبع ذلك مناوشات بين بنى هلال والنوبيين.

وفى الفترات الحديثة أيام الملك والباشوات، كانوا يشترون عبيدا من أفريقيا ليعملوا لديهم خدما وبوابين، ومنهم من كان يعمل لدى النوبيين فى أرضهم فى بلاد النوبة، ولكن مع بناء السد العالى غرقت أرض النوبة، وتم تهجيرهم إلى أسوان، وساوى الرئيس جمال عبدالناصر بين صاحب الأرض النوبى وبين الزنجى العبد الذى كان يعمل لديه، حيث أعطى لهم كلهم أرضا، فساوى بينهم فى العطاء للأرض، وبالتالى فإن الموجودين فى أسوان ليسوا كلهم نوبيين أصليين، وتعلم النوبيون ووصلوا للمناصب، ولكن كانت لديهم عقدة تاريخية وهى أنهم أصحاب البلد الأصليون، وظلوا يرددونها دائما خصوصا إذا حدث خلاف مع قبيلة بنى هلال، وأخيرا ومنذ 8 شهور حدثت مشاجرة بين بنى هلال والنوبيين فى الجزيرة بأسوان، وقاموا بغلق الشارع وقالوا إحنا أصحاب البلد والسكان الأصليين، وبالتالى فإن الصراع بين بنى هلال والنوبيين له جذور تاريخية.

قبيلة بنى هلال استوطنت أسوان منذ فترة طويلة جدا وقبل أن يهجر إليها النوبيون بعد بناء السد العالى، وتنتسب القبيلة إلى هلال بن عامر بين صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وكانوا بدوا فى وسط نجد بشبه الجزيرة العربية، ثم هاجروا إلى الشام ثم صعيد مصر، وقبيلة بنى هلال لها امتداد فى السعودية وليبيا والجزائر والسودان وتونس والمغرب، كما أن أسوان بها العديد من القبائل العربية غير بنى هلال وهم الجعافرة والعبابدة والعباسيين والكوبانية وأبناء قوص.

أحمد صبرى من قبيلة الكنوز التابع لها أفراد قرية الدابودية، قال لنا: إن النوبيين لهم حضارتهم وموجودون منذ القدم فى البلاد، وليس لديهم نزعة قبلية كما تدعى أطراف أخرى، فالوافدون لأسوان كثيرون جدا بسبب مشروع السد العالى وشركة الحديد والصلب ومصنع كيما للكيماويات، والكل يعيش فى ود وسلام، أما من حدث معهم الخلافات الأخيرة فى أسوان فإنهم ليسوا قبيلة بنى هلال ولكنهم يتمسحون فى قبيلة بنى هلال والتى تعتبر من القبائل العربية الكبيرة.

وتخوف «صبرى» من عدم حل المشكلة فى أسوان، فتتحرك الأيادى الكارهة لمصر فى الأيام القادمة وقد تتحرك فى الأيام الحالية لتأجيج الصراع وانتقاله لخارج أسوان، خصوصا أن 75٪ من الشباب النوبى خارج أسوان، حيث يتواجدون فى الإسكندرية والسويس والإسماعيلية وأغلب محافظات الصعيد.. منتقدا وسائل الإعلام والتى تعرض صور الجثث والحريق والدمار فى أسوان ويحللون الأحداث طبقا لأهوائهم، مما يجدد الأحزان ويزيد الغل والحقد لدى الطرفين، ولا يسمح بتهدئة الأوضاع، وكان آخر ما تم عرضه فى التليفزيون وزاد من هياج المشاعر والاحتقان حلقة برنامج ريهام سعيد الأخيرة والتى عرضت فيها آثار الدمار والحريق والمصابين، وكان يوجد أقارب وأبناء من القبيلة سمعوا ولم يروا ما حدث، ولكنهم عندما شاهدوا الدمار والخراب جعل الدم يغلى فى عروقهم غضبا.. نافيا أن يكون أحد من النوبيين تكلم عن انفصال النوبة كدولة مستقلة، لأنه سيتم التصدى لكل من يفكر فقط فى ذلك من كل النوبيين، وكل يوم يتم عقد اجتماع فى منطقة نوبية مختلفة للتأكيد على ذلك، خصوصا أن أبناء القبائل النوبية فى مصر هم مصريون خالصون.. موضحا أن النوبيين فى مصر ينقسمون إلى «3» قبائل هم «الكموز» و«الفاديجكا» و«العرب»، وفى أسوان يقطنون «44» قرية أشهرهم دابود وأبوسمبل، والكنوز يتمركزون فى الدابودية والكلابشة والمضيق وجرف حسين والعلاقى وأبوهور، أما الفاديجكا متمركزون فى بلانة وتوشكا وأبوسمبل ونصر النوبة، والعرب متمركزون فى كوراسكو ووادى العرب وأبوخطل وشانورمة، أما باقى قرى أسوان فالثلاث قبائل متواجدون فيها من بعد التهجير.. مضيفا أن الحل فى أسوان فى سيادة القانون، فتأخر الأمن فى التدخل فى بداية الأزمة فى أسوان هو ما أدى إلى تفاقمها وتحولها لكارثة، كما يجب القضاء على تواجد السلاح فى أسوان، والأهم عمل تنمية حقيقية فى أسوان ولا يكون كما يحدث دائما مجرد كلام جرايد وتليفزيونات فالدولة غائبة وبعدما تحدث مشكلة تتدخل وتقدم وعودا ولا تنفذ منها شيئا، خصوصا أن النوبيين يشعرون أنهم من بعد تهجيرهم بعد بناء السد العالى لم يتم تعويضهم حتى الآن، وأسوان مليئة بالخير حيث يوجد خير وراء السد العالى لحد أبوسمبل يتمثل فى مساحات شاسعة من الأراضى ومياه عذبة تكفى لإحداث تنمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.